}

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020.. "تنمية" والمعارض الموازية

وائل سعيد 10 فبراير 2020
هنا/الآن معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020.. "تنمية" والمعارض الموازية
"احتلت قضية "تنمية" الرأي العام على المستوى العربي والمصري"
برزت مكانة معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ بدايته في منتصف القرن الماضي، 1969، وما لبث أن احتل دورا رياديا بين معارض الكتاب العربية، وحظي بتقييمات المعارض الدولية الكبرى، وعلى مدى ما يربو عن ثلاثة عقود ظل أكبر تظاهرة ثقافية دولية سنوية في المنطقة العربية بأسرها، يحج إليها الجميع كل عام حتى وإن لم يقم بالدور المنوط به كما سابق عهده.

في دورة اليوبيل الذهبي 2019، ظهرت تخوفات حول اهتزاز مكانة المعرض على خلفية نقله من مكانه المألوف في أرض المعارض الدولية بالتجمع الخامس بمدينة نصر؛ غير أنها مرت دون خسائر فادحة. وعاد بقوة في هذه الدورة، بصرف النظر عن تصريحات هيئة الكتاب بشأن عدد زوار الدورة 51 والتي تجاوزت ثلاثة ملايين زائر بكثير؛ إلا أن تجمعات الأسر المصرية وطقوسهم الكرنفالية كانت بمثابة دليل واضح على عودة الجمهور بالفعل مرة أخرى في هذه الدورة على مدار أسبوعين من 22 يناير/كانون الثاني وحتى الرابع من فبراير/شباط، تحت عنوان "مصر أفريقيا ثقافة التنوع".


"تنمية".. ثمن الكتاب الباهظ
في مشهد من فيلم لمحمد خان قام فيه أحمد زكي بدور ضابط مباحث، وأثناء تحقيقه مع أحد الكُتاب المشهورين الممنوعين من الكتابة في مصر، يسأله: هل لديك ما يثبت منعك رسميا من الكتابة؟ فكانت الإجابة أن مثل هذه الأشياء لا يتم التعامل الرسمي معها في مكاتبات موثقة بل تنفذ بناء على توجيهات وأوامر شفاهية للسيادات التنفيذية العليا.

قد يكون ذلك السيناريو هو ما تم تنفيذه في التعامل مع قضية مكتبة "تنمية" والحديث حول منعها من المشاركة في معرض الكتاب على مدار الدورتين المتتاليين -50 و51- وصاحبها الشاب خالد لطفي المسجون حاليا بناء على حكم المحكمة العسكرية - خمس سنوات- بتهمة نشر أخبار كاذبة وإفشاء أسرار عسكرية. وكان قد أُلقي القبض عليه في أبريل/نيسان 2018 على خلفية توزيعه طبعة عربية من كتاب "الملاك" الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون اللبنانية، وقُدم للمحكمة العسكرية التي أصدرت حكم أول درجة بحقه في أكتوبر/تشرين اﻷول 2018، وأيدته محكمة استئناف عسكرية في 13 فبراير/شباط الماضي.
كان الخبر صادما للجميع بشأن ناشر شاب استطاع إثبات تجربته عبر سنين في مجال النشر، خاصة والكتاب موضع الخلاف موجود بالفعل على الشبكة العنكبوتية ويتم تداوله أيضا في طبعات "مضروبة" من وقت لآخر. واحتلت قضية تنمية الرأي العام للمجتمع الثقافي على المستوى العربي والمصري، حتى تم تتويج هذا الدعم بحصول خالد لطفي على جائزة "فولتير لحرية النشر" العام الماضي، وتسلم الجائزة نيابة عنه شقيقه محمود، في حفل بمدينة كوريا وألقى خطاباً ناشد فيه السيد الرئيس المصري السيسي منح الناشر خالد لطفي عفواً رئاسيا، وحملت كلمة خالد على لسان أخيه الكثير من معاناته: "الجائزة جاءت في وقت كنت أحتاج لها لمنحي القوة والثقة والصبر على المحنة الشديدة التي أعانيها والتي لم أتوقعها في يوم من الأيام نظرا لما كنا نقوم به من دور في دعم ونشر الثقافة وتوفير كل ما هو جديد وقيِّم للقارئ ودون الانحياز لأي انتماءات أو توجهات سياسية، لأن ما كان يحركنا دائما هو الإيمان بالحق في المعرفة."
وفِي الكلمة التي ألقاها هوجو سيتزر، رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، قال: "نحن فخورون بأننا قد منحنا خالد لطفي جائزة فولتير لعام 2019، ونناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي منحه عفواً رئاسيا، حيث أمضى خالد لطفي بالفعل أكثر من عام في السجن، بعيدا عن أحبائه، وهو ثمن باهظ لنشر كتاب".
ولأن المواضيع لا تتم بشكل رسمي، كتب محمود لطفي على صفحته قبل المعرض بشهر تقريبا، يؤكد على التعنت بمنع مشاركة مكتبة تنمية للعام الثاني في معرض الكتاب، مندهشا من حيثيات المنع –الشفاهية- من قبل الهيئة المنظمة للمعرض أو اتحاد الناشرين، بأن إصدارات المكتبة تقل عن 100 كتاب، الأمر الذي اتبعته الهيئة – حسب تصريحاتها- في التعامل مع دور النشر نظرا لمحدودية الأماكن في المقر الجديد للمعرض، إلا أنه كان هناك الكثير بالفعل على أرض الواقع من المكتبات أو دور النشر المشاركة التي تقل عدد إصداراتها عن المائة كتاب، مما دفع المكتبة للقيام بمعرض خاص مواز لمعرض الكتاب، حشد الكثير من الرواد من المصريين والضيوف العرب المتواجدين فترة المعرض دعما لقضية صاحب تنمية المسجون خالد لطفي، وتراوحت الخصومات في تنمية بين 20 و50% على جميع الإصدارات بالإضافة إلى بعض الهدايا والمسابقات المستمرة على مدار الشهر.
وهو ما اتبعه تجار سور الأزبكية، إذ منع هو الآخر في العام الماضي من المشاركة بحجة بيع الكتب المنسوخة دون حقوق ملكية، وكان تمثيله بدورة هذا العام ضعيفا جدا لا يتعدي بضعة أماكن، اهتمت معظمها بعرض الكتب الأجنبية والتعليمية وبعض الكتب التراثية - المضروبة- في حين أقام بقية تجار سور الأزبكية معرضا موازياً على مدار شهر كامل، لاقى أيضا الكثير من الرواج على مستوى المبيعات وتواجد الجمهور.


الجوائز وشفافيتها
تمثل الجوائز للمبدع أو لمن يمتهن الكتابة في العموم، محطات هامة وداعمة في مسيرته الكتابية على المستوى المادي والمعنوي للجائزة، لما يُعانيه سوق العرض والطلب الخاص بالكُتبجية في بلدان تقف إشكالياتها الاقتصادية حائلا بين أي تواجد ثقافي حقيقي على أرض الواقع. وبرغم أن جوائز معرض القاهرة الدولي للكتاب ليست بالقيمة المادية العالية (عشرة آلاف جنيه مصري ما يعادل 640 دولار) نظرا لأنها مقدمة من وزارة الثقافة المتمثلة في هيئة الكتاب الجهة المانحة للجائزة، فكثيرا ما تثير الجدل عقب إعلان نتائجها في الأيام الأولى من المعرض.
اتجهت الملاحظات الرئيسية بشأن الجائزة في السنوات الأخيرة نحو مفهوم الشفافية المتبع من الهيئة، واستنكار النسب المرتفعة لحصة الهيئة العامة للكتاب في حصد الجوائز لبعض إصداراتها. صحيح لا مانع في أن تتنافس الهيئة ضمن المسابقة شأنها شأن أي دار نشر مصرية في المعرض؛ إلا أن كون الهيئة هي المانحة للجائزة أثار الاعتراضات المستمرة على أن تكون هي الفائز والمانح في الوقت نفسه، وهو ما حاولت الهيئة تلاشيه هذا العام، فلم يفز من إصدارات الهيئة سوى كتابين فقط. 

كتب الشاعر محمود خير الله – مدير تحرير مجلة الثقافة الجديدة الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة- على صفحته الشخصية معترضا: "حينما يتقدم محمود خير الله بديوانه الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2019 إلى مسابقة معرض القاهرة الدولي للكتاب - المعروفة بانحيازها إلى قصيدة النثر- تتحول اللجنة المشكَّلة من الشاعرين على منصور وعبد المنعم رمضان والناقد مجدي توفيق بقدرة قادر إلى النقيض تماماً وتمنح الجائزة لشاعر قصيدة عمودية". فرد عليه الشاعر علي منصور - عبر صفحته أيضاً- موضحا عدم مطابقة ديوانه لشروط الجائزة: "تمَّ استبعاد (الأيام حين تعبر خائفة) مِن التصويت لعدم مطابقته شروط الجائزة، فرقم الإيداع المثبت في الكتاب يرجع إلى عام 2018، ورفعت اللجنة الأمر للدكتور هيثم الحاج علي (رئيس الهيئة) الذي وافق على الاستبعاد دفعاً للطعن في مصداقية اللجنة أو شبهة الإنحياز لمطبوعات الهيئة مع مخالفة الشروط".
فازت الكاتبة مي خالد في مجال الرواية عن روايتها "تمار" إصدار دار العربي للنشر والتوزيع. وفي مجال القصة القصيرة فازت مجموعة "مدار القلب" للكاتب محمد جبريل من إصدار دار "ليفانت لتنمية الموارد البشرية"، وفي مجال شعر العامية فاز ديوان "القلوب عند بعضها - طبقات الخيل" للشاعر ماجد يوسف من إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة. وفى شعر الفصحى فاز ديوان "كأول شاعر فى الأرض" للشاعر حسن شهاب الدين الصادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر.
ومن المتوقع أن تحل اليونان ضيف الشرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021 في دورته 52 العام المقبل.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.