}

وفاة إبراهيم بوطالب.. تخصّص في تاريخ المغرب

هنا/الآن وفاة إبراهيم بوطالب.. تخصّص في تاريخ المغرب
إبراهيم بوطالب (1937 ـ 2022)

فقدت الساحة الجامعية والفكرية المغربية يوم 1 مارس/ آذار الجاري، في الدار البيضاء، المؤرخ الدكتور إبراهيم بوطالب عن عمر ناهز 85 سنة (1937 ـ 2022)، إثر أزمة صحية ألمت به. عمل الفقيد أستاذًا للتاريخ المعاصر في كلية الآداب بالرباط، ثم عميدًا لنفس الكلية (1969 ـ 1972).
وقد نعاه اتحاد كتاب المغرب واصفًا إياه بـ"المؤرخ وأستاذ الأجيال".
اشتغل الراحل أستاذًا للتاريخ في جامعة محمد الخامس منذ 1964. وشغل منصب مدير المدرسة العليا للأساتذة. كما أنه انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1976. هذا إضافة إلى توليه رئاسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي (1991 ـ 2001)، والجمعية المغربية للترجمة والنشر (منذ 2003)، كما ترأس تحرير "معلمة المغرب"، وهي موسوعة مغربية حول المغرب وتاريخه. من مؤلفاته المنشورة: "العلاقات التجارية بين المغرب وفرنسا في القرن الثامن عشر"؛ "بين القومية العربية والجامعة الإسلامية"؛ "تاريخ العصر الوسيط"؛ "سبتة ومليلية: تاريخ ووقائع"؛ "في تاريخ المغرب"، إلى جانب مؤلفات أخرى باللغة الفرنسية.
دخل بوطالب غمار السياسة، إذ انتخب نائبًا برلمانيًا عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة فاس (1977 ـ 1983). لم تدم مغامرته تحت قبة البرلمان سوى ست سنوات، الأمر الذي نادرًا ما يحدث. فقد رافع المؤرخ عن حزب هو من أعرق الأحزاب في المغرب، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأقربها إلى المجتمع، وكان يتمتع بنصرة نخبة كبيرة العدد، كان في مقدمتها محمد عابد الجابري، وعبد الله العروي، ومحمد جسوس، ومحمد برادة... وآخرون من شعراء وروائيين وفنانين. فلم يجد المؤرخ نفسه غريبًا عن السياسة، إذ كانت في تلك المرحلة، وفي ذلك الحزب، شقيقة فكرية للممارسة الثقافية. كانت السياسة خيمة الثقافة والمثقفين.





تخصص بوطالب في تاريخ المغرب، وعناوين كتبه تعكس هذا التخصص بوضوح. فبين كتاب وآخر تبرز قضية من قضايا تاريخ المغرب المعاصر، من خلال مدنه وباديته ومجال العيش فيه، ودبلوماسيته العريقة مع الدول الأجنبية، على رأسها فرنسا كما يظهر في كتابه "العلاقات التجارية بين المغرب وفرنسا في القرن الثامن عشر". وفي هذا الكتاب، خاض بوطالب في موضوع شائك، لأنه يتعلق بإشكالية تحديد وتفكيك بنية تجارية اقتصادية حدثت منذ قرنين تقريبًا. ولم يكتف بوطالب بالرجوع قرنين إلى الوراء، بل تناول تاريخ مدينتين سليبتين هما سبتة ومليلية في كتاب صغير، بالاشتراك مع بوغالب العطار، عنوانه "من أجل تصفية الاستعمار واستكمال الوحدة الترابية: سبتة ومليلية تاريخ ووقائع".
وقد أظهر بوطالب قوة وذكاء واطلاع المؤرخ في كتابه "تاريخ المغرب الحديث والمعاصر". وهو كتاب موجه للمتلقي المتخصص، لكن أيضا للقارئ الراغب في توسيع معرفته بالتاريخ المغربي الحديث والمعاصر. وهو يحتوي على مصادر ومراجع وكتابات تاريخية عن المغرب، وخاصة عن الدولة العلوية. وللكتاب جزء أول خصصه المؤلف لتاريخ المغرب منذ القرن السادس عشر إلى وفاة الملك محمد الخامس سنة 1961.




كما اهتم فقيد التاريخ الحديث بقضايا البادية المغربية، فقد قام بتنسيق كتاب جامعي هام وفريد في موضوعه عنوانه "البادية المغربية عبر التاريخ"، تناول الأنشطة الفلاحية، ودراسات لمخطوطات في الموضوع، وأسماء القرى وأدوار القبائل، والوضع العقاري في هذا المجال التقليدي، وكيف قاومت البوادي المغربية الاستعمار الفرنسي، ودور التراث الشفوي في إضاءة تاريخ بعض المناطق البدوية.
إن الاطلاع على أدوار إبراهيم بوطالب الجامعية والثقافية والتاريخية، من خلال مؤلفاته ومسؤولياته وتدريسه في الجامعة، من شأنه أن يعطي فكرة عن حجم الخسارة. فلتنعم روحه بسلام، ولتبق دروسه ومحاضراته ومؤلفاته الضوء الذي ينير الطريق للمؤرخين الجدد.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.