}

ملامح من الحصيلة الثقافية المغربية عام 2023

محمود عبد الغني محمود عبد الغني 8 يناير 2024
هنا/الآن ملامح من الحصيلة الثقافية المغربية عام 2023
معرض الكتاب العربي والدولي في الرباط، 2023

عرفت الثقافة المغربية في عام 2023 أحداثًا عدة، وتطورات أدبية، وفنية، وفكرية. كما عرفت حيوية خاصة في النشر، إذ عادت "دار توبقال" لحياة النشر بعد توقف دام سنتين، ونشطت بوتيرة سريعة دار نشر جديدة هي "أغورا" بعناوين جديدة في النقد والرواية. كما تمّ تتويج عدد من الأسماء المغربية بجوائز في مجالي الأدب والفن.
ننشر هنا آراء وانطباعات عدد من الفاعلين في المجال الثقافي حول العام الماضي، خصوصًا في حقول النقد، والرواية، والشعر، والفن التشكيلي، والترجمة.

صدوق نور الدين (ناقد أدبي):
ظواهر تسترعي الانتباه


من أبرز الظواهر التي غدت تسم المشهد الثقافي في المغرب تراجع حركية نشر الكتاب الثقافي. وبالتحديد في حقلي النقد الأدبي والفكري الفلسفي. ويعود هذا أولًا إلى انتفاء حس المغامرة الذي تفردت به بعض دور النشر المغربية، أو المغربية اللبنانية، إذا ما ألمحنا لغياب كبار الناشرين المغاربة عن الحياة. ونزوع هذه الدور إلى الربح السريع، معتمدة طبع وتوزيع الكتاب المدرسي. وأما ثانيًا، فإن ما يلاحظ هو هجرة عدد من الأسماء إلى النشر خارج المغرب لدى دور مصرية، أردنية، أو لبنانية، مما حال دون تداول الكتاب الثقافي في السوق المغربية، اللهم سوى في الفترة التي يقام فيها معرض الكتاب العربي والدولي في الرباط، مع ما ترتب على الانتقال من الدار البيضاء إلى العاصمة من سلبيات تمثلت في مقاطعة عدد من المثقفين المغاربة لدورات معرض الكتاب، إلى كون تاريخ الانعقاد يصادف ـ وباستمرار ـ موسم الامتحانات المدرسية. وأعتقد بأن وزارة الثقافة والشباب والرياضة قد انتبهت متأخرة، فعمدت إلى الإخبار المبكر عن كون الدورة المقبلة من المعرض ستجرى في شهر مايو/ أيار، عوض يونيو/ حزيران من العام الحالي (2024).




بيد أن ما يحق إضافته للسابق هو التحول على مستوى الكتابة. ويتجسد في خوض بعض الكتاب المغاربة للممارسة الإبداعية في جنس الرواية لأول مرة، ومشاركتهم في الترشح لعدد من الجوائز العربية، وكأن ما أخطأه النقدي، أو الفكري، سيحظى به الإبداعي. بيد أن ما يلاحظ بخصوص هذا التحول، كون المنجز بالنسبة لهؤلاء، يظل عبارة عن سيرة ذاتية مفردة، من دون أن يعاد للممارسة مجددًا.
وأما الظاهرة الثالثة التي تسترعي الانتباه، فيعكسها توقف عدد من الأدباء عن الكتابة والإبداع. قد يكون لعامل السن أثره هنا، أو اليأس من المغامرة في الكتابة من منطلق لا جدوى الإبداع والتفكير.

منير الإدريسي (شاعر):
الشعر الجيّد يعيش عزلة كبيرة


ثمة مجاميع شعرية تصدر كل عام. وفي هذا العام أيضًا ثمة عناوين جديدة. قلّة من هذه التجارب مهمة، لكنها لا تأخذ كفايتها من الاهتمام أو القراءة. بينما أعمال ينقصها الذكاء الشعري والموهبة نجد عناوينها متصدرة في كل مكان، وحاضرة في كل محفل وتوقيع. وهذا يرجع إلى أسباب كثيرة، شعرية وغير شعرية، حيث يعيش الشّعر الجيّد ـ في العالم، وليس في المغرب فقط ـ عزلة كبيرة، لأنه خارج دائرة الطمأنينة والمألوف. سوى أن البلدان التي ينشط في حقل ثقافتها فاعلون حقيقيون تستطيع أن تفرز الأعمال ذات الأهمية، فتحظى بالتكريم والاهتمام؛ أما لدينا فهذا الأمر غائب بشكل مطلق. أشعر أن ثمة رجوعًا ألف خطوة إلى الوراء حين نوازي مثلًا بين القصيدة التقليدية التي استنفدت كل إمكاناتها الجمالية، وبين قصيدة منفتحة على المستقبل.
وحين يحدث الاستثناء، ويتم الالتفات إلى قصيدة تحمل إمكانات خصبة للتجديد، نشعر ببعض العزاء. جائزة الشّعر العالمية فيرناندو دالميدا، التي منحها مهرجان الشعر في كندا هذا العام للشاعر المغربي نبيل منصر، تخطفنا من هذا التثاقل الشعري المهيمن على المشهد الثقافي، لنصغي إلى شعر حقيقي طازج وحي. علينا أن ننتظر ترجمة تجاربنا إلى لغات أخرى حتى تأخذ بعض الانتباه.
مع الأسف، شعرنا الجيّد لا يُترجم. فيما أعمال بلا قيمة تُرجمت. ما زالت تحكم المجاملات، ودوائر الصداقات الضيقة، هذا المجال. ثمة إصدارات هذا العام لترجمات من اللغات الأجنبية إلى العربية للشّعر، ربما يساهم هذا بشكل ما في إلقاء بعض الضوء على التجارب المعاصرة، والتي تجعلنا نستضيء بالاتجاهات الشعرية الراهنة، وفهم لحظتنا بما فيه الكفاية. لكنّ لا قرّاء للشّعر في الحقيقة.
ربما نشعر ببعض العزاء مرة أخرى، لأن لدينا جائزة نمنحها لشعراء العالم؛ أعني جائزة الأركانة التي حصل عليها  العام الماضي الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي. بيت الشعر أحيا في العام الماضي مهرجانًا للشعر الأفريقي، ومنح جائزته الكبرى للشاعر السينغالي أمادو لامين، وأحدث جائزة للشعراء الشباب. نثمن جيّدًا هذا النوع من الأنشطة. لكن المشهد الشعري مربك، ويتخبط في تدوير شعر الأدب إلى درجة الملل. وكثير من الذين ينظمون ويعقدون لقاءات حول الشّعر لا يقدمون شيئًا حقيقيًا في المستوى المطلوب. وهم يحتفون بأسماء فارغة تحب الحضور والاحتفاء. هذه الأنشطة غير ثقافية بالمرّة، ويجب عليها أن تتوقف، لأنها تضرُّ الشّعر، ولا تخدمه.

إبراهيم أزوغ (ناقد وأستاذ جامعي):
كمٌّ هائل من الروايات يصعب تتبعه


لقد بات من الصعب اليوم متابعة عدد الروايات المغربية التي تصدر خلال عام واحد، أولًا؛ لما تعرفه الرواية المغربية من تزايد كمي في عدد إصداراتها، وثانيًا؛ لأن عددًا لا بأس به من النصوص مما يصدر خلال العام تُنشر في طبعة واحدة خارج المغرب، ويزيد من صعوبة متابعة الإصدارات الروائية المغربية مشاكل توزيع الكتاب التي يعرفها العالم العربي برمته.
ويكشف رصد تطور الشكل الروائي في المغرب، تاريخيًا، عن أن الرواية المغربية قد عرفت تحولات واضحة على مستوى الأشكال الفنية، وكذلك على مستوى القضايا والموضوعات، فقد انتقلت الرواية من كونها صيغة لمعرفة الذات والتعبير عنها، إلى شكل تعبيري جمالي يستلهم تحولات المجتمع مُحاولًا فهمها في ظل متغيرات سياسية وثقافية وتاريخية وطنية وكونية، ثم إلى صيغة إبداعية انتقادية في مطلع الألفية الجديدة، تعيد الدور للحكاية في الرواية لتشخص أعطاب الذات، وتستشرف المستقبل، بعين استطاعت أن تتحرر من الماضي، ومن الموروث، غير متنكرة له باعتباره مكونًا ثقافيًا، ورافدًا مهمًا من روافد الهوية الثقافية المغربية.
والملاحظ أن المدونة السردية الروائية المغربية قد تعززت منذ بداية الألفية الثالثة بأصوات جديدة شابة كثيرة إلى جانب استمرار أقلام مؤسسة ومطورة للرواية المغربية في التأليف الروائي (محمد برادة، مبارك ربيع، أحمد المديني، عبد القادر الشاوي، شعيب حليفي، عبد الكريم جويطي...) وقد استطاعت الأصوات المغربية الجديدة أن تسجل بوضوح، اليوم، حضورها في المشهد الروائي المغربي والعربي، بفضل ما نالته من تلق نقدي، وبحضورها المستمر في الجوائز العربية؛ ونذكر منها تمثيلًا لا حصرًا طارق بكاري، إسماعيل غزالي، عبد المجيد سباطة، كريم بلاد، وئام مدادي، عبد الباسط زخنيني، عبد القادر الدحمني، مبارك أباعزي، سعيد أعبو، وآخرين.




يغطي الإصدار الروائي المغربي مختلف أشكال التعبير الروائي: السير روائي، المتكئ على السير ذاتي، ورواية التخييل الذاتي، والرواية الاجتماعية، والرواية التاريخية، ورواية الذاكرة، ورواية التخييل السجني، والسجن السياسي، والرواية البوليسية، ورواية الخيال العلمي، ورواية السفر أو الرحلة (...) وتحضر الرواية النسائية كذلك في المنجز الروائي المغربي حضورًا محتشمًا رغم ما حققته في الألفية الثالثة من تراكم وتنوع، وجرأة في الكتابة، مع أسماء روائية عديدة.
وإذا كان من الضروري الإشارة إلى احتشام الإصدار الروائي المغربي هذا العام مقارنة بسنتي 2021 و2022، فإنه من الضروري الإشارة كذلك إلى صدور نصوص لأسماء عديدة، نصوص روائية تعكس التحول والتعدد والتنوع في الأشكال الروائية المغربية، وفي قضاياها وموضوعاتها، لروائيين مكرسين ممن راكموا تجربة واسعة في الرواية المغربية، وآخرين ممن بدأوا حديثًا تجربة الكتابة، أو ممن عبروا من حقول معرفية أخرى، كالتاريخ والفلسفة، مثلما تعكس فورة الإنتاج الروائي، ويمكن التمثيل لها بنص: "درب الحاجب" لأحمد المديني، و"خط الزناتي" لشعيب حليفي، و"طوق الفقد" لسعاد الناصر، و"مايا" لعبده حقي، و"مايا صدى الجبال" لمليكة رتنان، و"وجع الأقاصي" لأحمد المخلوفي، و"توأم آدم" لسعيد أعبو، و"أبراج من ورق" لسعيد رضواني، و"يوميات رجل أسود" لفاطمة الزهراء النعيمي، و"أكدالوكس" ليوسف توفيق، ونصوص أخرى تشكل أشكالًا جديدة مفتوحة لمحكيات سردية تخرج عن دائرة التصنيف الروائي ولا تبتعد عنه، مثل نص "أول التكوين" لعبد الاله بلقزيز، و"جراح المدن" لعبد العزيز الراشدي، المجنسة برحلات، رغم كونها ذات نفس روائي.
في ختام هذا المختصر، لا بد من أن نشير كذلك إلى أن الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية، باعتبارها شكلًا من أشكال الرواية المغربية، قد عرفت نوعًا من الحضور من خلال ما ينشره المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من نصوص، إلا أن حداثة نشأتها المرتبطة بحداثة الانتقال من اللهجات الأمازيغية الشفاهية إلى اللغة الأمازيغية الموحدة كتابة، حدّ من تلقيها، ومن المواكبة النقدية الواسعة لها.

بوسلهام الضعيف (مسرحي):
المسرح المغربي بين الواقع والطموح


استعادت فنون العرض في هذا العام (2023) جزءًا من عافيتها بعد تبعات سنوات الوباء والإغلاق، حيث استضاف المغرب مهرجان المسرح العربي، الذي تشرف عليه الهيئة العربية للمسرح، ثم الصدى الطيب للمهرجان الوطني للمسرح، وتتويج فريق عمل شاب بحساسية جديدة.
وفي 13 مارس/ آذار نظمت وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) يومًا دراسيًا تحت شعار: "آليات تطوير المسرح المغربي بين التجديد والابتكار". قبل ذلك طلب منا كمسرحيين في لقاء عقدناه مع وزير الثقافة تقديم مقترحاتنا للوزارة، فتقدمت بورقة اقترحت فيها وضع أجندة واضحة للموسم المسرحي، تشمل مقترحات كثيرة تصب في غاية دعم المسرح وكشفه على التجارب في العالم العربي والعالم الواسع. كما تشمل اقتراحات بشأن رفع القيمة المالية المخصصة للاستثمار في فن المسرح وتخصيص دعم خاص بالفرق المحترفة وخلق بنية تحتية للمراكز الثقافية التي تشكل شبكة المسارح المكونة للتوطين المسرحي والاهتمام أكثر بتوطين العروض المسرحية في الفضاءات المسرحية في أفق خلق مسارح جهوية مستقبلًا.


إبراهيم الحيسن (ناقد وفنان تشكيلي):
حصيلة فنية غير كافية


تظلُّ حصيلة الإصدارات التشكيلية خلال عام 2023 غير كافية في المغرب، ومردُّ ذلك يعود إلى قلة الدعم والتحفيز، وندرة فرص التأليف، وعدم انخراط المؤسسات المعنية بشكل جاد وفعَّال في دعم النقاد والباحثين لإغناء المكتبة الفنية المحلية وتعزيزها بالكتب والمراجع الضرورية، سواء في إطار المبادرات الفردية، أو في إطار طبع أوراق وأشغال الندوات والمحاضرات والموائد المستديرة التخصُّصية والتداولية على قلتها.
وكباقي الأعوام الماضية، فإن العام الذي ودعناه لم نشهد في المغرب فيه سوى إصدارات قليلة بفضل جهود أصحابها، وهي لنقاد وباحثين تشكيليين أضحوا يحظون في الآونة الأخيرة بثقة دور نشر عربية معروفة. من هذه الدراسات ـ على سبيل المثال ـ كتاب "التخييل والفضاء" للشاعر والتشكيلي عزيز أزغاي، الصادر عن دار خطوط وظلال للطباعة والنشر والترجمة في عمَّان ـ الأردن.
كتاب أزغاي دراسة لمقاربة المسافة بين الفن التشكيلي والسينوغرافيا، وحفر في موضوع يقع في منطقة بينية دقيقة، يتداخل فيها الفني الجمالي بعلم السينوغرافيا، بما يجسده ذلك من طرافة إبداعية يتماس فيها البعد التخييلي بالبعد الفضائي.




في دار النشر نفسها، وخلال عام، صدر للفنان والناقد التشكيلي إبراهيم الحَيْسن كتاب بعنوان "أيقونوغرافيا العُري ـ الجسد ونوافذ الغواية في الفن التشكيلي"، من القطع المتوسط، ويقع في 208 صفحات. قدَّم له الباحث الجمالي موليم العروسي. الكتاب مجزَّأ إلى أربعة أقسام تناولت تاريخ الجسد الفني عبر التاريخ، من خلال عرض وقراءة في مجموعة من الإبداعات والقِطع التشكيلية العالمية، قديمة ومعاصرة، قدَّمت الجسد عاريًّا بما رافق ذلك من أشكال المنع والحظر.
زد على ذلك، كتاب "النقد التشكيلي العربي والترجمة: دراسة نظرية وتطبيقية"، للناقد أحمد لطف الله، الفائز هذا العام بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي في الشارقة (الرتبة الثالثة)، وهو كتاب يقدِّم للقارئ صورة عن الترجمة الفنية في العالم العربي، مستقصيًا بدايات ترجمة النقد التشكيلي، وراصدًا حركة النقد الفني الغربي ونظيره العربي، لملامسة المسافات الزمنية الفارقة بينهما، وما تحمله من دلالات، وأيضًا لفهم الدور الحقيقي الذي قامت به الترجمة في تطوير خطاب التشكيل العربي. مع الإشارة إلى الكتاب الفني "حالات ظل" Etats d’ombre الذي أنجزه الناقد الفني محمد الراشدي بمناسبة معرض عبد الكبير ربيع الذي افتتح أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023 في رواق Khalid Fine Arts في مراكش.
وفي مجال الفوتوغرافيا، صدر عن المركز الثقافي للكتاب مؤلف بعنوان "الصورة الفوتوغرافية" للفنان جعفر عاقيل، قدَّم له الباحث السيميائي سعيد بنكَراد، يستحضر من خلاله تاريخ التصوير في المغرب. كما يسلّط الضوء على طبيعة الأشكال الفنية، وخصوصية المضامين، استنادًا إلى نوعية التقنيات التي أنجزها منتجو تلك الفوتوغرافيات الذين عملوا على إرساء دعائمها في المتخيل الفني المغربي والعربي.

ميلود عرنيبة (ناقد ومترجم):
الترجمة لا تولى عناية كافية


لا يجادل أحد في أهمية الترجمة عمومًا، والأدبية منها خصوصًا؛ فهي تشكل رافدًا أساسيًا لتغذية الآداب المحلية وإثرائها، وخلق جسور تواصل بينها وبين باقي الآداب، وفتح معابر للتفاعل معها. وقد أضحت ضرورة في زمن العولمة للانفتاح على الآخر، ومعرفة ما وصل إليه من تقدم وتطور، والاطلاع على الآفاق التي بلغتها عقوله الإبداعية وتجاربه الأدبية الخصبة قصد الاستفادة منها والاستمتاع بها، ولمعرفة طرق تفكير الأدباء الأجانب، وكشف رؤاهم للعالم، وإلى أين وصل الأدب والإبداع عندهم، للتفاعل معه والسير على منواله لعلنا نبلغ ما بلغوا من تقدم، وننهض بأدبنا كما نهضوا بآدابهم. ثم نخلق سبلًا للحوار بين ثقافتنا وباقي ثقافات العالم، ليستفيد بعضها من بعض، ونحقق التعايش والسلام.
وعلى الرغم من هذه الأهمية التي تحظى بها الترجمة في حياة الشعوب الأدبية، فإن المؤسسة الثقافية الرسمية في المغرب لم تولها العناية الكافية بعد؛ إذ نسجل غياب مؤسسات متخصصة في الترجمة تعنى بها، وترصد لها الإمكانات اللازمة ماديًا وعلميًا. وأمام هذا الوضع انبرى بعض الباحثين الغيورين إلى تولي هذه المهمّة في إطار مشاريع شخصية أساسها تطوعي في الدرجة الأولى.
وقد مكنني اطلاعي المتواضع على جديد الساحة الأدبية المغربية لعام 2023 من اكتشاف ثلاث ترجمات أفترض أنها ستقدم خدمات جليلة للأدب المغربي، وللكتّاب والقرّاء المغاربة على السواء؛ أولاها "المصنف في الحجاج" لبيرلمان وتيتكا، الذي ترجمه المترجم والبلاغي محمد الولي، والثانية "لم يصلح الأدب" لكومبانيون، الذي ترجمه الأستاذ حسن الطالب، والأخيرة "كاتب لا يستيقظ من الكتب" للمترجم الدكتور محمد آيت العميم.
تكتسي الترجمة الأولى أهميتها من كونها ملأت فراغًا في مجال البلاغة الجديدة ظل شاغرًا منذ عقود، وأطلعت القارئ العربي على مصنف يُعدّ من أهم المصنفات في الحجاج والبلاغة الغربية الجديدة. وتحظى الترجمة الثانية بمكانة بالغة على رغم قصر حجمها؛ لأنها تسلط الضوء على موضوع في غاية الخطورة هو جدوى الأدب وأهميته، والدور الذي ينبغي أن يحظى به في الألفية الثالثة، ونعتقد أن أدباءنا في مسيس الحاجة للاطلاع عليها. وأما الترجمة الأخيرة فعبارة عن مجموعة من الحوارات مع كتّاب أجانب مشهورين تدور حول موضوعة القراءة والكتابة؛ كيف يقرؤون؟ وكيف يكتبون؟ وكتّابُنا في حاجة للاطلاع عليها قصد الاستفادة من تجارب أصحابها الثرية بلا شك.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.