فاز الكاتب الإيرلندي بول لينش، يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، بجائزة "بوكر" الأدبية البريطانية العريقة عن روايته "أغنية النبي". أُعلن عن ذلك في احتفال أقيم في لندن. ورواية "أغنية النبي" هي خامس رواية لبول لينش، الذي رُشّح للمرة الأولى لنيل هذه الجائزة الأدبية.
وعلّق لينش عقب فوزه بالقول: "لم تكن كتابة هذا العمل سهلة. كان ينتابني شعور بأنّني سأعرّض مسيرتي المهنية للخطر من خلال كتابتها، ولكن كان عليّ إنجازها. مبدئيًا، أنا أشعر بسعادة كبيرة بأنّ كاتبًا إيرلنديًا يفوز هذه السنة بالجائزة." وقد تنافس على الجائزة أميركيان، وأيرلنديان، وكندية، وكينية، ضمن القائمة القصيرة
تتناول الرواية التغيّرات الجذرية التي تطرأ على حياة إيليش ستاك، وهي أم لأربعة أبناء، وتقيم في دبلن، خلال مرحلة غير محددة، عندما يختفي زوجها المطلوب من قبل الشرطة السرية الجديدة. تسعى الأم جاهدةً للحفاظ على تماسك عائلتها، في وقت تنحدر بلادها نحو نظام استبدادي.
ولد الكاتب في ليمريك عام 1977، ويعيش في دبلن، وهو خامس إيرلندي يفوز بجائزة "بوكر". وسبق أن نشر أربع روايات، اثنان نالتا شهرة واسعة، هما "ما وراء البحر"، و"غريس". كتب بول لينش جزءًا من هذه الرواية ذات الجو الخانق أثناء عمليات حظر التجول والإغلاق التي تسبب فيها انتشار فيروس كوفيد ـ 19. ولاحظ النقاد أنها تتكون من كتل نصية من دون علامات ترقيم، أو بفقرات تمتد على صفحات بأكملها. وشرح المؤلف ذلك بنفسه حين أكّد أن بطلة الرواية لم يكن لها مكانٌ تذهب إليه، فتمكّن منها الشعور بحتمية حدوث أمور عدة، وهذا ما يفسر غياب المسافات، أو الفراغات، في فضاء الكتابة نفسه. وبخصوص الزمن النحوي للرواية، قال إنه "محاولة للتعاطف الراديكالي"، لذلك "كتبت بصيغة المضارع" بهدف دفع القارئ إلى الانغماس في أجوائها السوداء، وجعله يشعر بالأحداث من خلال تجاوز المقاومة التي يقوم بها الناس بشكل طبيعي عند مشاهدتهم للأخبار.
وقالت رئيسة لجنة الجائزة، الروائية الكندية إيسي إدوجيان، إن المتأهلين للتصفيات النهائية لدورة الجائزة في 2023 جلبوا "الرعب والسرور والفرح والعزاء" لأعضاء لجنة التحكيم. ووصفت هذه الروايات بالقول إنها "تقدم مجموعة كاملة من التجارب الإنسانية"، وتنقل القارئ "ليس فقط خارج الواقع، ولكن أيضًا خارج اللغة المعتادة للحياة اليومية".
يقول لينش، الذي شغل سابقًا منصب كبير النقاد السينمائيين في صنداي تريبيون في إيرلندا، إن أصول روايته، التي أمضى أربع سنوات في كتابتها، تكمن في الحرب السورية، وأزمة اللاجئين التي تلت. كما يمكن عدّها أيضًا انعكاسًا للشعبوية والقومية التي تجتاح جزءًا كبيرًا من العالم اليوم.
وقد نالت الرواية استحسانًا من النقاد، حيث وصفتها صحيفة الغارديان بأنها كتاب مهم لعصرنا الحالي. أما ملحق التايمز الأدبي فاكتفى بهذه الكلمات: "إنها رواية مدوية بقوة". أما صحيفة "إيغزامينر" فعبرت عن رأيها بالقول: رواية "أغنية النبي" إنجاز كبير، تحكي حكاية مظلمة عن انحدار المجتمع إلى حرب يتردد صداها خارج إيرلندا... إنها واحدة من أهم روايات عام 2023.
أعرب بول لينش عن رغبته في جعل القراء يفهمون طبيعة الشمولية، وأكد عزمه على تضخيم العناصر البائسة من خلال الكتابة التي من المفترض أن تكون واقعية. كما يسعى إلى إدانة لامبالاة الديمقراطيات الغربية بالأهوال، مثل تلك التي لا تزال تتكشف في سورية.
يشار أيضًا إلى أن بول لنتش كاتب معروف في فرنسا، ففي روايته الأخيرة المنشورة في فرنسا "ما وراء البحر" (ترجمة مارينا بوراسو)، تدور القصة في عام 2021، وفي مواجهة الإعلان عن عاصفة وشيكة، يقنع بوليفار، وهو صياد من أميركا الجنوبية، هيكتور الشاب بمرافقته في البحر. وسرعان ما يجدان نفسيهما محاصرين بمساحات شاسعة من المحيط الهادئ، في مواجهة طبيعة لا ترحم. تقودهم هذه التجربة المتطرفة إلى حدود إيمانهم وأملهم، وتواجههم بالواقع الخام للحياة والموت.
استقبلت مؤسسة جائزة البوكر البريطانية ما مجموعه 158 رواية منشورة في المملكة المتحدة، أو إيرلندا، بين 1 أكتوبر 2022، و30 سبتمبر 2023، وتم اختيار 13 منها في الجولة الأولى. وفي العام الماضي، فاز الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا (47 عامًا) بجائزة بالجائزة عن روايته "أقمار معالي ألميدا السبعة".
جزء من حوار مع الكاتب بول لنتش
(*) ما الذي تنتظره من القراء حين يقرؤون روايتك؟
إنها رواية متعددة الطبقات، وتقدم قراءات متنوعة. سيرى بعضهم أنها رواية سياسية ويقرأونها على أنها تحذير. وقد يرى فيها بعض آخر محاكاة لما يمر به الآخرون حول العالم، أو لقطة من التعاطف الجذري إذا صح التعبير. وأنا آمل أيضًا أن تستكشف المشكلات الأبدية المتعلقة بالطبيعة البشرية كالمشاكل الفلسفية: الحياة والموت، ومشاكل الإرادة الحرة. كما أنها تطرح أسئلة أخرى حول الكرامة الإنسانية.
(*) ما هو مصدر الإلهام في هذه الرواية؟
يرى كثيرون أن ثمة مصدر إلهام وراء الرواية. لكن يمكنني القول بأنني في عام 2018، حين شرعتُ في كتابتها، كنت أفكر في الفوضى الحديثة التي نعيشها. كيف لم تعد الديمقراطيات الليبرالية الغربية مستقرة كما افترضنا ذات يوم؟ كم عدد الدول الأوروبية التي شهدت ميلًا نحو اليمين السياسي؟ كما فكرت أيضًا في استجابتنا لمحنة اللاجئين السوريين الذين يتدفقون إلى أوروبا، وفي الأزمات الإنسانية المختلفة التي تحدث في جميع أنحاء العالم؟ وكيف أن هذا لن يتفاقم إلا مع تغير المناخ. ربما أردت أن أعرف إلى أين قد يقودنا كل هذا؟
وعلّق لينش عقب فوزه بالقول: "لم تكن كتابة هذا العمل سهلة. كان ينتابني شعور بأنّني سأعرّض مسيرتي المهنية للخطر من خلال كتابتها، ولكن كان عليّ إنجازها. مبدئيًا، أنا أشعر بسعادة كبيرة بأنّ كاتبًا إيرلنديًا يفوز هذه السنة بالجائزة." وقد تنافس على الجائزة أميركيان، وأيرلنديان، وكندية، وكينية، ضمن القائمة القصيرة
تتناول الرواية التغيّرات الجذرية التي تطرأ على حياة إيليش ستاك، وهي أم لأربعة أبناء، وتقيم في دبلن، خلال مرحلة غير محددة، عندما يختفي زوجها المطلوب من قبل الشرطة السرية الجديدة. تسعى الأم جاهدةً للحفاظ على تماسك عائلتها، في وقت تنحدر بلادها نحو نظام استبدادي.
ولد الكاتب في ليمريك عام 1977، ويعيش في دبلن، وهو خامس إيرلندي يفوز بجائزة "بوكر". وسبق أن نشر أربع روايات، اثنان نالتا شهرة واسعة، هما "ما وراء البحر"، و"غريس". كتب بول لينش جزءًا من هذه الرواية ذات الجو الخانق أثناء عمليات حظر التجول والإغلاق التي تسبب فيها انتشار فيروس كوفيد ـ 19. ولاحظ النقاد أنها تتكون من كتل نصية من دون علامات ترقيم، أو بفقرات تمتد على صفحات بأكملها. وشرح المؤلف ذلك بنفسه حين أكّد أن بطلة الرواية لم يكن لها مكانٌ تذهب إليه، فتمكّن منها الشعور بحتمية حدوث أمور عدة، وهذا ما يفسر غياب المسافات، أو الفراغات، في فضاء الكتابة نفسه. وبخصوص الزمن النحوي للرواية، قال إنه "محاولة للتعاطف الراديكالي"، لذلك "كتبت بصيغة المضارع" بهدف دفع القارئ إلى الانغماس في أجوائها السوداء، وجعله يشعر بالأحداث من خلال تجاوز المقاومة التي يقوم بها الناس بشكل طبيعي عند مشاهدتهم للأخبار.
وقالت رئيسة لجنة الجائزة، الروائية الكندية إيسي إدوجيان، إن المتأهلين للتصفيات النهائية لدورة الجائزة في 2023 جلبوا "الرعب والسرور والفرح والعزاء" لأعضاء لجنة التحكيم. ووصفت هذه الروايات بالقول إنها "تقدم مجموعة كاملة من التجارب الإنسانية"، وتنقل القارئ "ليس فقط خارج الواقع، ولكن أيضًا خارج اللغة المعتادة للحياة اليومية".
يقول لينش، الذي شغل سابقًا منصب كبير النقاد السينمائيين في صنداي تريبيون في إيرلندا، إن أصول روايته، التي أمضى أربع سنوات في كتابتها، تكمن في الحرب السورية، وأزمة اللاجئين التي تلت. كما يمكن عدّها أيضًا انعكاسًا للشعبوية والقومية التي تجتاح جزءًا كبيرًا من العالم اليوم.
وقد نالت الرواية استحسانًا من النقاد، حيث وصفتها صحيفة الغارديان بأنها كتاب مهم لعصرنا الحالي. أما ملحق التايمز الأدبي فاكتفى بهذه الكلمات: "إنها رواية مدوية بقوة". أما صحيفة "إيغزامينر" فعبرت عن رأيها بالقول: رواية "أغنية النبي" إنجاز كبير، تحكي حكاية مظلمة عن انحدار المجتمع إلى حرب يتردد صداها خارج إيرلندا... إنها واحدة من أهم روايات عام 2023.
أعرب بول لينش عن رغبته في جعل القراء يفهمون طبيعة الشمولية، وأكد عزمه على تضخيم العناصر البائسة من خلال الكتابة التي من المفترض أن تكون واقعية. كما يسعى إلى إدانة لامبالاة الديمقراطيات الغربية بالأهوال، مثل تلك التي لا تزال تتكشف في سورية.
يشار أيضًا إلى أن بول لنتش كاتب معروف في فرنسا، ففي روايته الأخيرة المنشورة في فرنسا "ما وراء البحر" (ترجمة مارينا بوراسو)، تدور القصة في عام 2021، وفي مواجهة الإعلان عن عاصفة وشيكة، يقنع بوليفار، وهو صياد من أميركا الجنوبية، هيكتور الشاب بمرافقته في البحر. وسرعان ما يجدان نفسيهما محاصرين بمساحات شاسعة من المحيط الهادئ، في مواجهة طبيعة لا ترحم. تقودهم هذه التجربة المتطرفة إلى حدود إيمانهم وأملهم، وتواجههم بالواقع الخام للحياة والموت.
استقبلت مؤسسة جائزة البوكر البريطانية ما مجموعه 158 رواية منشورة في المملكة المتحدة، أو إيرلندا، بين 1 أكتوبر 2022، و30 سبتمبر 2023، وتم اختيار 13 منها في الجولة الأولى. وفي العام الماضي، فاز الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا (47 عامًا) بجائزة بالجائزة عن روايته "أقمار معالي ألميدا السبعة".
جزء من حوار مع الكاتب بول لنتش
(*) ما الذي تنتظره من القراء حين يقرؤون روايتك؟
إنها رواية متعددة الطبقات، وتقدم قراءات متنوعة. سيرى بعضهم أنها رواية سياسية ويقرأونها على أنها تحذير. وقد يرى فيها بعض آخر محاكاة لما يمر به الآخرون حول العالم، أو لقطة من التعاطف الجذري إذا صح التعبير. وأنا آمل أيضًا أن تستكشف المشكلات الأبدية المتعلقة بالطبيعة البشرية كالمشاكل الفلسفية: الحياة والموت، ومشاكل الإرادة الحرة. كما أنها تطرح أسئلة أخرى حول الكرامة الإنسانية.
(*) ما هو مصدر الإلهام في هذه الرواية؟
يرى كثيرون أن ثمة مصدر إلهام وراء الرواية. لكن يمكنني القول بأنني في عام 2018، حين شرعتُ في كتابتها، كنت أفكر في الفوضى الحديثة التي نعيشها. كيف لم تعد الديمقراطيات الليبرالية الغربية مستقرة كما افترضنا ذات يوم؟ كم عدد الدول الأوروبية التي شهدت ميلًا نحو اليمين السياسي؟ كما فكرت أيضًا في استجابتنا لمحنة اللاجئين السوريين الذين يتدفقون إلى أوروبا، وفي الأزمات الإنسانية المختلفة التي تحدث في جميع أنحاء العالم؟ وكيف أن هذا لن يتفاقم إلا مع تغير المناخ. ربما أردت أن أعرف إلى أين قد يقودنا كل هذا؟
تحميل المقال التالي...