}

في رحيل فاطمة الجامعي الحبابي: صديقة المعري

هنا/الآن في رحيل فاطمة الجامعي الحبابي: صديقة المعري
فاطمة الجامعي الحبابي
توفيت يوم 20 فبراير/ شباط الجاري الدكتورة فاطمة الجامعي الحبابي (1944 ـ 2024)، أرملة الفيلسوف المغربي الراحل محمد عزيز الحبابي، عن عمر يناهز 80 سنة.
ولدت الجامعي في 16 مارس/ آذار  1944، وحصلت على الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة محمد الخامس في الرباط، وعلى شهادة الماجستير سنة 1977 من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، كما حصلت على دبلوم إعلامي مختص في التوثيق الآلي من مدرسة علوم الإعلام بالرباط سنة 1978، وفي سنة 1988 أحرزت دكتوراة الدولة من جامعة السوربون بفرنسا.
وقد نعى المؤتمر القومي العربي فاطمة الجامعي الحبابي بكونها أحد رموز الثقافة والفكر في المغرب، حيث اهتمت بشكل كبير بـ"التعريب ودوره في تدعيم الوحدة العربية ودعم الإنتاج الإبداعي والثقافي في المغرب والوطن العربي".
وأضاف منظمو المؤتمر القومي العربي أن "الفقيدة واكبت أعمال المؤتمر القومي العربي منذ سنة 2006، وحرصت على حضور دوراته إلى أن حال وضعها الصحي دون ذلك".    
اقترن اسمها بالفيلسوف والروائي باللغتين العربية والفرنسية محمد عزيز الحبابي (1922 ـ 1993) الذي أحبّ فكره العرب والفرنسيون والألمان الذين وضعوا له في لغتهم كتابًا يضمّ عيّنة من أبرز أعماله تحت عنوان "محمد عزيز الحبابي، الإنسان، دليل الله، مقدمة لأنثروبولوجيا إسلامية" من إنجاز ماركوس كنير.
ظلت فاطمة الجامعي إلى جانب هذا الفيلسوف العقلاني والتنويري، الذي أسس اتحاد كتاب المغرب سنة 1961. وترجمت له كتابه عن ابن خلدون "ابن خلدون معاصرًا"، الذي نشرته سنة 1974 دار الحداثة في بيروت. وفي رصيدها في حقل التأليف أعمال عدة، نذكر منها "لغة أبي العلاء المعري في رسالة الغفران"، المنشور في القاهرة سنة 1988، الذي أصبح مرجعًا لا غنى عنه لكل الباحثين في لغة وقضايا الدلالة عند المعري، والأصيل والدخيل في لغته. وقد أحصت فاطمة الجامعي مئة وخمسين كلمة دخيلة، ولكن أبا العلاء لم يشرح منها سوى خمس وثلاثين كلمة فقط بسبب كثرة تداولها بين الناس.




كما ارتبط اسمها بترجمتها لكتاب زوجها محمد عزيز الحبابي "ابن خلدون معاصرًا" من اللغة الفرنسية. وقد كان الكتاب في حينه مدخلًا إلى الخلدونية بوصفها فكرًا حيًّا وخصبًا، سواء بالنسبة لما يتصل بالتاريخ، أو السوسيولوجيا، أو علم المناخ، أو الأنثروبولوجيا. لم يقتصر هذا الكتاب على الاهتمام بنظريات ابن خلدون الشهيرة فحسب، بل وقف كذلك عند خلفياته وحدسياته العديدة، لما تميزت به من جدّة وجرأة في القرن الرابع عشر، حيث كان التاريخ مجرد حكايات وروايات وحوليات. وقد تطلّب منها جهدًا كبيرًا وهي تعمل على ترجمته وهو بقلم فيلسوف فذّ من حجم محمد عزيز الحبابي، الذي كان من الباحثين القلائل الذين قاموا بمراجعة شاملة وثاقبة للفكر الخلدوني. كما أنه تصدّى بالنقد والتصويب للشرح والتحقيق في النسخة المتوافرة آنذاك (القاهرة، لجنة البيان العربي) من طرف الأستاذ عبد الواحد وافي، والتي لا تخلو من أغلاط، لأن ابن خلدون استعمل كثيرًا من الألفاظ المحلية (أندلسية ومغاربية)، إضافة إلى عديد الأعلام الأمازيغية التي اتخذت عند المحقّق، الذي استشعر صعوبة الموقف، تأويلات تبعد عن المعنى الأصلي.
لم تكتف فاطمة الجامعي الحبابي بالتأليف والترجمة فقط وإنشاء الأندية الثقافية فقط، بل ونالت عضوية مجموعة من الهيئات الثقافية، من بينها: مجلس أمناء منتدى الفكر العربي (عمان)، والمجلس العربي للطفولة (القاهرة)، وجمعية الفلسفة بالمغرب، واتحاد كتاب المغرب، والمجلس التنفيذي للجواش الأفريقي بالقاهرة، والجمعية المغربية المستقبلية.
ترأست فاطمة الحبابي هيئة تحرير مجلتي "دراسات فلسفية وأدبية"، و"تكامل أصناف المعرفة"، كما أنها عضو في هيئة تحرير مجلة "الكتاب المغربي"، وعضو مراسل لمجلة "موتس".
رحيل فاطمة الجامعي الحبابي ذكّر المثقفين والأدباء والجامعيين برجل الفلسفة محمد عزيز الحبابي، الذي كانت أكاديمية المغرب ترشحه لجائزة نوبل، وذكرهم باتحاد كتاب المغرب الذي أسسه وأطلق عليه اسم "دار الفكر"، وذكرهم بالمعري الذي كرست له فاطمة جهدا علميًا منقطع النظير بحيث أنتجت عنه كتابا بلغ خمسمئة صفحة، وذكر الجميع أيضًا بالخلدونية وقضاياها.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.