}

محمد أبو زيد: الرواية سيرة العالم والشعر سيرة الشاعر

فاتنة الغرة 9 فبراير 2020
حوارات محمد أبو زيد: الرواية سيرة العالم والشعر سيرة الشاعر
"أبو زيد: في النهاية لن يبقى إلا الشعر الأصيل"
أحياناً تكون مقدمة الحوار أكثر صعوبة من إعداد الأسئلة، وهذه كانت الحال مع كاتب بحجم محمد أبو زيد الأدبي رغم صغر سنه نسبياً مقارنة بمنتجه، ومقدرته المستمرة على انتزاع الدهشة منك، فهو الشاعر الذي يمكنه أن يضحكك بجملة شعبية واردة في نص محكم أو يصدمك في كسره لرتابة الرصانة التي يكتب بها ويثقلها بالثقافة والثقل المعرفي، وحينما تأتي إلى الرواية عنده يصبح الكون مفتوحاً على كل الاحتمالات ويضيع الخط الفاصل بين الوهم والحقيقة وبين الفانتازيا والواقع، وهو الصحافي النوعي الذي أسهم في عالم الصحافة الثقافية بأحد مواقع الكتابة المهمة فيها.

الكاتب المصري محمد أبو زيد صوت استثنائي يقدم مشروعه الكتابي مصحوباً بجلال الصمت دون حاجة إلى ضوضاء فارغة، وكأن امتلاءه بالكتابة هو ما يوفر له التقدير والاعتراف الذي يأتيه دون استجداء أو طلب، كاتب من العيار الذي ينتصر للجمال والأصالة، وإنسان يجتمع كل من يعرفه على محبته وتقدير منجزه، ولأن التقدير واجب وحقٌ كان لنا هذا الحوار مع كاتب جادّ استطاع أن يصل بروايته الثانية "عنكبوت في القلب" إلى القائمة الطويلة في جائزة البوكر لهذا العام.
أبو زيد شاعر وصحافي وروائي مصري صدرت له 9 مجموعات شعرية ومجموعة شعرية للأطفال. صدرت مجموعته الأولى عام 2003. كما صدرت له روايتان: "أثر النبي" 2010، و"عنكبوت في القلب" 2019. وصدر له كتاب نقدي بعنوان "الأرنب خارج القبعة، مقالات عن الكتابة" 2016.

 

الصدق والتجربة
(*) عادة ما تصاحب غزارة الإنتاج قلة في الإبداع لكن الحالة معك تختلف وكأنك تغرف من محيط لا من بحر، هل يمكننا القول إن الكتابة بالنسبة لك هي "مهنة شاقة للعيش"؟
- أعتقد أن الرواية هي سيرة للعالم، بينما الشعر هو سيرة الشاعر، تاريخه الشخصي الذي يكتب نفسه، سواء أراد الشاعر ذلك أم لا.  لذا يمكنني أن أقول لك ما الذي حدث لي في سنواتي الماضية من خلال ما كتبته أو كتبني بطريقته، يمكن أن تردي أيضاً الأمر إلى أنني بدأت الكتابة والنشر مبكراً، فديواني الأول صدر منذ قرابة 20 عاماً. 

لم أتعمد أن أكون غزير الإنتاج، لم أقصد أن أصدر ديواناً كل عامين مثلاً ـ لو حسبتِ ما أصدرت مقارنة بالسنوات التي أصدرت خلالها ـ لكن ما أظنه أن لديّ خوفا دائما من توقف الشعر، من نضوبه، لذا أغترف منه بيدي إذا وردت بئره قدر ما أستطيع، فربما تكون المرة الأخيرة. ربما أكون طمّاعاً في طلب الشعر وانتظاره والبحث عنه، لكني أظن ذلك حلالاً لنا. لكن في النهاية لا أظن أن الأمر يقاس بغزارة أو قلة، وإنما بالصدق والتجربة والتأثير.

 

(*) روافدك في الكتابة متعددة وسخية، نرى في الشعر والمسرح والتشكيل، ونسمع الصوت والموسيقى ونذهب إلى الأسطورة والشارع المجاور، كيف تستطيع هضم كل هذه العناصر في كتابتك؟
ـ جزء أساسي من روافدي الثقافية أدين به للتعليم الأزهري الذي أنتمي إليه، فإضافة إلى حفظي القرآن الكريم كاملاً في سن صغيرة، فإنه فتح أمامي كنزاً من كتب التراث الأدبي ما زلت أمتح منه حتى الآن، استفدت منه بطبيعة الحال في قصائدي العمودية الأولى، لكن عندما تطورت قصيدتي وانتقلت بعد ذلك من التفعيلة إلى النثر اكتشفت أن رداء القصيدة يمكن أن يتسع أكثر من هذا، ليشمل كل الفنون الأخرى من سرد إلى موسيقى إلى تشكيل إلى أفلام الكارتون، إلى علوم اقتصادية واجتماعية وسياسية.

في ندوة أخيرة، سألني أحد الحضور الأصدقاء عن روايتي "عنكبوت في القلب" و ديواني "جحيم"، بعد أن صدرا في وقت متقارب وأيهما تأثر بالآخر، وأجبته بأن شعري قد يكون تأثر بالسرد لكن أتمنى ألا يكون سردي قد تأثر بالشعر، لكني أفكر الآن في أن هذين العملين تحديداً قد تأثرا بفن آخر وهو السينما، وهذا ما أريد أن أقوله بأن روافد الكاتب تتجاوز الفنون التقليدية، لتضم كل الفنون المستحدثة، بل تضم حيوات الآخرين وسيرهم، ووجوه المارة في الشارع، وأنات مريض في بناية مجاورة، وصوت عربة الإسعاف في الطريق المزدحم، ونداء الباعة الجائلين، وملامح أب ينتظر عودة ابنه  أمام محطة قطار. أعتقد أن الكاتب صائد أرواح عجوز، يبحث عنها لتمنح نصوصه الخلود والشباب.

 

(*) ألذلك تنتقل بخفة ولياقة بين الرواية والشعر والكتابة للأطفال والنقد ناهيك عن موقع الكتابة الثقافي الذي تشرف عليه؟
- أحب أن أكون شاعراً، وكل ما دون ذلك أفعله لأني شاعر، أكتب الرواية انطلاقاً من هذه الفكرة، أكتب للأطفال شعراً،

وأكتب النقد كشاعر يقرأ، وأشرف على موقع الكتابة، لأني أرى أن للشاعر دورا ثقافيا يجب أن يقوم به بالإضافة إلى كتابته، وهو المساعدة في نشر الجمال ـ نصوص الآخرين ـ أذهب إلى دوام العمل وأجلس مع أصدقائي في المقهى وأربي القطط، يمكن أن تقولي إني أعيش حياتي كعمل إضافي إلى كوني شاعراً.

 

(*) كتابتك حية من لحم ودم، يمكن أن نسمع فيها صوت القطة على درابزين شقتك أو ضحكة شريرة كما في أفلام الكارتون حيث وصفتها ذات مرة، ألم تخش من أن تفقد بعض هذه العناصر النص شعريته؟
- لا توجد وصفة مضمونة ومسبقة التجهيز للشعر، ولا توجد خلطة سرية يخفيها العم كنتاكي. كما أن زمن الشعر الذي يُكتب في مدح الخليفة من أجل صرة من الدنانير قد ولّى، والشعر المُلغِز المغلق على ذاته ساهم في هجرة القراء إلى فنون أخرى. ما الذي يتبقى إذاً؟ يتبقى الشعر في تجليه الحقيقي، في وضوحه وسموه، في حضوره في أبسط الحقائق وأعقدها.

يمكن للشاعر أن يرى الشعر في أي شيء، يتوقف الأمر فقط على مكان مقعده الذي يجلس عليه ويصف من خلاله. تخلى الشعر عن ملكوته، نزل من عليائه، صافح الناس في الشارع وابتسم في وجوههم وأخبرهم أنه قطعة من حياتهم، وأشار إلى مواضع وجوده في الأشياء من حولهم، وانتظر، وفي ظني أنه إذا رأى الناس في الشعر تفاصيل يومهم البسيطة، وربما التافهة، فإن الشعر قد انتصر.

 

(*) يبدو وكأنك تربط إصداراتك مع بعضها البعض بخيط خفي فنراك في رواية "عنكبوت في القلب" تستخدم بعض الجمل الشعرية والشخصيات من مجموعات سابقة لك كأنه بنيان يشد بعضه بعضاً.
- الشخصية الرئيسية في رواية "عنكبوت في القلب"، ميرفت عبد العزيز، قادمة من دواويني بالفعل. هناك قسم خاص عنها في ديواني "قوم جلوس حولهم ماء"، وقصائد متفرقة عنها في الدواوين اللاحقة له، والإشارات في الرواية للدواوين كانت مجرد ربط بالعالم السري لميرفت الذي مرت من خلاله حتى وصلت إلى الرواية.

هذه الطريقة في البناء موجودة أيضاً في دواويني السابقة، ستجدين في ديوان "مدهامتان" هوامش تشير للدواوين السابقة، وفي ديوان "سوداء وجميلة"، إعادة كتابة لبعض القصائد من دواوين سابقة، بل ومن نفس الديوان. أفضّل أن أجعل كل كتاب جديد لي لبنة جديدة في حائط سعيت لتشييده حين أصدرت كتابي الأول. لا أفعل هذا بقصد. أقصد أنني لا أقول إنني سأكتب هذا الديوان لأكمل ما بدأته من قبل، لكن يتضح لي الأمر أثناء الكتابة، كأن المشروع يكمل ذاته بذاته، كأنني لست إلا قلماً أخط ما حُدّد مسبقاً.

 

الكتابة كلعبة
(*) بالحديث عن روايتك الثانية "عنكبوت في القلب" التي وصلت إلى القائمة الطويلة والتي تنقلت فيها بين العوالم الفانتازية والعوالم الواقعية، الملفت فيها أنك كنت تكتب الفانتازيا على أنها واقع يمكن لنا تصديق وجوده، أيهما كان العالم الحقيقي بالنسبة لك في الكتابة وأيهما الفانتازي؟
- الكتابة بالنسبة لي لعبة. وفي اللعب نقتدي بالأطفال حيث لا يضعون قواعد منطقية لما يفعلونه، فالوسادة من الممكن أن تتحول إلى مركبة فضاء، والقلم الرصاص صاروخ يطير إلى القمر، والأحذية تتحدث إلى بعضها. في الكتابة تسقط كل الحواجز التي يضعها العالم، ليبني الكاتب عالمه بلا قواعد أو وفق قواعد تناسب علمه.

في أحد فصول الرواية، يرى المؤلف "محمد أبو زيد"، وهو عائد إلى بيته كائنات فضائية على الطريق الدائري. فهل هذا المؤلف هو أنا؟ قد يكون شخصاً آخر يحمل اسمي، وقد يكون أنا. قد يكون قابل كائنات فضائية، وربما لا. هذه الاحتمالية هي التي خلقت عالم "عنكبوت في القلب"، أن كل شيء ممكن، ومن هنا ظهرت شخصيات حقيقية مثل "تأبط شراً"، لكنه تحول في النهاية إلى ببغاء، يقابل الراوي سنووايت وعلاء الدين القادمين من عالم الخيال، يقابل كيت وينسلت وأودري تاتو القادمتين من عالم السينما والواقع. سر رواية "عنكبوت في القلب" في ظني هو هدم الحوائط بين الواقع والخيال والفانتازيا والأسطورة.

 

(*) يرى البعض أن استخدام الدارج من الكلام أو الشعبي منه لا مكان له في الشعر لكنك تقوم بذلك ضارباً بعرض الحائط هذه التنظيرات، هل تظن انه لا توجد لغة شعرية بمفرداتها وأخرى غير شعرية أم أنها طريقتك لصدم المتلقي المحافظ؟
- يقولون إن اللغة كائن حي، وأي كائن حي يتطور، ويكبر وينمو، وما كان يناسبه في زمن قد لا يناسبه في زمن آخر. عنترة بن شداد وامرؤ القيس وطرفة بن العبد كانوا يستخدمون مفردات من عالمهم، بل قد تقتصر على القبائل التي ينتمون إليها، رويت عن الرسول أحاديث بلهجات بعض بطون العرب، وحتى عندما تقرأ أوفيد فأنت تقرأ لغة عصره، وهذا يعني أننا يجب أن ننتمي إلى لغتنا التي ننطقها لأنها جزء من تاريخنا الشخصي، وأعني بذلك أيضاً أنه لا يوجد في الشعر كلمة لا يمكن استخدامها. كل الكلمات صالحة لأن تكون شعراً، كل الكلمات يمكن تحميلها بالطاقة الشعرية حين ينفخ فيها الشاعر من روحه. لا أفكر إذا كانت بعض الكلمات صادمة أم لا، لكني أفكر إلى أي مدى يمكن أن تمنح هذه الكلمات للقصيدة القدرة على أن تُحلّق.

أسعى لأن أكون صياداً محترفاً، أصيد النصوص من على قارعة الطرق، لكني أدرك تماماً أن هذه المهنة لا بد لها من الحدس والموهبة إضافة إلى الخبرة والدراسة، مثل أي مهنة أخرى في العالم. الموهبة مهمة جداً، بل هي الأساس، لكن لا بد من صقلها بالخبرة. أنتِ شاعرة وتعرفين ذلك جيداً، أي نص يحتاج إلى إعادة كتابة مرة واثنتين وثلاثاً، الكتابة الأولى هي كتابة ما يمكن تسميته بالوحي، لكن الكتابة الثانية هي التي تتدخل فيها الخبرة والدراسة، بعض النصوص لا تحتاج إلى تدخل، فتظل كما هي، لكن معظمها في حاجة إلى إعادة كتابتها، حذفاً وتنقيحاً. في ظني أن الشاعر الجيد ناقد جيد بالضرورة. هو ناقده نفسه الأول، وهذا الدور النقدي يمارسه على نصه بعد الكتابة، لكن أشدد على أن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا في المرة الثانية، وإلا لعُدّ لوياً لعنق النص، ونصاً مصنوعاً في الغالب لن يصل إلى القارئ.

 

(*) بالحديث عن موقع الكتابة الذي تشرف عليه منذ ما يقارب 14 عاما، ما التغييرات التي استطعت رصدها من خلال اشرافك على الموقع حتى الآن؟ وهل اختلف شكل الكتابة قبل حضور الفيسبوك بقوة عنه سابقاً؟
- بدأت موقع الكتابة في وقت كانت هناك أزمة نشر حقيقية للأجيال الجديدة في مصر. لا توجد نوافذ للنشر سوى صفحات ثقافية محدودة في عدد من الصحف، وعدد محدود جداً من المجلات الثقافية الشهرية أو الفصلية. كانت هناك بعض المواقع الثقافية العربية، ولم يكن هناك موقع ثقافي واحد في مصر رغم الزخم الموجود آنذاك. فتح الموقع أبوابه لجميع التيارات بشرط وحيد هو "الانحياز للجمال في الكتابة"، قدم ملفات عن عدد كبير من الكتاب المهمين، ومع الوقت أنشأ الموقع مواقع إضافية لكتاب راحلين. كل ذلك دون انحياز لأحد أو استبعاد أحد، ودون تمويل من أحد أو حتى إعلانات.

كل ما كان الموقع يسعى إليه هو فقط "الانحياز للكتابة". لكن يمكنني أن أقول إنه خلال هذه السنوات تغيرت الكتابة كثيراً، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك كثيراً، البداية كانت مع المدوّنات التي فتحت الباب للآلاف لقول ما يريدونه، وكانت بوابة استغناء عن النشر الورقي، وعن انتظار الصف في صحيفة أو مجلة، لكن مع دخول الفيسبوك وتويتر الساحة تغير الأمر كثيراً، أصبح النشر أسهل، والتواصل مع القارئ المفترض أمراً مفروغاً منه، أدرك الجميع أن بإمكانهم أن يقولوا ما يشاؤون وسيجدون من يصفقون لهم، احتجنا لعدد من السنوات لكي يحدث الفرز بين ما هو جيد وما هو رديء، لكن ذلك خلّف اتجاهات مختلفة من الكتابة، شبهتها في كتابي "الأرنب خارج القبعة"، بـ "الغرف المغلقة المتوازية" التي لا يرى بعضها الآخر، وهذا ما يمكن أن نراه بوضوح في عدد كبير من الروايات في قوائم الأكثر مبيعاً لا نعرف كتابها ولا يعرفوننا. لكنني أرى أن كل هذا لا بأس به، وأن الزمن مصفاة، فقط علينا أن ننصت ونقرأ ونصبر.

 

مزايا الفضاء المفتوح
(*) من الملاحظ في عالم الفيسبوك جنوح الكثير من الشعراء والكتاب لتبني مقولات شعراء غربيين وكأن الثقافة العربية فقيرة مع أنها من الثقافات المهمة في العالم، فكيف ترى هذا الانجذاب إلى الغرب وكأننا حينما نستشهد به كأنما نأخذ صكوك الشعرية؟
- أعتقد أن بعض ما استفاده الجيل التالي لنا من الكتاب على الفيسبوك، هو التواصل مع الشعراء من الدول الأخرى. كانت مشكلتنا عندما بدأنا الكتابة قلة الدواوين المترجمة، لأن اعتمادنا الرئيسي كان على الكتب فقط، وإذا عثرنا على ديوان نتبادله فيما بيننا، حتى بعض الكتاب العرب المهمين لم تكن تصلنا إصداراتهم إلا نادراً، تغير الأمر الآن، بعد أن أصبح الفضاء مفتوحاً، والجميع يجلس على طاولة واحدة، أصبح الشاعر المصري يتواصل مع الشاعر المغربي بسهولة، ويقرأ ما يكتبه الشاعر الأوروبي المعاصر له في نفس اللحظة، لكن ذلك خلق نوعاً من فقدان الثقة بالذات لدى الشاعر العربي، ربما بسبب عدم تحققه مثل قرينه الغربي، رغم أن هذا التحقق مقترن بعوامل أخرى مثل ما تقيمه تلك الدول من مؤتمرات ومهرجانات فضلاً عن وجود شريحة أكبر من القراء، صاحب هذا بالطبع ترويج لشعراء أجانب بعينهم وتقليل من قيمة التراث العربي في المقابل.

فقدان الثقة أدى إلى خلق أصنام جديدة من الشعر، معظمهم أميركيون، فأصبحنا نجد أن جيلاً بأكمله على الفيسبوك يكتب قصائده على طريقة تشارلز بوكوفسكي، أو يكتب على غرار تشارلز سيميك، بل ويتحدث عن تفاصيل غير موجودة في عالمه أصلاً، وهو ما يخلق "مسوخاً" وليس قصائد حقيقية. لديّ يقين أن هذه مجرد "موضة" وستنتهي مع الوقت، لا أقلل بهذا من قيمة سيميك أو بوكوفسكي فهما شاعران عظيمان، لكن أتحدث عن فكرة التقليد. وفي النهاية لن يبقى إلا الشعر الأصيل.

 

(*) يعتقد الكثير من الكتاب الآن أن الترجمة إلى لغة أجنبية هي معيار للتفوق والنجاح ونرى الكثير من الصراعات على ترجمة ما أو مشاركة في فعالية غربية معينة، كيف تقيم هذا المشهد؟
- يمكنني أن أذكر لك عشرات الأسماء الذين تُرجِمت أعمالهم وشاركوا في فعاليات غربية، لكنهم دون تأثير أو حضور حتى في بلدانهم.

كلنا نعرف كيف تدار آلة المشاركات والترجمات، إلا ما ندر، وكلنا نعرف عدد النسخ التي تصدر بها الكتب المترجمة من العربية في الغرب، وأنها لن تحيل كاتبها إلى موراكامي أو شيمبوريسكا في يوم وليلة. لكنه المجد الذي يبحث عنه كل كاتب، ولا أعيبه على أحد، لكن لا أوافق على الطرق المتبعة في ذلك، لا أوافق على معظم الاختيارات، لا أوافق على الصراعات والشللية، لكن الترجمة لن تحيل كاتباً يطبع 500 نسخة في بلده إلى كاتب عالمي. وما لاحظته أن معظم الكتاب العرب المقيمين في الخارج يحرصون أن يصدروا كتبهم بالعربية، يحرصون على توزيعها وتوقيعها ووصولها إلى قارئهم بلغتهم الأصلية في بلدانهم، ربما لأنهم أدركوا حقيقة الأمر، أن الترجمة ستظل في النهاية شيئاً مهماً لكنها ليست نهاية السباق، ليست السماء التي إذا لمستها صعدت، إنما هي في أرضك الأولى، بلغة قارئك الأول، الذي بإمكانه أن يصل بك إلى السماء السابعة لو أتقنت عملك.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.