}

هشام زريق: واجبنا إيصال الرواية الفلسطينية من خلال السينما

ضفة ثالثة ـ خاص 26 نوفمبر 2022
حوارات هشام زريق: واجبنا إيصال الرواية الفلسطينية من خلال السينما
هشام زريق

شهد قطاع إنتاج أفلام الأنيميشن السينمائية تطورًا ملحوظًا في العقد الأخير. وتوجه عديد المخرجين العرب لإنتاج أفلام تعتمد على الأنيمشن، منها فيلم أنيميشن قصير للمخرج هشام زريق تناول القضيّة الفلسطينيّة، وشارك في عدد من المهرجانات حول العالم.
زريق المولود في مدينة الناصرة، والمقيم في ألمانيا، بدأ الرسم باستعمال الحاسوب في عام 1994، وفي عام 1996 بدأ بعرض رسوماته في صالات عرض ومتاحف عدة. قام بإنتاج وإخراج أول فيلم وثائقي له: "أبناء عيلبون" في عام 2007. حاز الفيلم على المرتبة الأولى لجائزة العودة لعام 2008، إذ يوثق به أحداث مجزرة عيلبون خلال نكبة فلسطين. وشارك فيلمه "مجرد يوم آخر/ Just Another Day" في مهرجان دمشق السينمائي، وهو فيلم قصير يسرد قصة رجل عربي في أوروبا بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
خلال عام 2011، أنتج زريق الفيلم الروائي القصير "البحر من أمامكم"، وهو فيلم عن عملية السلام في الشرق الأوسط في شكل قصة حب بين امرأة يهوديّة ورجل فلسطيني. وفي عام 2018، بدأ العمل على فيلمه الأنيميشن القصير "لا تبكِ"، الذي خرج إلى النور عام 2022.
حول فيلمه الأخير، وعن أعماله السابقة والمقبلة، كان هذا الحوار:

لقطة من فيلم "لا تبكِ"


(*) في البداية، أخبرنا عن فيلمك الأخير "Don't Cry". ما قصته، ومن أين جاءت الفكرة؟
"لا تبكِ/ Don’t Cry"هو فيلم أنيميشن قصير عن رجل وفتاة فلسطينيين وامرأة إسرائيليّة يلتقون على ضفاف بحيرة سماويّة. يثير اللقاء صراعًا بين الرجل والامرأة الإسرائيليّة بسبب لقاء سابق بينهما، وتحاول الفتاة التوسط بينهما.




الفيلم مليء بالرموز. يتحدث عن دائرة العنف التي تبدأ دائمًا بالعدوان الإسرائيلي، تليها ردة فعل فلسطينيّة، وينتج عنها مزيد من القتلى الفلسطينيين. يمكن رؤية عدد من الرموز في الفيلم، مثل ساعة رمليّة مكسورة، وساعة منبه مكسورة، وحلزونة بطيئة الحركة، كرموز لموت السلام بعد انهيار اتفاقيات أوسلو. هنالك رموز أخرى، مثل الرصاصة والحجر، ميزان غير متوازن يرمز إلى الصراع غير المتوازن. كذلك رقعة شطرنج بوضعية مستحيلة.
يظهر الفيلم أن الفلسطينيين يعانون، لذا فأي عمل من أعمال العنف يأتي من اليأس والصدمة وموت الحلم الوطني بالسلام والحياة الطبيعية. لم أعط أسماءً للشخصيات في الفيلم، لأنهم رموز للذين يعانون من الصراع.


(*) اخترت الأنيميشن لتنفيذ فكرة الفيلم. لماذا؟ وكيف ساهم ذلك في مخاطبة الجمهور؟
عندما كتبت سيناريو الفيلم عام 2011، كنت أخطط لإنتاجه كفيلم، وليس كأنيميشن. لكنَّ نقص التمويل أجبرني على إهمال المشروع وتأجيله. في عام 2017، بدأت في إنتاج بعض الأنيميشن للنسخة المطولة للفيلم الوثائقي "أبناء عيلبون"، الذي سيطلق عليه لاحقًا اسم "عندما بدأ كل شيء"، لكنني واجهت الصعوبات نفسها في تمويل المشروع، كما في السابق. ولذلك فكرت في إنتاج فيلم أنيميشن قصير قد يفوز بعدة جوائز، ومن الممكن أن يُسهّل هذا الأمر تمويل الأنيميشن لفيلم روائي. سيناريو الفيلم موجود، وإنتاجه كأنيميشن يعني أنني أكثر استقلالية، لأنني أصنعه بنفسي، ولا يكلفني ذلك كثيرًا من الأموال.
استغرق الأمر أكثر من ثلاث سنوات لإنهائه، وفي شباط 2022 أنهيت الفيلم. ومنذ ذلك الحين، تم اختيار الفيلم لحوالي 70 مهرجانًا، وفاز بأكثر من 25 جائزة. آمل أن يسهل هذا تمويل المشروع التالي.


(*) يبدو أن الفيلم موجه أكثر للجمهور الغربي.
الإعلام حول العالم، وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة، متحيز للغاية للجانب الإسرائيلي. أنا أعيش في ألمانيا، وألاحظ أنه عندما يُقتل فلسطينيون تصمت وسائل الإعلام، ولكن عندما يُقتل إسرائيلي، تتحدث وسائل الإعلام عن ذلك على الفور، وهذا يعطي الناس صورة مشوهة للصراع يظهر فيها الفلسطينيون كعنيفين، أما الإسرائيليون فيظهرون كأبرياء يدافعون عن أنفسهم.




على سبيل المثال، في الأسابيع القليلة الماضية قُتل عدد من الفلسطينيين على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، ولم يتم الحديث عن ذلك في وسائل الإعلام، لكن عندما قُتل إسرائيلي نُشر الخبر فورًا في وسائل الإعلام. في هذا الفيلم، وبطريقة رمزيّة، أريد أن أوضح ما يحدث على أرض الواقع.


(*) كيف كانت ردود الفعل على الفيلم؟ وما هي أهم المهرجانات التي شارك فيها الفيلم، والجوائز التي نالها؟
تم اختيار الفيلم لـ"مهرجان الأرض السينمائي" في إيطاليا، بعد أقل من شهر من إتمام إنتاجه. ومنذ ذلك الحين، تم اختياره في أكثر من 70 مهرجانًا سِينَمَائِيًّا في 18 دولة حول العالم.
حصل الفيلم على 32 جائزة في 24 مهرجانًا، مما يدل على قبول كبير لقصة الفيلم، والجودة العالية للأنيميشن.

ملصق فيلم "أبناء عيبلون"


(*) بدأت مسيرتك السينمائية مع فيلم "أبناء عيلبون" عام 2006، وهو وثائقي قصير يوثّق نكبة ومجزرة قرية عيلبون. أخبرنا عن بدايتك المهنيّة.
في عام 1986، بدأت دراسة علوم الحاسوب، وبعد الانتهاء من دراستي بدأت العمل، وما زلت أعمل كمهندس برمجيّات. في عام 1990، أنشأت شركة للأنيميشن مع اثنين من أصدقائي، وللأسف الشديد أغلقنا الشركة بعد عامين، وكانت هذه بداياتي في عالم الفن، لأنني بدأت في إنشاء الفن الرقمي، وبدأت أعرض أعمالي في صالات العرض في جميع أنحاء العالم. في عام 2006، أنتجت وأخرجت الفيلم الوثائقي القصير "أبناء عيلبون"، وبدأت رحلتي في صناعة الأفلام، في 2016/ 2017 عدت إلى صناعة الرسوم المتحركة، مما أدى إلى إنتاج فيلم "لا تبكِ".


(*) علمنا منك أنك تعمل على نسخة أطول لفيلم "أبناء عيلبون". أخبرنا أكثر عن هذه النسخة، وما هي التحديات التي تواجهها لصناعة الفيلم؟
نعم، في الواقع منذ عام 2008 أعمل على ذلك، وبدأت في إنتاج بعض الأنيميشن لتوضيح بعض أحداث الفيلم، لكن تمويل المشروع مكلف للغاية، وليس أمامي سوى تمويله بنفسي، لذا فإن تطوير المشروع بطيء للغاية، والآن بعد أن انتهيت من إنتاج فيلم "لا تبكِ" سأبدأ في إنتاج مزيد من الأنيميشن للمشروع، وآمل أن أنهيها قريبًا.


(*) أخبرنا عن أعمالك الأخرى.. يبدو أن القضايا السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينيّة هي ما يهيمن عليها؟ لماذا؟
بالإضافة إلى فيلم "لا تبكِ"، وفيلم "أبناء عيلبون"، أنتجت فيلمين قصيرين. ففي عام 2008، أنتجت وأخرجت فيلم" مجرد يوم آخر"، وهو فيلم عن حياة العرب الذين يعيشون في العالم الغربي بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، وفي عام 2011 أنتجت فيلم "البحر من أمامكم"، عن عملية السلام في الشرق الأوسط، كقصة حب بين امرأة يهوديّة، ورجل فلسطيني.





القضية الفلسطينيّة هي قضيّة مهمة جدًا، ليس للفلسطينيين وللمنطقة فقط، بل لكل العالم. لكن وجهة النظر الإسرائيليّة هي التي تظهر في أفلام هوليوود، ووسائل الإعلام الغربيّة. لذا، من واجبنا، نحن صناع الأفلام الفلسطينيين، إظهار وجهة نظرنا، على الرغم من أنهم أقوى وأعلى صوتًا، ويصلون إلى جمهور أوسع، مع كل هذا نحن في حاجة ماسّة لإيصال رسالتنا قدر المستطاع، ومحاولة الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وأنا أرى أن هذا واجب على كل صانع أفلام وفنان فلسطيني.
يسعدني أن فيلمي "لا تبكِ" قد وصل إلى الناس في إيطاليا، والولايات المتحدة، والهند، وعدد من البلدان الأخرى.

ملصق فيلم "مجرد يوم آخر"


(*) أنت تعيش في ألمانيا. هل تواجه تحديات كمخرج فلسطيني يريد إيصال الرواية الفلسطينية من خلال السينما؟
تم اختيار فيلم "لا تبكِ" ليُعرض في حوالي 70 مهرجانًا حول العالم، و11 مهرجانًا في إيطاليا، و 18 في الهند، و11 في الولايات المتحدة، وفي اثنين فقط في ألمانيا. تقدمت إلى عدد من المهرجانات الألمانيّة، لكنهم لم يختاروا الفيلم، على الرغم من أن الفيلم باللغة الألمانيّة، ويعد فيلمًا ألمانيًا/ فلسطينيًا. المشكلة بالنسبة لهم أنه يتحدث عن القضية الفلسطينية.
للأسف، من الصعب بالنسبة لي كفنان أن أعرض فنيًا في ألمانيا، ومن الصعب تمويل أفلامي، ومن الصعب عرض أفلامي أيضًا.




تمكنت من الحصول على تمويل محلي من المدينة التي كنت أعيش فيها، والبلدة المجاورة لها، لكن هذه الشركات صغيرة، وتمويلها محدود. لقد تواصلت مع عدد من المنتجين الألمان، لكنهم رفضوا جميعًا توجهاتي، وفي إحدى الشركات أعجبت سكرتيرة المنظمة بإنتاج فيلم "أبناء عيلبون"، إلى درجة أنها اتصلت بي شَخْصِيًّا، وأعطتني أسماء لأشخاص في إمكانهم مساعدتي، لكنني حتى الآن لم أجد أي مساعدة. الطريقة الوحيدة حتى الآن هي تمويل أفلامي بشكل شخصي.


(*) ما هي مشاريعك المقبلة؟
طبعًا، الانتهاء من النسخة الطويلة لفيلم "أبناء عيلبون"، الذي وصفه كثيرون بأنه من أفضل الأفلام التي تحدثت عن النكبة، واستخدمه مؤرخون كمصدر شفهي للتاريخ. في عام 2020، طُلب مني كتابة فصل في كتاب "An Oral History of the Palestinian Nakba"، الذي ستصدر منه قريبًا نسخة باللغة العربية.
كما أريد أن أنهي النسخة العربية من فيلم "لا تبكِ"، وأود أن أنشره باللغة العربيّة، وأحاول حاليًا تمويل فيلم قصير باسم "عانقيني قبل أن تذهبي".
أخطط لكتابة سيناريو فيلم روائي طويل باسم "ألوان الطفولة"، يتحدث عن النكبة في عيلبون من منظور صبي يبلغ 10 سنوات، وهي في الواقع قصة طفولة والدي الراحل.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.