}

شيخة حليوى: الكتابةُ نافذة تطلّ على الحياة

مليحة مسلماني 4 يوليه 2023
حوارات شيخة حليوى: الكتابةُ نافذة تطلّ على الحياة
شيخة حليوى

شيخة حسين حليوى قاصّة وشاعرة فلسطينية تقيم في يافا المحتلة. ولدت في قرية "ذيل العِرج" البدويّة على سفوح جبل الكرمل قرب حيفا. حاصلة على درجة الماجستير في اللغة العربيّة والتربية بدرجة تفوّق، وتعمل في مجال الإرشاد والمرافقة التعليميّة والتنظيميّة لمديري/ ات المدارس، وفي تطوير المناهج المُعدّة للمديرين والمعلّمين. كما تحاضر في "جامعة بئر السبع"، وتعمل على رسالة الدكتوراة في الجامعة نفسها. تكتب القصّة القصيرة والشّعر منذ عام 2012؛ صدرت لها باللغة العربيّة مجموعات قصصية عدة، من بينها "سيّدات العتمة"، و"خارج الفصول تعلّمتُ الطّيران"، و"النوافذ كتب رديئة"، إضافة إلى مجموعة شعرية صدرت أخيرًا بعنوان "الهوّة التي هي أنا". حازت على جائزة المُلتقى للقصّة القصيرة في الكويت في دورتها الرّابعة عام 2019 عن مجموعتها "الطلبيّة C345"، ورأت لجنة التحكيم في بيانها أنّ قصص شيخة "تتميّز بتعدّد حبكاتها، وطَرْقها لقضايا وموضوعات إنسانيّة وفلسفيّة عابرة للثيمات، بلغة واضحة ودلالات موحية وغنى بالتقنيات السرديّة الّتي تمرق بتوقّع القارئ عبر الالتباس والتمويه، مستأثرة باهتمامهِ وفضولهِ، ونقلهِ إلى وعيٍ مُختلف لإدراك الصّيغ والمقاصد الدلاليّة للقصّة". كما حازت على جائزة الإبداع من مجمع اللغة العربيّة لعام 2022. حول البدايات في الكتابة، وتعدّد الهويات في أعمالها الأدبية، والحضور الأنثويّ والبدويّ فيها، وحول تصنيف الأدب الذي تكتبه المرأة، وترجمة الأدب ومواضيع أخرى، كان هذا الحوار.



(*) نبدأ مع بدايات الكتابة لديك، التي تدفّقت قصصًا وشعرًا خلال السنوات العشر الأخيرة، لتدخل شيخة حليوى عالم الكتابة بعد سن الأربعين، سنّ النضج. لعلّ ذلك ينبئ عن جوهرٍ، أو قلقٍ معرفيّ، أو أزمة، أو أزمات دفينة أبت إلا أن تندفع إلى النور.
لم أحلم يومًا أن أكون كاتبة. لم تكن ضمن مخطّطاتي، أو أحلامي، الّتي ضيّعتُ كثيرًا منها في الطريق إلى الأربعين وما تلاها. لنقل إنّ بداية الكتابة عندي لم تَكن مدفوعة برغبة في الصّفة نفسها: كاتبة، بل لأنّني اكتشفتُ قدرة النصّ على محاورتي، على الاختلاء الحميميّ بيني وبين نفسي، على تشريح الذّاكرة بمبضع التّرجمة، ترجمة الصّمت إلى الحكي/ الكتابة. أوّل نصّ قصصيّ كتبتهُ كان "حيفا اغتالت جديلتي". وكما يُشير العنوان الشّفّاف إلى الذّاتيّة والمُحاسبة، كنتُ كلّما قرأتُ القصّة لنفسي، أو لغيري، تخنق الدموع صوتي في موقفٍ مُحرجٍ وساذج. وكان السّؤال كيف تُبكيني قصّة أنا كتبتها؟ أيّ جُرحٍ فتقت الكتابة فعاد ينزفُ؟ وتوالت الكتابة نازفة أحيانًا، وعلاجًا أحيانًا أخرى. انقدتُ وراء الكِتابة من دونَ توقّف لأكثر من ثلاثة أعوام، منذ 2012 وحتّى 2015! قصص ونصوص شعريّة تتدفّق يوميًّا، أنشرها على صفحتي في "فيسبوك"، وفي بعض المواقع الأدبيّة. كانت كلّها تقريبًا تأتي من ماضٍ يبدو سحيقًا وبعيدًا، تأتي بقعة ضوء واضحة جدًّا وكلّ ما حولها غائبٌ لا حيلة لاسترجاعهِ. ما أقصدهُ أنّ فعل الكتابة صار يفرضُ نفسهُ كما الطعام والشّراب والنّوم، تولّدت بيني وبينها علاقة عجيبة، علاقة المُقبل على الموت والنّافذة الّتي تطلُّ على الحياة. رحتُ أتمسّك بأطراف الخيوط الّتي تأتي بها الذّاكرة، الذّاكرة البدويّة المُغيّبة عمدًا، أعيدُ لها كرامتها من خلال الكتابة، أو ربّما كنتُ أتمسّحُ بها حتّى تجود بالكثير.
أقول، ولستُ متأكّدة من ذلك، إنّ الكتابة بدأت معي كفعل انتقام من كلّ ظلمٍ تعرضتُ له، فارتدّت عليّ لتنتقم منّي بقلقٍ لا ينتهي.

(*) من يقرأ لشيخة يعثر في عوالمها الشعرية والقصصية، على تعدّد الهويات وتداخلها؛ فهنالك المحلي الصغير ـ البدويّة، ثم الأوسع، وهو الوطن بتناقضات الحياة فيه تحت الاحتلال، ثم الوجودي الكوني بأسئلته وقلقه، إضافة إلى الهوية الأنثوية الحاضرة بقوة بين كل هذا وذاك؛ كيف ترسمين حدود هويتك ككاتبة بين كل هذا التداخل، وهل الكتابة سعيٌ لرأب الشقوق التي تصيب الهوية على تعدّد مستوياتها؟
الكتابة تفكيك لكلّ هذه الهويّات، ثمّ إعادة تشكيلها مرّة أخرى، ثمّ تفكيكها وتشكيلها مرّات ومرّات بالمكوّنات الأولى نفسها، مثل لعبةٍ مُسليّة إمكانيات اللعب فيها كثيرة، وأحيانًا غير مُحدّدة مُسبقًا. هذا ما أفعلهُ في الكتابة، وما تُتيحهُ هي لي. وكما تكون اللعبة في البداية عبارة عن اكتشاف وتعلّم، ثمّ تصيرُ بعدها إلى مهارة التمكّن والإبداع، تلعب في البداية ضمن قوانين واضحة، ثمّ تخترقها إلى عوالمكَ، أسلوبكَ، مغامرتك وقوانينكَ أنت. هكذا كانت الكتابة، وهكذا وما زالت بالنسبة لي.




من جانب آخر، لا أريد للهويّة أن تقيّدني في الكتابة، ولا أن تفرضَ عليّ الانغلاق على نفسي، وعلى العين الّتي أرى العالم من خلالها. الهويّة، مهما كان تصنيفها، مطبٌّ يَسهل الوقوع فيهِ، فتصيرُ الكتابة خطابًا أكثر من كونها خَلْقًا. الكتابة خارج الهُويّات هي هويّة الكتابة الأولى، لا يعني ذلك أنّ تأويل النّص (كلّ نصّ وأيّ نصّ) لا يتمّ ضمن خانة الهويّة وبالاعتماد عليها، ولا يعني ذلكَ أنّني كإنسانة تكتب لا أخضعُ أحيانًا لتعريف نفسي ضمن خانة الهُويّة مُقابل "الآخر"، خاصّة إذا كان ذلك الآخر لا يقبل وجودي، أو يسعى إلى طمس هويّتي وقولبتها ضمن أهوائهِ ومعاييرهِ: الرّجل، المُحتلّ، الغرب، الطبقيّة، العُمر،... إلخ.
أظنّ، أيضًا، أن السعي إلى البحث عن هويّة محدّدة وواضحة، في مساحة التناقضات الّتي عشتها وما زلت ـ كالبداوة والمدنيّة، والعربيّ الفلسطينيّ والصهيونيّ المُحتلّ، والمرأة والرّجل، وغيرها ـ أوصلني، أي هذا السعي، إلى الكتابة؛ ليس باعتبارها حلًّا، بل باعتبارها أداة ذاتيّة تسمح بالغوص عميقًا في كلّ الهويّات وتقمّصها، وبإلغائها والتحليق خارجها. الكتابة هويّة متأخّرة أعرف أنّها ستطغى على كلّ ما سواها، أو أقلّه تحتويه.

(*) تعتزّين ببدويّتك. ذلك جليّ في سطور كتبك التي تحكي للقارئ أزمات هذه الهوية وجمالياتها، والتي بقيت مهمّشةً في مجتمعاتنا، وأسيرةَ صورٍ نمطية، تسعين إلى تحريرها عبر ما تكتبين؛ كيف أثرت هذه "البدوية"، ذاكرةً وثقافةً وصورًا، في صياغة هويتك الأدبية؟
اللهجة البدويّة، بكلّ ما تحملهُ من شجن وجماليات، في مرثياتها وأغاني أعراسها واجتماعات الكبار تحت شجرة البلوط، هي الّتي صقلت لغتي العربيّة منذ الصّغر، واللغةَ الّتي صارت لاحقًا لعبتي المُفضّلة، في عملي السّابق كمدرّسة في ثانويّة تراسنطا، مطوّرةً لبرامج تعليميّة ومحاضرة للمعلّمين والمعلّمات.
أقول اللهجة أوّلًا، لأنّها ظلّت، بعد اغترابي عن قرية ذيل العرج المُدمّرة، إلى يافا، ظلّت كلامي المحبوس إلاّ مع أهلي وأقاربي، كانت حبل السُّرة الّذي لم ينقطع وأخفيهِ عن العيون لحين يتقن لساني لهجة المدينة. لا أنكر أنّ الصّور النمطيّة عن البدويّ والبداوة، في مدن مثل حيفا ويافا، كانت غير مُشجّعة لفتاة في مثل عمري، وفي أحيانٍ كثيرة كانت مُهينة أيضًا وجارحة. وكفتاة مسكونة بالقبول والتميّز، كان من الصّعب أن أعتزّ بأصولي.
تزامن اكتشاف كنوز البداوة مع بداية الكتابة، فجاءت القصص الأولى في مجموعة "سيّدات العتمة" عودةً إلى قريتي وإلى طفولتي ومراهقتي فيها. البداوة الّتي اجتهدتُ في إخفائها والتنكّر لها عدتُ إليها مشتاقة، نادمةً وناضجة. وقد تكون ردود أفعال القرّاء شجّعتني أكثر على الكتابة من هذا المكان. كما أنّ التهميش الّذي طاول البدو في فلسطين طاول أيضًا الكتابة الأدبيّة، فكأنّ قصصي ونصوصي سدّت فراغًا ما، وصحّحت غبنًا ما. ولا يخفى على البعض أنّ الكتابة الأقلّويّة يفتتنُ بها "الآخر"، ويجد بها سحرًا خاصّا لمجرّد أنّها تأتي من مكانٍ يجهله.


(*) الأنثى سيدة نصوصك وقصائدك؛ تتعدد صورها وأحوالها بين حرةٍ وأسيرةِ أفكار وصور نمطية، وطفلةٍ وشابة ومسنّة، وقويةٍ وضحية وغيرها. كيف تنظرين إلى محاولات تصنيف الأدب الذي تكتبه المرأة في عالمنا العربي، في ظل الاصطلاحات العديدة، وتداخل هذه الاصطلاحات، التي تُنسب إليه: مثل: "الأدب النسوي"، و"الأدب النسائي"،، و"أدب المرأة"، و"الأنثوي"، وغيرها؟ وفي رأيك، هل يلائم ما تكتبين أيًّا من هذه التصنيفات؟

أظنّ أنّ العالم يتّجه منذ زمن إلى الخروج عن كلّ هذه التّصنيفات، وأنا من دون تخطيط لا أكتب حسب هذه التصنيفات (كما ذكرتُ سابقًا في سؤال الهُويّة)؛ فمجموعة "الطلبيّة C345" جاءت في معظمها على لسان أبطال ذكور. وقصص كثيرة أخرى جاءت على لسان الحيوان والجماد. المجموعة الأخيرة "أمهليني صيفًا آخر" شخوصها معظمهنّ من النساء في حالات تتوزّع بين القوّة والضّعف والاختلاف والنمطيّة. قد يستفزّني الضّعف والتهميش في كلّ صوره، فأكتب عنهُ وفيهِ، بما في ذلك تهميش المرأة. غير أنّ الكتابة عن المرأة، وللمرأة فقط، هي محاولة لدفع الكتابة نحو الهشاشة والضّعف، أو تصنيفها في خانة ليَسهل رجمها والتقليل من شأنها.

(*) بين كتابة كل من القصة والشعر فروق أسلوبية شاسعة؛ ففي حين يتطلب السرد الاهتمام بالتفاصيل والشخوص وعناصر مثل التشويق والحبكة وغيرها، يلزم الشعرَ الاختزالُ والثراء اللغوي والإيقاع وعمق الرؤى المعرفية، وفي الوقت ذاته لا شك في أن الكتابة في كل عالم منهما تثري الكتابةَ في العالم الآخر، حدثينا عن صعوبة، وربما متعة، التنقّل بين العالمين، ونقاط تقاطع واختلاف الكتابة في كل منهما؟
لم تشغلني هذه الفروق في البداية، ونادرًا ما التفتُّ إليها في فيض الكتابة الأوّل. ربّما كانت موجودة في اللاوعي، تشذّب بعض الكتابات، ولكنّني عمومًا كنتُ أترك النصّ على سجيّتهِ، فتأتي القصّة بلغة شاعريّة، ويأتي النصّ الشّعري بنَفَسٍ سرديّ. كان الأمر مُمتعًا، ثمّ حينَ بدأت تصلني أصداء فعل القراءة، صار الانتقال السلس بينهما متعبًا ومُعقّدًا. هذه "القراءة" الّتي أحاول تحييدها الآن وأنا أكتبُ خاصّة النصوص الشّعريّة ولا أنجحُ كثيرًا. صرتُ أتابع النّصوص الشّعريّة الّتي أكتبها بعين الحدود الفاصلة بين الأنواع، ما أبعدني عن الشّعر كثيرًا فصرتُ نادرًا ما أكتبهُ إلاّ كحالة عابرة.




اكتشفتُ مؤخّرًا أنّ الابتعاد عن الشّعر كان ابتعادًا وهميًّا، فإنّ عوالم القصّة، العوالم المُدهشة الّتي أسكبُ فيها ما أريد من دون حواجز، استوعبتْ النَفسَ الشّعريّ الّذي حسبتهُ غابَ مع التصنيفات أعلاه.

(*) تُرجمت بعض أعمالك إلى لغات عدة من بينها العبرية. حدثينا أولًا عن أهمية الترجمة للثقافة والأدب الفلسطينييْن والعربييْن وإشكالياتها. وثانيًا: ما هي محفّزات ترجمة أعمالك إلى العبرية؟ ماذا يمكن أن تضيف الترجمة إلى العبرية، إلى كاتبة فلسطينية تقيم في داخل الكيان الصهيوني، وإلى الأدب الفلسطيني بعامّة، وفي الداخل المحتل، والفلسطيني بخاصة؟
رافق صدور ترجمة كتابي الأوّل للغة العبريّة جدلٌ كبير، وهو أمرٌ صحيّ وشرعيّ، لكن أن يكون على صفحات فيسبوك، ويرافقهُ تخوين و"فرد عضلات" فهذا منبعهُ كثير من الجهل، وبعض الحقد، وكسب نقاط الوطنيّة على حسابي. لمن لا يعرف، ويتكاسل أن يعرف، نحنُ، كأقليّة فلسطينيّة تعيش هنا، أصبحت اللغة العبريّة جزءًا من تعاملاتنا اليوميّة لا يُستهان بهِ، في التعليم، والعمل، والدوائر الحكوميّة (أنا شخصيّا درستُ العبريّة في الجامعة، وجزء كبير من عملي في المؤسسات المختلفة يعتمد عليها). هذه حقيقة، وهذا أوّلًا، ثانيًا ماذا يعني السؤال أن تضيف التّرجمة للعبريّة لي؟ لا أنتظر أن تضيف لي شيئًا، لا أبحثُ عن مجدٍ ولا اعتراف ولا عن قبول! أتعامل معها كما أتعامل مع التّرجمة لأيّ لغة أخرى، وربّما أملك القدرة على مراجعة التّرجمة، ومراجعة التّحرير في اللغة العبريّة، وهذا ما لا أملكهُ في لغاتٍ ثانية.
كمّا أنّني أملك اختيار المُترجم/ة، واخترت مترجمتين معروفتين بمواقفهما اليساريّة الراديكاليّة المناهضة للاحتلال، والّتي تتجاوز فعل التّرجمة إلى العمل الميدانيّ في الضّفة الغربية وفي الدّاخل الفلسطينيّ (إيلانا همرمان، وراحيل بيرتس). حين سألني أحد المحاورين الإسرائيليين في برنامج إذاعي عن محفّز التّرجمة إلى العبريّة (أنا من ترجمتُ كتابين للعبريّة، وحرّرناهما معًا: راحيل بيرتس وأنا) أجبتهُ إنّها رغبة قديمة في اختراق التعالي الأدبيّ الإسرائيليّ، التّعالي الّذي يرافق فعل القراءة لكلّ نتاج أدبيّ عربيّ، أو فلسطينيّ، التّعالي المرضيّ الّذي رافق طفولتنا ومراهقتنا، شبابٌ صهاينة كانوا يمنعوننا من الجلوس على مقاعد الحافلة المُتّجهة إلى حيفا. نعم، لا أنتظرُ اعترافًا منهم، فأنا وغيري موجودون وسنظلّ، ولكن الاعتقاد بأنّ أدبنا لا يستحقُّ الترجمة إلى العبريّة هو اعتقاد مُتعالٍ، والادّعاء المُقابل أنّ الترجمة إلى العبريّة هي فعلُ تطبيع هو ادّعاء سطحيّ. لا رسالة أسمى مِن رسالة أخرى! رسالة الأدب واحدة في كلّ مكان، ليست رسالة محبّة أو تودّد أو تذلّل (في حالتنا) بل رسالة وجود وبقاء، التّرجمة هنا هي واحدة من وجوه البقاء، مثل دراسة الطبّ، أو المحاماة، أو أيّ مهنة أخرى، وممارستها في قلب معاقل الصهيونيّة.
وعلى ذكر التّرجمة، قريبًا يصدر كتابي الأوّل بالإنكليزيّة "كالنّجوم يسقطنَ منَ السّماء".

(*) حصلتِ على جائزة "الملتقى للقصة القصيرة العربية" عن مجموعتك القصصية "الطلبية C345". لا شك في أن الحصول على جائزة هو بمثابة حصول على اعتراف وتقدير يحفّزان الكاتبة لتسير قدمًا في مسيرتها الأدبية، ولعلها تخلق في الوقت ذاته تحديات داخلية لديها، من بينها شعور أكبر بالمسؤولية تجاه ما تقدم، والسعي إلى تقديم نصوص على درجة كبيرة من القوة والجمالية؛ ماذا تعني الجائزة بالنسبة إلى الكاتب/ الكاتبة؟ وماذا يمكن أن يتولد عنها من تحديات؟
اختصرتِ عليّ الإجابة من خلال جزء كبير من السّؤال، فالجائزة اعتراف وتقدير وتحفيز وتحديات وشعور بالمسؤوليّة، وأحيانًا تعني الرّهبة الكبيرة من كلّ عمل أدبيّ قادم. وهي محطّة أدبيّة مهمّة في حياة أيّ مُبدع، ولحظة يتمنّاها كثيرون. غير أنّ الوقت يفعلُ فعلهُ، ولا يتوقّف عند تلك اللحظات، فتُحفظ في خانة الذكريات الجميلة فحسب، وفي بندٍ مُلحق في السّيرة الذاتيّة. الكتابة إن ظلّت معلّقة بجائزة مهما كانت أهمّيّتها، فلن تخرجَ من حائطها أبدًا.

(*) هل للقارئ أن يتوقع روايةً قريبًا بقلم شيخة حليوى؟
لا أملكُ إجابة قاطعة على هذا السؤال، كما لا أجزم بأني قد أكتب قريبًا رواية. اعتقدت من قبل أنّ كتابة الرّواية أكبر من قدراتي الّتي سخّرتها في كتابة القصّة، رغم الادّعاء السائد بأنّ القصّة تعدُّ من أكثر الأنواع الأدبيّة صعوبة لما تحملهُ من تكثيف واختزال، لكنّي ومن خلال محاولاتي الكثيرة في كتابة الرّواية (أملكُ مخطوطات أوّلية لأكثر من واحدة) اكتشفتُ أنّ العائق الأساسي أمامي هو التفرّغ للكتابة، وليس الانقطاع والعودة، وهكذا. لا أملك هذه الرفاهيّة حاليًّا، إذ أني أعمل في أكثر من وظيفة متطلِّبة، إلاّ إذا وجدتُ طريقة أتغلّب فيها على الانقطاع المتكرّر عن كتابة الرّواية. معوّق آخر هو العادة، عادةُ كتابة القصّة والتطوّر من خلالها، ما أعنيهِ أنّها تطاردني بنَفَسِها وانسيابها وأنا أفكّر في الرّواية. أملكُ أكثر من مشروعٍ روائيّ، أهمّها رواية تعيد الحياة لقريتي البدويّة مسلوبة الاعتراف "ذيل العِرج"، الّتي محتها سلطة الاحتلال عن وجه الأرض عام 1990.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.