}

كلماتٌ بثياب الزلازل

أسعد الجبوري أسعد الجبوري 20 فبراير 2023
شعر كلماتٌ بثياب الزلازل
(محمود فهمي)

(صفر)

خارج الأضلاع.../
كان قلبكِ في تلك الليلة يرتجفُ خارج النومِ.
فجأةً...
يجفُّ الدمُ في خرسانة اللحم.
تحتضرُ خطوطُ اللغةِ بالهاتف النقّال.
وما بين مَدّ الأرضِ وجَزر المباني،
تنتهي مفاوضاتُ الدقيقة الواحدة.
هكذا.../
عادَ خُبراءُ الموتِ بمعاطفَ الجُوخ الإنكليزي للسمواتِ مقدمينَ للآلهة التقاريرَ
مرفقةً بالتصاويرَ عن حدائقَ الأرواح تحت الأنقاض.
وهكذا.../
يصمتُ الذَهبُ وتسكتُ الفضةُ في غيبوبة
الزمن.
فكيفَ لي يا حبيّ.../
أن أرفعَ سُورَ الصين عن جسدك،
وكلّ أصابعي من خَشَب.


1

أنا خزانةُ الذكريات في غرفتي الباردة.
كلما فتحتْ الرّيحُ أبوابَها ليلًا،
أرى ثيابَكَ مُنغَمسةً بالدمع حتى الفيضان.
أنا الوحيدةُ في المشهدِ العَدمي.
وأيضًا.../
فأنا المَهجورةُ كآلةِ تصويرٍ في الزاوية الميتةِ من سينما الآلام العظيمة.
لا أملَ بحرقِ الخزانة لأستريحَ من التصاوير والأسماء والحوادث والسرير التكتيكي اللعين لشّهواتٍ لا تَبصرُها بالعين المجردّة إلا ذئاب النصوص
وجيوش النَّحْلِ الجَرّارَة.
الآن.../
أي إِصْبَعٍ يلتقطُ صورةً لأسى الحبّ في عنابرَ
الحيوانات بسفينةِ نوح.
ليلُ القصيدةِ لا يشيخُ...
مثلهُ ترابُ وجهي الوطني المُتَدَرِّجِ على مقياس
ريختر.


2

من الشرق إلى الغرب،
كان حبلُ الغسيل طويلًا...
ترفرفُ عليهِ جثامينُ الشعراء والجُملُ العصبيةُ المُبللةُ
بالأنهر واللغات والغيوم وروائح الغرف العميقة
تحت التراب.
الريحُ تهذي بكأس الغريق.
والأرواحُ جنونٌ مختومٌ بالشمعِ الأحمر.


3

بعدَ تَفَتَّح الزُّجَاجُاتِ بالرأس.../
الأرضُ حانةٌ تضيقُ.
ومِنْ ثَمَّ،
لا كأسَ كالسّكران يا صباح فخري.


4

قطعةٌ من هذا الليل
والبقيةُ منفى.
قطعةٌ من هذا الصمت
والبقيةُ كلامٌ مكفوفٌ.
قطعةٌ من هذا الغرام
والبقيةُ نساءاتٌ في فصلِ الإيروتومانيا.
قطعةٌ من هذا النبيذ
والبقيةُ للعلاجِ من حمولةِ سور الصين.
قطعةٌ منكَ للرّيح
وأخرى لذكرياتٍ شبيهة بزرافاتٍ مَحْشورةٍ
تحت سقفٍ وَاطِئ،
كلما استعادت حدثًا يُصابُ رأسُها
بنزيف.
قطعةٌ تقفُ مثل عبارةٍ تالِفة.
وقطعةٌ تمشي تحت المطر كمفردةٍ
بالشورت..
فيما أنتَ ظلالُ الكأسِ هنا واللمبةُ المكسورة
في حانةِ هناك.


5

أنا وردتُكَ الطائشةُ،
فاحملني بين يديكَ قبل جاذبية الأرض.
احملني لينبتَ فوق رأسي القمرُ
مُطرزًا بالليلِ
ولأراهُ خارجًا للتو من بيت خيّاطة النجوم.
وإلا.../
كيف أنجو من وسادةِ الذكريات،
ونومي قطيعُ زرافاتٍ تائهةٍ تحت جمجمةِ
ما يُسمى بالرأس.


6

كدتُ أصلُ مع وردتي إليكِ مُبكرًا،
لكن قدمي علّقتْ بقُضْبان حديد الأنقاض.
وهكذا.../
نِمتُ شهيدًا في حديقة الحبّ مع دمعتي
المَكْسُورة.


7

الحبُ ليومٍ واحدٍ.../
هكذا هو الآن كدمعةٍ حمراء على خريطة الزمن،
وللذكرياتِ فقط.
فقمْ من تختكَ يا مسيو فالنتاين.
هاتْ باقةَ البلاستيك.
وجيدًا،
تَذكرْ الدبدوبَ في غرفة العناية المركزّة.


8

كان يمكن أن يفككّ أزرارَ قميصهِ
في هذا الليل.
وكان يمكن أن تسقطَ من صدرهِ شمسٌ
بالِغةُ القِدم.
لكن الآلهة أجلّت الشروقَ في قطب الشمال،
تاركةً القميصَ نسخةً قماشٍ متجلّدةٍ من اللامعنى.
وملقيةً أفكارَهُ أصابعَ طباشير على كيبورد.
أيضًا..
كان يمكن أن يطلَ من النافذة،
ويرى في صوتِ المغنيةِ قطارًا متعثرًا
بين التلال البيضاء.
أو كان يمكنُ أن يحكي مع الدبّبة عن مختارات
الأنفلونزا.
كان يمكنُ...
كان يمكنُ...
لولا ذلك السبات العظيم.


9

ما أن تمرّ من هنا...
ما أن تمرّ من هناك قاطعةً بحيرة الذاكرة...
ما أن تمرّ بين تلال الرسائل،
ويشمُ الحاكي رائحتها الساطعة كالفلورنس،
حتى تدّبَ الحرارةُ بالأسطوانة،
ويأخذ الصوتُ بالزحفِ ارتفاعًا إلى سقفِ
الأغنية.
كل ما يدعو إلى النَّشِيج،
كان يملأ الصدرِ بقطعِ غيار الحب.
ثم تأتي اللغةُ بتَعَازِي المُغرَمين.


10

أكتبُ إليكَ يا صديقي ناظم مهنا
يا حارسَ الجيولوجيات البشرية الصِّنْدِيد
....................................
................
بعد يوم الأرض الأول.
سيقرأ الترابُ صفحاتك يا ناظم.
ومثلما استخدمَ الموتُ بطولاته بالخطف،
مثلما نحن على باب الله بالتعازي،
مُثقلين بالدمع ومغتسلين بالنحيب.
لأجل أية فكرة نصعدُ السماء بمراكبنا
ونتمرّن هناك.
الآلهةُ...
مشغولةٌ بتعبئة الدفاتر برسوم الرمال
المُتحركة.
والأنفسُ بحيراتٌ دون أغلفةٍ،
ومن مياهها للنساءات وسائدٌ تفيضُ.
هل كنتَ قطار لحم بلا هدف.
وضائعًا كنجمةٍ بين الأفلاك مع غبار الحرب
ودمع الأوبرا.
الموتُ يرفضُ الاعترافَ بالخَلق.
هم تيه كما يقول...
وإلى الأبد.
فيما الأحلامُ قطعانُ كَشّافة على تخوم
الغابات.
وما من محركات للأجنة المحترقة.
ها أنت تحفرْ برزخًا نحو السموات وتصعد...
لمْ تُفضل المصْعد الكهربائي.
صعدتَ حاملًا حقولًا من الملح والنبيذ والضباب
وأطنانًا من رائحة الثعالب.
يا للربّ.
كأن كلّ فكرة تمضي عكس محطة الوقود.
ونحن إلى أين سنتبعك.
في المرأة أم في التقويم؟
في الحطب أم على طريق ملكة النحل؟؟
في أرومة الأيديولوجيات، أم في دهاليز الزلازل؟؟؟
بأعيرة الرصاصِ الضآلة باللُحوم،
أم بحبرِ مكتبةِ الرأسِ المُسجى على طاولةِ
القمار.
نَمْ يا ناظم مهنا
فقد رَتبتْ إليك الآلهةُ سريرًا بطول الوعي
والقهر والحرمان واللذّة المقطوعة الجناح.
نَمْ كتابةً...
فالترابُ أعظمُ الأغلفة.
نَمْ حارسًا للعالمِ الآخر...
فوسادتكَ القمحُ يا رأسَ الملاكِ السوريّ
ويا حشرجةَ قلبِ العندليب.

قصائد اخرى للشاعر

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.