دون كيشوت: كيف ننتهي من هذا الحرث الذي نحن فيه يا سانشو؟
سانشو: ومتى كان لنا من الأراضي ترابًا لنحرث فيه ونزرع؟
دون كيشوت: لم أقصد تراب الأرض أيها الأحمق، فما أفكر فيه هو تراب النسوان.
سانشو: ومتى كانت المرأة ترابًا يا سيدي الدون وهي التي تلد وتطبخ وتربي وتنظفُ وتفرشُ جسدها لإطفاء الحرائق؟
دون كيشوت: اللعنة عليك يا سانشو، فكلما أردتُ أنا الابتعاد عن الشّهوات، سرعان ما أوقعتني بها.
سانشو: وهل تظنُ أن الشّهوات من المعاصي، لتزجر تفكر عقلي فيما لو ذهب إلى هناك؟
دون كيشوت: أنا أتحدث عن يوم المرأة العالمي، فيما تبحث أنت عن شهوات في المعاجم والقواميس يا سانشو!
سانشو: لا تخف. سأفعل للمرأة شيئًا يا سيدي الدون.
دون كيشوت: ذلك ما كنت أتوسمه بك يا سانشو. فما أشبه يوم المرأة بيوم القيامة.
سانشو: ربما تكون قد نطقتَ صحيحًا، إلا أنني لم أرَ فيها إلا جنةً تملؤها النجوم وزجاجات النبيذ والأفئدة المشغوفة بالسماد العاطفي.
دون كيشوت: وماذا عن نصوص الشعر والروايات والقصص التي لم تأتِ على ذكرها يا سانشو؟
سانشو: تلك هي أساطير النساء التي لا يجوز الحكي عنها علنًا يا سيد الدون.
دون كيشوت: عليك أن تعرف يا سانشو حقيقة واحدة، هي أنني لو وجدتُ في حياتي حضنَ امرأةٍ دافئةٍ، لما اخترت خوض كلّ حروب الطواحين والنوم في الخنادق الباردة العقيمة المليئة بالثعابين والجرذان والأحجار والقناني الفارغة.
سانشو: تعني ان المرأة خط بارليف أو ماجينو أو خط موريس يحول ما بين الحياة والموت يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: أجل يا سانشو. فقد تصبح المرأة خطًا من خطوط الدفاع ما بين الوجود والعدم، وأحيانًا هي نفسها قد تصبح بمثابة جدار برلين ما بين اللذّة وبين الألم.
سانشو: ولمَ لمْ تبحث عن ذلك الحضن الدافئ يا سيدي الدون؟!!
دون كيشوت: لم أفكر بذلك إلا مؤخرًا. فعندما قررتُ ترك هذا الرمح الصدئ واستبداله بالمنديل الحريري للرومانسية، سرعان ما اكتشفت أن حصاني أخذ مكانهُ بحضن مهرةٍ دافئةً روحًا ورَحمًا، فغادر حرب الطواحين تاركًا صاحبهُ أشبهَ بجثةٍ بين الأطلال .
سانشو: وهل ترككَ حصانُكَ دون اعتذار؟!!
دون كيشوت: لا. أرسل لي على الواتساب الذهبي رسالةً قال لي فيها: الحربُ هويةُ الموتى...
تحميل المقال التالي...