}

فن "التسطير" بقصيدة النثر.. بين الموروث الشعري والإيقاعات المعاصرة

محمود أبو حامد محمود أبو حامد 18 مايو 2022



بالعودة إلى الشعر العمودي وجاهزية وصرامة بحوره وأوزانه، سنجد أن ثمة انفلاتات ومحاولات للخروج على قوالبه، واشتراط التطابق بين الوزن والتّركيب في بنائه، ولعلّ البدايات كانت بإزالة الحاجز الجزئي الذي يقوم بين الشطرين، وهو ما أطلق عليه "الإدماج" الذي يؤدي إلى اتصال الشطرين في مستوى التركيب والصوت والخطّ، وعدم حدوث ما يسمى بوقفة القاسمة.. فاعتبره البعض من عيوب ائتلاف الوزن والتركيب، ورأى آخرون جوازه في الأعاريض القصار كالهزج ومربوع الرّمل والبحر الخفيف وما شابه ذلك.. وصولًا إلى الموشح، والشعر الحر التفعيلي، والشعر اللهجي، المرتبط باللهجات العربية الحديثة، ومن ثم (قصيدة النثر) التي كان اسمها (الشعر المنثور) كما كتبه أمين الريحاني، أو (نثر بالشعر) كما نشرته مجلة حوار اللبنانية مع تلك البدايات.

الوزن والتركيب

رغم إطلاق صفة "الحر" عليه لكنه ظل شعرًا منظومًا يلتزم بتفعيلات محددة، وله بنيته العروضية وتشكّلاته ونظم قوافيه، ووقفاته أيضًا.. وإذا كان للبيت ذي الشطرين - دون وجود إدماج- وقفتان، واحدة في آخر الصدر وأخرى في نهاية العجز، فهل ثمة قوانين تحكم الوقفات والإيقاعات في الشعر الحرّ؟

إن الاجابة على هذا السؤال تعود بنا إلى التفاعل بين الوزن والتركيب، ففي تطابقهما بتحديد مكان الوقفة تكون الوقفة تامّة، وفي حال اكتمال الوزن ببيت معتمد في تركيبه ودلالته على ما يليه، فهذا تضمين، وعكس ذلك هو التدوير، أي يتمّ التركيب ويظلّ البيت ناقصًا من حيث الوزن، وثمة وقفة رابعة وهي في البيت الذي يتضمّن تضمينًا وتدويرًا في الآن نفسه.. وإن كان البعض يرى في ذلك خروجًا على العلاقة بين الوزن والتركيب أيضًا، لكن هذا الخروج منح الشاعر حريّة أكبر في اختيار موضع الوقفة وبناء القوافي وسمح له بدمج الأبيات دمجًا عروضيًا ساهم في تعزيز الوحدة العضوية للقصيدة.

أما ما يخص قصيدة النثر، فثمة من يعتبرها نتاج التحولات الشعرية بكل تجلياتها، ونثرًا شعريًا موسيقيًا خاليًا من الوزن والقافية، وثمة من يرى أنها تشترك في بعض الظواهر الإيقـاعية مع القصيدة العمودية والحرة.. ومن يرى أن لها خصوصيتها، وتتجلى هذه الخصوصية في تميز القصيدة المعاصرة بأنواع مختلفة من الإيقاعات والوقفات، حيث أن الإيقاع هو محصلة للعلاقات الداخلية في القصيدة وما ينتج عنها من قيم فنية وجمالية مرتبطة بالنشاط النفسي للشاعر، هذا النشاط الذي لا يبرز صوت الكلمات بل ما تحمله من معنى وشعور.. وثمة من يضع محددات ثلاثة أساسية لقصيدة النثر، تتمثل في (الإيقاع اللغوي، والإيقاع الصوتي، والإيقاع الدلالي).. وفي التفاصيل يقودنا إيقاع البياض في البنية الشعرية لقصيدة النثر إلى الوقفات التي تحدد حجم السواد والبياض فيها، والمسافات والفراغات التي يتم توزيعها على الصفحات وتحميلها دلالة إيقاعية (صوتية/صامتة) فالصوت والصمت يتحددان على المستوى الكتابي للقصيدة بالسواد رمز "الصوت" والبياض رمز "الصمت"، ويكون صمتًا مهمًا لأنه يحيط بالقصيدة.. ومع كل هذا، كيف يختلف شكل قصيدة عن أخرى، وكيف يقوم الشاعر بتوزيع "أبيات" أو تسطير نثريته؟ ألا يوجد لقصيدة النثر أي منطق يحدد شكلها؟

محمد جمال باروت - أحمد نسيم برقاوي 



مزاجية التوزيع

لو قمنا بتقصي الأعمال الشعرية المعاصرة، لوجدنا أن القصيدة تُكتب بثلاثة أشكال وما بينها، الأول الشكل الشعري الذي تُكتب به قصيدة التفعيلة، والثاني الشكل النثري المعهود، والثالث هو الشكل الذي يجمع بين الأول والثاني. وقد تتمايز القصائد فيما بينها حتى داخل الشكل الواحد، وقد تتنوع الأشكال عند الشاعر ذاته، كما في تجربة الشاعر العراقي شاكر لعيبي، ومنها قصيدته "كم" من ديوانه "الأدنى والأقصى"، التي بناها على شكل مقطع نثري سردي: "كمْ كتبنا في مَدِيْحِ قشيْشةِ الحَيَاةِ. كمْ رَفعْنا مِن شأنِ الجَّوَارحِ في الأعَالي. لكمْ سَنظلُّ نمتدِح الخيوْطَ الهَشةِ التي ترْبط العَمَى بالخرَسِ والُّلعَابَ بالجَّرَسِ...." وهكذا حتى نهاية القصيدة.

يقول الشاعر عز الدين المناصرة: إذا كانت قصيدة النثر الحقيقية هي التي تتكون من فقرات، لا أشطر على هيئة الشعر الحر التفعيلي، فما الفرق بين (قصيدة النثر) عند أنسي الحاج، و(النثر الشعري) عند جبران خليل جبران؟

ويقوده السؤال عن "الكتلة الطباعية" الموزعة إلى فقرات نثرية، أكانت هي قصيدة النثر الحقيقية أم لا؟ لكنه يشك في أن يكون "المنظر الطباعي" هو الذي يميز نوعًا شعريًا عن نوع آخر. ويؤكد جازمًا أن (الشعر المنثور) هو الفصل الأول من مفهوم (قصيدة النثر).

لكن في التجارب الجديدة، ثمة أشكال لقصائد، تدفعنا إلى طرح أسئلة إضافية: كيف يكتب الشعراء قصائدهم، كيف يفردون السواد والبياض، والصمت والصوت؟ وماذا عن الوقفات والايقاعات، أكانت خفية أم ظاهرة..؟ وما هو دور الترجمة في تحديد شكل القصيدة؟ وهل بات "التسطير" فنًا قائمًا بذاته، له طقوسه وسماته ومقوماته؟ وهل ثمة خصوصية أو مزاجية لكل شاعر في تعامله مع جمل وكلمات قصائده، حتى لو وصل السطر فيها إلى كلمة واحدة، أو حرف جر واحد؟

إذا أخذنا كل ما سبق ذكره، وأضفنا السبب الأساسي للوقفات، وهو السبب الفيزيولوجي، أي حاجة (الشاعر/المُلقي/القارئ/المستمع) إلى التنفّس، فثمة قاسم مشترك بينهم، توضحه القصائد المغناة وتُباينه الأوزان والقوافي والألحان والعُرب.. فماذا عن ايقاع قصيدة النثر إذًا؟ وإذا كانت قد ثارت على الأوزان والقوافي والشكل الخارجي، أين موسيقاها الداخلية، ومتى وكيف تتجلى إيقاعاتها الخفية والظاهرة إذا وضعنا الخصوصية والمزاجية جانبًا؟

قد نجد "أحيانًا" قصائد نثرية تم تلحينها، ولكن "غالبًا" لا أحد يمكنه إلقاء القصيدة النثرية غير صاحبها، ومع هذا لنحاول تقصّي بعض التجارب، ونبحث عن المزيد من الأسباب: فإضافة إلى ما تم ذكره سابقًا، تحتوي القصائد المميزة على الموسيقى الداخلية والنبر والتنغيم والرشاقة اللغوية والبلاغية الموحية.. التي تمنحها خصوصيتها وتساهم في بناء شكلها، وتتناغم مع تسطيرها الذي قد يعود إلى اكتمال الجمل - واكتمال الجملة الشعرية نحويًا لا يعني بالضرورة اكتمالها دلالاليًا-  وانتهاء معاني وبداية معانٍ جديدة، أو سؤال في سطر والاجابة عليه في الذي يليه.. أو قد يعود توزيع السطور إلى حركة الأفعال والأسماء والصفة والموصوف، في توالف إعرابي نحوي ما، بالإضافة إلى علامات الترقيم والبياض والتنقيط.. وغيرها.

الشاعر اللبناني وديع سعادة، الذي يعدّ من رواد قصيدة النثر، ويظهر تأثير شكل قصائده جليًا في الكثير من التجارب الشابة (تقليدًا، وسرقة، وتخاطرًا، ومحاكاة) له بدايات مميزة مع ديوانه "ليس للمساء أخوة" وخصوصية لغوية وفنية وحسية متفردة، إضافة لعمق رؤياها وكثافة مدلولات معانيها، ورشاقة موسيقاها الداخلية، وجمالية ومنطقية تقطيعها أو تسطيرها.

في هذه القرية

تُنسى أقحواناتُ المساء

مرتجفةً خلف الأبواب...

في هذه القرية.. السطر الأول جملة تفتح بوابة التساؤلات والتخمينات، ماذا ومن أو ما الذي يحدث في هذه القرية؟ تُنسى أقحوانات المساء، والفعل المبني للمجهول "تُنسى" يمنح للمتلقي فضولًا مواربًا، ويعمم حالة النسيان لتشمل الجميع.. وكيف تُنسى؟ السطر الثالث يجيب الشاعر: مرتجفةً خلف الأبواب.

وإن درجت عادة التسطير عند البعض بحرصهم على أن تكون السطور كلمات معدودة، نلاحظ أن وديع سعادة لا يأبه لهذه الحسابات، بل يفتح حوارًا مع القارئ، وحوارًا للقارئ مع نفسه، ودائمًا ثمة مقدمات وثمة نتائج واخزة.. إذ يقول: "ستخرجون بقميصٍ صارخةٍ لتقابلوا اعتزالاتكم./ في الليل أو في النهار/ ستخرجون/ وعلى حدةٍ يقابل كلُّ واحد اعتزالاتِه/ ينقّب طويلًا في مزارع الحقول/ ولا يجد كنز حياته..".

شاكر لعيبي - وديع سعادة



تباينات الرؤيا

قد نستطيع القول إن قصيدة النثر "جنس أدبي" يحتضن روح كل الأجناس.. لأن في القصيدة حكاية ومقدمة وحبكة وخاتمة، لكنها حكايات/ رؤيا، ولكل قصيدة رؤياها تبعًا لشاعرها.. وخاتمة واخزة أو مفاجئة أو مضيفة لحالات تعجز عن تكثيفها القصة، وفيها طرفة وحكمة وخاطرة أو أقصوصة لكنها أقرب إلى اللقطة، وفيها يوميات ومشهديات ومفارقات ونقلات نوعية وخلخلات لبلادة السكينة، وانزياحات لنمطية التراكيب.. لكن كل هذا يكون بأسلوب مكثف موح، وجزالة لغوية تمنح "النثر" تسميته الرفيعة، وبلاغة مبدعة تجعل من التراتب الحرفي للكلمات جرسًا موسيقيًا أخاذًا، ولسياق الجملة سلاسة ورشاقة، ولشكل القصيدة خصوصيته.. فهل رؤيا القصيدة تحدد شكلها؟

في كتابه "الحب والحرية والحياة.. تأملات فلسفية وشعرية" يخصص الدكتور أحمد نسيم برقاوي الجزء الثالث منه للشعر، مؤكدًا أن الفيلسوف الذي يسكن بيت اللغة يمنح اللغة طاقة جديدة من روح الحياة، ويحقق بها مفاهيمه العميقة ومجازاته الفلسفية، جامعًا بين الفلسفة "بجلافة دقتها" والشعر برومانسيته وعفويته وأناقته، ما يمنح لشكل القصيدة كمالها وجمالها، وتنساب سطور القصيدة رشيقة بموسيقاها وإيقاعاتها الخاصة، مكتملة الرؤيا والمعنى والمغنى.. إذ يقول: "لا، ما أنا يوسفُ يا بني أمي/ ما من طينٍ خُلقت/ من خمرٍ ومن عسل/ ومن دمعٍ ودم/ ومن جمر وندى/ ومن زهر وشوكٍ جُبٍلْتُ/ ثم قُذفْتُ في رحم البركان/ ومن رحم البركان وُلدت/ ومن رحم البركان أخذت ملامحي/ ولوّنت روحي بخضرة زيتون الجليل/ أنا الذي أهديت الإله/ زيتًا لقنديله كي يرى/ وكي يُرى"..

في السطر الأول استخدم بعد "لا" علامة ترقيم، ولم يفرد لها سطرًا خاصًا، وتابع جملته حتى اكتمالها نحويًا ودلاليًا، وفي الثاني يقول إنه لم يخلق من طين، الوقفة هنا في نهاية السطر الثاني تتجاوز كل الأسباب سابقة الذكر، لأن الجملة في السطر الثالث اختصرت بكثافتها وجزالتها (إنما خلقت) وحققت إجابة على التساؤل: مما خلقت إذًا، بالإضافة إلى المعنى الدلالي للاستنكار، وباستخدامه لحروف الإضافة يتابع سطوره ويوضح للقارئ مما خُلق.. وبعد ذلك الخلق يُقذف في رحم بركان، وينتقل للسطر الذي يليه بجملة مكتملة المعنى مستخدمًا الفعل المبنى للمجهول، نحويًا وبلاغيًا ودلاليًا، ليتابع في سطور جديدة معانيه الفلسفية الخاصة بالخلق والولادة، والفكرية والأيديولوجية، والسياسية أيضًا بوصوله إلى فلسطيني، بجلبه لزيتون الجليل.

لقد لاحظنا في التجربة السابقة أنه لا توجد أغراض أو موضوعات لقصائد لا تحتملها رؤيا ما، أو موضوعات، أكانت إيديولوجيات ثقيلة أو أفكار فلسفية جافة، لا ترتقي برؤيا وشكل ونمط أنيق لقصيدة جميلة كما العواطف والوجدانيات والتأملات واليوميات.. فلا يعني ثقل الأفكار رزانة الشكل، ولا العكس صحيحًا أيضًا، وإنما تتباين وشائج الأشكال والمضامين بتباينات تعود فعلًا لخصوصية الشاعر، وقدرته على ضبط الإيقاع اللغوي، والإيقاع الصوتي، والإيقاع الدلالي في قصيدته..

الباحث السوري محمد جمال باروت يرى أن ذلك يمكن أن يتحقق فقط في (القصيدة-الرؤيا)، لأن الوظيفة الانفعالية المرتبطة بالذات الشاعرة هي المهيمنة عليها، في حـين تـبرز في (القصيدة- اليومية) الوظيفة الإحالية أو المرجعية، وهو ما يفسح المجال للتهجين ما بين الشعر والسرد، وربما في شكل قريب من القصة القصيرة جدًا. والباحث باروت الذي يقول بإمكانية التمييز بين بنيتين أساسيتين، هما بنية القصيدة- الرؤيا، والقصيدة- اليومية، يرجع بدايات التحول من الرؤيوي إلى اليومي، أو من الكلـي إلى النثري،  إلى أجواء "مجلة شعر"، وتجربة مجموعة من الشعراء كسعدي يوسف ومحمد الماغوط وشوقي أبو شقرا.. واستمرار هذا الاتجاه في تجارب شعراء معاصرين كمنذر مصري، ونزیه أبو عفش، وریاض الصالح الحسین، وعادل محمود، وغيرهم.. فهل التفات الشعراء إلى تفاصيل متناهية الصغر في عوالم الإنسان الصغير- كما يقول باروت- فرضت (القصيدة- اليومية) وشكلها الخاص؟ وهل ثمة تباين بين شاعر وآخر من أصحاب التجربة ذاتها؟

ندى الحاج - أسامة إسبر



الحياة اليومية

في ديوان الشاعر منذر المصري "الشاي ليس بطيئًا" وكنموذج من تجربته، ثمة تقاطعات كثيرة مع مقاربات الباحث باروت، ومع التقاط المصري لليومي بخبرة طويلة، تجمع بين العبث والتهكم تارة، والطرفة والوخزة أو اللقطة، تارة أخرى.. يتداخل الخطابي مع السردي، والأنا مع الآخر، في حوارية عفوية، أو شفوي وتلقائي.. وهذه الحوارية، حسب الباروت، تجعل كل شـيء في الحياة اليومية قابلًا إلى أن يكـون شـعريًا.. يقول المصري: "أحَيِّيهِ هازِلًا :/ (هَل فعَلتَ الشَّاي؟)/ يُجيبُني وعُقبُ سيجارةٍ / لا تَدري إن كانَت مُطفأةً أَم مُشتَعِلَة/ يَلتَصِقُ عَلى شَفَتهِ السُّفلى :/ (لَم تَأتِ لِشُربِ الشَّاي/ بَل لِشُربِ الوَقت)/ ثُمَّ غامِزًا بِإحدى عَينَيه:/ (الشَّايُ لَيسَ بَطيئًا/ نَحنُ سَريعون).

في تجربة منذر الغنية، الكثير من الأبعاد الوجودية والنفسية، والفلسفية والدينية.. وفي اليوميات "العالم الصغير يحضر محملًا بالعوالم الكبيرة".. قد تقرأ تجليات الشاعر بين السطور، كثعلب بداخل مشمشة، وأسئلة الخلق الغامضة بين هدايا العشّاق اللامعة، وقد تعبر بين التفاصيل كومضة "بعدَ أن أضحكتكِ/ الآن أُبكيكِ/ كمهرجٍ /حقيقي".. ويتحقق ذلك في إدماج الشعري مع السردي، وتحول القصيدة إلى أشبه بـسردية تحكمها خاتمتها الأخيرة، بلغة الشكلانيين الروس، كما يقول الباحث باروت، وكما يحسب الدخان شاعرنا نافذة: "حينَ سَمِعتِني أَتباهى/ (لا أُريدُ أَن أَكونَ/أَفضلَ مِن أَحَد)/ك ُنتُ أُصدِّقُ أَنِّي /كَما تَقولين/ أفضَلُ الجَميع/ لأَنَّه أَينَما جلَستُ/ عَلى يَمينِكِ/ أَو يَسارِكِ/ يتَّجهُ الدُّخانُ نَحوي/يَحسَبُني/نافِذَة".

لم يتحدث الباروت عن شكل (القصيدة- اليومية)، ولا عن موسيقاها، لغويًا أو ايقاعيًا.. أكان ظاهرًا أم خفيًا، لكنه اعتبر "غنائيتها البسيطة التركيب هي أقرب إلى غنائية يومية تقع في فضاء غنائية حديثة لا تفارق فيها الذات مرجعها المحقق". فهل هذا يقودنا إلى إعادة الاسئلة السابقة حول علاقة الاتجاه الجديد بشكل القصيدة النثرية والتباين في بناء تلك القصيدة بين شاعر وآخر؟

في تجربة الشاعر منذر المصري، قلما نجد ايقاعات خاصة، ولا يمكن إرجاع شكل قصائده عامة، وتوزيع سطورها خاصة، إلى أي سبب أو مقاربة، أو منطق معين.. ولا يمكن اعتبارها عبثية أو عفوية أو حتى مزاجية، وكأن الشاعر لا يأبه بكيفية قراءة قرّائه لقصائده.. فلا تدري متى وكيف ينتقل من سطر إلى آخر. وحتى الجملة التي بين قوسين قد تنشطر بين سطرين.. فلا ناظم للبياض والسواد، ولا للوقفات ولا لتوزيع الحروف والكلمات.. ونلاحظ ذلك في الكثير من قصائد الديوان: "في ذَلِكَ الخَوف/ سَمِعتُ صَوتَكِ/ فنَصَبتُ أُذُنَي/ إنَّهُ يُشبِهُ/ ما يَجِبُ/ عَلَيهِ/ أن/ يَكون/ لَحمُ/ الأُنثى..". واللافت أننا قد لا نجد هذا عند شعراء في التجربة ذاتها، ولا يتوقف التباين في تعامل الشاعر مع شكل قصيده، بل في العلاقة مع اللغة ومجازاتها، وفي العلاقة المغايرة للتفاصيل بالمستويات الأسلوبية.. فالشاعر السوري الراحل رياض الصالح الحسين تميّز بقدرته الفائقة على صنع المفارقات وتوليد الانزياحات والمفاجآت في حوارات واضحة وسلسة، ومليئة بتناقض الحياة اليومية.. كقوله: "حارٌّ كجمرة/ بسيط كالماء/ واضح كطلقة مسدَّس/ وأريد أن أحيا/ ألا يكفي هذا/ أيَّتُها الأحجار التي لا تحبُّ الموسيقى؟". في قصيدته هذه يمتلك خصوصيته في التسطير والتقطيع، وغالبًا ما يعتمد على اكتمال المعنى ليتبعه بآخر، إما مناقض أو مكمل، ليس للجملة وحسب، بل للمجاز الذي يصبو إليه.. فـ"حار كجمرة" مفردتان لكنهما معبرتان تمامًا عن المعنى الذي يريد، ليتبعهما بمعنى مناقض، بدلالات الكلمة القاموسي والاصطلاحي، "وبسيط كالماء"، ومن ثم يأتي الوضوح المغاير، إنه وضوح طلقة مسدس الذي يريد الحياة مخاطبًا الأحجار التي لا تحب الموسيقى، كخاتمة مفاجئة وغريبة.

ولا تتوقف التفاصيل عند رياض على الحوارات الشفوية، وعلاقة الأنا بالآخر، فثمة فضاءات للتأمل والتقصي، وثمة تفاصيل وجدانية وهواجس ذاتية عن الوحدة والوحشة.. وتفاصيل عن الأمكنة، فيها وصف وكنايات واستعارات.. كما في قوله: "في أنحاء الغرفة/ بعض قصائد ذابلة/ كلمات تتمدد فوق الكرسي/ وأخرى تتعلق بالمشجب/ سنبلة تهرب من بين أصابعه/ وطيور تقتحم الشفتين/ يرى عشبا ينبت في المكتبة المهملة/ ونبعا ينبثق من الحائط".

منذر مصري - عماد أحمد 



بنية ثالثة

المشهدية سمة مميزة من سمات قصيدة النثر، أكان ذلك في بناء الحكاية، أم في حركة الشخوص في الأمكنة، ووصف تفاصيلها.. كل ذلك لا يساهم في بناء رؤيا القصيدة وحسب، بل في بناء شكلها وتوزيع سطورها، وتحديد إيقاعاتها المتباينة بين شاعر وآخر.. وربما أمكننا القول إن ثمة بنية ثالثة تتقاطع أو تجمع بين البنيتين الأساسيتين، بنية (القصيدة- الرؤيا، والقصيدة- اليومية)، كما ذكر باروت، فثمة تفاصيل يومية عادية وهامشية، يتم تناولها بلغات جزلة ومجازات مغايرة.. وفيها تأمل وموسيقى وإيقاعات ظاهرة وخفية، وثمة نماذج كثيرة في الشعر المعاصر تحقق ذلك.. ومن التجارب الجديدة المميزة، تجربة الشاعر السوري حسين الضاهر الذي يشكل حالة خاصة في تعامله مع مشهدية المكان، ويتكئ في بناء شكل قصائده على حركة الشخوص فيها، وحواراته معها.. ولا تكتمل الرؤيا/ الحكاية/ اليومية عند الشاعر كي تغلق الأسئلة وتوارب الدلالات برشاقتها العفوية والتهكمية وحسب، بل إنها تأخذك إلى ما بعد المعنى، في تقصّ خفيّ عمّا وراء مجازات تأويلاتها.. ويتجلى ذلك في الكثير من قصائد ديوانه "مشاهد يتلوها البدوي"، ففي قصيدته التي يتحدث فيها عن نفسه، ككائن ضعيف، "أنا كائن ضعيف وحزين.../ أمي تعلم بالأمر/ وتتبرأ منه في جلساتها الدورية مع الجارات/ أبي يعلم بالأمر/ ويردد كل ما رآني: ثلثين الولد خاله". هو كائن يمارس حياة متكاملة كالجميع، ومتزوج وعنده أطفال.. تلتقط القصيدة ضعفه وتبلور ذلك عبر حوار الأنا مع الآخر، وتباين الآخر مع الآخر، واختلاف نظرتهم لهذا الضعيف تبعًا لعلمهم بضعفه ولعلاقتهم به وببيئتهم وظروفهم ومهنتهم ومكان تواجدهم: ".. البقال في أول الشارع يعلم/ لذلك لا يعطيني علب السجائر بالدين/ إمام المسجد يكتفي بالدعاء لي/ ... بالصلاح‎/ الأنبياء يعلمون، ويقولون:/ "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"/ سائق التاكسي يأخذ مني أجرة مضاعفة/ ويركلني في منتصف الطريق/ القصيدة العمودية تعلم/ لذلك لم تتقن كتابتي..".

سنلاحظ بوضوح أن الضاهر قد دمج الشعري مع السردي، وبنى شكل قصيدته تبعًا لمشهدية الأمكنة وحركة الشخوص فيها، وحواراتها "الشفوية"، وعلاقة الأنا بالآخر.. وعلاقة كل ذلك بالشخص الضعيف، ولكن ظل في الظل ما وراء المعنى: لماذا هو ضعيف أصلًا؟

وفي غير هذه الأمثلة أيضًا يوزع الضاهر سطور قصائده أو مقاطعها، تبعًا لإيقاعات وقفاته باكتمال المعنى لغويًا ودلاليًا، موازيًا بين السواد والبياض، والصوت والصمت، مسخرًا علامات الترقيم، والتنقيط (... بالصلاح)، كما يتكئ في تسطيره على الوقت، والزمن كاليوم والبارحة، والأرقام: نملة ثانية مشهد رابع مشهد خامس.. وهكذا.

فعل الترجمة

لا تعترف نازك الملائكة بأن قصيدة النثر من الشعر، عازية بعض أسباب ظهورها إلى الترجمة.. ويوسف الخال يتهم زملاءه في مجلة شعر بالسرقة، ويقول في حوار له: "إن الجميع أنعشوا أرواحهم الشعرية بالتحايل واللطش من وراء زجاج تلك النصوص المترجمة".. في حين يرى الدكتور شربل داغر أن تأثير الترجمة على الشعر العربي الحديث، موجود منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، ويؤكد أن "هذه التأثرات، العمدية أو العفوية، لا تذهب بطبيعة الشعر، وهي أنه بناء لغوي: بناءٌ يتشكَّلُ في لغته، ويقوم بها..".

إذا كانت الترجمة إعادة كتابة وتأويل، وتحقيق تجاور حيوي بين ألفاظها وتراكيبها.. هناك من يرى أنه باختفاء الموسيقى والبلاغة اللغوية من قصيدة النثر لا يبقى منها سوى الصورة التي إن أحسن المترجم استخدامها وتوظيفها كانت القصيدة جميلة.. حسنًا، وماذا عن شكلها؟

بالتأكيد الشكل العام لقصيدة النثر تم نقله عبر الترجمات أيضًا، وهناك تأثر نسبي بالشعر الفرنسي والانكليزي، وحديثًا بالشعر اليوناني، وخاصة بقصائد الشاعر يانيس ريتسوس.. لكن المثال العالمي الأبرز على سطوة شكل القصيدة وعدم تجاوز توزيع سطورها، هو "الهايكو" الياباني، وإن تم الخروج عن إطار التصوير الشعري، والطبيعة أحيانًا، لكن ظلت القصيدة تضم ثلاثة أبيات، وبنسق: خمسة مقاطع صوتية في البيت الأول، وسبعة مقاطع في البيت الثاني، وخمسة في البيت الثالث. وقد غير بعض الشعراء الإنكليز في عدد المقاطع الصوتية لكنهم ظلوا ملتزمين بعدد البيوت، أو السطور.

إذًا للترجمة فعل واضح في قصيدة النثر، أكان في تأسيسها أو تطويرها، أو في أشكالها ومضامينها.. وإن تباينت نسبية هذا التأثير، ففعل الترجمة بتأثيره العام يظل إيجابيًا، ويختلف بين مترجم وآخر وبين شاعر وآخر وبين ناقد وآخر، ولعلّ من التجارب الحديثة التي تجمع بين الشاعر والمترجم، والصحافي كناقد، تجربة الشاعر السوري أسامة إسبر، ومنها ديوانه الجديد "على ضفة نهر الأشياء"، وفي هذه التجربة يمكننا القول إن الشاعر يجمع بين كل أنماط قصيدة النثر: القصيدة- الرؤيا، والقصيدة- اليومية، والبنية الثالثة التي تجمعهما.. ومع أنه يحرص على اختيار مفردته، وترتيب جمله مستخدمًا الوقفات وعلامات الترقيم بدقة.. لكنه يحيّرك بتعامله مع فنيات قصائده وتوزيع سطورها وتباين لغتها وموسيقاها الداخلية..  فثمة قصائد فيها تأثر أسامة "المترجم" بالنمط الغربي، ليس ببعض موضوعاتها أو أغراضها أو عمقها وهدوئها وحسب، بل في شكل تسطيرها أيضًا.. فثمة قصائد ما بين الشعر والسرد، وثمة حكايات تحاكي الرؤيا، ونصوص أقرب الى القصة منها للقصيدة النثرية، كقصة "شجرة عيد الميلاد"، ومنها: "‎حين أدخلتُ الشجرة إلى المصعد،‎/ نقلت امرأة نظراتها بيني وبين الشجرة،/ وقالت: آه أنتما بنفس الطول!/ ثم نظرت إلى كلبها الصغير،/ الذي بدأ يشمشم حذائي،/ غير مكترث بالشجرة./ هممت أن أسألها عن شجرتها/ لكنها كانت قد وصلت إلى طابقها/ وخرجت بكتفين لامباليتين".

وثمة قصائد لا ينتبه القارئ ذاته إلى جنس النص الذي يقرأه لأن علاقته بجوهر تأمله قد يصل حد التماهي مع رؤيا القصيدة. وثمة قصائد تسبق رشاقة لغتها وصول القارئ إلى نهايتها.. وثمة حكاية تتماهى مع رؤيا القصيدة فترتقي بها لتولّد نصًا مكثفًا وموحيًا وموجعًا، كما في هذا المقطع من قصيدة "طرق الجنازات": "كان الفجر يبزغ بذعر/ كما لو أنه يصارع الغرق/ والطريق فارغًا إلا منه./ شعر أنه ظل لكائن آخر يزدريه./ كان الصيف يحصي قتلاه/ الخريف يهيئ أثقاله من الذخائر/ والشتاء يستعد كي يخيّم فوق الأنقاض./ في وحل المدن،/ حيث الدروب مغلقة بالحواجز/ والشمس تضيء طرق الجنازات.".

التجربة اللافتة حقًا والتي تستحق وقفة مطولة، لا تتسعها هذه المقالة، هي تجربة الشاعر والصحافي الفلسطيني حسام الدين محمد،  فهي إضافة لعمقها وجمالها، تمتلك فرادة في التعامل مع الترجمة، فالشاعر في ديوانه "Grave Seas" الصادر عن دار "بولويل" البريطانية، يخاطب الغرب بلغتهم، يحدثهم عن والده الذي كان بمثابة وطن.. وعن وطنه الذين كانوا من أسباب جرحه ووجعه.. يفكر بلغتهم ويكتب بطريقتهم عن الحرب وتداعياتها، عن السوريين الذين صاروا "استعارة" للجنس البشري الذي يحاول النجاة من الغرق، ومن الموت، ومن الدفن في قاع البحر.. محاولًا الإمساك بأحلام الحب والأمل لأولئك الذين يحاولون البقاء أحياء في الأزمنة المظلمة..

ويعاود الشاعر ترجمة ديوانه إلى اللغة العربية، ليصدر عن «دار المتوسط» بعنوان: «قبر في بحر». مقدمًا بذلك تجربة جديدة، ونمطًا وشكلًا خاصًا من قصيدة نثر بلغتين مختلفتين، ولكن برؤيا واحدة وشكلين متقاربين من حيث العلاقة باللغة والايقاعات والتسطير، كما نلاحظ في هذا المقطع:

نام محمد، والدي، وهو في الباص.

حاول البعض إخراجه من حلمه الخفيف،

ولأنه أبي وحسب، وليس مسيحًا، لم يعد بعد ثلاثة أيام.

كان هناك عطل إضافيّ في قدرات الركاب على بعث الموتى فلم يتمكنوا من إيقاظه.

Mohammad, my father, slept while in the bus

A passenger tried to bring him back from his light dream

Being my father only, not Jesus, he did not come back

after three days

There was an extra fault in the passenger’s abilities to resurrect

the dead so, they could not wake him up

حسين الضاهر - حسام الدين محمد 



الاقتباس وسطوة المفردة

في استمرار التقصي وفتح بوابات جديدة من الأسئلة حول التسطير في قصيدة النثر، هل يمكن للاقتباس أن ينقل شكله "بالعدوى" إلى القصيدة المتكئة عليه، أو المحاكية له؟ وماذا عن المفردة نحويًا وبلاغيًا؟ ومساهمتها في بناء شكل القصيدة وتوزيع سطورها، وتحديد وقفاتها الإيقاعية؟

لو استعرضنا اقتباسات للشاعرة اللبنانية ندى الحاج، في ديوانها "عابرُ الدّهشةِ"، من مقولات فلسفية وعرفانية صوفية، ومقطوعات شعرية، تستهل بها قصائدها، لن نجد أي تناص حرفي أو تنصيص، أو تقليد.. لتلك الاقتباسات، لكن ثمة أفكار مشتركة، وأجواء متقاربة، قد تغدو في سياقات لغوية وجمل شعرية مختلفة، وتتناغم مع تأويلات الشاعرة الخاصة.. فهل تحاكي الشكل الذي جاءت فيه تلك الأجواء أيضًا؟ في قصيدة "جذب" التي تستهلها باقتباس: "أنت، أيُّها الإنسان، أنتَ المصباحُ والفتيلةُ والمِشكاةُ والزجاجةُ" لمحيي الدين بن عربي، تقول الشاعرة: "في المنارةِ وتَد/ في الوتَدِ مِشْكاة/ في المِشكاةِ زيت/ في الزيتِ نقطةٌ تصلُني بالأكوانِ الذائبةِ فيكَ/ عرفتُ أني سأعرفُكَ/ ولمْ أعرف الصدقَ إلا في المعرفة..".

من الواضح، إضافة للمفردات، تأثير الجو العام، الصوفي والدلالي للاقتباس على قصيدة الحاج وشكلها، فالتراتب الذي تتالت فيه مفردات ابن عربي، توزعت على سطور القصيدة بجمل شعرية، تحاكي المعاني العرفانية والفلسفية المشتركة بمرجعياتهما.. وفي توالي التداخل بين المنارة والوتد والمشكاة تصل إلى النقطة الذائبة في الانسان والتي تصلها بالكون عبر المعرفة..

ولا يتوقف دور المفردة عند الشاعرة الحاج في بناء جملها الشعرية وصياغة مفاهيمها الفلسفية والصوفية وحسب، بل ثمة سطوة لبعض المفردات كمفردة "عابرُ" التي تأتي كفعل العبور أو كسفر أو كطقس.. وتتكرر متجددة في أغلب القصائد، موحيةً وبدلالات متجددة.. والعبور كاسم يتكرر، كمعنى أو كمجاز، متجددًا في الشعلة وفي الومضة والرذاذ والبرق.. وحتى النار ستعبر إلى رمادها... وعليه مفردة العبور تكتنف غالبية قصائد الديوان، وبالتالي قد تساهم في بناء شكل قصائده أيضًا.

وهناك الكثير من الأمثلة عن سطوة المفردة في تجارب شعراء قصيدة النثر، كسطوة مفردة "الطير" في ديوان "كشتبان" للشاعر الفلسطيني زكريا محمد، ومفردة "الحرب" في "آخر الجنود" للشاعر السوري بشير البكر، ومفردة "الروح" في "وجهك صار وشمًا غجريًا" للشاعرة السورية ماجدة حسان.. لكن النموذج الأدق والأوضح عن دور المفردة في بناء شكل القصيدة وتحولها إلى حجر في بركة ماء، تتوالد منها دوائر من السطور، تشكل متواليات تمنح للقصيدة شكلًا خاصًا بها، فنيًا وإيقاعيًا.. هي تجربة طبيب الأطفال الشاعر السوري عماد أحمد، عبر ديوانه الجديد "الأخضر الذي ليس شجرة"، فهذا الأخضر ماذا يمكن أن يكون؟

تتوالى الاجابات بوقفات وإيقاعات ومعان مكتملة، وبسطور رشيقة مكثفة لتحيط بكل ما يمكن. وهكذا، تتوزع قصائد الشاعر وسطورها على مفردات مثل: ماذا يريد، وبماذا يؤمن، وماذا يتمنى، وبماذا يشعر، وإلى من يحنُّ... وفي قصيدة "الولد السادس عشر" تتوزع مقاطعها وسطورها على ابن من يكون: فهو ابن ذاك الأيلول، وابن ذاك التراب، والقلب والخوف، وأبن ذلك الخطأ.. وابن تلك التفاصيل الرخوة: "أنا ابن تلك التفاصيل الرخوة/ ابن دمعتها التي لا تجف/ وأرقها الذي لا يمذرُ/ أنا ابن بطنها التي أنجبت ستة عشر رجلًا/ لم يفكروا بالصندوق/ ولكنهم ماتوا".

* كاتب فلسطيني/ سوري.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.