وتكمن أهمية الاستعارة في قدرتها على إعطاء المفاهيم العقلية بعدًا فيزيقيًا وبالمقابل تجريد الأشياء المادية ومنحها بعدًا ميتافيزيقيًا. ولقد قال أرسطو: "الحسّيّات معابر للعقليات" وبالعكس تجد العقليات تحقّقها بالحسّيّات عبر الاستعارة؛ وفي الحالتين تلعب دور الوسيط، فالصنم استعارة حسّيّة للإله، ومفهوم الخير استعارة عقلية للعطاء المادي.
وإذا أردنا أن نقارب الإعاقة كاستعارة تواجدت في الآداب علينا أن نبيّن طبيعتها الثنائية، ولا يوجد أفضل من المصطلح اليوناني (الفارماكوس) الذي يجد جذره في الكلمة اليونانية (فارماكون) التي تعني: (ترياق- سمّ)، فالشخص المعوّق يعتبر تمثيلًا للشّرّ، فهو سمّ/ شرّ، هذا من جهة، أمّا من جهة ثانية، فيعدّ المعوّق ترياقًا/ خيرًا، فعبر طرده وإقصائه بعيدًا عن المدينة أو تعذيبه أو قتله، سيؤدي إلى اضمحلال الشّرّ وزواله. لقد كانت المدن اليونانية تمتلك (فارماكوسات) جاهزة لأن يتم تمثيل الشّرّ بها في حالات الكوارث والأمراض والحروب، فيتم تقديمهم كفداء/ أضحية من أجل عودة السلام إلى المدينة، وهذه الفارماكوسات عادة ما تكون من المعوّقين وأحيانًا أخرى من الحيوانات.
ولكي نفهم أكثر موضوعة الفارماكوس، لا بدّ من استذكار مسرحية (أوديب ملكًا) لسوفوكليس. استطاع أوديب أن ينقذ مدينة طيبة من السيفنكس (وحش، بوجه أنثى، وجسم حيوان وصدر وأرجل أسد وأجنحة نسر) بعد إجابته على سؤال السيفنكس: "ما هو المخلوق الذي يمشي على أربع أرجل صباحًا، وعلى اثنتين ظهرًا، وعلى ثلاث ليلا؟" فكان جواب أوديب: الإنسان! قامت طيبة بتنصيب أوديب ملكًا عليها بعد قضائه على الوحش، وزوّجته من جوكاستا، زوجة الملك السابق الذي قُتل. بعد مدّة ضرب الطاعون طيبة بسبب زنا المحارم، كما علّل العرّاف تيريسياس! استغرب أوديب من نبوءة العرّاف، لكنّه اكتشف فيما بعد، بأنّ الرجل الذي قتله كان ملك طيبة وأباه أيضًا، أمّا جوكاستا فهي أمّه، وبناته، فهنّ أخوته من أمّه! وأمام هذا الواقع المرير، ولكي ينقذ أوديب طيبة ممّا سبّبه لها، فقأ عينيه، وبذلك تحوّل إلى أعمى/ معوّق، وأصبح فارماكوس، وما إن تم إبعاده عن طيبة حتى تلاشى مرض الطاعون. وهنا قد يرد سؤال عن أنّ إعاقة أوديب كانت لاحقة لولادته سليمًا، والفارماكوس من شروطه أن يكون المولود معوّقا، لكن معنى اسم أوديب: صاحب القدم المنتفخة، غير السوية! لقد تنبأ العرّافون لوالد أوديب، بأنّه سيولد له طفل سيكون سبب هلاكه، لذلك عندما ولِد أوديب نبذ بعيدًا في الجبال، فوجده راعٍ وتبنّاه، وتتالت الأحداث حتى أصبح ملك مدينة طيبة. إنّ السبب الذي نحا بالعرّافين إلى نبوءتهم تلك، كانت بسبب إعاقة أوديب والتي لُحظت في قدمه عند ولادته! لكنّ الآخرين لم يكن من الممكن لهم الانتباه إلى إعاقة أوديب في قدمه، لذلك كان لا بدّ من أن يفقأ عينيه، ليصبح ملحوظًا من الآخرين، وبذلك يتم تعليل الطاعون الذي ضرب طيبة، وفي الوقت نفسه، يتم التخلّص منه عبر إبعاد أوديب.
من هذا المنطلق، كانت إسبرطة، ومدينة أفلاطون الطوباوية، ومؤسّس روما رومولوس؛ قد سنّوا قوانين تنصّ على قتل الأطفال المعوّقين، والسبب في ذلك، لأنّهم كانوا يعدّونهم رسائل من الآلهة تنذر بالشرور، لذلك كانت تُعاد إلى الآلهة عبر تركهم للموت في البرية أو قتلهم، وبذلك يتم إبعادهم عن التجمع البشري وإنقاذه من الشرور والكوارث.
إنّ جوهر استعارة الإعاقة كتمثيل للشّرّ، يتبدّى في أنّه لا يمكن تمثيل الخراب الدنيوي من دون اللجوء إلى الأجساد المعوّقة، وتعليقًا على هذا التمثيل قال عالم الإعاقة الشهير بول لونجمور(1) مستنكرًا: "هل تمثل الإعاقة أي شيء آخر غير صورة سلبية؟" لكن من ناحية أخرى كانت الحاجة لتمثيل الشّرّ بالإعاقة تفرض ضرورة وجود المعوّقين ليتم طرد الشّرّ عبر إبعادهم أو قتلهم. ومن هنا كانت الإعاقة استعارة بوجهين، فمن ناحية هي سمّ، ومن ناحية أخرى هي ترياق.
العقل السليم في الجسد السليم
لماذا لم يدفع سوفوكليس أوديب إلى الانتحار أمام الفظائع التي ارتكبها، حتى يتخلّص من تأنيب الضمير؟ لا تكمن الإجابة فقط بضرورة تحوّل أوديب إلى فارماكوس، بل لا بدّ من أن يثبت تشوّه نفس/ روح أوديب. ولن يتم إدراك هذا التشوّه إلّا عبر فقأ العينين، فالمظهر الخارجي دليل على العطب الداخلي. ولما كان أوديب من الذكاء لدرجة أن حلّ سؤال السيفنكس الذي استعصى على الجميع، فلماذا لم تسعفه بصيرته بأن يَرى ما خلف الأكمة في طيبة! ومن هنا نفهم كيف كان الكاهن تيريسياس أعمى، لكنّه ليس فارماكوسًا أو معوقًا. إنّ جوهر الفرق بين أوديب وتيريسياس، يتجلّى بأنّ تريسياس قد ولِد صحيح الجسد، لكن حبّه للمعرفة دفعه للإطلاع على سفاد حيّتين، ولأنّ معرفة الذكر من الأنثى لا يمكن أن يتم لتشابه ذكر الحيّة وأنثاه، أصبح لتيريسياس القدرة على أن يكون ذكرًا وأنثى، أي أنّه اخترق الحدود، فعاقبته الآلهة بأن جعلته أعمى، لكن أبقت على بصيرته؛ ولهذا نجد التحريمات في سفر اللاويين تتعلّق بالأكمه أي المولود أعمى، وليس من طرأ عليه العمى لاحقًا، فأوديب بالأساس مشوّه بالولادة، حيث حمل اسمه جوهر إعاقة: (القدم المنتفخة) التي لا تخطو باستقامة، ولذلك على الرغم من ذكائه انحرف عن الاستقامة وارتكب زنا المحارم، حتى لو لم يكن يعلم ابتداءً! وهنا سؤال مضمر لماذا ذُمّ الذكاء في مسرحية سوفوكليس؟
إنّ مقولة: العقل السليم في الجسد السليم، على الرغم من ظاهرها الجميل، إلّا أنّها تُضمر عنصرية مبطّنة! لقد ذكر أفلاطون بأنّ الفيلسوفة (ديوتيما) هي من شرحت لسقراط فكرة التسامي؛ من الجميل الفيزيقي إلى الجمال الميتافيزيقي، والتي تبناها أفلاطون وأبدع منها فكرة عالم المُثل. وبالمقابل يأتي أرسطو تلميذ أفلاطون، ليقول بأنّ: "الأنثى ذكر مشوّه"! والغريب برأي أرسطو عدم تقديره للذكاء، ما لم يكن في جسد ذكر كامل المواصفات (أولومبي). إنّ فكرة أن يكون الجسد بمثابة تجلٍ للنفس/ الروح، قد تبنتها الفلسفة اليونانية، وبالتالي فساد النفس سيؤدي إلى فساد الجسد. ومن هذا التصوّر كان فساد أوديب على صعيد النفس – صاحب القدم المنتفخة- وبناء على ذلك لن ينجيه ذكاؤه، عندما أجاب على سؤال السيفنكس! كذلك المرأة الذكية لن تكون صنوًا للرجل، وفق أرسطو، لأنّ نفسها فاسدة بالجوهر. هذه الزاوية في النظر تفسّر لنا أسباب ولادة الإله هيفايستوس معوّقًا، فالأسطورة تقول في إحدى تجلياتها، بأنّه حمل ذاتي/ عذري لهيرا زوجة زيوس، لذلك جاء معوقًا/ أحنف القدم. وفي تمظهر آخر بأنّ هيفايستوس ارتكب خطأ شنيعًا عندما وقف مع أمه هيرا ضد أبيه زيوس التي كانت تعاتبه على مغامراته العاطفية. في الحالتين تظهر إعاقة هيفايستوس بسبب المرأة الفاسدة، أكانت بشرية أم إلهة، وكأنّ ذلك يذكر بالخطيئة الأساسية التي بنت عليها الديانات التوحيدية أسباب الهبوط من السماء، ألم تتذاكى/ تتخابث حواء في إقناع آدم بالأكل من الثمرة. وكما أهبط آدم من الجنّة، طَرد زيوس هيفايستوس من الأوليمب، فمن ناحية لأنّ هيرا لم تقبله، مع أنّها هي سبب وجوده الأوحد – حمل عذري- ومن ناحية أخرى لأنّه عارض زيوس بسبب أمّه. تقول الأسطورة بأنّ هيفايستوس بعد سقوطه من السماء، تبنّته الجنّيّات – الجنيّات إناث- وعلّمنه فنون الصناعة. وفي مروية أخرى أنّ هيفايستوس سقط في جزيرة القرود، وهناك نما وشبّ وتعلّم. ولا ريب في أنّ إسقاط هيفايستوس في جزيرة القرود التي تمثل تقليدًا سيئًا للإنسان، كان مقصودًا، فهيفايستوس قرد في النهاية بنظر آلهة الأوليمب حتى لو كان ذكيًا، لكنّه خبيثٌ في المحصّلة.
يقودنا ما سبق إلى التفريق بين الذكاء المقترن بالجسد السليم والخبث المعبر عنه بالجسد المشوّه. ولربما أقرب صيغة لفهم هذه القسمة الضيزى باستحضار إبليس، فبعد الخطيئة أصبح بشعًا أو جسدًا مشوهًا؛ ومن هنا وضع الشاعر الإنكليزي جون ملتون في كتابه (الفردوس المفقود) هيفايستوس في الجحيم، وأوجد شبهًا بين سقوطه وسقوط لوسيفير/ الشيطان من السماء، وللمفارقة أصيب ملتون بالعمى.
يعتبر هيفايستوس أبا الاستعارة الأدبية للإعاقة، وسنرى ذلك من خلال رؤية فرويد للإعاقة وذلك في مقالته: (بعض أنماط الشخصية التي نصادفها في العمل التحليلي النفسي)، فقد استخدم فرويد شخصية (ريتشارد الثالث) في مسرحية شكسبير كنموذج لتحليله لمشاكل الشخصية لدى الأشخاص ذوي الإعاقة. ولقد افترض فرويد علاقة جدلية بين الإعاقات الجسدية وتشوهّات الشخصية. وقد أكّد فرويد على المرارة التي يشعر بها ذوو الإعاقة من خلال مونولوج ريتشارد عن إعاقته، ويشبه هيفايستوس ريتشارد؛ الأول في سعيه لاعتراف الآلهة به، والثاني في سعيه للسلطة. وقد قارب فرويد ريتشارد الثالث، ليدعم حجّته القائلة، بأنّ جميع الأشخاص من ذوي الإعاقة تقريبًا يعانون من مشاكل في الشخصية. وتبعًا لفرويد، يشعر الأفراد الذين يعانون من عيوب خلقية، بأنّهم تعرّضوا للظلم من قبل الطبيعة أو الآلهة، وبالتالي يستحقّون التعويض؛ وهم يعدّون أنفسهم استثناءات، لذلك ليسوا ملزمين بالقواعد الطبيعية للمجتمع، فيأتي تمردهم العصابي كنتيجة لإحساسهم بالظلم الكبير الذي وقع عليهم. لقد برّر شكسبير على لسان الملك ريتشارد الثالث سلوكه القاسي وغير الأخلاقي وخبثه بشكواه بأنّه، وبدون أي خطأ من جانبه، كان قبيحًا وغير محبوب وغير جدير بالحب، وبالتالي كان من الطبيعي أن يعامل الكون بالمثل. أمّا ألفرد أدلر، تلميذ فرويد، فقد عدّ أن الشعور بالنقص لدى أي كائن سيدفعه إلى تجاوزه. وما قصده أدلر نستطيع أن نوجزه بالعربية: كلّ ذي عاهة جبار. والآن لنعد إلى هيفايستوس. إنّ إحدى دلالات كلمة (تقنية) في اليونانية تعني الخداع! ولقد كان هيفايستوس مخادعًا كبيرًا، فهو أب التقنية والاختراعات عند اليونان، فقد اخترع آلات وماكينات لا تحتاج للكلمة الخالقة، بل تتفوّق عليها. لقد كان ذكيًا جدًا، ولكن وفق معايير الأوليمب كان يعدّ خبيثًا لأنّ جسده مشوّه. أراد هيفايستوس أن يتم الاعتراف به في مجمع الآلهة، فدبّر حيلة، بأن أهدى أمّه صندلًا، ما إن انتعلته حتى سقطت على وجهها، ولم تستطع الوقوف ثانية. وفي سردية أخرى أهداها عرشًا، فما إنْ جلست عليه حتى ارتفع في السماء وأحاطت بها شبكة لا ترى تمنعها من الحركة، ولم تستطع الآلهة فعل شيء نحو حيل هيفايستوس! ولذلك ترجّت الآلهة هيفايستوس ليعود إلى الأوليمب. هكذا انتقل هيفايستوس من سكن الكهوف إلى أعالي الأوليمب نتيجة لاختراعاته التقنية. وعندما صعد إلى السماء التي طرد منها سابقًا، لم يقبل إطلاق سراح أمه هيرا، إلّا بعد أن يوافقوا على طلبه بالزواج من جميلة الجميلات أفروديت.
تزوج هيفايستوس المعوّق من أفروديت، لكنّها خانته مع إله الحرب الجميل آرس. وعندما قبض عليهما بشبكته التي لا ترى، سخرت منه الآلهة، حتى أنّ الإله هرمس (بريد الآلهة) لم يمانع بأن يبادل آرس مكانه في شبكة هيفايستوس بعدما رأى جمال أفروديت العاري. لقد عُلّلت خيانة أفروديت لهيفايستوس بسبب إعاقته وبشاعته، مع أنّه هزم غريمه آرس إله الحرب عندما تواجها. ومن جبن آرس اختبأ خلف أمه عندما دلف هيفايستوس مجمع الآلهة، لكنّ آرس جميل ولا يهم إن كان غبيًا وجبانًا، فمن أجله جعلت أفروديت باريس أمير طروادة يقع في حبّ هيلين الإغريقية لتقوم بسببها الحرب.
إنّ قصة خيانة أفروديت لهيفايستوس سنجد محاكاةً لها في رواية (عشيق الليدي تشاترلي) للروائي الإنكليزي د. هـ، لورانس، التي كانت تخون زوجها الضابط الذي أصبح معوّقًا بسبب الحرب. وسنراها أيضًا في (حجر الصبر) للروائي الأفغاني عتيق رحيمي. وبالمثل ستكون كل الروايات والقصص التي تدفع الزوجة لخيانة زوجها بسبب إعاقته، هي إعادة استحضار لأسطورة هيفايستوس. لا ريب في أنّ لورانس ورحيمي كان يمثّلان بالرجل المعوّق المجتمع المدمّر بسبب الحرب أو المتخلّف وغير ذلك من أسباب، لكن كما قال لونجمور بأنّ الإعاقة صورة سلبية، ولذلك لجأ رحيمي ولورانس كشكسبير في مسرحية ريتشارد الثالث، لتمثيل الشّرّ في الإعاقة كونها الاستثمار الأسهل للحبكة الروائية، على الرغم من النوايا الجيدة للكتّاب، لكنّنا تحصّلنا في النهاية على صورة سلبية للمعوّق. ولو رجعنا للقصة الأصلية لهيفايستوس، وعلى الرغم من خدمته الرائعة لمجمع آلهة الأوليمب، لكن مع ذلك ظلّ هيفايستوس معوّقًا بنظر أخوته الآلهة.
لقد لجأ كل من شكسبير ولورانس ورحيمي وغيرهم من الروائيين إلى الاستثمار في ثيمة الإعاقة، لتحقيق ردود عاطفية كبيرة، فريتشارد الثالث مكروه، والضابط في عشيق الليدي تشاترلي كذلك، والزوج المقعد في رواية عتيق رحيمي لا يختلف عنهما. ولا يفترق الأمر في رواية (موبي ديك) لهرمان ملفل، فالكابتن (أخاب) معوّق أيضًا وبسبب إعاقته كان شريرًا.
لقد ارتبط الشرّ في الآداب بالإعاقة والبشاعة، ففي قصص الأخوين غريم نجد أمثلة عديدة لذلك. وقد كان من المأمول أن يخالف الأدبُ الدينَ والسياسة والاقتصاد والمجتمع بنظرته إلى المعوّق، لكنّه ارتكس إلى الصورة السلبية للمعوّق في أكثر الأحيان، مثلما فعل الروائي النوبلي ساراماغو في روايته (العمى) ليرينا كيف انحدر المجتمع إلى الوحشية بسبب إصابة أفراده بالعمى. ليس المطلوب من الأدب أن يكون خطابًا تبشيريًا عن الإعاقة، لكن كما قال الشاعر الإنكليزي ألكسندر بوب الذي كان يعاني من تشوّه في عموده الفقري ممّا سبب له حدبة صغيرة: "ليست حياتي سوى هذا المرض المديد"، وللمفارقة تعتبر جملة ألكسندر الأكثر اقتباسًا من قبل غير المعوّقين!
لا ريب في أنّ الإعاقة كصورة أدبية تحمل الكثير من الشحنات العاطفية؛ من اللعن إلى الشفقة، وفي الحالتين لن نتحصّل على صورة صحيحة للمعوّق، فإمّا يصوّر كشرير، أو كبطل خارق فانتازي تجاوز إعاقته بالسحر أو بشيء آخر، أو يصبح موضعًا للشفقة من قبل الآخرين، أو أن يمثّل غاضبًا تجاه الكون والمجتمع. ليس المعوّق كلّ هؤلاء، فقد قال عالم الإعاقة ليونارد كريجل (2) في أحد مقالاته وكان معوّقًا من طفولته لإصابته بالشلل، بأنّه لا يريد أن يكون ملهمًا لأحد! والسبب في مقولته تلك، بأنّه كان يرى المعوّق كشخص طبيعي، بنجاحاته أو فشله، بضعفه أو قوته، بشرّه أو خيره، فالإعاقة وإن كانت سببًا قاهرًا، لكنّها ليست شيطانًا ولا ملاكًا.
الهوامش:
1- بول ك. لونجمور (1946- 2010): أستاذ في التاريخ وناشط في مجال الإعاقة. فقد لونجمور استخدام يديه بسبب شلل الأطفال عندما كان في السابعة من عمره. كان بحاجة إلى مساعدة في التنفس من جهاز تنفس صناعي ليلًا وجزءًا من النهار.
2- ليونارد كريجل (1933 - 2022): كاتب أميركي مشلول، كما يصف نفسه. تضمنت كتاباته مقالات وقصصًا وروايات. أصيب بشلل الأطفال في سن الحادية عشرة.
*كاتب من سورية.