}

الإعاقة في التراث العربي: في قبول المختلف

باسم سليمان 7 سبتمبر 2024
لا يظنّ قارئ مقولة "كل ذي عاهة جبّار" بأنّها انتقاصٌ من ذوي الإعاقة، بل هي مدحٌ وعبرة، فالجّبّار هنا لا تعني غليظ القلب. الجّبّار، أحد أسماء الله الحسنى وهو الرحمن الرحيم، وإنّما المقصد منه، بأنّ المعوّق عندما يتغلّب على عاهته، يبرز لمن يرى إعاقته، بأنّه من المستحيل تجاوزها، فيلهج لسانه بذلك القول، لدهشته وتعظيم إرادة المعوّق. إنّ كلّ ذي عاهة جبّار، هو مثل عربي؛ وللتراث العربي مدونة كبيرة في ذكر واحترام ذوي الإعاقة، قد سبق بها الأمم الأخرى، ويجب أن تُقتدى في زمننا الحالي.
قد يكون تاريخ نضال ذوي الإعاقة في مواجهة إلغائهم عبر التاريخ، من أولى الحركات الثورية من أجل قبول المختلف عمّا يعدّ هو السّويّ في نظر المجتمع. كانت أكثر التجمّعات البشرية تقصي المعوّقين إلى حدّ إفنائهم، كقانون (ليكورغوس الإسبارطي 800 -730 ق. م) وتشريعات القانون (صولون الأثيني 640-560 ق. م). ولا يجب أن ننسى بأنّ أهم فيلسوفين في التاريخ البشري، أفلاطون وأرسطو، كانا لا يختلفان عن ليكورغوس وصولون في إقصائهما للمعوّقين، وهذه وصمة عار بحقّ الفلسفة! ومنذ  ذلك الوقت ما يزال المعوّقون يناضلون، فالإقصاء وإن خفتت مفاعيله في زمننا الحالي أو توارى، فإنه لم يزل في اللغة والفكر، وفي الشتائم والنكت وغير ذلك، فليس غريبًا أن نجد في الولايات المتحدة الأميركية في السبعينيات من القرن الماضي، بعض القوانين التي تمنع المعوّق بأن يظهر في الشوارع كي لا يؤذي المنظر العام.
ونستطيع أن نرى مقدار الحيف الذي حاق بالمعوّقين من خلال الأمم المتحدة التي تأخّرت جدًا في إصدار قانون يلزم أعضاءها – إلزام معنوي لا فعلي!- إلّا في عام 2006 عندما اعتمدت اتفاقية دولية، والتي نصّت على تعزيز وحماية وكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعًا كاملًا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان، والحرّيّات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم. وقد شمل مصطلح (الأشخاص ذوي الإعاقة) في الاتفاقية الدولية، كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل: بدنية، أو عقلية، أو ذهنية، أو حسّيّة، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
بناءً على هذه المقدّمة، سنقارب بعض ما وجد في التراث العربي من آثار ذوي الإعاقة، لكي نبحث في إرهاصات مقاومتهم لتنميط مجتمعهم لهم وإقصائهم. 

"أنا للخمسة أنف"
هذا شطر من بيتين لعمّ الرسول، أبي طالب بن عبد المطلب، وهو أول هاشمي يقول مفتخرًا وقد كان فيه عرج:                                                                     أنا يومَ السِّلم مَكْفِ/ـيٌ ويوم الحرب فارسْ
أنا للخمْسة أنْفٌ/ حين ما للخَمْسِ عاطس.
ومعنى البيتين بأنّ أبا طالب في السلم لا يحتاج إلى ابتذال نفسه، أمّا في الحرب، فإنّه يبلغ جميع إرادته على الرغم من عرجه. وقد عيّرته بعض نسائه بالعرج، فقال:   
قالت عرِجتَ فقد عرجْت فما الذي
أنكرت من جلَدي وحُسن فعالي.
إذًا، لم يردع حسب ونسب وفروسية أبي طالب من تعييره بالعرج، فانبرى مفاخرًا ومعلّلًا بأنّ سؤدده لم ينقصه شيء بسبب العرج.
ومثله فعل الأعرج الطائي وكان مخضرمًا في الجاهلية والإسلام:
تشكي إلى جارتها وتعيبُني
فقالت معاذ الله أنكِح ذا الرِّجْل
فكم صحيح لو يوازن بيننا
لكُنّا سواءً أو لمال به حِمْلي.
لقد كانت العرب في الجاهلية، تنمّط أهل الزمانة ضمن أطر قارة من النظرة السلبية، وكما ذكر في (تفسير القرطبي): "وكانت العرب ومن بالمدينة قبل المبعث تتجنّب الأكل مع أهل الأعذار؛ فبعضهم كان يفعل ذلك تقذّرًا لجولان اليد من الأعمى، ولانبساط الجلسة من الأعرج، ولرائحة المريض وعلاته؛ وهي أخلاق جاهلية وكبر". إنّ التوقف عند خبر القرطبي وخاصة جملته: "وهي أخلاق جاهلية وكبر" يجد بأنّ النظرة قد بدأت تتغيّر بالنظر إلى المعوّقين مع مجيء الإسلام، لكن لم تكن هذه النظرة لتتم لولا بعض المعوّقين الذين خرجوا من جلباب تنميطهم ضمن إعاقاتهم، لذلك قال بشار: "والذكاءُ من العَمَى" أو كقول أحد الشعراء العرجان: "وما بي عيبٌ للفتى غير أنّني/ جعلت العصا رِجلًا أقيمُ بها رجلي".  




كان الشاعر الحارث بن حلزّة أبرص صاحب القصيدة التي مطلعها: "آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ/ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ" قد وفد على الملك عمرو بن هند الذي كان لا يملأ عينه رجل فيه بلاء وأنشده قصيدته من خلف ستار كي لا يرى برصه، فلما سمعها عمرو واستخفّه الطرب، أمر أن يرفع الستر، ثمّ أجلسه على طاولة طعامه وجعله من سمّاره، كما ذكر الجاحظ. إذًا تلك المنقصة التي كان ابن حلزّة قد تجاوزها عبر إبداعه الشعري، وأجبرت ذلك الملك الذي كان يُسمى لشدّته (مُضَرِّط الحجارة) أو (المحرّق الثاني) لأنّه حرّق بني تميم بالنار لصرامته، بأن يجعله من سمّاره، فلو اكتفى ابن حلزّة بما عيّره المجتمع به، لما ذكره التاريخ. وهذا يعني أنّ على المعوّق واجبًا بأن لا يركن لرفض المجتمع له، بل أن يواجهه ويثبت له جدارته حاله حال الأصحاء. لكن المجتمع العربي لم يكن بهذا التسامح. تهاجى الشاعر بشار بن برد مع الشاعر حمّاد عجرد، فلم يتأثّر بشار إلّا ببيتٍ واحدٍ  من الهجاء، الذي قاله عجرد: "وَأَعمى يُشبِهُ القردَ/ إِذا ما عَمِيَ القِردُ" فبكى منه. وقد سُئل بشار عن سبب بكائه، فقال كما جاء في كتاب (الأغاني): "فلما سمع بشار هذا الشعر بكى، فقال له قائل: أتبكي من هجاء حمّاد؟ فقال: والله ما أبكي من هجائه، ولكن أبكي لأنّه يراني، ولا أراه فيصفني ولا أصفه". لا ريب في أنّ بشار قد بكى، ليس لأنّه غير قادر على وصف عجرد، فمن وصف أحد الجيوش بهذا البيت: "كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا/ وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه" لن يصعب عليه وصف عجرد، لكنّه أتاه من مأخذ لا حيلة لبشار فيه، فشعر بالعجز.



لم يكن بشار مستجدًّا في عماه، فقد كان أكمه، أي ولِد أعمى، والعادة، كما قيل تفتت الصخر، لذلك قال: "عَميتُ جنينًا والذكاءُ من العَمَى/ فجئتُ عجيبَ الظنَ للعلم موئلا" فما خطبه، قد كبا حصنه! لا ريب في أنّ الأدب ليس شعور المجتمع والأفراد فقط، بل هو اللاشعور، حيث تظهر المضمرات والمكبوتات. وهذا ما استشعره بشار بتبعات وصفه بالأعمى، وإنّ لهذا الوصف تاريخ موغل بالسوء، لذلك ردّ بهذه الأبيات:
قالوا العَمى مَنظَرٌ قَبيحٌ
قُلنا بِفَقدي لَكُم يَهونُ
تَاللَهِ ما في البِلادِ شَيءٌ
تَأَسى عَلى فَقدِهِ العُيونُ.
لقد ظهرت شكاوى ذوي الإعاقة من مجتمعهم لكن في الوقت نفسه تصدّوا له، فها هو حبر الأمة ابن عباس قد عمي بعد تقدّم العمر به، فقال:
إنْ يأخذ الله عيني نورهما
ففي لساني وسَمعي منها نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل
وفي فمي صارم كالسيف المأثور.
ولنفهم أكثر معاناة المعوّقين، ومن ثمّ إصرارهم على تبيان أنّ الإعاقة لا تمنع ملك الإرادة والصبر من تحقيق آماله وأحلامه، سنذكر قصة الصحابي عمرو بن الجموح الأنصاري الذي كان شديد العرج وأراد الجهاد في غزوة أُحد، فمنعه أولاده خوفًا وإشفاقًا عليه من إعاقته، فجاء الرسول طالبًا الجهاد، فأخبره الرسول بأنّه لا حرج عليه، لكنّ عمرو بن الجموح أصرّ وجاهد حتى استشهد، فقال الرسول: "والذي نفسي بيده، إنّ منكم من لو أقسم على الله لأبرّه، منهم عمرو بن الجموح، ولقد رأيته يطأ الجنة بعرجته"... إن تبصرًا في مقولة الرسول وخاصة في جملة: "ولقد رأيته يطأ الجنة بعرجته" والمعلوم بأنّ أهل الجنّة أصحاء، فلماذا يطأ عمرو بن الجموح بإعاقته الجنة؟ وما ذلك إلّا تعظيمًا لجهاده على الرغم من إعاقته، فإعاقته أصبحت رمزًا يضاهي به كمال شباب الجنة. هذه القصة عن عمرو بن الجموح تبيّن لنا مقدار ما وصل إليه المجتمع العربي الإسلامي في بداياته من توقير واحترام لذوي الإعاقة، فليس غريبًا أن تزدهر الكتب التي تتكلّم عن ذوي الإعاقة وتشيد بإرادتهم وصبرهم فيما تلا من أزمنة.

كتاب ذوي الإعاقة
يُعدّ كتاب الجاحظ (159-255 هـ): (كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان) أول مانيفيستو من أجل المعوّقين في العالم. هذا الكتاب الفارق والمميّز، قد جاء ردّا على كتاب الهيثم بن عدي الذي عنونه بـ(المثالب) رافضًا منهجه بذم أصحاب العاهات والسخرية منهم، قال الجاحظ: "وقد خفتُ أن تكون مسألتك إياي كتابًا في تسمية العرجان والبرصان، والعميان والصمان والحولان، من الباب الذي نهيتك عنه، وزهدتّك فيه. وذكرت لي كتاب الهيثم بن عدي في ذلك، وقد خبّرتك أنّني لم أرض مذهبه، ولم أحبّه له حظًا، ولا لولده من بعد مماته". لم يورد الجاحظ أخبار ذوي الإعاقة فضحًا لأصحابها ولا تشهيرًا بهم، وإنّما جلاء لإرادتهم القوية وصبرًا على ما ابتلاهم الله، فذكر أمثلة من جاهلية العرب وإسلامها ممن لم تمنعهم عاهاتهم من التميّز في مجتمعاتهم إلى درجة التمدّح بالعاهات والاعتزاز بها، إلى أن يقول عنهم: "والعرج الأشراف – أبقاك الله- كثير، والعمى الأشراف أكثر، وإن جماعة فيهم كانوا يبلغون مع العَرج ما لا يبْلغه الأصحاء، ومع العَمى يُدركون ما لا يُدرِك أكثر البصراء". إنّ تأمّل هذا القول للجاحظ، الذي لم يكن لسان حاله فقط، وإلّا لم يكن ليلقى قبولًا أبدًا، يُظهر لنا تغيّر نظرة المجتمع العربي الإسلامي إلى ذوي الإعاقة، حتى أّنه ذهب إلى إيراد الميثاق الطبي بين الطبيب والمريض الذي كان سائدًا في زمنه، والذي ينصّ على السرّية وعدم فضح المريض وما أصابه من عاهات. ويتابع الجاحظ الكشف عن استعداد مجتمعه لتقبل المعوّقين فيه على الرغم من إشارات كثيرة لنبذهم: "وإذا كان الإعرابي يعتريه البرص، فيجعله زيادة في الجمال، ودليلًا على المجد، فما ظنُّك بقوله في العرج والعمى وهما لا يستقذران ولا يتقزّز منهما ولا يُعْدِيان ولا يُظن ذلك بهما، ولا ينقصان من تدبير، ولا يمنعان من سؤدد".
لقد كان كتاب الجاحظ بما ذكر من أشراف ذوي الإعاقة، دافعًا لكتّاب آخرين ليخصّصوا بعض الأبواب في كتبهم لذكر ذوي الإعاقة وما تميّزوا به، أو يؤلفوا كتبًا كاملة عنهم، فقد ألف الخطيب البغدادي كتابًا عن العميان ومثله فعل الزمخشري بأن وضع رسالة بعنوان (تسلية الضرير) هدف منه إلى عزاء من كفّ بصره، وتسليته بما عوّضه الله من نور البصيرة، وذكر فيه المشهورين من الصحابة والتابعين والشعراء والأدباء الذين فقدوا بصرهم. وكتب ابن عسكر رسالة بعنوان (الجزء المختصر في السلوّ عن ذهاب البصر) أهداها إلى صديقه الضرير الواعظ أبي محمد  بن الأحوص. أمّا كتاب (نَكْت الهمْيان في نُكت العميان) لابن الصفدي فيعد كتابًا عمدة في ذكر العميان، حيث جمع تراجم لثلاثمائة وعشرة من مشاهير العميان وفق حروف الهجاء، مبديًا إعجابه بهم وبذكائهم وقدرتهم الحفظية، فيقول: "قلّ أن وجِد أعمى بليدًا، ولا يُرى أعمى إلّا وهو ذكي والسبب الذي أراه في ذلك، أن ذهن الأعمى وفكره يجتمع عليه، ولا يعود متشعبًا بما يراه، ونحن  نرى الإنسان إذا أراد أن يتذكر شيئًا نسيه، أغمض عينيه وفكر، فيقع على ما شرد من حافظته. وفي المثل: أحفظُ من العميان". لننظر لهذا التعليل العلمي النفسي الذي أورده ابن الصفدي وكم يدل على احترام العميان وذكائهم. وكم نشكر في زمننا العالم لويس بريل (1804-1852) الذي اخترع الأحرف النافرة لكي يقرأ العميان بملامس أصابعهم وإليه نسبت تلك اللغة (لغة بريل للعميان) لكن إرهاصات هذه اللغة لا تعود للعالم بريل، فقد ذكر الصفدي أنّ زيد الدين أبو الحسن الآمدي العابر المتوفي في 712 هـ، وكان فقيهًا ورّاقًا وله تصانيف عديدة، إذا اشترى كتابًا، يعمد إلى فتائل صغيرة يشكّلها من الورق على هيئة الأحرف، حسب ثمن الكتاب وفق حساب الجُّمّل ويلصقها على جلد الكتاب من الداخل، فإذا نسي السعر تلمس بأصابعه تلك الفتائل التي على شكل الأحرف وجمع قيم جملها، فيعرف الثمن الذي اشترى به الكتاب. لم يكتف ابن الصفدي بذلك فألّف كتابًا تناول فيه الأشراف من العوران وترجم فيه لواحد وثمانين أعور، ذكر فيه ما يمتازون به من ذكاء وهمّة وإرادة.
وتتابع تأليف الكتب فوضع ابن الدين  الهاشمي (891-954 هـ) كتاب (النكت الظراف في الموعظة بذوي العاهات من الأشراف) ويقول في سبب تأليفه: "فلا يظنّ بذلك الظّانون، وما يعتقده الجاهلون من ذوي العقول السخاف، بأنّه سلب للأشراف، ووقيعة في أكابر الناس، بل والله العظيم، قصدت بتأليفه، الإيقاظ، وتسلية من ابتلى به، والاتعاظ لمن حصل له الابتلاء، من الأكابر في الزمن الغابر... ولا شك في أنّ المصنفين الذين ألفوا في هذا المعنى، لم يقصدوا العيب، وإنّما قصدوا العلم والإحاطة لمن اتفق له ذلك من الأعيان، وإفادته لمن بعده بالاعتبار والاتعاظ، كما نقله العلماء الأيقاظ".




هذا غيضٌ من فيض من المؤلفات، التي رصدت حياة ذوي الإعاقة، رفعًا لشأنهم واعتبارًا بقدرتهم على الصبر على البلوى وتمثّلًا لإرادتهم القوية في مواجهة صعوبات الحياة. ولا ريب في أنّ أشدّها المرض والإعاقة.
ذكرنا بأنّ الجاحظ قد افتتح أدب ذوي الإعاقة في التراث العربي، بذكر أشرافهم وحوادثهم وأخبارهم وما قالوه من أشعار وقصص. وقد يظنّ البعض بأنّ الجاحظ، وهو السليم المعافى، قد كتب عن معاناة غيره من دون أن يذوق مرارة طعم الإعاقة، ولكنّ الجاحظ قد فلج في أواخر سنينه، وظلّ على هذه الحالة حتى وافته المنية، وقد ألّف في سني مرضه أهم كتبه (البيان والتبيين، والحيوان، والبخلاء) وكان له ورّاق يملي عليه الجاحظ ما يتفتّق في ذهنه من أفكار. أمّا المعرّي رهين المحبسين، فقد عمي من صغره، لكنّه لم يستكن، حتى صار إمامًا في الفكر والثقافة العربية، ويكفي أنّ رسالته (الغفران) ألهمت الكثير من الكتاب بعده حتى دانتي في كوميدياه الإلهية. بينما بشار بن برد سبق الشعراء لتراسل الحواس حين قال:                  
يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا
قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم
الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا.
يقال بأن المثل يُصطاد من بحر الكلام كالسمك، واحدًا واحدًا، وما ذكرناه من أمثلة ناصعة عن ذوي الإعاقة في التراث، يقابله بالمثل الجانب المظلم للقمر، ليس مثاله فقط، كتاب (المثالب) لابن عدي، لكن ها نحن نسقط كلام ابن عدي وغيره، ونتذكّر بشار بن برد والمعرّي بعد قرون وقرون من وجودهما. ونختم هذا المقال بقول المعرّي:                                                    
"أنا أحمد الله على العمى، كما يحمده غيري على البصر". 

*كاتب من سورية.

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.