}

تكهنات نوبل في الآداب.. سلمان رشدي أم مفاجأة أخرى؟

عماد فؤاد 5 أكتوبر 2022



يوم غد الخميس (6 تشرين الأول/ أكتوبر)، ستُعلن في العاصمة السويدية ستوكهولم جائزة نوبل في الآداب لعام 2022، وربّما سيكون لجائزة هذا العام الأثر الأكبر على مسيرة الأكاديمية السويدية التي تمنح جوائز نوبل، خاصة بعد أن أدّت فضائح الفساد والتحرش الجنسي داخل الأكاديمية السويدية عام 2018 إلى تأجيل إعلان جوائزها في العام ذاته، كما أدّت إلى نزوح شبه جماعي لأعضاء لجانها، وعلى رأسها لجنة الآداب. وبالرغم من تأجيل إعلان الجائزة آنذاك، فقد واجهت الأكاديمية مزيدًا من الانتقادات حين مَنحت جائزة نوبل في الآداب لعام 2019 للكاتب النمساوي بيتر هاندكه، الذي وُصف حينها بأنه "مدافع عن جرائم الحرب الصربية".

صحيح أن اللغط حول الجائزة لم يخفت منذ عام 2011، بسبب فوز كتّاب لم يكن لأحد أن يتوقّع حصولهم عليها، وكان الكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسّا هو آخر الحاصلين عليها عام 2010 الذي نال إجماعًا دوليًا كبيرًا، إلا أن جائزة نوبل في الآداب لم ترض الأغلبية حين مُنحت للمغنّي الأميركي بوب ديلان عام 2016، ولم يخفّ اللغط أيضًا حين مُنحت للشاعرة الأميركية لويز غليك عام 2020، أو الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح في العام الماضي 2021.

وفي حين تنتظر دور النشر في العالم أجمع إعلان اسم الفائز بالجائزة، لتتمّ ترجمته إلى عشرات اللغات، إلا أن وتيرة هذه الترجمات في عالمنا العربي لم يعد لها البريق ذاته الذي كان يحدث قبل عشرين عامًا مثلًا، فالكاتب البريطاني من أصول يابانية كازو إيشيجورو، الذي نال جائزة الآداب عام 2017، لا يزال غير معروف بقوّة في عالمنا العربي، على الرغم من أن روايته البديعة "بقايا اليوم" تحوّلت إلى فيلم شهير بالعنوان ذاته عام 1993، وقام ببطولته النجمان أنطوني هوبكنز وإيما تومسون، وكانت الرواية قد ترجمت قبل حصوله على الجائزة بوقت طويل في القاهرة على يد المترجم المصري الراحل طلعت الشايب، وصدرت عن المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة عام 2009، أما التنزاني عبد الرزاق قرنح، فحين حصل على الجائزة العام الماضي لم يكن له أي عمل مترجم إلى العربية، وحتى يومنا هذا لم يترجم له أي عمل إلى العربية! وكذلك ترجمة أعمال الشاعرة الأميركية لويز غليك لا تزال بطيئة حتى يومنا هذا، ولم يكن لها سوى مختارات شعرية بالعربية، صدرت عن منشورات الجمل ومشروع "كلمة" بالإمارات عام 2009 من ترجمة سامر أبو هواش.

لحظة الاعتداء على سلمان رشدي في نيويورك  



من هنا، يعرف الكثيرون في عالمنا العربي أن لجنة الجائزة ستفاجئ العالم يوم غد بإعلان اسم جديد من قائمة الكتّاب الذين ربما لم نسمع عنهم شيئًا من قبل، فحين منحتها عام 2019 إلى البولندية أولغا توكارتشوك لم نكن نعرف عنها أيضًا شيئًا في عالمنا العربي، أو ربما تلجأ اللجنة ذاتها إلى تكريم أسماء معروفة مثل الألباني إسماعيل قادري على سبيل المثال، أو الهولندي سيس نوتبوم، أو التشيكي ميلان كونديرا الذي يستحقها منذ سنوات. وإن كانت المراهنات هذا العام تشير بقوة إلى اسم سلمان رشدي على خلفية حادث الاعتداء عليه في نيويورك في آب/ أغسطس الماضي، خاصة بعدما خسرت الجائزة اثنين من مرشحيها الدائمين خلال الأسابيع الأخيرة عن عمر يناهز 70 عامًا، كان أولهما الكاتب الإسباني خابيير مارياس الذي رحل عن عالمنا يوم 11 أيلول/ سبتمبر الماضي، وكانت الثانية الكاتبة البريطانية هيلاري مانتل سيدة الرواية التاريخية الأولى في العالم، والتي رحلت عن عالمنا يوم 22 أيلول/ سبتمبر الماضي.

تشير التكهنات اليوم إلى ارتفاع حظوظ سلمان رشدي (75 عامًا) في الحصول على الجائزة، خاصة بعد نجاته من محاولة الاغتيال في أغسطس الماضي، بعد 33 عامًا من فتوى آية الله الخميني بقتله على خلفية روايته المعروفة "آيات شيطانية" الصادرة عام 1988. وكان من المستغرب أن الأكاديمية السويدية رفضت التعليق على فتوى قتل سلمان رشدي عام 1989 بحجة أنها: "لا تحب أن تحرق نفسها في الأمور السياسية"، وأنها: "ستبقى محايدة في مثل هذه الأمور السياسية". وبعد 27 عامًا من الفتوى أعلنت الأكاديمية رفضها لقتل أي كاتب على خلفية آرائه السياسية.

ولكن هل تقف الأكاديمية السويدية فعلًا على الحياد في مثل هذه الأمور السياسية؟

الإجابة قد تكون لا، فقائمة المراهنات على نوبل هذا العام، ووفقًا لوسائل إعلام أوكرانية، تضم صوتًا أوكرانيًا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ شهور، وهو الشاعر الأوكراني سيرهي زهادان، الذي يعتبر، وفقًا لويكيبيديا ومصادر أخرى، شاعرًا سياسيًا بامتياز، إلى جوار اسمين من فرنسا هما الكاتب المثير للجدل ميشيل ويلبيك والكاتبة آني إرنو. كما تضم القائمة أسماء تذكر كل عام من أهمها الكاتب الكيني نجوجي وا ثيونجو، والياباني هاروكي موراكامي، والنرويجي جون فوس، والكاتبة الجامايكية كينكيد.

سيكون على الأكاديمية السويدية هذا العام أن تصلح من هيكلها أمام الرأي العام العالمي باختيارها اسم الفائز في خانة الآداب، خاصة بعد أن زادت الانتقادات لها في الأعوام العشرين السابقة، بسبب تركيزها الكبير على الكتّاب الأوروبيين البيض، فعبد الرزاق قرنح كان الكاتب السادس فقط في قائمة الحاصلين على الجائزة من أصول أفريقية، مع هيمنة كبيرة للكتّاب الذكور، حيث لا يزيد عدد الكاتبات الحاصلات على الجائزة عن 16 امرأة فقط من بين 118 فائزًا بالجائزة على مدار تاريخها الطويل.
جدير بالذكر أن قيمة الجائزة تصل إلى 10 ملايين كرونة سويدية (أي ما يقرب من 900.000 دولار أميركي)، وسيتم تسليمها في 10 كانون الأول/ ديسمبر المقبل في العاصمة السويدية ستوكهولم.



الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.