}

رسائل نابوكوف إلى زوجته: فراشات الحبّ والأدب الساحرة

إسكندر حبش إسكندر حبش 23 مارس 2024
تغطيات رسائل نابوكوف إلى زوجته: فراشات الحبّ والأدب الساحرة
ولد فلاديمير نابوكوف في سانت بطرسبرغ عام 1899 (Getty)
(1)
في واحدة من رسائله الأخيرة إلى زوجته فيرا، يكتب نابوكوف قائلًا: "أنا الآن في انتظارك. بمعنى ما، أنا نادم قليلًا على انتهاء هذه المراسلات [بيننا]، أقبّلك، أعشقك...". ربما القارئ أيضًا ـ وبخاصة ذاك الذي يحبّ ويهتم بأدب المراسلات ـ قد يرغب في أن لا يرى نهاية الكتاب، وبالتالي نهاية هذه الرسائل التي كان فلاديمير نابوكوف قد أرسلها طيلة حياته إلى زوجته. رسائل، يعكس كل سطر منها "لغزًا" ما، وذلك منذ وقت مبكر جدًا، مثلما يمكننا أن نقرأ، في هذا المقطع، من رسالة مؤرخة في 13 أغسطس/ آب من عام 1924، حين يكتب لها: "... عندما كنت معك آخر مرة في المقبرة، لقد شعرت بذلك بكل وضوح، بل ودخل شغاف قلبي، وأنت تعرفين كل ذلك، أنت حتما تعرفين ماذا يحصل للإنسان بعد الموت، ويعرف أي طائر وهو يرفرف على الأغصان، فهو يطير ولن يقع على الأرض! لهذا السبب أنا فرح بك، يا حبيبتي، يا صغيرتي، ثم إن هناك شيئًا بيننا خاص جدًا: إن المعجزات التي تعرفها لا يعرفها أحد غيرنا، لأنه لا أحد آخر يحب كما نحن نحب أيضًا".
الاستشهادات التي أسوقها من الرسائل هنا تعود إلى ترجمة عبد الستار الأسدي، الذي ينقل هذه الرسائل إلى العربية والصادرة في كتاب عن منشورات "الرافدين" (452 صفحة) بعنوان "فلاديمير نابوكوف، رسائل إلى فيرا" (هنالك عدد من المواقع على النت يمكن تحميل الكتاب منها). كتاب يقدم لنا رحلة مشوقة، ندخل عبرها إلى تفاصيل هذين الزوجين التي تأخذنا إلى زمن آخر، كانت فيه العلاقات الزوجية ومعها الأدب أيضًا، أشبه بنوع من القداسة يضحي الناس بحياتهم من أجلهما.

(2)
"حزن وغموض وبهجة،/ ومثل صلاة بعيدة.../ لا يزال يتعين على روحي أن تهيم./ لكن لو كنت قدري...". شكّل هذا النذير الذي أحسّ به فلاديمير نابوكوف ـ ولم يكن قد أصبح بعد ذاك الكاتب الكبير ـ شعورًا حقيقيًا، صحيحًا بشكل عميق. إذ أنه منذ اللقاء الأول بينهما، الذي حدث في حفل راقص في مايو/ أيار من عام 1923 في برلين ـ وكان يومها الشاب نابوكوف يشعر بمعاناة فعلية وعنيفة، جرّاء خيبة أمل كبيرة من حبّ فاشل ـ ومنذ هذه القصيدة الموجهة إلى فيرا سلونيم حتى الرسالة الأخيرة "إلى فيروتشكا"، في 7 أبريل/ نيسان من عام 1976، أي قبل ما يزيد قليلًا عن عام من وفاته، نجد أن هذه المراسلات ذات الاتجاه الواحد تغطي أكثر من خمسين عامًا من الحياة الزوجية التي ينيرها حبّ "صافًّ"، مصنوع من العلاقة الحميمة المضيئة والتفاهم المتبادل النادر.
أقول ذات الاتجاه الواحد، لأن الجزء المفقود في هذا الكتاب (كما في كل الكتب التي ترجمت الرسائل إلى لغات العالم المختلفة) هو رسائل فيرا إلى زوجها، التي "دمرتها" (ولم تُبق أي شيء منها) ربما بدافع التواضع، أو ربما لأي سبب آخر، نجهله حتمًا. لم ينج أي شيء منها، لكن محادثات نابوكوف مع فيرا كافية للسماح لنا بتخيل من هي هذه المرأة التي شاركته حياته، ودعمت عمله، وأثارت فيه هذا القدر من الإبداع، وهذا السحر وهذا الحنان المطلق الذي تمثله كل رسالة من رسائله، التي تبدو "رسولة" حقيقية تنبئ بما يريد، من اليوم الأول إلى الأخير من حياتهما معًا.
ما من تعب، ولا من استرخاء، في التعبير الخيالي الرائع عن الحب الذي كان نابوكوف يكنّه لزوجته. حتى النهاية، ستكون "حياته المعشوقة"، و"حبيبتي الصغيرة العزيزة"، و"حبّه المتعدد الألوان"، و"سماءه الوردية الكبيرة"، وستتخلل حروفه، في منتصف الجملة، بكلمة "أحبك" التي تستمر بقية قصته في ظلالها. فيرا، من جانبها، لا تكتب سوى القليل. لذا تلتصق حيوية هذه الرسائل الواضحة، أحيانًا، بسحابة من اللوم الخفيف على صمتها [عدم كتابتها بشكل مستمر]، لكنها تنزلق على الفور وتنتقل من حلقة غالبًا ما تكون كوميدية في حياتها، إلى نكتة تهدف إلى إضحاكها: "أشعر أنني بحالة جيدة بشكل رائع". (كان حاملًا سيجارته في فمه) ـ أشعر بأنني في حالة جيدة جدًا، وأدخن أقل لأنه محظور في معظم الأماكن" (من رسالة من مدينة نيويورك، مؤرخة في 19 مارس/ آذار من عام 1941).

(3)
ولد فلاديمير نابوكوف في سانت بطرسبرغ عام 1899. وهاجر مع عائلته عام 1920 إلى برلين، حيث وجد عددًا من اللاجئين الروس أنفسهم بعد الانقلاب البلشفي عام 1917. وقد وسمت سنوات برلين الأولى العائلة بمأساة. في مارس/ آذار 1922، اغتيل الأب فلاديمير دميترييفيتش نابوكوف، مؤسس صحيفة "رول" الروسية الليبرالية اليومية التي نشر فيها ابنه نصوصه الأولى تحت اسم ف. سيرين، على يد روس يمينيين متطرفين. لجأت والدته إلى براغ مع أطفالها الآخرين، بينما أنهى فلاديمير دراسته في كامبريدج. تزوج من فيرا سلونيم في 15 أبريل/ نيسان 1925. وحدث أول انفصال طويل في عام 1926.



كان يجب على فيرا، الهزيلة والمكتئبة، أن تقضي شهرين في دار لرعاية المسنين في الغابة السوداء. يعدها فلاديمير أن يكتب له وصفًا تفصيليًا لحياته اليومية كل يوم: "يا قطتي الصغيرة، بس. بسسسس/ هناك أعيش كلّ اليوم، أول يوم خال منك، الآن الساعة التاسعة إلا ربع، لقد تناولت عشائي توًا، أكتب دائمًا في هذا الوقت، كل يوم ستكون لك تحية خاصة، وأتساءل إذا كان ما يكفي من ألفاظ تدل على الحيوانات الصغيرة المحببة، لأنه في هذه الحالة لا بدّ من ابتكار مزيد من الكلمات، لما يتناسب مع هذه الرسائل الصغيرة هي الأخرى، يا حبيبتي..." (من رسالة مؤرخة في 2 ـ 6 ـ 1926) وعندما يتعلق الأمر بالإبداع، فإن نابوكوف لا نجده يقصر أبدًا، إذ أنه في كلّ مرة يبدأ رسالته بلقب جديد ساحر: "يا قطيطتي، بوبوس/ يا أيتها العثة الصغيرة/ يا لفافة الورق/ يا أيتها السنونو"، إلى ما هنالك من تعابير وتوصيفات يجهد في ابداعها... يصف لها حياته بأدق التفاصيل، بما في ذلك وجبات الطعام، والملابس، وديكور غرفته، وأيام الرياضة في البحيرة، والرحلات مع تلميذته، وساعات طويلة من الكتابة. كما أنه يشجع فيرا على الانتظار في الاستراحة بالمنزل، حيث تشعر بالملل. يقوم بإدخال رسومات، وألغاز، وألعاب صغيرة، وكلمات متقاطعة، وتأملات في رسائله: "قمة الجهل هو هذا الوزير [وزير المالية الروسي ويته]". يبعث إلى قلبها الهدوء والبهجة: "وأنت أيتها السنونو، لا تغضبي من المطر لأنه ليس باليد حيلة إلا أن يكون مطرًا، لا بدّ أن تدركي أن المطر لا بد أن يهطل للأسفل، وهذا ليس خطأه، ثم هل يستطيع المطر أن يهطل إلى الأعلى"؟ (من رسالة في 15 ـ 6 ـ 1926).
خلال خمسين عامًا من العيش معًا، سيكون هناك القليل من حالات الانفصال، شهر هنا، وشهرين هناك، وعندما يحدث ذلك، لأغراض الترويج لعمله، في لندن وباريس، أو لأسباب تتعلق بجولاته المتعددة لإلقاء محاضرات، أو من أجل دورات في نيو هامبشاير، نجد أن الرسائل الطويلة والمفصلة واليومية لن تخرج أبدًا عن نغمة العشق المتقد المعزز بالفكاهة. وعندما ولد ابنهما ديمتري عام 1934، تم تزيين الرسائل برسومات صغيرة ورسائل رقيقة موجهة للطفل. ترافق الرسائل أسفاره وتخبرها بالنجاح الذي حققه الكاتب الشاب في وقت مبكر جدًا. كما أنها تعكس الصعوبات المالية المستمرة، ومشاكله الصحية (تسمم غذائي، الأكزيما التي تعذبه)، ومشاكل التأشيرات وتصاريح الإقامة، والرغبة الشديدة في الابتعاد عن ألمانيا وعن اللغة الألمانية: "يا حبيبتي، لقد أصبحت كل تأشيراتي كأنها بعبع وكابوس"... (من رسالة في 10 ـ 5 ـ 1937).
فقط، في رسائل عام 1932، نجد أنه تمّ "تطهيرها" بواسطة فيرا من أي علامة من علامات هذه العلاقة الحميمة. ففي شهر أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، كان نابوكوف في باريس، التي أصبحت مركزًا للهجرة الروسية. عقد مؤتمرات هناك، والتقى بالناشرين والكتّاب، ووقع العقود، وأصبح صديقًا لدوني روش، وجان بولهان، وجول سوبرفييل، وغابرييل مارسيل. يلتقي بعدد من المهاجرين، بما في ذلك نينا بيربروفا، والشاعر خوداسيفيتش، الذي تركته للتو من أجل علاقة مع شخص آخر. "من هناك عرجت على بيربروفا، وهي كما تعلمين أليفة ومحبوبة ومثقفة ومطلعة على الأدب، بل الأدهى من ذلك أنها تعرف كيف تلبس وتختار ملبسها... لم أقابلها، بل رأيت فيلسين، جالسة في مكتبها بدلًا منها، ولهذا اقتصر حديثنا على الأدب فقط، ولكن سرعان ما تململت أنا من الموضوع كله، لأنها كأنت تسأل أسئلة سخيفة، مثل هل تعرف هذا؟ أو سؤال: هل تحبه؟ أو هل اطلعت عليه وقرأته؟ وهذا فظيع بمعنى الكلمة!"إنه بالكاد يقدر إيفان بونين، الذي فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1933. كان نابوكوف يعيش حياة مزدحمة، يُدعى من جميع الجهات، ويطرح ملاحظات مسلية، أو ثرثرة أدبية: "وهنا دعيني أذكر لك حكاية لقاء بروست بجويس: إنهما ذات يوم التقيا في التاكسي مصادفة، أو لا أدري، وكان جويس يحب أن يغلق النافذة القريبة منه، بينما بحب بروست أن يفتح النافذة القريبة منه، ولم يتفقا وتشاجرا وانتهى لقاؤهما بهذه الصورة"... (من رسالة مؤرخة في 24 ـ 2 ـ 1936). على الرغم من كلّ هذه اللقاءات، لا يطمح نابوكوف إلا إلى العثور على فيرا والكتابة بسلام.

(4)
عاد نابوكوف إلى باريس خلال شتاء عام 1936: "أنا أكتب بسرعة الآن في المترو، ولذلك لا أستطيع التركيز، خاصة والروائح كريهة هنا، وكأنها رائحة الغائط على الجدار. وتنبعث من الناس روائح الخمر، ثم هذه الأسماء الرنانة لمحطات القطارات..." (من رسالة مؤرخة في 2 ـ 2 ـ 1936)؛ سيكون مرة أخرى في الربع الأول من عام 1937 في لندن وباريس. وستكون هذه الفترة شائكة بشكل خاص. ليس فقط بسبب صعود النازية في ألمانيا، خاصة وأن هتلر قام للتو بتعيين سيرجي تابوريتسكي، أحد قتلة والده، في منصب نائب المدير المسؤول عن الهجرة الروسية في إدارة المهاجرين؛ ولكن أيضًا لأنه كان على علاقة غرامية مؤقتة مع المهاجرة الروسية إيرينا جوادانيني. من باريس، يجهز إقامته مع فيرا في إنكلترا، وإقامتهما في منطقة الــ بروفانس لفصل الصيف. بيد أن فيرا، التي سمعت عن علاقته الغرامية، تؤجل وصوله من يوم لآخر رغم توسلاته، يكتب لها قائلًا: "كيف أعيش بدونك، وإن الهواء القادم منك هو ما يعطيني القوة والطاقة للعيش والكتابة. لا يمكن أن أعمل أي شيء بدونك، وإن انفصالنا هو تعذيب لا يحتمل، وإن كل التغييرات والالتواءات في الأمزجة والفكر ممّا يعذب هذا العذاب أكثر ويجعله يزداد"... (من رسالة مؤرخة في 6 ـ 4 ـ 1937). "حبيبتي وحياتي وحبي، لا أحتمل أن تكوني تعيسة أبدًا ـ أحبك ولا توجد أية قوة في العالم تستطيع أن تسلب وتخرب قيد أنملة من حبي اللامتناهي لك، لم أستطع الكتابة إليك البارحة بسبب زحمة العمل، وإملاءات الوقت الذي أعايشه... أحبك". (من رسالة مؤرخة في 19 ـ 3 ـ 1937).




طوال هذه المراسلات، والكتابة بطبيعة الحال، كانت "ملهمته" حاضرة: "بشكل عام، هناك في هذه اللحظة فوران مذهل في ذلك الجزء من ذهني المسؤول عن الإلهام والموسيقى والمتاحف، لدرجة أنني أعتقد أنني سأكتب ببساطة قصة قصيرة إذا أتيحت لي فرصة ولو ليوم واحد" (من رسالة مؤرخة في 8 ـ 2 ـ 1936). غالبًا ما يتأخر العمل الجاري، أو يُمنع، بسبب الحياة المحمومة التي يعيشها والحاجة إلى تلبية احتياجاته المالية. "لأنني نسيت كيف أكتب" (لندن، 27 فبراير/ شباط 1937). وبعد أيام عدة، يكتب لها من باريس: "ثم أني الآن منشغل كذلك بكتابة شيء آخر، ولم أجنِ شيئًا، ولم تتضح رؤيتي. لذلك مزقت بعصبية خمس صفحات مما كتبت، ثم تغير مزاجي"... (من رسالة مؤرخة في 10 ـ 3 ـ 1937).من جانبها، فإن فيرا، التي قرأته حتى قبل أن تعرفه، ستكون دائمًا إلى جانبه، ستكون مساعدته الثمينة، سواء كانت قارئة، أو مصححة لغوية، أو حلقة وصل مع المحررين ومديري المجلات.

(5)
هنالك شغف آخر يمر عبر هذه المراسلات: الفراشات! تتضمن بطاقة بريدية من أبريل/ نيسان 1929 جملة واحدة فقط: "يا حبيبتي، لقد اصطدت الفراشة ثاياس"... في باريس، في فبراير/ شباط 1936، التقى بفرديناند لو سيرف في مختبر علم الحشرات بمتحف التاريخ الطبيعي، ولاحظا معًا شرنقة Micropteryx، وأنواعًا جديدة من Ornithoptera، ومجموعة من Parnassius. وقد تمّ الترحيب به في متحف لندن بأذرع مفتوحة: "صباح هذا اليوم، توجهت إلى قسم الفراشات في المتحف البريطاني للتاريخ الطبيعي... وقد عرفني بعض العاملين من خلال منشوراتي في مجلة (عالم الفراشات من سنين ماضية) ورحبوا بي وأبدوا حماسهم لو أني عملت معهم، ومتى أرغب وقد وضعوا تحت تصرفي كل المجاميع، بل كل المكتبة، علمًا أن نوع الفراشات الذي قنصته في مولينيه في جبال الألب لم يزل مجهولا..." (من رسالة مؤرخة في 6 ـ 4 ـ 1939).
استقرت عائلة نابوكوف في باريس منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1938، وتمكنت من الفرار من فرنسا في مايو/ أيار 1940، حيث كانت فيرا من أصل يهودي، ولجأت إلى نيويورك. عاشت العائلة في الولايات المتحدة حتى عام 1961. كان فلاديمير أستاذًا للأدب المقارن، وقام بتدريس اللغة الروسية في كلية ويليسلي في ماساتشوستس. وسيقوم بجولات متكررة للتحدث حول عمله في ولايات فرجينيا، وكانساس، وبالتيمور. أثناء جولة لإلقاء المحاضرات في كامبريدج، أُجبر على التحدث والكتابة باللغة الإنكليزية، وقد تغلب عليه الحنين: "على طول الطريق، اجتاحتني ومضة من الإلهام غير المحدود ـ رغبة رهيبة في الكتابة ـ والكتابة باللغة الروسية. ولكن لا أستطيع. أشك في أن أي شخص لم يختبر هذا الشعور يمكنه أن يفهم حقًا طبيعته المؤلمة والمأساوية. ومن وجهة النظر هذه، فإن اللغة الإنكليزية هي وهم ومصطنع" (كامبريدج، ماساتشوستس، من رسالة مؤرخة في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1942).
عادت العائلة إلى أوروبا ـ واستقرت في مونترو بسويسرا ـ في عام 1961. وكانت لا تزال هناك بضعة أيام نادرة من الانفصال. في أبريل/ نيسان 1970، غادر نابوكوف إلى تاورمينا، صقلية، حيث انضمت إليه فيرا. هذه الرسائل الخمس الأخيرة مليئة بالعبارات والملاحظات المبهجة، كأن يكتب لها عن استيقاظه الساعة الثالثة صباحًا بسبب بعوضة "جائعة جدًا، وحدانية جدًا، ومحترفة جدًا"، وبعد يومين في 8 ـ 4 ـ 1970 يقول لها: "وأخيرًا عثرت على المطعم القديم الذي حدثتك عنه. إنه مطعم انجيلو، وذهبت وطلبت كانيليني مع القهوة، ولكن حدثت معجزة كتلك التي وقعت في روايتي "ربيع في فيالتا"، إذ ظهرت الشمس فجأة فألغيت طلبي من القهوة وبسرعة هممت بالخروج... ثم انطلقت أركض وراء نوع نادر من الفراشات الساحرات"...
في 15 ـ 4 ـ 1971، يرسل لها تلغرامًا "يا حبيبتي، احتفاء بالذكرى السادسة والأربعين لزواجنا". كان ذلك قبل وفاته بسبع سنوات حيث غادر يوم 2 يوليو/ تموز 1977. ومعه لا تنتهي الرسائل فقط، بل حقبة من تاريخ أدب لا يزال يطرح علينا كثيرًا من الأسئلة الجادة والحقيقية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.