}

العراق يحتفي رسميًا بمئوية نازك الملائكة

أجندة العراق يحتفي رسميًا بمئوية نازك الملائكة
نازك الملائكة (1923 - 2007)

احتفت بغداد، وعلى مدى يومين، بمئوية رائدة الشعر العربي الحديث نازك الملائكة، بحضور جماهيري لافت ضاقت به مدرجات "مسرح الرشيد"، حتى أن العشرات من المدعوين آثروا البقاء خارج قاعة المسرح.
حضر الاحتفال في جلسة افتتاحه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي ربما يكون الأول الذي يرعى هكذا احتفالات منذ عام 2003، وسط غيابٍ ظاهر لوسائل الإعلام المختلفة، وشخصيات سياسية.
وُلدت نازك الملائكة في 23 أغسطس/ آب 1923 في بيئة ثقافية. الأم شاعرة، والأب كاتب. تخرجت في دار المعلمين العالية عام 1944. وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن ـ ماديسون في أميركا. وعينت أستاذة في جامعة بغداد، وجامعة البصرة، ثم جامعة الكويت. عاشت في القاهرة منذ 1990 في عزلة اختيارية، وتوفيت فيها في عام 2007 عن عمر 84 عامًا، ودفنت في مقبرة خاصة بالعائلة غرب القاهرة. وتعد الملائكة، كما يرى بعض النقاد، أوّل من كتبت الشعر الحر في عام 1947، ويعد بعضهم قصيدتها "الكوليرا" من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي. وكانت تلك الفترة مقاربة جدًا للشعراء بدر شاكر السياب، وشاذل طاقة، وعبد الوهاب البياتي، وهؤلاء كانوا رواد الشعر الحديث في العراق بعد صراع طويل دار بينهم حول بداية كتابة الشعر الحر، أو الحديث. لها إصدارات عديدة، منها في الشعر "عاشقة الليل" (1947)، و"شظايا ورماد" (1949)، و"قرارة الموجة" (1957)، و"شجرة القمر" (1960)، و"كذلك يغيّر ألوانه البحر" (1977)، و"مأساة الحياة وأغنية الإنسان" (1977)، و"الصلاة والثورة" (1978)، وغيرها من الإصدارات الشعرية. أما في النقد، فلها "قضايا الشعر المعاصر" (1962)، و"التجزيئية في المجتمع العربي" (1974)، وهي دراسة في علم الاجتماع. وكذلك "سيكولوجية الشعر" (1992)، و"الصومعة والشرفة الحمراء" (1965)، والمجموعة القصصية "الشمس التي وراء القمة" (1997).

حضور رسمي عراقي في احتفال مئوية نازك الملائكة




في جلسة الافتتاح، قال رئيس الوزراء إن العراق بلد الحرف والشعر وبلد الريادة في الموقف والكلمة، وهو ما يفخر به العراق على مدى تاريخه الطويل. وأضاف: إن هذا الماضي الذي لم نزل ننهل منه هو أحد أهم مقوّمات الحاضر كي يتوهّج المستقبل، عادًّا الملائكة واحدة من رسل الكلمة والحداثة والتعبير الحقيقي عن المخاض المستمر للتطور سواء في الشعر أو غيره. أما مستشار رئيس الوزراء، ورئيس الاحتفالية، الشاعر عارف الساعدي، فقال إن العراق بلد الحضارات، وهو ما جعلنا نؤمن أن حتمية التغيّرات الإبداعية تنطلق من أرض العراق. وأضاف: إن مئوية رائدة الشعر العربي الحديث إنما هي احتفال واحتفاء بالحرف والكلمة والإبداع المتجدّد، وإن المخاضات العديدة التي شهدها العراق لم تكن مخاضات الموت واليأس، بل هي لولادة الإبداع الذي بدأ في الشعر العمودي، ولم ينته حتى في قصيدة النثر، وما بينهما، من قصيدة التفعيلة، أو الشعر الحر، حيث كان العراق أصله ومنطلقه. وأشار إلى أن الاحتفالية التي رعاها السوداني لم تأت لمجرّد الاحتفال، بل هي رسالة الى العالم بأهمية مكانة العراق، خاصة أن عددًا من الشعراء العرب شاركوا في هذه الاحتفالية من بلدان عربية عديدة، من المغرب وتونس والجزائر ولبنان وعُمان والبحرين والأردن.
وضمت الاحتفالية ثلاث فقرات، الأولى شهدت إلقاء الكلمات وقيام الفنانة الدكتور شذى سالم بقراءة وإلقاء قصائد ممسرحة للملائكة بصوتها، وقراءات لقصائد الشعراء كاظم الحجاج، وعلوي الهاشمي، وفائدة آل ياسين، ومحمد إبراهيم يعقوب، وأكرم الزعبي، وعامر عاصي. وقدمت فرقة "سومريات" بقيادة المايسترو علاء مجيد مجموعة من الأغاني التراثية. والفقرة الثانية تضمنت جلستين نقديتين، الأولى شارك فيها الشاعر اللبناني شوقي بزيع، والناقد العراقي فاضل ثامر، والشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، والناقدة العمانية سعيدة بنت خاطر الفارسي، وأدار الجلسة الناقد العراقي الدكتور عبد الله إبراهيم. فيما كانت الجلسة النقدية الثانية بمشاركة الناقد الجزائري الدكتور يوسف وغليسي، والناقد العراقي الدكتور عبد العظيم السلطاني، والشاعر العراقي الدكتور فائز الشرع، والناقد العراقي الدكتور أحمد مهدي الزبيدي، وأدارها العراقي الدكتور عبد الستار جبر. والفقرة الثالثة من الاحتفالية كانت في الجلسة الختامية، وشهدت عزفًا لفرقة العود، وقراءات لشوقي بزيع، وحميد قاسم، وآدم فتحي، وأجود مجبل، وهناء أحمد، وكذلك الشعراء مخلص الصغير، وهاشم الجحدلي، وأحمد عبد الحسين، وأحمد الجار ياسين.




وقال الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق، الشاعر عمر السراي، إن هذه الاحتفالية المركزية التي ترعاها الدولة لها دلالات عميقة، من أهمها أن الأدب هو الذي يولد الاستقرار والوعي والثقافة. وأضاف: إن الاحتفال بنازك الملائكة ليس لكونها تمثّل الريادة الشعرية فحسب، بل هي تمثّل العمق الشعري للعراق الذي يعد واحدًا من أهم دعامات الأدب العربي، فالعراق هو حاضنة الشعر، وعلى أرضه ولد الشعراء الكبار، أمثال المتنبي. وأشار إلى أن الاتحاد داعم وفاعل مع هكذا فعاليات ليس بصفته النقابية، بل بصفته الأدبية التي ينضوي تحتها كل الأدباء عبر مسيرتهم الإبداعية. ولهذا فإن الاتحاد يدعو إلى الاحتفال أيضا بقامات أدبية كثيرة ولدت في العراق وانطلقت إلى العالم، مؤكدًا أن البلد الذي يحتفي بمبدعيه هو بلد حيّ وبانٍ للحضارات.
مدير بيت الشعر في المغرب المخلص الصغير قال: إن حضورنا هو من أجل استئناف النظر في تجديد الشعر العربي، فلعل هناك من يجدد هذا الشعر بعد مئة سنة، أو بعد التجربة الرائدة التي خاضتها هذه الشاعرة التي لم يكن هدفها تجديد الشعر العربي وحده، بل تجديد المجتمع العربي وتحرير الشعر وتحرير المرأة التي كتبت عنها.
مدير بيت الشعر في الشارقة ومدير مهرجان الشارقة للشعر العربي، محمد عبد الله البريكي، قال إن الملائكة كانت مغايرة في كل شيء، وأكد أن الاحتفالية والاحتفاء بها يعني أن الشعر العربي لا يزال في وجدان العرب، ويمثل الحياة والاستمرارية، وهو وسيلة من وسائل التواصل الإنساني والإبداعي العربي.
وقال رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين، أكرم الزعبي، إن هذه الاحتفالية تبرز أهمية الاحتفاء بالثقافة بشكل عام والشعر بشكل خاص، والاحتفال بالملائكة يعد احتفالًا بمن ترك بصمةً لم تزل مستمرة حتى يومنا هذا.
وقال عضو أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، الشاعر علوي الهاشمي: ان الملائكة تعد رمزًا ثقافيًا ونقديًا وشعريًا في الوطن العربي، وليس عجيبًا أن يحتفل العراق، فمنه ظهر أول هذه الرموز إلى الدول العربية. ولفت إلى أن الملائكة في شراكة إشكالية محبّبة مع رفيق دربها الشاعر بدر شاكر السياب، إلى جانب كوكبة من الشعراء الرواد الذين داروا في محيط مركزه الحداثة.
أما الشاعر التونسي آدم فتحي فقال إن الأمم لا تنهض ولا تصمد ولا تنجح إلّا بالوفاء لرموزها، ونازك الملائكة رمز أساس في الذائقة الشعرية والثقافية العربية.
في حين قال الناقد العراقي عبد الله إبراهيم إن الاحتفاء برموز الثقافة يروي الأرض العربية والعراقية التي كادت تجدب.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.