}

في رحيل أحمد عمر: رائد الكتابة الصحافية للأطفال

إيهاب محمود 16 أغسطس 2024
أجندة في رحيل أحمد عمر: رائد الكتابة الصحافية للأطفال
حصد أحمد عمر جائزة صحافة الطفل عام 2004
على مدى ما يقرب من خمسة وأربعين عامًا، ظل الكاتب الصحافي المصري أحمد عمر مؤمنًا بالطفل، باحتياجاته، ومتطلباته، وإسهاماته، وكيفية بلورة أفكاره وتقديم كل ما يحتاجه على المستوى الفكري والمعرفي، في وقت وفترة لم يكن ثمة اهتمام بصحافة الطفل أو الكتابة له، ليشق عمر غبار هذا الطريق، ويؤسس لمدرسة صحافية في الكتابة للطفل، بدأها رئيسًا لتحرير مجلة "ماجد"، أول مجلة عربية مختصة بالأطفال، في عام 1979، واستمر في موقعه حتى عام 2004، وعلى مدار ربع قرن، نجح عمر في جذب اهتمام الأطفال العرب بمختلف توجهاتهم وبلدانهم، إلى أن انتهت رحلته، في التاسع من آب/ أغسطس الجاري، ليرحل عن عالمنا عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.
كانت قراءته لروايات أرسين لوبين المنطلق الذي بدأ من عنده عمر في التفكير بأن الطفل يستطيع ويجب أن يقرأ كل شيء. يقول في أحد لقاءاته الصحافية: "كان هذا النوع من الروايات مشوق للغاية، وقد يرى البعض أن هذه النوعية لا يصح للأطفال الاطّلاع عليها، لكنني أرى العكس وذلك لأنها تنمي الذكاء، كما أن الطفل لن يتركها قبل أن ينتهي من قراءتها ثم يبحث عن غيرها وهذا يعوّده على القراءة".
آمن عمر بأن تشجيع الأطفال على القراءة مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجلة، "فإذا لم يهتم الطفل منذ صغره بعادة القراءة فلن يهتم بها مستقبلًا، كما أن مجرد اهتمام الطفل بقراءة مجلة خطوة على طريق اكتساب عادة القراءة".
بحسب عمر، فإنه نظرًا لحاجة الأطفال العرب إلى مطبوعة تعبر عنهم وتشبع احتياجاتهم الثقافية والإبداعية، كانت الضرورة الملحة لإصدار مجلة "ماجد"، لتسهم في تقديم وسيلة للتعبير عن فكر الطفل العربي ومشاعره من خلال الكلمة والرسم، أما شخصية ماجد ذاتها فكانت تعكس كثيرًا من القيم الإنسانية، وليس كما هو معتاد عن الأبطال الخارقين، وهو ما جعله مقربًا من عالم الطفولة العربي.
كانت المدرسة الصحافية في الكتابة للطفل التي أسسها أحمد عمر متفردة على عدة مستويات، أبرزها أنها لم تصدر لتقدم أبطالا خارقين، ولا مغامرات وهمية، قد تكون مسلية للطفل بطبيعة الحال، وإنما سعت المجلة في جوهرها ومضمونها إلى تصدير القيم الإنسانية كبطل للحكاية، وهدف يجب أن يتعود الطفل على ارتياده، وغاية يستطيع الطفل الوصول إليها كحلم كبير.
لم تكن شخصية "ماجد"، التي ابتكرها عمر، مجرد شخصية كرتونية فحسب، بل كانت أيضًا صديقًا للأطفال، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويعلمهم القيم النبيلة. لذلك تعد مجلة "ماجد" أشهر مجلة أطفال عربية والأكثر توزيعًا على مستوى الوطن العربي، حيث ساهمت في بناء عقول أجيال كثيرة من الأطفال وتنشئتهم.
تجربة أحمد عمر في صحافة الطفل ظلت تتميز بتفردها على مدار نحو نصف قرن بسبب إيمانه الشديد بما يفعل، حيث تحدث عمر في مناسبات عدة، عن حلمه بتوسيع نطاق الكتابة للطفل، وإنتاج أفلام ومسلسلات حقيقية وهادفة للأطفال، واضعا الرهان في كل مرة على وعي الطفل العربي ومستوى إدراكه.
حصد أحمد عمر جائزة صحافة الطفل عام 2004 تقديراً لمسيرته الحافلة وإسهاماته الكبيرة في مجال الصحافة للأطفال. وظل عمر حتى بعد تركه رئاسة تحرير المجلة، يثري أعداد المجلة بقصص مجموعة من الشخصيات التي اشتهرت بها، مثل "زكية الذكية" و"النقيب خلفان"، وغيرهما من الشخصيات المحبوبة لدى الأطفال.
وبرحيل أحمد عمر، يكون قد ترك فراغًا في مجال الصحافة العربية، ولا سيما في صحافة الأطفال، حيث ساهم بصورة كبيرة في تعليم وتنشئة العديد من الأجيال المتعاقبة عبر إصدارات "ماجد" على مر السنين.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.