}

صداقة بونار – ماتيس: رابطة فنية وإنسانية

أسعد عرابي 18 أكتوبر 2024
تشكيل صداقة بونار – ماتيس: رابطة فنية وإنسانية
إلى اليمين بيير بونار وإلى اليسار هنري ماتيس
موضوع المعرض الراهن هذه المرَّة من جديد: لقاء مقارن بين قطبين رائدين هما هنري ماتيس (1869 - 1954 م) وبيير بونار (1867 - 1947 م) وذلك من خلال معرض حاشد كثيف لاقى إقبالًا وجمهرة كثيفة، اجتمعت لوحاته (المجلوبة من آفاق متباعدة تجتمع لأول مرة) على جدران متحف المؤسسة الأولى للفن الحديث والمعاصر في فرنسا، "وهي مؤسسة مايت" العالمية الشهيرة في مدينة "سان بول دوڤانس" التي تقع في الجنوب المتوسطي بين مدينتي كان ونيس.
نكتشف في هذا المعرض النادر لأول مرة صداقتهما البالغة الحميمية لدرجة أنها خلال السنوات الأخيرة تتمثل في علاقة توأمية فنية (سنتعرض لها لاحقًا) وخاصة إنسانية لحد أنهما ثابرا على اللقاء كل يوم على مائدة الغداء أو العشاء، ناهيك عما فاتنا من نقاشاتهما الفنية البالغة الندرة والعمق والثراء، وما خفي من ألغاز تشكيلية تجمعهما.

يمثل المعرض إحياءً للذكرى الستين لميلاد المؤسسة، حيث تم تأسيسها في مدينة سان بول ديڤانس في تموز/ يوليو من عام 1964 م من قِبَل زوجين من المستثمرين المشجعين للفنون والآداب والطباعة والنشر بما فيه (الليتوغراف) الطباعة الحجرية (وكانا قد افتتحا قبلها غاليري لعمل لقاءات فنية ثقافية في باريس عام 1945 م)، وهما مارغريت وقرينها إيمي مايت وسمِّيت هذه المؤسسة باسم العائلة مايت وتمَّ افتتاحها من قبل وزير الثقافة الديغولي والناقد الفني أندريه مالرو، وذاعت شهرتها بسرعة لاحتكارها التبشير بالحداثة والمعاصرة.





لعلَّ نكبة فقدانهما لابنهما الثاني دفعتهما منذ عام 1953 م للتوجه إلى الولايات المتحدة لزيارة المؤسسات الفنية الكبيرة على غرار مؤسسة غوكينغهام وبارن وفيليب ومن ثمَّ عملا على تأسيس مؤسسة مايت كمركز ثقافي كبير في جنوب فرنسا.
أقيم خلال ستين عامًا أكثر من مئة وخمسين معرضًا لأبرز الفنانين في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، وقد بصمت بنشاطها تاريخ الفن من ناحية شيوع حداثته العالمية.
والأطرف أصالة هو تواصله مع بقية الفنون، خاصة لعرض مشاهد من الرقص المعاصر (على مثال موريس بيجار)، لذلك نعثر في المعرض المقارن خاصةً على وحدة موضوع الرقص لدى الرائدين. تبشِّر مؤسسة مايت بفن ملتصق عموديًا بالحياة، مثل المعارض الليلية والمشاهد المسرحية والبرفورمانس وبعض التظاهرات التي تقمصت الارتحال في المراكب المسافرة وصولًا حتى التظاهرات الشعرية وموائد الحوار التي لا تنقطع على طريقة أثينا وهكذا، هو ما جعل نشاطها رائدًا بعيدًا عن الصيغ التقليدية في العروض، وذلك ضمن ديمومة متصلة ومتواصلة لا يفتر نشاطها.
افتتحت الصالة الرئيسية ذلك العام للمجموعة الدائمة، أعقبها تكريس شهر كامل للأوركسترا الموسيقية النخبوية.
يرتفع مستوى العناية بالمعرض المزدوج على مستوى المناسبة حيث يكشف علاقة الفنانين الرائدين بعائلة مايت من خلال الوثائق النادرة التي تعرض لأول مرة، ورغم السعي للبحث الحثيث عما يجمع لوحات الاثنين (بحيث يتم العرض بصيغة توأمية مزدوجة، تعرض كل مرة لوحتين لكل منهما جنبًا إلى جنب)، فإن العرض حافظ مع ذلك على كل من الخصائص المميزة لكلٍّ على حدة وعلى مستوى الحساسية اللونية والعلاقات المتباينة مع شمس الجنوب المتوسطي وفراديسه اللونية.
أغنى المعرض ما تخلله من أفلام عن سيرة الاثنين الفنية، كذلك العديد من الندوات النوعية بمستوى نقدي نخبوي، بالإضافة إلى الورشات الفنية الناشطة خاصة الموجهة إلى الشباب الصغار.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.