}

عروض سينمائية فلسطينية في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي

سينما عروض سينمائية فلسطينية في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي
(الصور من صفحة المهرجان على فيسبوك)

 

احتضنت الجزائر مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في طبعته الرابعة، خلال الفترة الممتدة من 24 إلى 30 نيسان/ أبريل. وقد تضمن الحدث برنامجًا خاصًا للسينما الفلسطينية تحت عنوان "تحيا فلسطين" يهدف إلى التعريف بالإنتاج السينمائي الفلسطيني وصناعه. وتأتي هذه الالتفاتة دعمًا للشعب الفلسطيني في ظل العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة وتضامنًا من المهرجان مع القضايا العادلة وتكريسًا لدور السينما في تسليط الضوء على معاناة الشعوب، لا سيما بحضور وجوه سينمائية عالمية وممثلين دوليين المهرجان، من أمثال الأميركية جوستين باردا، صاحبة منصة رقمية تضم 600 ألف فيلم هدفها التعريف بسينما مختلف دول العالم في الولايات المتحدة، إلى جانب السيناريست والمخرج التركي العالمي نوري بيلج جيلان، والممثلة الإسبانية إيتزيار إيتونيو، بطلة المسلسل الإسباني الشهير Casa de Papel المعروفة بدور "لسبون" أو "المفتشة راكيل موريللو".

وشهد المهرجان العرض الشرفي للفيلم الجزائري "بن مهدي" الذي يسلط الضوء على واحد من أبرز الشخصيات الثورية في البلاد، بالإضافة إلى عرض فيلم "العائلة" للمخرج المعروف مرزاق علواش، واحتضن عدة فعاليات على غرار منتديات صناعة السينما والورشات التدريبية الموجهة للطلاب في التمثيل، السيناريو، الإنتاج والإخراج نشطها ممثلون ومخرجون ومنتجون جزائريون أمثال يحيى موزاحم، خالد بن عيسى وفوزي بن براهيم، إلى جانب مسابقات جوائز المهرجان في فئات الفيلم الروائي الطويل، الفيلم القصير والفيلم الوثائقي، حيث حصد فيلم "ماتريا" الإسباني، للمخرج ألفارو جاجو، جائزة الغزالة الذهبية في فئة الفيلم الروائي الطويل، وعادت الجائزة الكبرى في فئة الفيلم القصير، للفيلم الفلسطيني "سوكرانية 59" للمخرج عبد الله الخطيب، بينما توّج الفيلم الإيطالي "صارورة" للمخرج نيكولا زامبلي بالجائزة الكبرى في فئة الفيلم الوثائقي.

من الأفلام الفلسطينية في المهرجان 


برنامج "تحيا فلسطين"

تميّز مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بعرض مجموعة من الأفلام الفلسطينية وتنظيم ندوات صحافية بمشاركة سينمائيين فلسطينيين، على غرار ندوة "تحيا فلسطين" المنظمة في الثامن والعشرين من الشهر، في إطار برنامج خاص، جاء ثمرة الشراكة الأولى من نوعها بين إدارة مهرجان عنابة ومؤسسة الفيلم الفلسطيني التي تسجل أول تعاون لها مع المهرجانات السينمائية في الجزائر.

وقد جاءت العروض السينمائية التي صوّرت في الأراضي الفلسطينية متنوعة، وأثارت مشاعر الجمهور الجزائري، منها فيلم "ابن شوارع" للمخرج محمد المغني، وفيلم "فلسطين 87" للمخرج بلال الخطيب، وفيلم لمجد العمري بعنوان "مار ماما"، وغيرها من العروض التي تتناول معاناة الشعب الفلسطيني واحتضنتها فعاليات الطبعة الرابعة من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي.

عرض فيلم الشهيد رشدي السراج

أثار فيلم "بنك الأهداف" استحسان الجمهور الجزائري وتعاطفه خلال عرضه في المهرجان. ويصوّر الفيلم ويوثّق لاستهداف الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية لمدينة غزة سنة 2021، من خلال تصوير مباشر لقصف مبنى سكني في المدينة، وجهود الصحافيين لإنشاء سجل خاص بجرائم الحرب الاسرائيلية فور حدوثها. وقدّم مخرج الفيلم رشدي السراج مشاهد الدمار الذي خلّفه القصف العنيف على المباني والمنشآت في قطاع غزة. ونقل شهادات حية لشهود عيان من مدنيين وصحافيين أمثال مراسل "الجزيرة" وائل الدحدوح، الذين عبروا عن معاناتهم جراء العدوان الإسرائيلي ووصفوا وحشية المحتل، كما وثق المخرج جهود الصحافيين الكبيرة في نقل صور الدمار إلى العالم وكشف حقيقة ما يحدث داخل غزة.

واستذكر الجمهور الذي حضر العرض من عائلات، فنانين، صحافيين وسينمائيين المخرج الفلسطيني رشدي السراج، الذي استشهد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إثر قصف إسرائيلي على منزله الواقع في حي تل الهوى غربي مدينة غزة. وكان السراج مصورًا وصحافيًا ومالكًا لشركة "عين ميديا" الإعلامية الخاصة في فلسطين، رفض الخروج من غزة وفضّل الاستشهاد على أرضها، وهو صاحب المنشور الشهير على مواقع التواصل الاجتماعي: "لن نرحل وسنخرج من غزة إلى السماء وإلى السماء فقط".

معاناة الهجرة واللجوء وصعوبة التعايش

تفاعل الجمهور مع فيلم "سوكرانيا 59"، وهو فيلم فلسطيني قصير للمخرج عبد الله الخطيب، عرض يوم 26 نيسان/ أبريل ضمن الأفلام القصيرة المبرمجة في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي. يروي الفيلم قصة عائلة فلسطينية لاجئة في ألمانيا. تتكوّن العائلة من الأم عائشة، زوجها جمال وابنهما جعفر، الذين فرّوا بصعوبة من مخيم اليرموك الفلسطيني في سورية، بعد قصفه وتدميره.

وفّرت لهم مؤسسة رعاية اللاجئين بألمانيا منزلًا مؤقتًا تحت إشراف حارس بلدي ثقيل المزاج. وكان عليهم تحمله وتطبيق أوامره، وهو الشيء الذي لم يتعودوا عليه في حياتهم الماضية. وما زاد في صعوبة الإقامة، أن إدارة اللاجئين جاءتهم بعائلة لاجئة من أوكرانيا فرت من الحرب الروسية متكونة من الأم فالنتينا وابنتها ناتاشا. أصبح التعايش بين العائلتين مفروضا على الجميع رغم الاختلاف الكبير في الثقافة والعادات ونمط العيش، ليُضاف كل ذلك إلى معاناة الهجرة واللجوء. تضطر العائلتان إلى العيش معًا على الرغم من اختلاف العادات والتقاليد، وبذلك يصور المخرج كيف توحد الأزمات البشر على الرغم من اختلافاتهم.

من الأفلام الفلسطينية في المهرجان 


مرارة الحياة تحت سيطرة الاحتلال

تابع الجمهور الجزائري عرض فيلم "الأستاذ" الذي أنتج سنة 2023 وأخرجته الفلسطينية فرح النابلسي، وتميّز بأداء استثنائي من صالح بكري، ايموجين بوتس، ومحمد عبد الرحمن، وذلك يوم 26 أبريل. يسلط الفيلم الضوء على المعاناة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون بسبب الاحتلال الذي يقتحم بيوتهم ويهدمها ويقتل أبناءهم ويعتقل بعضهم، يحرق أشجار الزيتون ويرتكب المجازر في حقهم. نجحت المخرجة فرح نابلسي في تصوير الإحباطات اليومية وحالة الغضب التي يعيشها الفلسطينيون، بسبب سيطرة الاحتلال الذي يحاول أن يملي عليهم ما يفعلونه ويعتدي عليهم تحت تهديد الأسلحة النارية.

ويروي الفيلم قصة باسم، الدور الذي أداه الفنان صالح بكري، في شخصية الأستاذ الذي اعتقل ابنه وتوفي داخل سجون الاحتلال، فيقوم بخطف جندي إسرائيلي، تسعى سلطات الاحتلال إلى استعادته بكل الطرق. في المقابل يتسبّب مستوطن بقتل أحد تلاميذ باسم ويفلت من الحساب، ليضطر في النهاية إلى قتله. 

خوف الأطفال في الحروب

 شاهد الجمهور الجزائري بتأثر بالغ العرض الحصري لفيلم "مار ماما" للمخرج مجدي العمري في 26 نيسان/ أبريل. يروي الفيلم قصة طفلة خائفة من الموت، بسبب فقدانها لأمها والهجمات المتتالية على مدينتها، يستعمل والدها عدة حيل من أجل تشتيتها، ولكن الواقع يفرض نفسه عليهما، فلا تجد إلا الخيال مهربًا. استلهم المخرج فكرة الفيلم من تجربة شخصية، حيث كان يعيش مع ابنته بمفردهما في مدينة مونتريال ويتابع أخبار فلسطين بشكل دائم، ولأنه يجد صعوبة في الإجابة عن بعض أسئلة ابنته، لطالما تساءل كيف يشرح الآباء هناك لأطفالهم ماهية الحرب وكيف يتعاملون مع عجزهم عن تقديم المساعدة لهم. وتأثر الجمهور بأداء الطفلة لانا أبو سرور، التي لعبت الدور ببراعة كبيرة، رغم أن عمرها 6 سنوات فقط.

وفي نفس السياق وعن قصص الأطفال دائما، عرض الفيلم الفلسطيني "اهتزازات غزة" بالمهرجان، ليصوّر حياة الأطفال الصم في المدينة، وكيف يستشعرون الضربات الجوية من الاهتزازات في الهواء وارتجاج الأرض ودوي الانفجارات وانهيار المباني. تروي المخرجة رحال نزال في الفيلم قصة مجموعة من الأطفال منهم إسراء، أماني وموسى، يعيشون في مدينة غزة المحاصرة ويعايشون القصف الإسرائيلي العنيف على مدينتهم ويشاهدون المسيرات في السماء ويستشعرون ذلك. 


قصص مختلفة والمعاناة واحدة

تختلف قصص العروض السينمائية الفلسطينية التي احتضنها مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي وتختلف أشكالها وتتفرع إلى أفلام وثائقية وأخرى خيالية، منها الأفلام الطويلة والقصيرة، ولكنها تشترك في موضوع واحد: معاناة الشعب الفلسطيني في ظل احتلال أراضيه. وإلى جانب جميع العروض السابقة، شاهد الجمهور سلسلة طويلة من الأفلام الفلسطينية منها على سبيل المثال لا الحصر، فيلم "على البحر" من إخراج وسام الجعفري، والذي عرض يوم 28 نيسان/ أبريل، ويروي قصة حياة امرأة وحيدة، تعيش مع ابنها ويطارد جنود الاحتلال زوجها. في حين يروي فيلم "فلسطين 87" للمخرج بلال الخطيب، قصة مطاردة جيش الاحتلال لشاب خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

وإلى جانب العروض السابقة، جاء العرض الحصري لفيلم "المعبر" من إخراج أمين نايفة، ليروي قصة ثلاثة إخوة يحلمون بزيارة جدّهم الذي يعيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يحصلون على تصريح العبور بصعوبة فيشعرون بالسعادة التي تنقلب سريعًا إلى حزن كبير حين يكتشفون أن جدهم توفي. وجاء عرض فيلم "ابن شوارع" ضمن سلسلة العروض المؤثرة كذلك، وهو فيلم وثائقي يروي قصة الطفل خضر، الذي تحاول عائلته إصدار بطاقة هوية له من أجل التنقل في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين وما يصاحبها من مفاجآت.

في الختام، يمكن القول إن مبادرة "تحيا فلسطين" التي احتضنها مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، نجحت في استقطاب الجمهور الجزائري وضيوف المهرجان الأجانب وتسليط الضوء على السينما الفلسطينية وصناعها ودورها في كشف معاناة الشعب الفلسطيني ووحشية الاحتلال الإسرائيلي.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.