}

مخيم النصيرات: عاصمةُ الشّتات الغزّي

محمد جميل خضر محمد جميل خضر 15 يونيو 2024
أمكنة مخيم النصيرات: عاصمةُ الشّتات الغزّي
صورة من الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في مخيم النصيرات
عبثًا أحاول الوصول إلى معلومات عن مخيم النصيرات لا ترتبط بالمذبحة الدامية التي ارتكبها العدو الصهيوني في المخيم ظهيرة السبت الماضي 8 حزيران/ يونيو 2024، بذريعة (تحريره) أربعة من أسراه الذين أسرت المقاومة الفلسطينية العشرات منهم في السابع من أكتوبر الماضي 2023، وزادَت عديدَهم في 25 أيار/ مايو 2024، بعد كمين محكم نفذته في مخيم جباليا.
كل الفيديوهات، أو معظمها للدّقة، تعرض مشاهد مختلفة، أو متشابهة، للجريمة الحاقدة التي راح ضحيتها زهاء 300 شهيد و700 جريح، كل الصحف والمواقع، أو معظمها للدّقة، كتبت، أو تكتب، عنها إخبارًا، أو تحليلًا.
ورغم أنها ليست الجريمة الأولى التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق المخيم الأهم في وسط القطاع، الذي يطلق عليه الناس هناك "عاصمة الوسطى"، فكلّنا يتذكّر الجريمة التي وقعت بتاريخ 25 كانون الأول/ أكتوبر 2023، في المخيم، وراح ضحيتها مئات الشهداء الفلسطينيين من الأطفال والنساء والمدنيين، من بينهم 12 شهيدًا من عائلة الصحافي وائل الدحدوح، بمن فيهم ابنه محمود، وابنته شام، وزوجته ميار، ومجازر أخرى كثيرة بعد الطوفان وقبله، إلا أن الجريمة الجديدة كان لها وقع الأسى بسبب التفات العالم (الحُر) لنجاحِ مهمة (تحرير) بضعة أسرى، من دون أي تطرّق لِما رافق العملية الغادرة من قتلٍ وتدمير (89 منزلًا دمرها القصف الصهيوني بالكامل)، ومن دون أي إدانة (على خواء معنى الإدانة بحد ذاتها)، ومن دون أيّ بَواكي، فلا بَواكي للدم الفلسطيني الذي يواصل، في النصيرات وكل أرجاء القطاع، انهماره المِدرار كما لو أن الدم في فلسطين يصير أنهرًا... يستحيل دروبًا... يرتقي إلى كونه دحنونَ الطرقات إلى الوطن... إلى تحرير كامل التراب، وكامل إنسانية الإنسان.

بعيدًا عن... قريبًا من...

بعيدًا عن المجزرة التي ما كنت أتمنى ولا في أسوأ كوابيسي أن تكون المدخل لتناول أيّ مكانٍ من الأمْكنة... فإن لِمخيم النصيرات قصة... هي، كما لا أخفي عليكم، قصة كل مخيم فلسطيني، الْتئم في رقعتهِ الجغرافية الصغيرة عادة، القاسية غالبًا، شتات لاجئين أرغموا، بتهجيرٍ قسريٍّ، على مغادرة مدنهم وقراهم الأصلية في فلسطين المحتلة (وكل فلسطين محتلة).
القرى، تقريبًا، نفسها، فكما في مخيم جباليا الذي تناولناه في مادة سابقة ("مخيّم جباليا: مَهْرُ الطريق من غزّة إلى يافا"، "ضفة ثالثة"، 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023)، ومخيم الشاطئ ("مخيّم الشاطئ: هادئٌ بحرُ غزّة كأنّه بُركان"، "ضفة ثالثة"، 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023)، فإن سكان مخيم النصيرات يتحدّرون من قرى مثل: عاقر قضاء الرملة، والمْغار، وكرتيَة، وزرْنوقة، وجولِس، وجُورة عسقلان، والقْبيبة (أو اقْبيبة شاهين)، ويِبنا، والحَمامة، وكوكَبا، وبْرير، وبيت درّاس، وبْشيت، وغيرها. ومدن مثل: بئر السبع، وأسدود، ويافا، والرملة، وعسقلان، وغيرها.
قريبًا من وجدان الناس هناك، فإن العلاقات داخل المخيم تكاد تتجلى بوصفها علاقاتِ أُسرةِ نكبةٍ كبيرةٍ يحدب فيها كبيرها على صغيرها، ويحترم صغيرها كبيرها. يتفهّمون أنّات بعضهم... يتعاونون في الأفراح والأتراح... وكما يقول رمضان البابا، أحد أبناء المخيم، ذات فيلم وثائقيّ: "تراهم في الأعراس هذا يطبخ بطاطا... وهذا يطبخ باذنجان... وثالث يطبخ ملوخية... وجميعهم يحملون طبخاتهم ويتوجهون إلى أصحاب العرس". البابا يؤكد أن الأمر نفسه من جزيل التعاون يحدث أيضًا في الأحزان، فهم لا يتركون بعضهم، حتى في الأيام العادية، "بيت فلان ما طبخ يحمل له بيتٌ آخر من بيوت أبناء الحارة صحنًا ويمشي الحال".
المصور الفوتوغرافي محمود أبو حمدة، وهو من أبناء المخيم، يقر بهذا التعاون، ويتذكّر كيف أن أمّه وهي تعكفُ على إعداد صحن سلطة، تكتشف خلو البيت من البندورة، فتقوم من فورِها بالمناداة على إحداهن (يا إم أحمد... يا أم محمد)... طالبةً حبتين بندورة كنّ يصلْنها عبر النوافذ القريبة جدًا من بعضها حتى لا أقول المتلاصقة، وطبعًا العكس بالعكس صحيح، فما كانت أم محمود لتطلب شيئًا لو لم تكن قد قدمت قبله أشياء.
قريبًا من الوجدانيات أيضًا، وأيضًا، فإن أبناء مخيم النصيرات قاوموا يَباب المخيم بالزرع من دون هوادة، يزرعون كما يقول البابا ولا ييأسون، ولو في قوّار حوله الزينكو والإسْبست ورمل الطريق الكثبانيّ غير الخصيب، قد يزرعون ريحانة، بيت نعنع، ربما ياسمينة... نعم ياسمينة، أليس مخيمهم عاصمة، فليكن، إذًا، مثل دمشق العاصمة.
أبو حمدة يقول حول هذه النقطة إنه لاحظ أن كل البؤس في عمارة المكان حفّز أهل المخيم لأن يعمّرونه بالخُضرة "قد تجد بيتًا لا تتعدى مساحته 70 مترًا مربعًا، أو حتى أقل، ومع ذلك تكسوه الخضرة من الخارج، وتحيطه النباتات من كل جانب". يقول أبو حمدة "لو ألقيت نظرة على المخيم من مكان مرتفع فإنك لن تجد الزينكو فقط، والإسبست والقرميد، بل سترى غطاء من الأخضر الزاهي يظلّل بيوت المخيم".




ياهِ لأزقّة ترفل بالخصب... ياه للشاعر والفنان المسرحي أ. د. كمال غنيم يهتف من قلب أزقة المخيم: "فلتُقبلوا صوب المنايا رغبةً إن الشهادة منهلُ الظمآنِ... ما صاحَها إلا وطابت ثورتي صوب الجهاد طريقنا بِتفاني... ما صاحَها إلا ونادى شعبُنا الله أكبر زلزلت أرْكاني... وتصارعتْ قبل الشباب شيوخُنا ماجَت جيوش الشعب كالطوفانِ... ولقد خرجت إلى الجهاد بثورةٍ من قسوة القيد الغَشوم أُعاني... أمّاه إني ذاهبٌ فلْتفرحي بعد المنيّة جنّة الرحمنِ... أسلمتُ نفسي للإلهِ تقرّبًا يا رب فاغفر لِلفتى الأسيانِ... وإذا سألتَ حجارتي لَوجدتها محمومةً تبكي على  الأوطانِ...". فهل كان يقرأ الشاعر ابن المخيم في كفّ الغيب حين استدعى الطوفان في قصيدته الثائرة الغاضبة المُجلجلة المُزلزلة؟ هل الطوفان ظل يسكن أفئدةَ القطاعِ وأهلِه ومخيّماتِه إلى أن حانت ساعتَه؟ ثم يقولون لك بحياديّة خائنة: يا أخي لماذا الطوفان؟ وما كان الداعي له؟
ليس بعيدًا عن العدوان، فإن ذاكرة غنيم تختزن مشاهد لا ينساها، أو ربما لا يريد أن ينساها، عندما ومع انطلاق انتفاضة الحجارة نهايات عام 1987، وعندما اكتشف العدو الصهيوني الذي كان يحتل القطاع أيامها، ان أزقة مخيم النصيرات الضيّقة لن تتيح لجيبّاتهِ ومجنزراتِهِ وباقي آلياتِهِ العبور منها لاقتحام الآمنين في المخيم، أو للبحث عن مقاومين (مخربين كما روّجوا وأراد العالم تصديقهم)، فقاموا لحلّ (المعضلة) بهدم عدد كبير من بيوت المخيم لتوسيع شوارعه التي ظلت ترابية حتى زمن قريب، ومن بين تلك البيوت بيت عائلة كمال غنيم، فإذا بهم يرحلونهم بأقل الأمتعة إلى مكان غير جاهز؛ أرضِ فضاءٍ مفتوحةٍ ومزروعةٍ بالقمح. يقول غنيم حول هذه التجربة "إنها جعلت النكبة (نكبة عام 1948) التي أخبرني أهلي عنها ماثلةً أمامي".
قريبًا من الوجدان، حفر أهل المخيم وجودهم بأيديهم، بتصميمهم، بعزيمة تفلّ الحديد، وحين لم تكن هنالك كهرباء، درس الأولاد بالاستعانة بقنديلِ الزيت... كانت المصابيح عونهم... أما الأولاد الأكبر في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وبعد أن مدّ الاحتلال أعمدةَ الكهرباء لتسهل مراقبة المخيم و(مخرّبيه)، صاروا يقفون تحتها ويدْرسون بالاستفادة من ضوء لمْباتها...
وحين كثر الناس كبر المخيم عاموديًا وأفقيًا... لم يكن توسّعَ رَفاه... بل ضرورات عيش... ولكنه ظل محافظًا على روحه التعاونية...

تعد سوق النصيرات من أكبر أسواق غزة 

وعلى هذا القدر الشجيّ النديّ من التراحم والتعاطف... فهم، جميعهم، أبناء نكبة واحدة، وأبناء ظروف قاسية يقول غنيم عنها إنها صنعت منهم رجالًا: "صحيح أننا عانينا كثيرًا... وأن شوارع مخيمنا تضجّ بكثير من الصور الصعبة وأشكال المعاناة التي لا حدود لها... وأننا وصلنا أبواب الحياة الحرجة التي تصل بالإنسان أحيانًا إلى الموت جوعًا، أو الموت شوقًا وحنينًا... لكن كل هذا وذاك لم يخلق منّا أناسًا بكّائين ولا ضعفاء... بل على العكس دفعنا إلى بناء المخيم وبناء أجياله الصاعدة وخدمة أهله".
إنه التحدي الذي التقطه محمود أبو حمدة ووسّع آفاقه: "كل مشاهداتي صغيرًا: الإسبست... الزينكو... الشجر... الشوارع الضيّقة... البيوت البسيطة... الحارات الترابية... قَواوير الورد... أعطتني دافعًا لأن أنتقل من النطاق الضيّق إلى نطاق أوسع... وأوصِل رسالتي بشكل مختلف... حين أصور طفلًا فاعلم أن هناك أكثر من 30 طفلًا آخر يقفون خلفي بعد أن تجمهروا بمجرّد أن رأوني أسير في شوارع المخيم حاملًا كاميرتي... في عيونهم، وفي عيون كل الناس هنا من مختلف الأعمار والأمزجة... لاحظتُ ما لا يمكن حجبه... وما ظلّت عدستي تحاول التقاطه... إنه الجزء غير الظاهر في وجوه الناس الذين أصوّرهم، الطالع من عيونهم: الصمود... التحدي... العزيمة... والإِباء".
ليس بعيدًا عن العدوان والنكبة، يتحدث فرّاج محمود فرّاج، وهو من كبار السن في المخيم، عن (الكلبوش) الذي صار مخيمًا. و(الكلبوش) هو سجن، معسكرٌ كان يسجن فيه البريطانيون أيام انتدابهم/ احتلالهم لِفلسطين، المقاومين والثوار. يقول فرّاج عن ذلك وعن تفاصيل أخرى لها علاقة بمخيم النصيرات: "كانت تقيم في الكلبوش أربع عائلات... لم يكن له (ستو)... فقامت الناس بصناعته من الخيش وما إلى ذلك... بدها تعيش... الوكالة وسّعت غرف الكلبوش (يبدو أن الاسم جاء من (الكَلَبْشات/ القيود) التي كانت توضع حول معصميّ الأسرى والمعتقلين)... فكل زنزانتيْن أو ثلاث حولتهم إلى غرفة واحدة... مع ازدياد عدد اللاجئين وزعت الوكالة على الناس الخيام... خيمة كبيرة للعائلة الكبيرة... وصغيرةٌ للصّغيرة... كبر المخيم وكبرت العائلات... فبدأوا يحوّلون بيوت الزينكو والإسْبست إلى غرف بَطون... بدايات مدارس الوكالة في المخيم كانت عبارة عن حلقات يقف المعلم في وسطها ويدرّس الصغار... يقول واحد فيكتب الأطفال واحد على الأرض الترابية... اثنين على الأرض اثنين... وهلمّ جرًّا".
قريبًا من وجدانيات أهل المخيّم، فإنهم لم يبتئسوا حين لا مراجيح في مخيمهم يحلّق بها أطفالهم، ولا أي ألعاب تحتاج إلى مستلزماتٍ ومكوّناتٍ ودعمٍ لوجستيّ. كانوا يلعبون، كما أجمعوا جميعهم، لعبة (يهود وعرب)، التي تتكوّن لعيونها فرق عدة، وبمشاركة حارات عدة... وفي تفاصيل اللعبة، اليهود يهاجمون ويعتدون، والعرب يدافعون ويقاومون (إنها فعلًا لعبة، ففي الواقع اليهود يعتدون، والعرب لا يدافعون ولا يقاومون، أستثني العرب الذين يستحقون، بجدارة، لقب مقاومين في فلسطين ولبنان واليمن والعراق). كانوا يلعبون، إلى ذلك بالكُرة الشّراب كما يتذكّر رمضان البابا و(التخْباية)، كما يتذكّر فرّاج (أعتقد أن لها أسماء أخرى مثل الغمّاية، وربما غيره).




قريبًا من الوجدان، حوّلت الناشطة ومربية الأطفال، ختام أبو عوض، منزلها في مخيم النصيرات إلى مركز تعليميٍّ متبنيّةً مبادرةً تحمل اسم "أحباب من كل مكان". وهي مبادرة بدأتها حين اجتاحت الأرض جائحة كورونا، لكنها تقول إن جائحة العدوان الصهيوني المتواصل أبشع من الوباء، وأطفال المخيّم وكل القطاع هم اليوم أحوج ما يَكونون لهكذا مبادرات. تعلمهم... تلاعبهم... تقدم لهم عروضًا من وحي مسرح الدُّمى... وهي وكل من معها يعملن متطوّعات.

المهاجرون والأنصار

يؤكد كثير من الباحثين أن اسم "النصيرات" يرتبط بسكن إحدى قبائل المدينة المنوّرة في عين المكان قبل مئات السنين (ربما الأوس، ربما الخزرج)، ولأن القبيلتيْن اللتيْن أشرت لهما ارتبطتا تاريخيًا بنُصرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقد صارت الأرض التي نزل بها القوم جنوب غزة وسط القطاع أرض الأنصار، ومع الأيام تحور الاسم إلى "النصيرات". أما أن هناك مدينة تحمل هذا الاسم فنعم، ولكن المخيم ابتلعها، فنسبةُ اللاجئين في النصيرات المدينة تتعدى 80 في المئة من مجمل سكّان المكان، ولهذا لم يعد في الإمكان أن تعثر على معلومات عن النصيرات من دون أن ترتبط هذه المعلومات حصرًا وحُكمًا بالمخيّم.
قَدَريّة الاسم ارتبطت بالمكان، فإبّان الحرب العالمية الثانية، استقبلت مدينة النصيرات، بحسب الباحث الغزّي عبد الله بن سعيد بن العبد عليان، مهاجرين فارّين من أوروبا، خصوصًا من اليونان، وأقيم على أرضها مخيم لهم، وبعضهم تزوّج من أهلها وأقام فيها، وبعضهم عاد أدراجه إلى بلده بعد أن عاد الازدهار إلى القارّة العجوز.

مجزرة حاقدة ربطت اسم مخيم النصيرات بها 

وفي عام 1948، استقبلت المدينة اللاجئين الفلسطينيين من القرى التي أشرنا إليها في مستهل الموضوع، ومن غيرها. وبعد اندلاع الطوفان استقبل المخيم المدينة التي صارت كلها، تقريبًا، مخيمًا، نازحين جاؤوها من مدن شمال القطاع (جباليا ومخيمها وبيت لاهيا وبيت حانون)، ومن غزّة البلد.
متوالية مهاجرين وأنصار تتكرّر هناك منذ أكثر من 1400 عام.

أوابِد...

في النصيرات أوابد كثيرة، منها تل أم عامر "دير القديس هيلاريون"، أحد أهم الأديرة الأثرية في فلسطين وأجملها، وتل العجول، وغيرهما. يقول الباحث عبدالله عليان إن "تل السّكن" يعد من أقدم المواضِع الأثرية في قطاع غزة (يمكن اعتباره تابعًا لغزّة لأنه يبعد عن غزة المدينة زهاء خمسة كيلومترات جنوبًا). ويؤكد أن تل العجول على طرف النصيرات الشمالي هو المكان الذي عسكر فيه جيش المسلمين بقيادة سيف الدين قطز، وانطلق منه باتجاه عين جالوت لِقتال التتار. عليان يذكر أن مقبرة إنكليزية تقع قرب "تل أم عامر" جنوب غربي النصيرات، وهي تضم مئات قبور الجنود الإنكليز ومرتزقة بريطانيا الذين قضوا خلال عدوانهم على غزّة في الحرب العالمية الأولى عام 1917.

أعلام

من أعلام مخيم النصيرات الشهيد عدنان الغول، قائد وحدة التصنيع العسكري في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ولكي أقرّب للناس من هو عدنان الغول، ولمن يتابع الأخبار هذه الأيام (قد يُطرح هنا سؤال منطقيّ: من لا يتابع الأخبار هذه الأيام؟)، فحتمًا سمع ببندقية القنص القسّامية التي تحمل اسم "الغول"، هذه البندقية التي جندلت مئات الجنود الصهاينة، مُنِحت هذا الاسم تقديرًا لجهود الشهيد عدنان التصنيعية، إلى درجة أنهم يطلقون عليه لقب "أبو الصواريخ القسامية"، و"رائد التصنيع العسكري".
ومن الممكن أن نعدّ القيادي توفيق أبو نعيم من أبناء المخيّم، رغم أنه ولد في مخيم البريج، وتعود أصول أسرته إلى بئر السبع.
عمل أبو نعيم نائبًا لرئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في سجون الاحتلال، وأشرف على ملف الشهداء والأسرى بالحركة، وعلى ملف العلاقات الوطنية والتّنسيق الفصائلي، وملف المهاجرين السوريين إلى غزة، وكان رئيسًا لِجهاز العمل الجماهيري في الحركة.
حكم عليه بالمؤبد و20 عامًا، وأُفرج عنه عام 2011، في صفقة وفاء الأحرار.

تفاصيل...

شأن كل مخيمات غزّة... أزقة المخيّم ضيقة إلى حدود لا يمكن تخيلها في بعض الأحيان... الاختلاط العمراني يشبه كل مكان هناك... وكذلك الأمر بالنسبة للاختلاط السكّاني ممن جاؤوه من الحضر، وممن جاؤوه من الريف، وممن جاؤوه من البادية، وهو اختلاط يفرض اختلاطًا لَهَجاتيًّا. وفي كل أنواع الاختلاط فيه هو لا يشذّ عن قاعدة الأمر هناك. الكتابة على الجدران فيه كما هي في كل قطاع غزة... الحمضيات بعض أنواع زراعته وطبعًا الزيتون... وأما سوقها فمن أكبر أسواق القطاع هذه الأيام... ولم تعد يقتصر على سوق الاثنين كما كان في السابق... عدد سكّان المخيم يتجاوز الـ 70 ألف نسمة. ومساحته تكاد تقترب من 10 كيلومترات مربعة.
وأمّا نبضهُ فهو بعض نبض مبدعيه... ويكفي أن كمال غنيم يجسّد صوت ضميره الباقي:
"أنا ها هُنا أبكي أغني منذ أزمان الإبادة
وأنا البكاء أنا الدّموعُ أنا الشهيد أنا الشهادة
وأنا هنا فوق الأسنّةِ والرّماحُ هي الوسادة
ودمي يسيلُ على التراب لِيحتسي كأس الإرادة
فأنا التراب... أنا دمي شمسٌ على درب الإعادة
لكنني تُرْبٌ تعلّقَ بالجباهِ من العبادة...
وَدمي دموع من جفونٍ سامياتٍ في سعادة
فأنا الأنينُ... أنا القداسةُ والليونةُ والصّلادة
أنا راهبٌ في الليل لكن في الصباحِ أنا الإِجادة".  

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.