}

النجف تحتفي بمرور 100 عام على أوّل قصّة قصيرة

علي لفتة سعيد 2 نوفمبر 2021
شهدت مدينة النجف وعلى مدى يومين أعمال المؤتمر الأدبي الثقافي بمناسبة مرور 100 عام على نشأة القصّة في النجف الأشرف، والذي عقد برعاية وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وبحضور عدد من الأدباء والمثقفين والأكاديميين والصحافيين من مختلف المحافظات العراقية.

وشهد المؤتمر أربع جلساتٍ نقاشيةٍ وبحثيةٍ وإلقاء كلماتٍ ومعرضٍ للكتاب، شارك فيه عددٌ من دور النشر، وجاء بدعم من وزير الثقافة والسياحة العراقي، الدكتور حسن ناظم، الذي عدّ المؤتمر ناجحًا كونه يجدّد الدماء في السردية العراقية، مثلما عدّ مساهمة مدينة النجف في إنتاج الأدب الحديث الذي لم نعهده في تراثنا، مشيرًا إلى أن ما قام به اتحاد الأدباء في النجف في هذا الاستذكار الجميل التفاتة قيمة بحسب وصفه، مثلما قال إن نشأة القصة جاءت مع نشأة الدولة المدنية في العراق.

وقال رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، الناقد ناجح المعموري، إن مدينة النجف سباقة في الإمساك بالسرد ما جعل منها مدينة للسرد، مستدركًا أن وجود السرديات المقدسة الكبرى في النجف أدى إلى ضمور السرد القصصي في مجال العلاقات الاجتماعية حيث عرفت النجف الشعر كصوت وحيد للتعبير، ومن بينهم الجواهري العظيم، متسائلًا: هل تعرقل السرديات المقدّسة سرديات العصر الحديث؟

أما رئيس اتحاد أدباء النجف، الروائي محمود جاسم عثمان، فقال إن أول قصة نجفية كتبها عام 1921 الأديب جعفر الخليلي وكانت بعنوان (التعساء)، لتكون أحد جذور السردية العراقية التي ترسّخت من ذلك الوقت لتصنع هذه القصة تاريخًا للمدينة بحسب وصفه، مشيرًا إلى أن هذه الذكرى دفعت لكي تكون الحركة القصصية والسردية عمومًا لها تأثير كبير في إنتاج النصوص وأثرت بشكلٍ كبيرٍ في ولادة ساردين أثروا الساحة الأدبية العراقية، وفازوا بالعديد من الجوائز وتم طبع نتاجهم من قبل الاتحاد. واعتبر مدينة النجف مدينة السرد والشعر معًا، فهي تغترف من ذات المنبع الأدبي والثقافي لتاريخها العريق.

وزير الثقافة العراقي الدكتور حسن ناظم


رئيس نادي القصة في اتحاد أدباء النجف، الناقد الدكتور مصعب مكي زبيبة، قال إن لفنّ القصّة في النجف الأشرف حكاية طويلة ممتدّة منذ مائة عام من الكفاح والعرق والجهد. وأضاف: القصّة كانت عند روّادها مسألة حياةٍ أو موتٍ وليست مجرّد هوايةٍ أو موهبة أو استثناء فحسب. واعتبر زبيبة القاص كشهرزادٍ التي تبتكر كلّ يوم قصّة جديدة من أجل أن تؤجّل موتها يومًا آخر، على حد تعبيره. وبرأيه فإن القصاصين الأوائل كانت حروفهم زاهية لم تستطع الأيام كسرها أو إخفات صوتها.

وعن المؤتمر أوضح زبيبة أنه توزع على أربع جلسات، في الأولى قدّمت ثلاثة بحوث: الأول (جعفر الخليلي بين المدرسة النجفية والريادة القصصية) للدكتور حسن عيسى الحكيم، والثاني (جعفر الخليلي الرائد المؤسس) للدكتور سعيد عدنان المحنة، أما المبحث الثالث فكان بعنوان (قراءة لرسالة علمية كتبها باحث أميركي عن جعفر الخليلي) للدكتور باقر الكرباسي. وفي الجلسة الثانية تم تقديم أربعة بحوث: الأول (القصة النجفية- سردية المدينة وسؤال المغامرة) لعلي الفواز، والثاني (السرد وما وراء السرد في الرواية العراقية المعاصرة.. رواية "الأرض الجوفاء" لعبد الهادي الفرطوسي أنموذجًا) للدكتورة إيمان السلطاني، وكان البحث الثالث (قراءة في كتاب "يوم من أيام النجف" لمكّي زبيبة) للدكتور صادق الطريحي، أما البحث الرابع فكان (الرواية النجفية.. النشأة والتطور) لحميد الحريزي. في الجلسة الثالثة قدمت ستة بحوث: بحث (الرواية.. التجاوز والبحث عن المنعطفات) لجاسم عاصي، وبحث (النزعة التوثيقية في السردية النجفية) للدكتور حسن الخاقاني، وبحث (تحوّلات المكان الثالث في الرواية العراقية المعاصرة) لعبد علي حسن، وبحث (القصة العراقية.. هموم التجربة ومتغيرات الذاكرة) لإبراهيم سبتي، وبحث (التقنيات الفنية والأسلوبية في القصة القصيرة جدا) للناقد علوان السلمان، وبحث (القصة القصيرة جدا في النجف) للقاص عبد الله الميالي. وشهدت الجلسة الرابعة تقديم أربعة بحوث، أوّلها للناقد فاضل ثامر (قلق النبي يونس ومخطوطة التاريخ الآخر)، وبحث (الاشتغال الوظيفي المباشر في رواية خفافيش كورونا) للدكتور رحمن غركان، وبحث الدكتور محمد أبو خضير (القصة النجفية.. الألعاب السردية والتأهيل الميديولوجي)، وبحث الدكتورة كريمة نوماس المدني (جماليات القص في مجموعة "من وحي النجف" قراءة سيميو- أسلوبية).

 

جانب من الحضور 



تحريك الراكد والواقع السياسي

من جهته قال القاص حمودي الكناني، عضو الهيئة الادارية لاتحاد أدباء كربلاء وأحد المشاركين، إن المؤتمر كان ناجحًا جدًا بحضور مدعوّيه وجلساته وبحوثها، فضلًا عن النجاح الذي رافق الإعداد الجيد والمكان والحفاوة. وأشار إلى أن البحوث كانت قيّمة وإن اختلفت درجة التقييم أو الاقتراب من شعار المؤتمر، لكنها كانت بحوثًا متميّزة على المستوى المنهجي. وأفاد أن المؤتمر كان يريد الإضاءة على التاريخ لكي يزيد من توضيح السردية العراقية في هذه المدينة المقدّسة التي عرفت بالشعر أكثر من كونها مدينة سرد، لكن الواقع يقول إن السردية النجفية لها زمن ممتدّ إلى مائة عام وهي بالتأكيد تتّخذ من سرديات الحكي في حضارات أخرى أثرًا ومرجعًا وتأثيرا، مؤكدًا أن المؤتمر كان مفيدًا من أجل بعث الروح في الفضاء الثقافي العراقي الذي يراد له أن يكون مشلولًا في واقعه الراهن، الذي أثر فيه الواقع السياسي فضلًا عن جائحة كورونا التي أجّلت الكثير من الفعاليات الثقافية.

وشهد المؤتمر قراءة بيان ختامي.

وقال أمين الشؤون الثقافية في نادي القصة، فاضل العذاري، إن المؤتمر وفاء لإرث مدينة النجف الأشرف الثقافي، وإحياء لأثر الرواد في إثراء المنجز القصصي. وأضاف أن المؤتمر الذي شهد قراءة 17 بحثًا توصل في ختام أعماله إلى المطالبة بتسمية شارع باسم رائد القصة النجفية المرحوم جعفر الخليلي، وكذلك ضرورة دعم كتاب القصة الشباب والاهتمام بهم وطباعة نتاجاتهم الأدبية، فضلًا عن ضرورة استقطاب العناصر النسوية والعناية بنتاجاتهن. وأفاد أن المؤتمر ثمّن مبادرة اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف لطباعة نتاجات أعضائه بمختلف الأجناس الأدبية وعلى حسابه الخاص من دون أن يرهق كاهل الأديب، وثمّن موقف محافظ النجف في تخصيص قطع أراض لأعضاء الاتحاد حرصًا منه على توفير السكن اللائق لأدباء النجف وتمكينًا لهم من ممارسة عملهم الأدبي، كما تمت دعوة اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف إلى المؤسسات الأكاديمية والثقافية في المحافظة لتفعيل العلاقة مع اتحاد الأدباء واستضافة بعض أنشطته ليطلع الشباب الأكاديمي على التجارب الأدبية لأدباء المحافظة.


الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.