}

شهادات إسرائيلية: في جعل غزة مكانًا غير صالح للعيش

ضفة ثالثة- خاص 7 مارس 2024
تتواتر في الأيام القليلة الماضية المزيد من الشهادات الإسرائيلية التي تؤكد بما لا يدع مجالًا لأي شك أن ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة من ممارسات تدمير شامل وإبادة جماعيّة للبشر والحجر يهدف بالأساس إلى جعل القطاع مكانًا غير صالح للعيش فيه إثر انتهاء الحرب.
وبغية النمذجة على هذه الشهادات، التي تحفل بها على نحو نسبيّ صفحات جريدة هآرتس الإسرائيلية ووسائل إعلام بديلة لتلك الراسخة والرسمية، ننشر هنا ترجمة لشهادتين حديثتي العهد:
الشهادة الأولى كتبتها المعلقة الصحافية يوعناه غونين، والتي تؤكد فيها أن التدمير المروّع هو ليس مجرد نتيجة ثانوية لاستراتيجيا ما، بل هو هو الاستراتيجيا التي تنتهجها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، والتي تدخل غدًا شهرها السادس.
والشهادة الثانية أعدّها محرّر الشؤون البيئية في جريدة هآرتس نير حسون وركّز فيها على العواقب البيئية للحرب الإسرائيلية المتواصلة، عبر استجماع شهادات خبراء تؤكد أن هذه العواقب من شأنها أن تجعل قطاع غزة مكانًا غير صالح للعيش فيه. ويتفق كثير من هؤلاء الخبراء منذ الآن، وفق ما يشير حسون، على أن الحرب أسقطت على رأس القطاع وسكانه كارثة بيئية ومناخية لم يشهد مثلها الإقليم منذ بداية التاريخ. كما ينوّه بأن إينغر أندرسن، المديرة العامة لبرامج الأمم المتحدة البيئية، استجابت أخيرًا لطلب الحكومة الفلسطينية القيام بدراسة الوضع البيئي في قطاع غزة، نظرًا لما ينطوي عليه من عواقب كارثيّة على المدى البعيد.
تجدر الإشارة أخيرًا إلى أنه منذ أول أيام هذه الحرب الإسرائيلية التدميريّة والإباديّة على قطاع غزة أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، في سياق مؤتمر صحافي عقده يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي غداة البدء بشنّ الحرب، أن "التشديد فيها هو على إلحاق الأضرار وليس على الدقّة"!

[أ. شلحـــت]


الخراب الهائل في غزة هو الاستراتيجيا/ يوعناه غونين
"وفقًا لإحصاءات وزارة الصحة الغزية، التي تتقبلها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى حد كبير، فإن أكثر من 30.000 غزّي قُتلوا في الحرب حتى الآن... أمّا عدد الجرحى فبلغ أكثر من 70.000 جريح. هذا هو العدد الذي تعترف به مستشفيات غزة وعياداتها... يضاف إليهم الذين هُجِّروا من غزة... وبافتراض أنه يوجد في غزة 1.8 مليون نسمة، فإن إسرائيل ضربت وأخرجت من دائرة العمل ضدها نحو 8 في المئة من سكان القطاع. هذه النسبة هائلة... أمّا من ناحية السكن، فلقد قُصفت عشرات الآلاف من الشقق في القطاع، إلى جانب تدمير هائل لشبكات الطرق، والصرف الصحي، والمياه، والكهرباء. كل تلك العناصر تؤدي إلى حالة من الانبعاثات، التي سيستغرق إصلاحها وقتًا طويلًا. كما يزداد الضغط على هؤلاء النازحين مع ازدياد جوعهم. وبكلمات أُخرى، يوجد في قطاع غزة الآن نازحون وقتلى أكثر مما جرى في النكبة الأصلية في عام 1948... إن الجيش الإسرائيلي يقوم بتدمير القطاع بصورة منهجية"...

الفقرة المذكورة أعلاه لا ترِد في مقال كتبته عميره هاس [صحافية يساريّة راديكاليّة] في صحيفة هآرتس، بل جاءت في منشور نشره صحافي البلاط شمعون ريكلين، حرفيًا، في منصة X (تويتر سابقًا)، عشية يوم السبت الأخير. ولم يكن هدف الرجل من كتابة هذه السطور، لا قدّر الله، التعبير عن تعاطُفه مع عشرات الآلاف من القتلى، والنازحين، والبشر المعرّضين إلى التجويع، بل كان هدفه التباهي بهذه المعطيات، والردّ على الكلام الذي يتحدث عن "التردد والمراوحة وعدم قدرة إسرائيل على الحسم في غزة"، بحسب كلامه. وأشار ريكلين، بتفاخر، إلى أن إسرائيل تمكنت حقًا من تحقيق إنجازات إعجازية في مجال التطهير العرقي والإبادة الممنهجة لغزة.
منذ أسابيع عديدة، يحذّر كبار الساسة في الولايات المتحدة وأوروبا إسرائيل من إلحاق الضرر بالأبرياء على نطاق واسع، ومن تفاقُم الكارثة الإنسانية في القطاع. هؤلاء لا يدركون أن التوثيق المفصّل للمعاناة في غزة يشكل قائمة إنجازات في نظر أشخاص، مثل ريكلين ومن لفّ لفه الذين يجلسون الآن في سدة الحكم. نحن لا نتحدث هنا فقط عن اليمين الراديكالي؛ فالإيمان بـ "عدم وجود أبرياء في غزة" والدعوة إلى الانتقام الذي لا يلوي على شيء، انتشرا في صفوف قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي.

لا يميز شمعون ريكلين بين رضيع يبلغ من العمر شهرًا واحدًا وبين عنصر مسلح من حماس، فهو فخور بكل جثة من الثلاثين ألف جثة!!!


يُمكن الإشارة إلى أن ريكلين، على الأقل، لم يحاول إنكار المعطيات، كما أنه لا ينتمي إلى فئة الذين "يجوّعون الغزّيين ويتباكون عليهم"، أولئك الذين يشعرون بقليل من عدم الراحة، عندما يرون المشاهد المرعبة للأطفال الرضع الذين يتضورون جوعًا في القطاع، لكنهم يهدئون من روع أنفسهم بحجة أن أطفال غزة جلبوا تلك الويلات لأنفسهم، وبأن إسرائيل لا تتحمّل أي مسؤولية عمّا يحدث.
تفيد التقديرات أن نحو 70 في المئة من القتلى في غزة هم من النساء والأطفال، ولكن ريكلين لا يميز بين رضيع يبلغ من العمر شهرًا واحدًا وبين عنصر مسلح من حماس، فهو فخور بكل جثة من الثلاثين ألف جثة، وهو فخور أيضًا بانهيار النظام الصحي، والتعطيش والتجويع، وتدمير شبكة الصرف الصحي، والفرار الجماعي للبشر. إن تغريدته، إلى جانب كونها تعكس لنا لمحة مزعجة عن روحه الظلامية، فهي أيضًا دليل على أن الخراب الهائل والمتواصل في غزة ليس مجرد نتيجة ثانوية لاستراتيجيا ما، بل إن هذا الخراب هو هو نفسه الاستراتيجيا.
ليس من قبيل الصدفة أن اليمين المجنون يعتبر أصعب الساعات التي تمرّ بها إسرائيل هي فترة نشوة وتعالٍ: "إنه لزمن مذهل"، كما وصفه الصحافي اليميني المؤيد لبنيامين نتنياهو يانون ميغال في مقابلة أجريت معه قبل نحو أسبوعين.
إن هذه اللامبالاة بالأخلاق، وهذه الرغبة العارمة في الانتقام، يستغلهما الأصوليون الذين يعيشون بين ظهرانينا، من أجل إنجاز هدفهم الحقيقي الذي حدده ريكلين من دون تردد: "تطهير" قطاع غزة من سكانه، سواء بالحديد والنار، أو بسبب انعدام الخيارات، وسواء بحد السيف، أو بفعل انتشار الأوبئة.
إن ما تراه دول العالم الطبيعية كارثة مروعة، يعتبره كثيرون في إسرائيل إنجازًا. وكلما تراكمت إنجازات هؤلاء، فإن المجتمع الإسرائيلي بأسره سينزلق نحو الهاوية.

(هآرتس، 5/3/2024)


العواقب البيئية للحرب في قطاع غزة قد تجعله مكانًا غير صالح للعيش!/ نير حسون
ليس من السهل احتساب كميات ركام المنازل التي ستظل في غزة بعد أن تضع الحرب أوزارها. إن كل متر مربع من شقة مهدّمة يخلّف تقريبًا طنًا ونصف طن من الركام. وفي قطاع غزة، جرى هدم، أو نسف، أو إصابة ما لا يقل عن 50 بالمئة من المنازل، وهو ما يعني، في أقل التقديرات، وجود 25 مليون طن من الركام. وذلك من دون أن نحتسب ملايين إضافية من الركام الناتجة من تدمير الشوارع، والشبكات، والبنى التحتية، والمباني العامة. وبغرض التقدير: تنتج إسرائيل بأسرها نحو 7 ملايين طن من نفايات البناء في العام الواحد. ليس من المهم متى وكيف ستنتهي هذه الحرب، فعلى مدار الأعوام والعقود المقبلة، سيضطر الغزيون إلى مواجهة تحدٍ هائل: ما الذي يمكنهم فعله بهذه الكميات الهائلة من حطام الجدران، والإسمنت، والحديد، والحجارة؟
إن مشكلة الركام ونفايات البناء ليست سوى واحدة من عدة مشاكل بيئية هائلة تتسبب بها الحرب الإسرائيلية في غزة، ولست متأكدًا مما إذا كانت هذه أكبر المشاكل. يحاول خبراء، على مدار الأسابيع الماضية، تقدير الآثار البيئية للحرب في غزة، وفهم ما إذا كان في الإمكان إعادة تأهيل الحياة والطبيعة في القطاع. كثير من المعطيات لا يزال غير واضح، على غرار: كم قنبلة بالضبط تم إسقاطها على غزة؟ ما هو حجم الأضرار في شبكات الصرف الصحي؟ ما هي النتائج التي سيتسبب بها مشروع ضخ مياه البحر إلى الأنفاق، وما هو الأذى الذي أصاب المياه الجوفية؟ وغيرها من أسئلة. بيْد أن كثيرين من الخبراء متفقون منذ الآن على أن الحرب أسقطت على رأس القطاع وسكانه كارثة بيئية ومناخية لم يشهدها إقليمنا قطّ منذ بداية التاريخ. وقبل أيام، استجابت إينغر أندرسن، المديرة العامة لبرامج الأمم المتحدة البيئية، لطلب الحكومة الفلسطينية بشأن دراسة الوضع البيئي في قطاع غزة.
يشير الخبراء إلى بعض المشاكل البيئية الرئيسية التي خلّفتها الحرب: الدمار الهائل في المباني، والذي يخلق مشكلة خطِرة تتمثل في الركام ونفايات البناء، وتلوّث الأرض والهواء والماء؛ أضرار الشبكة الكهربائية، وشبكات الصرف الصحي والمياه؛ تلوث المياه السطحية والجوفية نتيجة التسربات الناجمة عن تدمير شبكة الصرف الصحي؛ مخاطر ملوحة المياه الجوفية نتيجة اختلاطها بماء البحر؛ تلوث الأرض بالمعادن والمواد الكيميائية والمتفجرات؛ والضرر الواسع الذي أصاب عددًا كبيرًا من المناطق الزراعية، سواء بسبب قصف سلاح الجو، أو بسبب شق طرقات للآليات العسكرية الإسرائيلية عبر الحقول الزراعية، منذ بداية الاجتياح البري.

تشير د. غاليا ليمور: لقد انهارت منظومة جمع القمامة في القطاع، وهذا يعني أن سكانه سيضطرون إلى العيش إلى جانب أكوام النفايات (Getty 4/11/2023)


"لقد رأينا نتائج فترات من التدمير نتيجة الصراع في غزة، والمشاكل البيئية والصحية المتواصلة المرتبطة بالحصار، لكن ما يجري الآن هو مستوى آخر جديد تمامًا من الدمار"- هذا ما أكده داغ وير، مدير "The Conflict and Environment Observatory" لصحيفة هآرتس، وهذا المرصد هو معهد بحثي بريطاني متخصص في الأضرار البيئية في مناطق القتال، وأضاف: "إن الأضرار الكارثية التي أصابت المناطق المبنية (المباني السكنية والتجارية والصناعية) أدت إلى تناثُر مخلفات البناء وغيرها من مواد قد تكون خطِرة. سيؤدي الأمر إلى تلوث الهواء والتربة، والمياه السطحية، وسيؤدي أيضًا إلى تلوث المياه الجوفية. إن جودة الهواء تتأثر أيضًا بالحرائق الكبيرة، كما أن المناطق الزراعية تم تدميرها بفعل الحفر وتحرُّك الآليات العسكرية".
يقول وير إن أقرب المقارنات في العصر الحديث للأضرار اللاحقة بغزة، هي الأضرار التي ألحقها الروس بمدينة ماريوبول في أوكرانيا، وتدمير مدينة الموصل في العراق خلال المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ومع ذلك، فإن المساحة الضيقة للقطاع تفرض تحديات خطِرة فيما يتعلق بمسألة إعادة تأهيله بيئيًا. فمثلًا، من أجل معالجة الكمية الهائلة من الركام ونفايات البناء، هناك حاجة إلى توفير مساحات واسعة. هناك أيضًا مشكلة أُخرى، معروفة من حروب سابقة، هي أنه سيتم العثور داخل المباني المهدمة على عدد غير قليل من القذائف التي لم تنفجر، والمعالجة غير الحذرة لهذه المباني قد تؤدي إلى سقوط كثير من القتلى الإضافيين. يؤكد وير وغيره من الخبراء أن المباني المدمرة لا تحتوي فقط على الحديد والإسمنت والحجارة، بل على كثير من المواد الخطِرة الأُخرى مثل الأسبست المعروف أنه مادة مسرطنة، والألياف الزجاجية التي تتسبب بأمراض القصبة الهوائية.
من ناحيتها تشير د. غاليا ليمور - سغيف، المحاضِرة في "كلية سامي شمعون للهندسة"، والمتخصصة في الأبحاث المتعلقة بالأزمات البيئية، إلى مشكلة إضافية قد تتسبب بها الحرب أيضًا، فتقول: "لقد تضررت شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي، وستتدفق المياه العادمة في الشوارع، ويحتوي الركام على مواد يؤدي تفكُّكها إلى تلوث التربة والهواء، كما أن الركام سيصبح مكانًا لاختباء الحشرات الضارة التي ستبدأ بالتكاثر. لقد انهارت منظومة جمع القمامة في القطاع، وهذا يعني أن سكانه سيضطرون إلى العيش إلى جانب أكوام النفايات. ما الذي يعنيه العيش في مكان كهذا؟ هل يمكن أصلًا بناء منزل في مثل هذه الأماكن؟ أو حضانة أطفال؟ هل يمكن العودة إلى زراعة المحاصيل الزراعية في ظل كل هذه الملوثات، في تربة مليئة بالسموم؟ يمكننا ربما أن نقارن هذا بمدن تم قصفها في أوكرانيا، أو كوارث الزلازل، حيث تُدمّر بلدة كاملة بلمح البصر".

تفيد د. ليمور- سغيف أنه من المعروف أن الوجود العسكري يتسبب بتلوث شديد بسبب استخدام الوقود والمواد الكيميائية، "هذه الملوثات تتطلب تعاقُب أجيال لتطهيرها، والنفايات لا تنحصر في ركام المباني (الذي من شأنه وحده أن يكون مسببًا شديدًا للتلوث)، بل إنها تمتد لتشمل البنى التحتية والشبكات من جميع الأنواع: الشوارع، الأنابيب، أعمدة الكهرباء، المرافق، وسائل المواصلات، مجمعات النفايات، وغيرها، كما ينبغي التحدث أيضًا عن تدمير المشهدية الطبيعية، والمواقع الأثرية، والشوارع، والمباني العامة، والمرافق الدينية، وكل ما يرتبط بالحياة البشرية والمجتمعية، إلى جانب تدمير الموائل الطبيعية للحيوانات والنباتات، التي لا تنجح دائمًا في التعافي من التدمير". إلى جانب ذلك، تذكّر المحاضِرة بأن مَن لا يشعر بالرحمة تجاه سكان غزة، عليه أن يقلق من الحالة البيئية هناك: "البيئة لا تعترف بالحدود المحيطة بغزة، فالملوثات تتسرب، وجدول حانون (شمال القطاع) يتدفق من القطاع إلى إسرائيل، حاملًا معه أنواعًا مختلفة من النفايات والملوثات، كما أن التلوث المتسرب إلى البحر سيتدفق بسهولة إلى السواحل الإسرائيلية، كما حدث قبل أعوام، عندما توقف مرفق تحلية المياه في عسقلان [جنوب فلسطين المحتلة] نتيجة التلوث الناجم عن تسرّب مياه المجاري في غزة".
يبدو أن "معهد عرافاه"، وهو معهد بحثي وتعليمي بيئي يؤهل الطلاب الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، وغيرهم من جنسيات أُخرى، هو واحد من المؤسسات الإسرائيلية الوحيدة التي حافظت على علاقاتها في غزة حتى في أثناء الحرب. ويعمل المعهد منذ أعوام طويلة مع منظمات غزية، ويساعد في مجالات البيئة والطاقة. يقول د. طارق أبو حامد، مدير المعهد، وهو من سكان القدس الشرقية، والذي يبدو أنه واحد من القلائل الذين لديهم الجرأة على التفكير في "اليوم التالي" : "نلتقي عبر تطبيق زوم، وقد انحصرت المحادثات في البداية في الحديث عن أحوالهم وكيفية تكيُّفهم، وبعدها، بدأنا بالتفكير معًا، ببطء، في اليوم التالي".
يضيف أبو حامد: "في المدى القصير، علينا الاهتمام بالمياه، والكهرباء، ومعالجة مياه الصرف الصحي. يجب أن يتم كل شيء عبر تقنيات لا تعتمد على الكهرباء لأن إعادة تأهيل شبكة الكهرباء ستستغرق أعوامًا"، ويشرح بشأن التقنيات القائمة: المشكلة الآنية المتعلقة بالمياه يمكن حلّها بواسطة المنظومة الخاصة بشركة "ووتر جن" الإسرائيلية، التي طورت تقنية تسحب المياه من الرطوبة في الهواء. و"هناك مرافق تنتج نحو 5 آلاف ليتر من المياه في اليوم الواحد، وهذا قد يحلّ مشكلة مياه الشرب لخمسة آلاف إنسان، أمّا فيما يتعلق بالكهرباء، فمن الواضح أنه علينا الاعتماد على الطاقة الشمسية، لدينا مَن يمكنه فعل ذلك".
ويشير أبو حامد إلى أنه حتى موعد نشوب الحرب، كانت غزة تُعتبر إمبراطورية من إمبراطوريات الطاقة الشمسية. فبحسب التقديرات، كان يتم إنتاج نحو 25 بالمئة من الكهرباء في غزة بواسطة الطاقة الشمسية، مقارنةً بـ 10 بالمئة في إسرائيل. لقد تعلم سكان غزة الاعتماد على الألواح الشمسية، التي كانت موثوقًا بها وثابتة أكثر كثيرًا من شبكة الكهرباء المتقطعة، وهذا قبل القصف الإسرائيلي. وعشية الحرب، انتهى في خان يونس العمل على بناء حقل الطاقة الشمسية الأكبر في القطاع، والذي كان من المفترض أن ينتج 3 ميغاوات من الكهرباء، ومن شأنه سدّ حاجات جميع المستشفيات في جنوب القطاع. وبحسب أبو حامد، تم تدمير الحقل بأسره في القصف. وعلى مدار الأعوام المقبلة، سيضطر الغزيون إلى الاعتماد أكثر على الشمس. ومن أجل معالجة مسألة ركام المباني في غزة، ستبرز الحاجة إلى إنشاء مصانع تقوم بإعادة تدوير الركام وتحويله إلى مواد بناء. لقد توجّه طاقم "معهد عرافاه" إلى خبراء أتراك لكي يستفيد من خبرتهم في التخلص من ركام المباني التي انهارت في الزلزال الذي أصاب تركيا.
هناك أيضًا حلّ محلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، في نظام يُطلق عليه اسم "لاغونا"، يعتمد على التحلل البيولوجي للملوثات الموجودة في مياه الصرف الصحي. لكن، وكما هي الحال في أنظمة المياه والطاقة، فإن وجود هذه المنظومة مشروط بوقف القتال قبل كل شيء، وإدخال المعدات اللازمة إلى القطاع.

(هآرتس، 28/2/2024)


مصادر:
- صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية، نشرة "مختارات من الصحف العبرية".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.