}

محمد عبيد الله: النقد البريء "خرافة أكاديمية"

أحمد طمليه 4 يونيو 2024

 

محمد عبيد الله ناقد وشاعر وأستاذ جامعي، من مواليد عام 1969، حصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها عام 1998 من الجامعة الأردنية، ويعمل اليوم أستاذًا للأدب والنقد بجامعة فيلادلفيا/ الأردن. له إسهامات ومؤلفات في النقد الأدبي والمعجميات والتراث العربي، من هذه المؤلفات: أساطير الأولين: الجنس الأدبي الضائع في السرد العربي القديم، الصناعة المعجمية والمعجم التاريخي عند العرب، مفاتيح التراث: معجم الأديان والمعتقدات والمعارف قبل الإسلام، الوعي بالشفاهية والكتابية عند العرب، إلى جانب مؤلفات في النقد الأدبي منها: رواية السيرة الغيرية: قضايا الشكل والتناص وجدل التاريخي والتخييلي، بنية الرواية القصيرة، القصة القصيرة في فلسطين والأردن، الرواية العربية واللغة، تحولات القصة القصيرة في تجربة محمود شقير، بلاغة المنفى: تجربة في قراءة القصيدة الدرويشية، طباقية المنفى: مدخل تنويري إلى عالم إدوارد سعيد في ضوء نقد ما بعد الاستعمار، وغيرها. وله ديوانا شعر هما: مطعونا بالغياب، وسحب خرساء.

نال في مسيرته جائزة إدوارد سعيد في الفكر التنويري المعاصر ونقد الفكر الاستشراقي من مؤسسة فلسطين الدولية، ونال جائزة كتارا في الرواية العربية/ حقل النقد الروائي التي تمنحها مؤسسة الحي الثقافي- كتارا في دولة قطر.

حول موقع النقد الأدبي ومشاغله الراهنة كان لنا هذا الحوار مع د. محمد عبيد الله.


(*) كيف ترى تفاعل الأدب العربي مع القضية الفلسطينية، وتأثير فلسطين في الأدب، هل خدمت القضية الفلسطينية الإبداع العربي أم شكلت تحدّيًا أعاق تطوره؟

القضية الفلسطينية ابتداء ليست مسألة "أدبية" خالصة، وإنما هي قضية شعب تعرّض لأشكال قاسية من الاحتلال والاستعمار وما زال يعاني على مرّ السنين. من زاوية ثانية عندما ننظر في تاريخ الأدب العربي والعالمي نجد أن القضايا الكبرى دومًا تؤثر في حركة الأدب، ولا يستطيع الكاتب أن ينأى عنها ويكتب خارجها أو بعيدًا عنها. كما أن تأثيراتها تبدأ من الجانب الظاهر ولكنها لا تتوقف عنده، وأهم من التأثيرات المكشوفة أو الواضحة تلك التأثيرات العميقة المركبة، وتأثيرات فلسطين متعدّدة الطبقات والمستويات، منها ما هو واضح ومباشر، ومنها ما هو خفيّ وعميق. أرى أنه من الطبيعي أن تؤثر القضية الفلسطينية على الأدب والأدباء وعلى الثقافة المعاصرة برمّتها، وقد مارست هذا التأثير طوال العقود السابقة، ولها تأثيرات عميقة في ولادة أنواع واتجاهات وأساليب أدبية ما كان لها أن تظهر لولا الخلفية التي نشأت عنها أو ولدت بتأثير منها. لقد منحت فلسطين بجراحها وآلامها ودمائها ودموعها أدبنا الحديث موضوعات وتفاصيل ومواقف لا تعد ولا تحصى، ودفعت بنا إلى أبعد حدود التفكير والتأمل، حرّكت بركة الفكر الآسنة، ودفعتنا للتساؤل والقلق، مثلما دفعتنا للبحث عن لغة جديدة وأساليب مغايرة تليق أو تتلاءم مع هذه الأحوال القاسية. في ظلها نشأت مواهب كبرى عبرت عن جوانب من المأساة الفلسطينية التي لم تكن مأساة بالمعنى الأدبي الضيق وإنما مأساة حقيقية يعيشها الإنسان الفلسطيني كل يوم، ويجرب مذاقاتها المرة والمالحة.

القضية الفلسطينية هي التي أنتجت لنا عشرات المبدعين الكبار في الأدب العربي الحديث من مثل إبراهيم طوقان، وأبو سلمى، وهارون هاشم رشيد، وإحسان عباس، وغسان كنفاني، ومحمود درويش، وإدوارد سعيد، وسلمى الخضراء الجيوسي، وإميل حبيبي، وجبرا إبراهيم جبرا، وعز الدين المناصرة، ومريد البرغوثي، ومحمود شقير، ورشاد أبو شاور، ومحمد القيسي، وإبراهيم السعافين، وإبراهيم نصر الله، وفدوى طوقان، وسحر خليفة، وعشرات بل ربما مئات الأسماء الأدبية الرفيعة التي قد لا نختلف على مكانتها العالية. كما أثّرت القضية الفلسطينية في الأدباء العرب ودفعت كثيرين منهم إلى كتابة روايات وأشعار وقصص رفيعة لا تقل مكانة وإبداعا عما كتب الفلسطينيون، نجد مثل ذلك في كتابات نزار قباني، ورضوى عاشور، وإلياس خوري... على سبيل المثال.

أسهمت قضية فلسطين إسهامًا قويًا في تثوير أساليب الكتابة وفي تفكيك الأشكال التقليدية، ودفعت الكتّاب إلى التحرّر من السائد والمكرور. دفعت فلسطين إلى محاولة جادّة من التحرّر الوطني والأدبي الذي يرفض التبعية ويؤمن بالهوية المنفتحة التي تقيم في الزمان وتبحث عن سبيل للعودة إلى المكان، وتحريره من الاحتلال. تحولات الزمان والمكان في الأدب الفلسطيني والعربي يصعب فهمها ثقافيًا وفلسفيًا بعيدًا عن تأثير فلسطين.

(*) يقول الناقد د. إبراهيم السعافين إن الناقد الأردني كان، فيما مضى، يحتفى بأي عمل أدبي عربي جيد، إذ يجد من خلاله ما ينشغل به. ما رأيك؟ وهل هذه الحال ما زالت قائمة؟

أظن أن هذه حال النقد العربي والأردني قبل عدة عقود، عندما كانت الإصدارات قليلة نسبيًا، وكان نشر كتاب جديد يمر بمراحل وصعوبات ومراجعات، فتحظى معظم الكتب الجيدة بالاهتمام، ومع ذلك فلم يكن الناقد الفرد يتابع ويكتب عن كل ما ينشر، فالاختيار والانتقاء من طبيعة البشر، ومن طبيعة عمل النقاد في كل العصور، ربما المقصود أن الكتب الجيدة لم تكن تخفى وكانت تقرأ وتنال ما تستحق من الاهتمام.

في ذلك الزمن الذي يتحدث عنه أستاذنا السعافين لم تكن دور النشر كثيرة، وكانت في معظم الأحيان تقيم وتحكّم ما تنشره، قبل الإقدام على نشره، فتتم تصفية الأعمال الأدبية مسبقًا وتستبعد الأعمال الرديئة قبل ملء المكتبات ومعارض الكتب بها، بل لم يكن الناس يجرؤون على التفكير في النشر قبل أن يعدّوا العدة لذلك.

في وقتنا الراهن اختلف الأمر نتيجة سهولة النشر وكثرة الكتّاب، بعض الجوائز التي تستقبل أعمالا منشورة أو مخطوطة يصلها آلاف الأعمال في نوع واحد، وما ينشر اليوم يصعب حصره حتى من الناحية (البيبلوغرافية) فكيف بالكتابة عنه.

(*) يلاحظ المتابع أن كتاباتك النقدية انتقائية، أي أنك لا تكتب عن أي إصدار جديد، بقدر ما تكتب عن ما تجد فيه إضافة ما، إذا كانت هذه الملاحظة صحيحة... ألا يسمح ذلك بجريان سيل من الكتابات الرديئة تحت أقدام القراء؟

لا يمكن لناقد أو قارئ فرد أن يتابع جميع الإصدارات بلا استثناء، ولذلك فآلية الانتقاء والاختيار هي كل ما يمكن للناقد وللقارئ أن يقوم به في أيامنا، في ظل كثرة الكتب وسهولة النشر وتغيّر مكانة النقد، ليس أمامك إلا الانتقاء والاختيار، فأنت تختار الكتب التي تراها جديرة بالقراءة من ناحية معاييرك أو أحكامك أو ميولك، ومن ناحية التقائها مع بعض ما تطلبه في المادة الأدبية. وما من ناقد أو قارئ يتابع كل ما يصدر في مجال بعينه، الناقد الفرد حسبه أن يقرأ بعض الكتب، وأن ينصف ما يراه جديرًا بالإنصاف.

الأمر الثاني أن الكتابة النقدية ليست كتابة (آلية)، وليست بتلك السهولة التي يتخيلها بعض القراء، يقرأ الواحد منا كثيرًا من الكتب الجيدة، ولكنه لا يكتب إلا عن قليل مما يقرأ، فبعض الكتب لا ينجح الناقد في اكتشاف مفاتيحها رغم حدسه بجودتها وقوتها، وبعض الكتب العميقة تقتضي الكتابة عنها وقتًا لا يملكه الناقد. ولذلك فنحن نقيّم الناقد والكاتب كذلك في ضوء ما كتبه وأنجزه وليس بما لم يكتب عنه أو يكتبه، ولكل إنسان طاقة ومقدرة وهي مقدرة بشرية محدودة في نهاية الأمر.

الأعمال الجيدة رغم كل شيء لا تخفى، وهي تنال اهتمام القراء والنقاد في أغلب الأحيان، أما الاهتمام بالأعمال الرديئة فأراه ضربًا من تضييع الوقت الثمين، أنا مع مسؤولياتي في التدريس والتعليم والبحث الجامعي ومع مسؤولياتي الأسرية وغير ذلك ليس لدي ترف في الوقت ولست مكلفًا من أحد بمتابعة الإصدارات الأدبية اليومية، إنما أنا قارئ طوّر على مر السنين خبرته وذوقه، بالتعليم المنظّم وبالقراءة الدائمة، ومن حقي كما من حق أي قارئ شغوف بالكتب أن ينتقي وأن يختار ما يقرأه وما يكتب عنه. كما أنني لا أتخذ موقع الحكم أو القاضي، هذه وظيفة قديمة للناقد لم تعد قائمة في أيامنا، إنما أنا قارئ أقدّم اجتهادي وقراءتي فحسب، ومن حق القارئ والكاتب أن يرى فيها ما يشاء.

أنا مع قراءة الأعمال الجيدة، والتركيز عليها قدر ما يستطيع الناقد، نحن محتاجون إلى منابر جيدة للنشر، ومحتاجون إلى تعاون دور النشر المهمة والمعروفة في العالم العربي، بحيث تتشدد في معايير النشر وتشكل لجانًا للقراءة من النقاد المعروفين، بحيث تكون هناك قنوات للتصفية قبل النشر، فليس من المعقول أن تلقي في سوق القراءة كل هذه الأطنان من الكتب ثم تقول للنقاد اقرأوا واحكموا!!


(*) ما رأيك بعدم اتفاق ثلاثة نقاد على عمل أدبي واحد، إذ تشعر، في حالات كثيرة كأن كل منهم يكتب عن عمل مختلف، فثمة من يبرز معالم الإبداع فيه، وثمة من يختلف معه. هل يعود ذلك إلى شخصنة من نوع ما، أم إلى اختلاف المناهج النقدية؟

النقاد ليسوا كتلة واحدة متجانسة، والنقد ليس ضربًا واحدًا، فمثلما هناك تنوع في مستويات الكتّاب واتجاهاتهم فكذلك حال النقاد أيضًا. قد يحدث الخلاف الذي أشرت إليه نظرًا لاختلاف الناس في أحكامهم وطرائق قراءتهم، كما أن العمل الأدبي الجيد يتميز بالعمق وإمكانية أن يقرأ من زوايا مختلفة، ونظريات النقد اليوم تعلي من شأن القارئ واستجابته ونقده، المهم أن تكون القراءة جادة وعميقة وفيها جهد يوازي جهد المبدع وكدّه إن كان عمله هو الآخر جادًا عميقًا.

وأنبّه أيضًا أن كثيرًا من القراءات والمطالعات التي تشيع اليوم بعيدة عن النقد بحدوده التي تعلمناها، أعني القراءات الصحافية السريعة وقراءات (الإنترنت) ووسائل التواصل فمعظم ما ينشر فيها يقوم على السرعة والخفة والمجاملة، هذه ألوان من عرض الكتب والأنشطة الإخبارية وليست من النقد في شيء.

أما اختلاف القراءات لاختلاف المناهج فهذه مسألة جديرة بالاحترام، فقد أختلف معك ولكنني أقدّر عملك وجهدك لعمقه ولوفائه لمنطلقاته المنهجية. ليت أننا اليوم في مثل هذا الخلاف لأنه خلاف يثري الحالة النقدية والثقافية، نحن اليوم في أغلب الأحيان نجادل أميين ثرثارين لا يقرأون خيرًا أو شرًا. نجادل كتّابًا مزعومين لم يقرأوا العلامات الكبرى في النوع الأدبي الذي يدّعون انتماءهم إليه. منهم شعراء لا يعرفون تاريخ الشعر، ومنهم روائيون أدعياء لم يقرأوا شيئًا من تاريخ الرواية وعلاماتها الكبرى أو الصغرى.

النقد أيضًا ليس منبرًا إعلاميًا أو قناة دعائية أو وسيلة خفيفة من وسائل التواصل، الخلط بين النقد وبين وسائل التواصل والإعلام تسبّب في كثير من سوء فهم وظيفة النقد وما نريده منه لدى جمهور المثقفين والكتاب. وإذا كنا نريد نقدًا معمقًا فينبغي أن نعطيه الوقت الكافي ولا نطلب منه ما نطلبه من السرعة والمواكبة ونحو ذلك مما يطالب به الكتاب اليوم، النقد بطيء يميل إلى التريّث بطبيعته، وهو لا يهدف إلى شهرة كاتب ما، وإنما يهتم بالنصوص وباتجاهات الأدب وبعلاقتها بالماضي والمستقبل، إنه يهتم بالحركة الكلية لا بالكتّاب الأفراد. لقد اشتهر أكثر الأدباء الكبار دون أن يطلبوا الشهرة، الكتّاب اليوم لا يريدون أن يكونوا كتابًا كبارًا وإنما مجرد مشاهير، ولو بالخزعبلات والتهور في الظهور واستجداء المديح والمجاملات، وكل ما لا يليق بالأديب والمبدع الحقيقي.

(*) كثيرًا ما نسمع عن "موضوعية" النقد، وحياده، ألا يقتضي ذلك قراءة الأعمال الأدبية والحكم عليها بموضوعية؟

للنقد تاريخ طويل مثلما للأنواع الأدبية تاريخها الخاص أيضًا، وفي حقب قديمة كان النقاد يتظاهرون بالموضوعية وباستبعاد العنصر الذاتي، ثم تبيّن أن الذاتية عنصر مهم في كل عمل بشري، وإذا كنا ننطلق من أن النقد فرع من الثقافة الأدبية فيمكنني القول إنه ليس موضوعيًا خالصًا بل هو مزيج من الذاتية والموضوعية، أو هو ضرب من الذاتية المصقولة بالمعرفة والتعمق والتأمل. ويمكنني القول بعد كل ما جرى من تطور في مناهج النقد وطرائقه إن النقد البريء والموضوعي "خرافة" أكاديمية، مثلما تعلّمنا من إدوارد سعيد ومن النقد الثقافي ونقد ما بعد الاستعمار، أي أن الناقد ليس محايدًا، بل من حقه أن يكون له خياراته الفكرية والسياسية والجمالية، وليس هناك نقد يبدأ من بياض أو حياد، والمسألة الشخصية أيضًا لها تأثيرها ضمن هذه الانحيازات، الكتاب والقراء والنقاد جميعًا لهم انحيازاتهم، ولكن المعوّل عليه كيف نصقل هذه الانحيازات ونبتعد بها عن "الهوى" و"السطحية" و"الرداءة". وكذلك فإن العناصر الجمالية لا ينبغي أن تكون نوعًا من تجميل "القبيح" على مستوى الأفكار، ونحن في قراءتنا لا نطلب الجماليات التقنية أو البلاغية وحدها، بل نضطر أحيانًا إلى تفكيكها وتجاوزها بوصفها عوائق تخفي ما هو أهم وأخطر، كيف يمكننا استقبال عمل لأديب صهيوني أو مؤيد للصهيونية أو للعبودية والرق ولقوى الاستعمار مثلًا؟ قد يكتب مثل هؤلاء أدبًا جميلًا بالمعنى البلاغي والصور الفنية، ولكنه أدب ساقط في نظرنا من الناحية الأخلاقية والفكرية والإنسانية، لأنه معاد لنا وللجوهر الإنساني بوجه عام.

(*) هل تتفق مع الرأي القائل إن أول عشر صفحات من أي عمل أدبي، رواية كان أو شعرًا، كافية لأن تحكم على العمل برمته؟

الصفحات الأولى مهمة لأنها أول ما يقابل القارئ، فإذا لم تجذبه إلى عالم الكتاب تركه، ومن هنا اهتمام العرب القدامى بمطالع القصائد وافتتاحها، واهتمام النقاد المعاصرين ببدايات العمل الأدبي وطرق افتتاحه، ومن المهم أن يعتني المؤلف ببداية كتابه، وقبل ذلك بعنوانه وبعتباته التي تهيئ للقراءة، وتبني جسرًا مع القارئ. لكن رغم هذه الأهمية فهذه البداية لا تكفي للحكم العادل أو الفاصل أو المتين، العمل لا يكتمل إلا مع آخر سطر فيه، وقد علمنا النقد الحديث أن نقرأ العمل بوصفه وحدة تامة لها بنيتها ولها مكوناتها، ولذلك فمع خبرة القراءة ينبغي أن لا نستعجل كجزء من صنعة الكتابة ومن متطلباتها.

الإبداع الجيد هو الذي يقاوم المحتل

وقوى الشر في كل مكان

(*) كيف يمكنك وصف الإبداع الجيد في نظرك؟ وما الذي يلفت انتباهك في اختيار ما تقرأ وما يمكنك الاهتمام به؟

الإبداع الجيد في نظري هو الإبداع الذي يقاوم المحتل وقوى الشر في كل مكان، في فلسطين وفي كل أرض محتلة، ويقف مع قضايا الإنسان العادلة ومع حقه في الحرية والاستقلال، وفي الوقت نفسه يقف أيضًا ضد الرداءة والسطحية، ويستند إلى قوة اللغة فيدافع عن الهوية. الإبداع الأدبي ليس هراء ولا لغوًا، وإنما هو خلاصة خبرة الكائن. الإبداع الجيد هو الذي يفكّك الواقع وينقده ويكشف عن عيوبه بمهارة واقتدار، وأنت لا تكتب لتغدو "مشهورًا" أو معروفًا، أو ليتناول النقاد أعمالك، وإنما لأن لديك رسالة أو قضية مؤرقة تعبّر عنها وتدافع عن وجودها.

أنا اليوم أقدّم الشروط الفكرية والوطنية، والانحياز للإنسان ولقضاياه، على أي عنصر آخر، وبطبيعة الحال هناك شروط "تقنية" تعد مهارات مشتركة لا بد أن يتقنها كل من يعمل في حقل الأدب، وهي ميسورة متاحة لمن أراد تعلمها، ولكن الأصعب هو أن يكون الأديب موهوبًا حقًا، وأن يكون شجاعًا في الانتماء إلى الحق جريئًا في الدفاع عنه، لا يسيل لعابه من أجل جائزة ما أو شهرة زائفة ما فيحرف تعبيره على عيار ما يظنه مقاسات وتوجهات لهذه الجائزة أو تلك المؤسسة أو معايير الترجمة أو نحو ذلك مما يتحكم سرًا بكثير مما تنتجه الساحة الأدبية العربية.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.