}

أوراق من دفاتر المنفى

سمير الزبن سمير الزبن 29 يناير 2024
شعر أوراق من دفاتر المنفى
(كامل المغني)
حلم

أصحو، فأقول،
ليتني ورقة في مهب الريح
لأصل إليك
صاعدًا إلى السماء خفيفًا
نازلًا بين ذراعيك
حرٌ من أثقالي
ومن زمني
أبيض كحليب ماعز
رقيق كزهرة برقوق
حالم كطفل نائم
في سرير الحرير..

المزدوج

في الشتاء،
أنا اثنان لا أعرفهما
يبحثان عن وجهي في المرآة المحطمة
لا أنا أنا،
ولا الصورة في المرآة صورتي.

درجات الكنيسة

يا غريب، إذا مرّرت على درجات الكنيسة هناك
إحكِ حكايتي، وقُل، هنا سلَّمَ رجلٌ قلبه لها
عندما أضاء نور عينيها ليل المكان
وحرك النسيم شعرها ليغطيه من لسع الحنين
فسقط قلبه كتفاحة في حضنها
حملها إلى برج الكنيسة منارة لروحه.
وقلْ يا غريب، على درجات الكنيسة
كان كل العالم له
طرّزه على مهل بصبر فلاحي الجبال.
وقلْ، إنه شاخ في الطرق الغريبة التي سار عليها
لكن منارته بقيت شابة بوجه يضيء الكون
حتى بعد تحطم قلبه.

رسالة حب متأخرة


إلى أختي فاطمة

ما كان عليَّ انتظار فراش موتك
حتى أقول: إني أحبك.
كان عليَّ قولها، حين كنا متفقين،
وكان عليَّ قولها أكثر، حين اختلفنا.
إني أحبك، لأني أحبك.
ولأنك منْ علمني الضحك طفلًا.
أحبك، لأنك هشة مثلي،
ولأننا غريبان
في عالم ليس لنا
التقينا لمامًا
لنرمم الحب ضد المسافة.
للحظة،
اعتقدت أنكِ هزمتي السرطان
ولم يتغلب على قوة الحياة فيك،
قاومت الموت هناك في أميركا.
ولأن القدر أقوى
اختار المكان.
كنت قوية
انتزعت أيامك من فم الموت،
سأتعلم الدرس منك،
وأسرق أيامي.
وفي كل مرة أنجح فيها،
سأقول لك: إني أحبك.
لو جاءت متأخرة
ولن تسمعيها.

خساراتي

أصرخ،
لأبدّد ضجر المنفى
أكتب، لأعرف أني ما زلت حيًا
أُحصي خساراتي وأضحك
أنتبه
أني لم أكن يومًا من الرابحين.
يخفق قلبي
فأعرف أني أحبك
وأن طريقي
لم يكن بلا زهور
وأن خساراتي
لم تذهب سدى.

دموعي


إلى صديقي علي الجندي

سأذرف دموعي على شوارع المدن الكئيبة
القاهرة، بيروت، باريس، لندن، برلين..
كلها سواء
أحببت خرابي في تلك الزاوية من العالم
نعم، خرابي معي، أينما حللت
واساني كافافي
وأنا في زاوية الخراب التي لي
أعرف أني أحبك
وهنا في زاوية الخراب البعيدة
دونك أنا وحيد.

أغاني المنفى

أحتاج إلى إيقاع شرقي
فالأغاني ليست حيادية

يأكلني الحزن كدودة قزّ
دون أن يصنع مني الحرير

كل البكاء لا يغسل القلب
ولا يشفي جروحًا تقرحت

هنا، في هذا الصقيع الغريب
ألملم ما تبقى من روح تحطمت

هنا، لا نول لأنسج عليه أحلامي
والأرض هاوية تحت خطاي

أنا الغريب هناك، الغريب هنا
أبدّد الوقت كما عمري سدى.

مطر

مطر آخر في سماء أخرى
يغسل وجه قمرًا متعبًا
تمرغ في التراب
سأشتم رائحة أرض أخرى
أعرف أنها ليست لي
أنا هباء
أنا غبار المعنى
في حضوري وفي الغياب.

أجمل ما فيّ

للنبيذ لون دمي
أشرب
لأعبر قنطرة الغياب إلى الغياب
أنادي الولد الحالم الذي كنت
في طين المخيم
لأعبر به من سماء إلى سماء
ليعرف أنه كان أجمل ما فيّ.

قلبي المثقوب

سأربي الغزالة كما أشتهي
لترعى عشب الحلم.
أمي تعود في منامي
لترتي ثقب قلبي
من وجع المنافي.
نضحك معًا على خيبتي
تبكي
وأبكي.

دمشق

لا تحتاج دمشق إلى إعلان حبي لها
فهناك على طرقاتها ذرفت عمري راضيًا
دمشق لم تمنحني
لا الرحلة ولا الغنى
منحتني حب الحياة
هناك كان:
أول حب
أول خيبة
أول الدموع
أول التمرد
أول الأشعار
وأجمل النساء.
هناك ذرفت طفولتي
وحرقت شبابي
على طرقاتها
بالأفراح والأحزان
ما يكفي المسيرة حتى النهايات
وفيها وحدها أعرف من أنا
كما يقول صديقي اللدود درويش.

أغنية

في الليل
على قوس الحلم
أكتب أغنيتي عن الدفء
من أجل الليالي الباردة
أنتِ هناك في أفق الحليب
وأنا هنا أحدق في الهاوية
أشرب كحولي حتى نهايته
وأكتب أغنية حزينة
عن الأصدقاء الراحلين
الذين أخذوا الحلم معهم
وأغنية حزينة عنا
نحن الذين نرمم فخار الحلم
عبثًا.

كحول من أجل الليل

سأفيق غدًا من سكرتي
لأجد العالم كما تركته بالأمس
كئيبًا، مملًا، خانقًا في المنافي.
سأذكر أحاديث 
لعنَ فيها صاحبي
الحرب والمنفى وبشار الأسد
ولعنت ما لعن.
تذكرت أني غادرت دمشق منذ سنين.
كأنها قرون من الموت والدمار
يحنّ صاحبي إلى ما أحنّ إليه
لو اختلفنا على لون البرتقال في البلاد البعيدة
أشعر أني أنا بعد ليلة كحولية
في عالم ضبابي
لا أراه ولا يراني
أجد نفسي واضحًا
في ضباب الكحول
وليل المنافي
وحوار الأحبة.

نصوص خَرِبة

سأكتب نصوصًا مجنونة عن الحرب
عن امرأة أَجَنُّ من الحرب
حملت ندى الذكريات إلى المنافي
وولدت هناك أحلامَ ماضٍ أكلته الذئاب.
سأكتب نصوصًا مجنونة عن الحب أيضًا
عن رجل بقي هناك ليتأمل سماء ملوثة بالطائرات
وليتعلم معنى المنفى في الديار
وينتظر مستقبلًا يأتي من الدمار.
سأكتب نصوصًا عن وجع الحرب والمنافي،
عن نفسي، عمن أحب، عن الحب، عن العتم،
عن الحنين، عن الرحلة، عن الخراب، عن الرفاق،
عن العتاب، عن الذكريات، عن الدماء، عن الضحايا،
عن الناجين... وعن... وعن...
سأكتب لأقتل الوقت،
ولأقتل نفسي المعطوبة من عتم المنافي.

قولي

قولي للسماء
أن تترفق بي
لقد تعبت من ضوء عينيك.
الهاربةُ وراء الغجر
تعالي لنغزل الحب
ثوبًا يغطي القمر
ليس على الجمال
أن ينتظر الصباح
لنفعل ما نريد
قبل أن نغفو.

قصائد اخرى للشاعر

شعر
5 أبريل 2024
شعر
29 يناير 2024
يوميات
13 سبتمبر 2023
شعر
7 أغسطس 2023

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.