}

جيل دولوز: في التزامه الإنسانيّ والسياسيّ بقضية فلسطين

جورج كعدي جورج كعدي 27 أبريل 2023
استعادات جيل دولوز: في التزامه الإنسانيّ والسياسيّ بقضية فلسطين
(جيل دولوز)

سخّر جيل دولوز Gilles Deleuze (1995 - 1925) فكره وحياته، منذ مطلع الخمسينيّات حتى وفاته، للفلسفة والأدب والنظريّات السينمائيّة (التي له فيها كتابان مرجعيّان مشهوران في العالم كلّه ويُدرّسان في معاهد السينما: "الصورة – الحركة" و "الصورة – الزمن")، ويصنّفه الفيلسوف أدريان وليم مور بين أعظم الفلاسفة. وكان دولوز من أتباع المذهب السبينوزيّ المحدث، وله ثلاثة كتب عن سبينوزا، فضلًا عن كانط ونيتشه وبرغسون، إلى كتاب حواريّ مع فوكو، حتى بلغت مؤلفاته نحو خمسة وثلاثين في مواضيع متنوّعة، وكان مصمّمًا قبل رحيله على وضع كتاب عن كارل ماركس، لكنّ هذا الكتاب بقي غير مكتمل (inachevé) وأَنْجَزَ منه دولوز فصلين فحسب، علمًا بأنّه كان ينتمي إلى جيل من المفكرين ذوي النزعة الماركسية أمثال لوي ألتوسير وإتيان باليبار وأنطونيو نيغري.

وقفتي اليوم عند دولوز ليست إبحارًا في عالمه الفلسفيّ والفكريّ الوسيع، بل تقتصر على جانب واحد، هو التزامه الإنسانيّ والسياسيّ بعددٍ من القضايا العادلة، وبينها القضيّة الفلسطينيّة التي خالف فيها الجوّ الفكريّ والفلسفيّ السائد في زمنه وما قبله ورُبمّا ما بعده، المؤيّد بمعظمه، ويا للأسف، لإسرائيل (من الفيلسوف الأصيل جان بول سارتر إلى "الفيلسوف" الزائف والصهيونيّ حتى النخاع برنار هنري ليفي). دولوز فيلسوف كبير، إنسانيّ، شريف، عادل، متّزن ونزيه فكريًّا، لم يدع المأساة الفلسطينيّة خارج دائرة اهتماماته الإنسانيّة الملتزمة والسياسيّة المناضلة (Militante) فكتب عنها وأعلن بشأنها مواقف حادّة، واضحة وجريئة. حتى أنّه نصّ تحيّةً إلى الزعيم الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات تحت عنوان "كِبَرُ ياسر عرفات" (Grandeur de Yasser Arafat) عام 1983، ولا يقتصر نصّه على تحيّة القائد التاريخيّ، بل ينطوي أيضًا على نظرته إلى القضيّة الفلسطينيّة عامة، وأنقله هنا كاملًا، عن الأصل الفرنسيّ الذي يتضمّنه كتاب "نظاما مجانين – نصوص وحوارات 1975 – 1995" الذي أصدرته دار "Minuit".

لم يدع دولوز المأساة الفلسطينيّة خارج دائرة اهتماماته الإنسانيّة الملتزمة والسياسيّة المناضلة، فكتب عنها وأعلن بشأنها مواقف حادّة، واضحة وجريئة. حتى أنّه نصّ تحيّةً إلى الزعيم الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات تحت عنوان "كِبَرُ ياسر عرفات"

هنا، بدءًا، ترجمة نصّ "كِبَرُ ياسر عرفات" لدولوز:

"القضيّة الفلسطينيّة هي أوّلًا مجموع مظالم عاناها هذا الشعب وما زال يعانيها. هذه المظالم تشمل الأفعال العنفيّة، إنّما كذلك اللا معقولة، والأحكام الخاطئة، والضمانات الكاذبة التي تزعم التعويضات أو تبرّرها. لم تبقَ لعرفات سوى كلمة ينطق بها عن الوعود غير الموفى بها، والالتزامات المنقوضة، لدى حصول مجازر صبرا وشاتيلا: shame ، shame  (عارٌ ، عارْ).

قيل هذه ليست إبادة. ومع ذلك، إنها مسألة تحمل الكثير من أورادور (يقارن دولوز مجازر صبرا وشاتيلا بمجزرة  Oradour – sur – glane  التي حصلت في فرنسا على أيدي النازيين في العاشر من حزيران ̸ يونيو عام 1944 وراح ضحيتها ستمئة وثلاثة وأربعون مدنيًا من رجال ونساء وأطفال)، منذ البداية. الإرهاب الصهيونيّ لم يُمارس فقط ضدّ البريطانيين، بل ضدّ القرى العربية التي كان يجب أن تزول؛ منظمة إرغون (Irgoun) كانت ناشطة جدًا في هذا المجال (مجزرة دير ياسين). من ألف المسألة إلى يائها، يتعلّق الأمر بالتصرّف كأنّ الشعب الفلسطينيّ ليس مفترضًا أن يكون موجودًا فحسب، بل أنّه لم يوجد أبدًا من قبل.

الغزاة كانوا أولئك الذين كابدوا هم أنفسهم أكبر إبادة جماعية في التاريخ. من تلك الإبادة صنع الصهاينة شرًّا مطلقًا. بيد أنّ تحويل الإبادة في التاريخ إلى شرّ مطلق في ذلك رؤية دينية إيمانيّة، لا رؤية تاريخيّة. إنّها رؤية لا توقف الشرّ؛ بل على العكس، تنشره، تجعله يقع مجدّدًا على أبرياء آخرين، كما أنها تستدعي تعويضًا يحمّل هؤلاء الآخرين الأبرياء جزءًا ممّا عاناه اليهود (الإبعاد، التجميع في غيتو، الاختفاء كشعب). بوسائل أكثر برودة من الإبادة، يُرادُ الوصول إلى النتيجة عينها.

 الكتاب الذي ضمّ النص "كِبَرُ ياسر عرفات" 


كان على الولايات المتحدة وأوروبا التعويض لليهود. وهذا التعويض، دفعاه ثمنًا من خلال شعب أقلّ ما يقال عنه إنّ لا ذنب له في ما جرى، خاصةً أنّه بريء من كلّ إبادة بل حتى لم يسمع بها. هنا تبدأ الغرابة، مثلها مثل العنف. الصهيونية، ثم ̕دولة إسرائيل̔ أصرّتا على أن يعترف الفلسطينيّون بحقّ لهما. لكن هي، ̕دولة إسرائيل ̔، لا تكفّ عن نفي حتّى حقّ الشعب الفلسطينيّ نفسه. لا تتحدث البتة عن فلسطينيين، بل عن عرب في فلسطين، كما لو أنّهم وُجدوا هناك بالمصادفة أو بالخطأ. ولاحقًا، تصرّفت كما لو أنّ الفلسطينيين المبعدين أتوا من الخارج، ولا كلام عن حرب المقاومة الأولى التي خاضوها وحدهم. جعلتهم من ذريّة هتلر، لكونهم لا يقرّون بحقّ ̕إسرائيل̔. لكن ̕إسرائيل̔ تحتفظ بحق نفي وجودهم واقعًا. هنا تبدأ رواية أكثر فأكثر انتشارًا، وتُثقِلُ على سائر الذين كانوا يدافعون عن القضيّة الفلسطينية. تلك الرواية، رهان ̕إسرائيل̔، كانت تحويل كلّ الذين يعترضون على ظروف هذا الواقع وأفعال ̕دولة إسرائيل̔ إلى معادين للساميّة. هذه العمليّة تجد منبعها في سياسة  ̕دولة إسرائيل̔ الباردة حيال الفلسطينيين.

لم تُخفِ ̕إسرائيل̔ أبدًا هدفها، منذ البداية، إحداث الفراغ في الأرض الفلسطينية. بل أكثر من ذلك، العمل كما لو أنّ الأرض الفلسطينية كانت فارغة، ومقدّرة منذ الأزل للصهاينة. الأمر يتعلّق باستعمار، إنّما ليس في المعنى الأوروبي الخاص بالقرن التاسع عشر: ليس استغلال سكان البلاد، بل دفعهم إلى الرحيل. الذين يبقون، لا يُجعلون يدًا عاملة مرتبطة بالأرض، بل بالأحرى يدًا عاملة احتياطيّة ومنفصلة، كما لو كانت مؤلفة من مهاجرين موضوعين في منعزل (غيتو). منذ البداية، كان شراء الأراضي تحت شرط أن تكون مفرغة من الاحتلال، أو قابلة للتفريغ. إنها إبادة جماعية، لكنّ الإبادة الجسدية فيها تبقى خاضعةً للإفراغ الجغرافيّ: لكونهم مجرّد عرب بعامةٍ، على الفلسطينيين الناجين المغادرة للذوبان مع باقي العرب. الإبادة الجسدية، سواء كانت موكلة إلى المرتزقة أم لا، حاضرة على نحو تام. بيد أنّها ليست إبادة، يقولون، إذ ليست "الحلّ النهائيّ" (يستعير دولوز التعبير الذي اعتمده النازيون في ما يخصّ اليهود): في الواقع، هي وسيلة بين وسائل أخرى.

إنّ تواطؤ الولايات المتحدة مع إسرائيل ليس ناجمًا عن قوة اللوبي الصهيونيّ فحسب. إلياس صنبر كشف تمامًا كيف تجد الولايات المتحدة في إسرائيل جزءًا من تاريخهما: إبادة الهنود الحمر، التي لم تكن بدورها أيضًا سوى جانب جسديّ مباشر. كان الأمر متعلّقًا بإحداث الفراغ، وبجعل الأمر يبدو كما لو أنّ الهنود الحمر لم يوجدوا في تلك الأرض على الإطلاق، إلّا في منعزلات (غيتوات) تضمّ مهاجرين كثرًا. على مستويات عديدة، الفلسطينيون هم الهنود الجدد، هنود ̕إسرائيل̔. التحليل الماركسيّ يشير إلى حركتين مناقضتين للرأسمالية: فرض حدود على الدوام، تُنظم داخلها وتَفيد من نظامها الخاص؛ دفع تلك الحدود أبعد على الدوام، تجاوزها للبدء من جديد في عمليتها التأسيسيّة الخاصة بكثافة أوسع وأقوى. دفع الحدود، كان الفعل الرأسمالي الأميركي، للحلم الأميركي، واستعادته ̕إسرائيل̔ حلمًا بـ ̕إسرائيل الكبرى̔ فوق الأراضي العربية، مع إلقاء المسؤولية عليهم.

كيف استطاع الشعب الفلسطيني أن يقاوم ولا يزال. كيف تحوّل من شعب ذي نَسَب إلى أمّة مسلّحة. كيف منح نفسه تنظيمًا لا يمثّله فحسب، بل يجسّده، خارج الأرض الفلسطينية وبلا دولة: كان الأمر في حاجة إلى شخصية تاريخية كأنّها، من وجهة نظر غربيّة، شبه طالعة من شكسبير، وهذه الشخصية كانت: عرفات. لم يكن ذلك للمرة الأولى في التاريخ (الفرنسيون يستطيعون التفكير في فرنسا الحرّة، مع فرق أنّها كانت تملك في البداية قاعدة شعبية أقلّ). وما لم يحصل للمرة الأولى في التاريخ أيضًا، هو أنّ كلّ الفرص التي فيها حلّ، أو عنصر من حلّ، كانت ممكنة، غير أنّ الإسرائيليين دمّروها عمدًا وعن معرفة. كانوا يصرّون من موقعهم الدينيّ على نفي، ليس الحقوق فحسب، بل الواقع الفلسطيني. كانوا يغسلون أيديهم من إرهابهم الخاص بمعاملة الفلسطينيين على أنّهم إرهابيون وافدون من الخارج. وإذ لم يكن الفلسطينيون كذلك تحديدًا، بل هم مختلفون أيضًا عن العرب الآخرين كاختلاف الأوروبيين في ما بينهم، ما كان في استطاعتهم توقع سوى مساعدة غامضة من الدول العربية نفسها، وكانت هذه الدولة ترتدّ عليهم بالعدوانية والإبادة حين كان النموذج الفلسطيني يغدو خطيرًا بالنسبة إليهم. عاش الفلسطينيون كلّ هذه الحلقات الجهنمية من التاريخ: سقوط الحلول كلّما كانت ممكنة، التبدّلات المفاجئة في التحالفات التي كانوا يدفعون ثمنها، الوعود الأكثر رسميّة المنكوث بها. ومن ذلك كلّه، كان على مقاومتهم أن تغذّي نفسها.

 جيل دولوز وفيليكس غواتاري (يمين) شريكه وتوأمه الفكري حيث وضعا مؤلفات معًا (Getty, France, 1980)


من المحتمل أنّ أحد أهداف مجازر صبرا وشاتيلا كان الحطّ من قَدْرِ عرفات. لم يوافق على ترحيل المقاتلين، الذين بقيت قوّتهم كاملة، إلّا بشرط ضمان أمان عائلاتهم على نحو تامّ، من قِبَل الولايات المتحدة وحتى من ̕إسرائيل̔. بعد المجازر لم تكن هناك سوى كلمة ̕عار̔ shame. لو كانت أزمة منظمة التحرير التي تلت قد عرفت نتيجة طويلة الأمد نسبيًّا، فإمّا الاندماج في دولة عربية، أو الذوبان في التطرّف الإسلاميّ، لأمكننا القول عندئذٍ أن الشعب الفلسطينيّ قد زال فعليًّا. ولكن في أوضاع مماثلة، ما كان ليبقى للعالم، وللولايات المتحدة وحتى لـ ̕إسرائيل̔ سوى الندم على الفرص الضائعة، بما فيها تلك الباقية ممكنة اليوم. على تعبير ̕إسرائيل̔ المتعجرف: "لسنا شعبًا مثل باقي الشعوب"، لم يكفّ الفلسطينيون عن الصراخ ردًّا على ذلك: نحن شعب مثل باقي الشعوب، لا نريد أن نكون غير ذلك...، بحسب ما نشر في العدد الأول من مجلة الدراسات الفلسطينية.

بشنّها حربًا إرهابية في لبنان، ظنّت ̕إسرائيل̔ أنّها قضت على منظمة التحرير ودعمها للشعب الفلسطيني، المحروم أصلًا من أرضه. ولعلّها نجحت في ذلك، ففي طرابلس المحاصرة لم يبقَ سوى الحضور الجسديّ لعرفات بين رفاقه، والجميع في دائرة من الكِبَر المنعزل. بيد أنّ الشعب الفلسطيني لن يفقد هويته رغم أنّ إرهابًا مزدوجًا حلّ مكانه هو إرهاب ̕الدولة̔ والدين الذي أفاد من غيابه وجعل أي اتفاق سلام مع ̕إسرائيل̔ مستحيلًا. من حرب لبنان، لم تخرج ̕إسرائيل̔ منقسمة أخلاقيًا فحسب، غارقة في فوضى اقتصادية، بل ألفت نفسها أمام الصورة المنعكسة لتعصّبها. الحلّ السياسيّ، الاتفاق السلميّ، ما كانا ممكنين إلّا مع منظمة تحرير مستقلّة لم تضمحلّ في ̕دولة̔ موجودة أصلًا، وغير ضائعة في حركات إسلامية متعدّدة. زوال منظمة التحرير لن يكون سوى انتصار لقوى العالم العمياء، اللا مبالية حيال بقاء الشعب الفلسطيني".

*****

تكرّست صورة جيل دولوز الملتزم (engagé) والمناضل (militant) الإنسانيّ فيلسوفًا في مسائل وقضايا أخرى مثلت في زمنه، بينها ثورة أيّار (مايو) 68 الفرنسية، وكان عهد ذاك محاضرًا في جامعة ليون وواحدًا من أساتذة جامعيين قلائل أعلنوا دعمهم لهذه الثورة مشاركًا في جمعيات عموميّة وفي تظاهرات طلّاب ليون. بل كان الأستاذ الأوحد في قسم الفلسفة ذا الحضور في الحركة. ورغم متاعبه الصحية الخطيرة في جهازه التنفّسيّ، شارك دولوز أيضًا في التنظيم الذي أنشأه صديقه ميشال فوكو مطلع السبعينيات تحت إسم GIP (فريق الإعلام حول السجون)، وكان هذا الفريق منبثقًا مباشرةً من التيّار الماويّ ومن إرادة حماية المناضلين في اليسار البروليتاريّ. وفي 17 كانون الثاني (يناير) 1972، واحتجاجًا على القمع في السجون، حرّك هذا الفريق عددًا من المثقفين ونجح في جمع سارتر وفوكو ضمن حركة احتجاج واحدة. وفي نهاية الشهر عينه كتب دولوز في "لو نوفيل أوبسرفاتور" مقالةً بعنوان "ما ينتظره المساجين منّا... ". فضلًا عن ذلك، أسهم دولوز في النضال من أجل قضايا مثل القمع والعنصرية الممارسين ضدّ العرب في فرنسا، إلى جانب فوكو وجان جينيه وميشال ليريس وإيف مونتان وسارتر وسيمون سينيوريه. حتّى الثورة الطالبية الإيطالية عام 1977، والتي ألهمتها ثورة 68 الطالبية الفرنسية، لم يبقَ دولوز بعيدًا عن إعلان مواقف دعم لها، مع شريكه وتوأمه الفكري (وضعا مؤلفات معًا) فيليكس غواتاري (Guattari)، لينضمّ إليهما مفكرون آخرون بينهم رولان بارت وفيليب سولرز وجوليا كريستيفا.

يكفي جيل دولوزًا فخرًا، نقاسمه إيّاه افتخارًا به، أنّه من قلّة نادرة من مفكري فرنسا وفلاسفتها الكبار ومبدعيها تنبّهت باكرًا لعظمة الملحمة الفلسطينية. لم تؤثّر فيه آلة البروباغاندا الصهيونيّة المتحكّمة إلى حدّ بعيد بالأوساط السياسية والثقافية والإعلامية الفرنسية والغربية عامةً، ومن التهمة الجاهزة لكلّ من يجرؤ على تناول الكيان الصهيونيّ بحرف واحد، أي "معاداة السامية(!). من أجل ذلك ننحني أمام إنسانيّة جيلّ دولوز، وشجاعته، والتزامه، ونضاله الفكريّ الفاعل للعديد من القضايا العادلة.

٭ناقد وأستاذ جامعي من لبنان.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.