}

هاينريش هاينه: آخر الرومنطيقيين الألمان

حسونة المصباحي 20 أغسطس 2024

 

في نصّ له بعنوان "اعترافات المؤلف"، يقدم هاينريش هاينه (1797-1856) البعض من تفاصيل مسيرته الأدبية قائلًا إنه كان أول من سدّد "ضربات مُوجعةّ وقاتلة" للحركة الرومنطيقية الألمانية، مُنتقدًا أساليبها وأفكارها. لكن فجأة استبدت به الرغبة في العودة إليها فشرع في الحين في "التنهد من جديد خلف الزهرة الزرقاء ممسكًا بالقيثارة القديمة" ليكتب آخر القصائد التي تعكس روح الرومنطيقية وأصولها وعوالمها. لذلك يمكنه القول إن الرومنطيقية "لفظت أنفاسها معه".

ولم يكن هاينريش هاينة شاعرًا كبيرًا فقط، بل كان كاتبًا من طراز رفيع جعل من أدب الرحلة فنًا قائمًا بذاته، وناقدًا مُهاب الجانب بسبب قدرته الفائقة على خوض المعارك الساخنة، ومفكرًا قديرًا ساهم في نشر الأفكار التنويرية، لا في بلاده فقط، بل في فرنسا، وفي العديد من البلدان الأوروبية الأخرى. وكان أيضًا صحافيًا لامعًا مُلتزمًا بقضايا عصره السياسية والاجتماعية. وحتى اللحظة الأخيرة من حياته، فضّل أن يظل هامشيًا، مستقلًا عن كل المدارس والتيارات الأدبية التي كانت رائجة في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

وقد تزامن مولده في مدينة ديسولدورف، شمال ألمانيا، مع فترة تميزت باضطرابات وبتحولات هامة وكبيرة جاءت بها الثورة الفرنسية. وكان في سن الحادية عشرة لما شاهد نابليون بونابارت يدخل مدينة ديسولدورف ليكون ذلك أول حدث تاريخي هام يعيشه عن كثب. وفي البداية، انتسب إلى مدرسة يهودية خاصة. ولما سُمح لأبناء اليهود بالدراسة في المدارس العامة، انتقل إلى معهد جلّ تلامذته من المسيحيين إلا أنه غادره من دون الحصول على شهادة ليدخل عالم المال والأعمال، وهو عالم عائلته. وأثناء عمله في المصارف، تنقّل بين فرانكفورت وهامبورغ. وفي هذه الفترة اقترب من حلقات الماسونيّة آملًا بأن يساعده ذلك على تخطّي العراقيل الناتجة عن جذوره اليهودية. وفي هذه الفترة أيضًا أحب ابنة عمه حبًا جنونيًا. ومن وحي حبه لها، كتب العديد من القصائد ليصدرها فيما بعد في ديوان حمل عنوان "كتاب الأناشيد". ولعل ولَعَه بالأدب والشعر، هو الذي دفعه إلى ترك عالم المال والأعمال نهائيا لينتسب إلى جامعة بون. وفيها واكب محاضرات فيلهالم أوغشت شليغل حول تاريخ اللغة والشعر الألماني. وقد سمحت له تلك المحاضرات بالتعرّف على خفايا الحركة الرومنطيقية. ومتأثرًا بها، شرع في ترجمة قصائد للشاعر الإنكليزي اللورد بايرون. في الآن نفسه، واكب أيضًا محاضرات إرنست موريتز أرندت. لكن فيما بعد سوف يشنّ عليه هجومات عنيفة، ساخرًا من نثره ومن شعره ومن أفكاره الشوفينية.

ومن بون انتقل هاينريش هاينه إلى جامعة غوتينغن إلاّ أن أجواءها الجامعية والثقافية لم ترق له بسبب "خشونة" و"قبح" وجوه أساتذتها وطلابها، فتركها غير آسف لينتسب إلى جامعة برلين، وفيها حضر دروس هيغل الذي كان آنذاك في أوج شهرته الفلسفية. وفي هذه الفترة، تردّد على العديد من الحلقات والصالونات الأدبية والفكرية ليحصل شيئًا فشيئًا على الاعتراف والشهرة.

في عام 1825، عاد هاينريش هاينه إلى غوتينغن ليحصل من جامعتها على دكتوراه في القانون. وكان ينوي أن يفتح مكتبًا للمحاماة في مدينة هامبورغ إلاّ أنه فشل في مساعيه. ومن هامبورغ انتقل إلى ميونيخ آملًا بأن يحصل على كرسي في جامعتها غير أن جذوره اليهودية حالت مرة أخرى دون ذلك. لكن الفشل في مجال الوظيفة لم يمنعه من مواصلة الكتابة، ومن السفر مُتنقلًا بين المدن ليزور غوته في فايمار حيث كان يقيم، مُهديًا إياه ديوانه: "كتاب الأناشيد". كما أنه زار إيطاليا، ومنطقة التيرول الجبلية. وعن أهلها كتب يقول ساخرًا: "أهالي التيرول جميلون، ونزهاء، وطيبون، ومرحون، وهم يتمتعون بالصحة والعافية، وقد يعود ذلك إلى أنهم جدّ أغبياء إلى درجة أن الأمراض لا تصيبهم".

التنديد بمحاكم التفتيش

في تلك الفترة الممتدة بين 1820 و1830 والتي تميزت بغزارة الإنتاج الأدبي شعرًا ونثرًا، تمكن هاينريش هاينه من نحت لغته الخاصة معتمدًا في ذلك على اللغة اليومية. كما أنه خاض معارك أدبية عديدة في ميونيخ بالخصوص ضد شعراء وأدباء سخروا من جذوره اليهودية التي "تفوح منها رائحة الثوم". وفي نفس هذه الفترة أيضًا، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالثقافة الإسلامية في الأندلس، مُعتبرًا إياها ثقافة "إنسانية عميقة جديرة بالإحياء"، ومندّدًا بمحاكم التفتيش التي أحرقت كتبًا جسّدت تلك الثقافة التي تميّزت بالتسامح بين الأديان وبين الأجناس. وفي ذلك كتب يقول: "لم تكن تلك سوى البداية. هناك حيث تحرق الكتب، ينتهي الأمر بحرق البشر".

وكان هاينريش هاينه في جزيرة هالغولاند ببحر الشمال لما بلغته أخبار ثورة يوليو/ تموز 1830. عندئذ كتب يقول: "أنا أيضًا ابن الثورة. ومن جديد أبْسُط يديّ باتجاه الأسلحة المقدسة التي عليها نطقت أمي بالكلمات السحرية للبركة. زهور، زهور، بها سوف أتوّجُ رأسي من أجل المعركة. والقيثارة أيضًا. أعطوني قيثارة لكي أطلق نشيد الحرب. كلمات مُلتهبة، حين تسّاقط، سوف تحرق القصور وتضيء الأكواخ". وقد أثار إعجاب هاينريش هاينه بالثورة المذكورة غضب المحافظين البروسيين فشنّوا عليه هجومات عنيفة  واصفينه بأقبح النعوت. وبتأثير منهم قامت أجهزة الرقابة بمنع كتبه في جميع أنحاء ألمانيا. وعندما تيقّن أنه لم يعد له مكان في وطنه، اختار الهجرة إلى باريس، وفي قلبه وجع تعكسه هذه الأبيات:

كان لي في زمن ما وطن جميل
فيه تكبر شجرة البلوط وتسمو عاليًا في السماء
وأزهار النرجس تحرّك رؤوسها بهدوء
كان ذلك حلمًا
هي تقبّلني بالألمانية، وبالألمانية تنطق
(نحن لا يمكن أن نتصوّر جمال رنينها)
بكلمة: "أحبك".
كان ذلك حلمًا.

وعن هجرته إلى باريس، كتب هاينريش هاينه في "اعترافات مؤلف" يقول: "كنت قد فعلت أشياء كثيرة، وتألمت كثيرًا أيضًا. وعندما أشرقت شمس تموز/ يوليو على فرنسا، أصابني التعب. لذا كنت في حاجة إلى قليل من الراحة. وكان هواء الوطن يزداد فسادًا بالنسبة لي يومًا بعد آخر. لذلك شرعت في التفكير جدّيًا في تغيير المناخ. وكانت لي رؤى. وكنت أنظر إلى السحب التي كانت تخيفني، وفي جريانها الهوائي كانت تُكشّر لي. وأحيانًا كانت تبدو لي الشمس نارًا بروسية. وفي الليل، كنت أحلم بعُقاب يمزّق صدري، ويلتهم كبدي. وكنت حزينًا جدًا (...)". ويواصل هاينريش هاينه قائلا: "في ذلك الوقت تعرّفت على فرنسيّ كان يعمل تاجر نبيذ، ولم يكن ينقطع عن تمجيد الحياة في باريس قائلًا بأن الناس هناك يعيشون كما لو أنهم في ‘بلاد النعيم‘، وفيها يردّدون من الصباح إلى المساء نشيد الثورة. وعند ركن كل شارع، يمكن أن نقرأ: ‘حرية، مساواة، أخوّة‘ (...) وبما أنني كنت في حاجة إلى أن أتمتع بالحياة، فإنني غادرت إلى باريس".

كتاب "اعترافات" لهاينريش هاينه


في أول شهر أيار/ مايو 1831، قطع هاينريش هاينه نهر الراين ليمضي بقية سنوات حياته في العاصمة الفرنسية، ومنها كان يراسل جريدة واسعة الانتشار، ناشرًا مقالات سوف يجمعها فيما بعد في كتاب حمل عنوان "الوضع الفرنسي"، وفي تلك المقالات الساخنة التي أسّست للصحافة السياسية الحديثة، كان يدافع عن الحرية والديمقراطية، مُنتقدًا بطريقته اللاذعة والساخرة الأوضاع السياسية في بلاده: "الفكر يسبق الفعل مثل الرعد الذي يسبق المطر. والرعد في ألمانيا منسجم مع الحقيقة الألمانية. وهو ليس خفيفًا، وإنما هو يأتي جارًّا نفسه بهدوء، لكنه حتمًا سيأتي. وعندما تسمعون فرقعة فاعلموا أنه لم يسبق لها مثيل في تاريخ العالم، وأن الرعد الألماني بلغ هدفه في نهاية المطاف. وتحت تأثير هذا الصوت، سوف تسقط الصقور ميتة من أعلى السماء، وسوف تصاب الأسود بالذعر فتتسرّب إلى الكهوف الملكية خافضة أذيالها. وسوف تحدث في ألمانيا دراما تكون الثورة الفرنسية حيالها مجرد مسرحية بائسة". ومنتقدًا القومية الشوفينية في ألمانيا، كتب هاينه يقول: "نحن الألمان ننسجم جيدًا مع الكراهية، ومعها نتفق. هي تنبعث من أعماق الروح، الكراهية الألمانية، ومع ذلك هي تنتفخ لتصبح ضخمة وهائلة الحجم، وبالسموم تملأ براميل هايدلبارغ".

ولأنه كان يُتقن لغة موليير، فإن هاينريش هاينه دأب على نشر مقالات في كبريات الصحف والمجلات الفرنسية. وكانت "مجلة العالميْن" من أشهر المجلات في تلك الفترة. وكانت تُوزّعُ في جلّ البلدان الأوروبية، و"تُمثّلُ عبقرية وعظمة الأدب الفرنسي"، وفيها أصدر سلسلة من المقالات حول التاريخ الثقافي والفكري في بلاده. وفيما بعد جمع تلك المقالات في كتاب حمل عنوان "عن ألمانيا" راغبًا في أن يكون كتابه مُختلفًا في أسلوبه، وفي أفكاره وأطروحاته، عن كتاب الفرنسية مدام دو ستايل التي كانت قد أصدرت في بداية القرن التاسع عشر، أي في مرحلة سطوع نجم نابليون بونابارت، كتابًا بنفس العنوان عن كبار فلاسفة ألمانيا، ومفكريها وشعرائها. وكان هدفه الأساسي، من خلال كتابه، إبراز التحولات والتطورات التي كانت ألمانيا تشهدها في زمنه، إذ أنه كان يرى أن الثقافة الألمانية لم تعد لها نفس الصورة، ونفس الملامح التي طبعتها في زمن غوته وشيللر والرومنطيقيين الأوائل. وهو الذي درَسَ في ثلاث جامعات مرموقة، وعاش في مدن كبيرة مثل هامبورغ، وميونيخ، وبرلين، كان عارفًا بكل التطورات وبكل التحولات التي حدثت. ومن أهم ما رغب في توضيحه هو أن الكتّاب والمفكرين والفلاسفة والشعراء الذين عنهم تحدثت مدام دو ستايل في كتابها كانوا يعيشون بعيدًا عن السياسة. أما كتّاب جيله فمعنيون بها، ومساهمون فيها بالقول والفعل، ومُسَخّرين أقلامهم للدفاع عن الحرية والديمقراطية. وكانت ألمانيا في عهد هاينريش هاينه قد استيقظت من سباتها، لتشرع نخبها الفكرية في العمل على أن تفتح أبوابها للأفكار الجديدة التي جاءت بها الثورة الفرنسية. وفي المقدمة التي خصّصها للطبعة الفرنسية لكتاب "عن ألمانيا" الصادرة عن دار "غاليمار" عام 1998، كتب بيار غرابين يقول: "عندما جاء هاينريش هاينه إلى فرنسا، كان قد بلْوَرَ فكرة عن مستقبل بلاده التي كان قد تفحّصها وفيها طاف على مدى سنوات طويلة، والتي كان قد غادرها مُتوّجًا بالمجد والشهرة. وكان يعتقد أن من بلاده سوف ينبثق شيء عظيم، وربما شيء مُرعب. وكان قد استمع إلى هيغل، وقرأ شيلينغ وفلاسفة الطبيعة. وكان يرى أن أفكار هؤلاء الفلاسفة المثاليين سوف تخرج قريبًا من الجامعات، ليكون الزمن لا زمن الفكر فقط، وإنما زمن الفعل أيضًا".       

وفي كتابه، ركّزَ هاينريش هاينه بالخصوص على المراحل الأساسية في تاريخ الفلسفة الألمانية التي لم تكن معروفة جيدًا في فرنسا، والتي كانت تبدو لمفكري هذه البلاد غائمة، وعصيّة على الفهم، و"مسكونة بالخوف من الله". لذلك حرص على أن يزيل، من خلال كتابه، كل ما يُحيطُ بهذه الفلسفة من أفكار مُسبقة، ومن آراء ومن أحكام خاطئة. كما أنه حرص على أن يُبرز أن نقد الدين لا يعني الالحاد المُطلق، كما هي الحال لدى الشيوعيين والاشتراكيين الراديكاليين.

وفي "اعترافات مؤلف" كتب يقول: "في الحقيقة لم يكن النفور هو السبب الوحيد الذي جعلني أتخلى عن كل الأفكار المعادية للدين. وصحيح أن الخوف لعب دورًا ما إذ أنني لاحظت أن الإلحاد عقد نوعًا من الحلف الخفيّ إلى حدّ ما مع الاشتراكية الأكثر تجذّرًا، أو لكي أتخلى عن كل شكل من أشكال النفاق، هو عقد حلفًا مع الشيوعية. وهذا الخوف لم يكن خوف الثريّ الذي يرجف خشية فقدان ثروته الطائلة، وإنما هو الخوف السري للفنان والعالم وهو يرى حضارتنا الإنسانية التي هي ثمرة ثلاثة قرون من العمل، والعنصر الأساسي في حياتنا المعاصرة، مُهدديْن بهذه المخاطر. إلاّ أن هذه الحضارة سوف تُدمّرُ ذات يوم من قبل الشيوعيين". وحتى النهاية ظل هاينريش هاينه مُعاديًا للشيوعية رغم أنه ارتبط في باريس بعلاقة صداقة بكل من ماركس وأنجلس. ومرة كتب يقول محاولًا أن يرسم صورة للعالم في ظل الشيوعية: "الفكرة التي تقول إن الشيوعية ستكون مستقبل العالم تثير فزعي، وتُسرّبُ الهموم إلى نفسي. لكن ليس هذا قناعًا أبدًا، وإنما هي الحقيقة. برعب شديد أفكر في زمن سوف يهيمن فيه عبدة الشيوعية على العالم بظلماتهم. بأيديهم الخشنة سوف يُحطّمون تماثيل المرمر البديعة، العزيزة على قلبي، وسوف يُدمّرون كل الأشياء التي تُجسّد الجمال في أبهى صوره، والتي يعشقها الشاعر. وسوف يحرقون غابات الزهور لكي يزرعوا البطاطس. وللأسف الشديد سيستعمل تاجر الحيّ أوراق ديواني "كتاب الأناشيد" ليضع فيها القهوة والتبغ لعجائز الاشتراكية".

وفي الفصل الذي حمل عنوان "من كانط إلى هيغل" في "عن ألمانيا"، حرص هاينريش هاينه على أن يُثْبتَ للفرنسيين خطأ فهمهم للفلسفة الألمانية، مُبيّنًا أن هذه الفلسفة تعكس واقع العالم، وليست مُنغلقة عليه كما هم يتوهّمُون، وأنهم لا يعلمون أنه انطلاقًا من كانط، حدثت حركة عظيمة كانت بمستوى "عظمة العالم"؛ حركة لا تكاد تختلف عن الثورة الفرنسية: "الفلسفة الألمانية مسألة هامة جدًا. مسألة تهتم بالإنسانية جمعاء"، أما الجيل الجديد من الأدباء والمفكرين والشعراء الذين ظهروا بعد غوته، يقول هاينريش هاينه، فـ "إنهم مشغولون بالواقع، ولا يعيشون في أبراج الفن العاجية، إنه جيل يقول ما يرغب في أن يقوله".

في عام 1833 تعرّف هاينريش هاينه على ماتيلد. وهي فتاة من الطبقة الشعبية بسيطة وساذجة، لكنها كانت جميلة بقامة هيفاء، وعينين سوداوين، وشعر أسود فتزوجها رغم اعتراض كل من ماركس وأنجلس. ولكي يرفع من مستواها، ساعدها ماديًا على تعلّم القراءة والكتابة. إلاّ أن ذلك لم يُغيّر من وضعها البائس فتكاثرت الخصومات بينهما، واحتدّت إلى درجة التشابك بالأيدي. وكانت ماتيلد دائمة التشكي منه قائلة: "زوجي يُمضي جلّ أوقاته في كتابة الشعر. وفي النهاية لا يكون راضيًا عن ذلك أبدًا". وعندما يشتد به الحنين إلى ألمانيا، يكتب هاينريش هاينه قائلًا:

حين أفكر في ألمانيا ليلًا
يَهجُرني النوم
فلا أستطيع أن أغمض عينيّ
وتظلّ الدموع تسيل حرّى على خدي...

بعد ثورة 1848 التي هزّت فرنسا والعديد من البلدان الأوروبية الأخرى مُبشّرة بالديمقراطية، أصيب هاينريش هاينه بمرض غريب أقعده عن الحركة ليعيش مُسَمّرًا في الفراش على مدى ثمانية أعوام. وفي تلك الفترة العصيبة من حياته، والتي كان يُكابد فيها أوجاعًا يومية جسدية وروحية، كتب قصائد حزينة تعكس وضعه المأساوي. وبسبب المرض، تراجع عن الكثير من أفكاره القديمة، و"عاد إلى الله": "نعم عدتّ إلى الله مثلما يعود الابن الضال بعد أن كنت أرعى الخنازير مع أتباع هيغل"...

وعلى تلك الحال ظل إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة في السابع عشر من شهر شباط/ فبراير 1856.      

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.