}

ريلكه... رسائل إلى شاعرة شابة

إسكندر حبش إسكندر حبش 23 فبراير 2024
تغطيات ريلكه... رسائل إلى شاعرة شابة
ريلكه (Getty)
(1)
غالبيتنا تعرف كتاب الشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه "رسائل إلى شاعر شاب"، الذي تُرجم مرات عديدة إلى العربية، حيث تصدى لذلك كثيرون من المترجمين والكتّاب العرب. فهذه الرسائل التي دارت بين مجند (طالب) في الجيش النمساوي – المجري، الذي كان كاتبا طموحا، حاول أن يسأل ريلكه ويخاطبه حول رأيه عن محاولاته الشعرية. على مدى خمس سنوات (1903 – 1908)، وعبر عشر رسائل تقريبا، كان الشاب – الضائع حينها والواقف على مفترق طرق – مترددا بين المسار الواضح الذي ستفرضه "مهنته" العسكرية وما بين الوحدة والمغامرة التي تفترضهما حياة كلّ كاتب. لذا اسرّ إلى "شيخه" المعجب به شكوكه ومعاناته، عواطفه وأحاسيسه، أسئلته عن الحب والجنس وصعوبة الخلق والوجود.
كلّ هذه الأفكار، فهمناها بطريقة غير مباشرة، أو بالأحرى عبر أجوبة ريلكه في رسائله، فما تُرجم لم يكن سوى رسائل الشاعر الألماني التي حملت عنوان "رسائل إلى..." التي تضمنت الإجابات، مع العلم أن ريلكه رفض منذ البداية أن يلعب دور الناقد، لذا لم يقل أي شيء عن أشعار الفتى، بل شرح له ما تعنيه الكتابة بالنسبة له، وأن يعيش كشاعر بشكل عام، ليتحول الكتاب، لعقود عديدة، إلى بيان ريلكه الشعري إن جاز القول. ومع ذلك بقي الكتاب ناقصا، لأن ثمة تبادل "حميم" بقي غائبا، وأقصد رسائل الشاب، التي تسنى لنا في عام 2020 فقط أن نقرأها للمرة الأولى بعد أن جُمعت بين دفتي كتاب واحد، وأقصد رسائل الشاب مع رسائل ريلكه، ما سمح لنا باكتشاف النسخة العكسية من الرسائل التي كانت بمثابة كتاب تلاوات لأجيال بأكملها فحسب، بل إنه يمنح نص ريلكه قوة ونطاقًا جديدين، ويدعونا إلى إعادة التفكير في راديكاليته بالالتزام الجمالي، ولكن أيضًا بالحداثة المذهلة لرؤيته للمرأة.

(2)
مقدمة أجدها ضرورية، للإطلالة على رسائل أخرى، إذ أن هدفنا هنا، ليست العودة إلى قراءة هذا العمل بعد أن أصبح كاملا، بل قراءة عمل آخر لريلكه، أو بالأحرى قراءة رسائل أخرى، موجهة هذه المرة إلى شاعرة شابة. والحسنة الأولى التي لا بدّ أن نشير إليها من البداية، أن الكتاب الذي صدر في عام 2021 يضم – من خلال عمل جبار – رسائل الشابة والشاعر الألماني، وكأن المشرف / المترجم على هذه الطبعة أراد أن يتجنب الانزلاقات التي عرفها الكتاب الأول.
لكن من هي هذه الشاعرة الشابة، وما هي هذه الرسائل، وكيف تُرجمت مؤخرا إلى الفرنسية؟ لنحاول أن نروي القصة من بدايتها.

(3)
مع بداية شهر كانون الثاني/ يناير من عام 1920، وبعد عدة أسابيع من إقامة لقاء أدبي دار في مدينة سان-غال السويسرية (الجزء الألماني) قرأ فيها مختارات من أعماله الشعرية والنثرية، وصلت إلى ريلكه رسالة من فتاة شابة، اسمها أنيتا فورير (Anita Forrer)، بالكاد كانت تبلغ التاسعة عشرة من عمرها. فأحس الشاعر على الفور بحساسية تجاه هذه اللهجة البسيطة والصادقة التي كان يتمتع بها ذاك الصوت الذي يخفي تحته مشاعر عميقة.
هكذا التقى ريلكه، بشخص هذه المرأة السويسرية الشابة ذات التربية العالية وذات التعليم الصارم، ابنة الدكتور روبرت فورير، المحامي والسياسي البارز في سان-غال. كانت امرأة شابة حريصة على المعرفة، ومنفتحة على أشياء الطبيعة كما على "أهل الروح". ومن جهة ثانية، سمحت رسائل أنيتا فورير لريلكه أيضا بالوصول إلى بيئة ظلت حتى ذلك الحين غريبة عنه، أي هذا المجتمع السويسري – أو بشكل أكثر دقة، برجوازية سان -غال الثرية – التي شكلتها ونظمتها الأخلاق القديمة التي انتقلت من جيل إلى جيل.
كان المتراسلان يعيشان في منطقتين متجاورتين تقريبًا، إلا أنهما لم يلتقيا وجها لوجه حتى عام 1923، في ميلين (Meilen)، في منزل المربية وندرلي فولكارت (Wunderly-Volkart)، صديقة ريلكه العظيمة خلال سنوات حياته الأخيرة. التقت طرقهما مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، في بلدة باد راجاز، على مقربة من سان -غال، قبل أشهر قليلة من وفاة ريلكه.
شكلت الرسائل التي أرسلها الشاعر، أهمية وجودية بالنسبة إلى أنيتا فورير. إذ أصبح ريلكه، لاحقا، مرشدًا للمرأة الشابة في حياتها البالغة، أو لنقل "معلما"، وفقًا للمصطلح الذي اتفقا عليه – إذ كان عليه هو نفسه مساعدتها "في السيطرة، قدر الإمكان، على المسافات والعلاقات التي تحكم مساحة المشاعر التي لا يمكن فهمها [...] في هندسة القلب".
كان ريلكه مدركًا تمامًا للمهمة التي كان يُسلِّم نفسه لها بقبوله "دور المعلم". إذ أن رسائله، التي يجيب فيها على الأسئلة الملحة لمراسلته الشابة – سواء كانت تتعلق بمشاكل مرتبطة بحياتها الشخصية أو التيارات الروحية والأدبية في ذلك الوقت – تؤكد لنا ذاك الحكم المشرق الذي صاغه جان رودولف فون ساليس في دراسته لتاريخ سنوات الشاعر السويسرية: "على الرغم من المخاوف التي تخنقه، إلا أن ريلكه ينجح في إرضاء الناس من حوله ومراسليه البعيدين، من خلال إغداقهم بالهدايا الفخمة التي يستمدها من قدرته على الإدراك والتعبير؛ فيغني هذه الكائنات بحضوره، وبقوة تعاطفه الإنساني، وروعة كلماته" (راجع كتاب فون ساليس "سنوات ريلكه السويسرية").
إذا كانت هذه هي بالفعل الصفات التي تميز رسائل ريلكه، فلن نخطئ عندما نقرأ، خلف "الفتيات الصغيرات المهجورات بشكل رهيب داخل عائلاتهن"، إشارة ملموسة تمامًا إلى أنيتا فورير. فبعد سنوات عديدة، تخبر أنيتا – التي كانت تعيش في أسكونا، في كانتون تيتشينو – ماغدا كيريني (مترجمة الكتاب والمشرفة عليه، راجع المقدمة التي كتبتها)، كيف أن رسائل ريلكه، من خلال فتح مساحات روحية غير متوقعة، أعطت معنى جديدًا لحياتها.
في الطبعة الكاملة لقصائد ريلكه، التي نُشرت عام 1953 تحت رعاية إرنست زن في "منشورات إنسل" (Insel)، ظهر اسم أنيتا فورير لأول مرة إلى جانب اسم الشاعر. نكتشف ذلك، كما تقول المترجمة، في أسفل قصيدة إهداء تظهر على نسخة من كتاب بودلير "أزهار الشر"، أهداها ريلكه إلى أنيتا فورير في 14 نيسان/ أبريل 1921، بمناسبة عيد ميلادها العشرين. في عام 1977، مع نشر رسائل راينر ماريا ريلكه الكاملة إلى المربية وندرلي فولكارت، صديقته المقربة التي رافقته في سنوات حياته الأخيرة (كما أسلفنا)، نجد صورة أكثر حيوية واكتمالًا لهذه المرأة الشابة التي يرسمها لها الشاعر، إذ غالبًا ما يستحضر ريلكه أنيتا مع صديقته التي من ميلين، ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لجعلها تقدمه إلى أفراد عائلتها.
من خلال دراسة مراسلات الشاعر الضخمة مع وندرلي فولكارت، افترض مدير أرشيف ريلكه في برن، راتوس لاك، كما تقول المترجمة في مقدمتها، أن رسائل ريلكه غير المنشورة يجب أن تكون في حوزة أنيتا فورير، فانطلق للبحث عنها. لم تكن أنيتا قادرة حتى خمسينيات القرن الماضي على كشف نفسها عبر هذه الرسائل العامة التي تتعلق بهذه الجوانب الحميمية من حياتها، لكنها سرعان ما تمكنت من التغلب على مخاوفها، وأدركت تدريجيًا أن هذه الصفحات التي أنارت وجودها يمكن أن توفر معلومات قيمة ومساعدة للآخرين. لذا انتهى بها الأمر بالموافقة على أن تعهد، في وصيتها، بكلّ هذه المراسلات إلى أرشيف ريلكه. بمجرد قراءة هذه الرسائل، أدرك راتوس لاك أهميتها ودعا إلى نشر المراسلات بالكامل، وهي الرغبة التي وافقت عليها أنيتا فورير في النهاية.
الرسائل المتبادلة بين أنيتا فورير وراينر ماريا ريلكه، تمّ جمع مجملها في هذا الكتاب، إذ ثمة رسائل ضائعة إلا أنها استكملت بعدة مقتطفات من مذكرات أنيتا فورير التي احتفظت بأثرها: في الواقع، قامت أنيتا بنسخها على الآلة الكاتبة قبل إرسالها إلى ريلكه. ولم يُحفظ من هذه النسخ إلا مقتطفات معينة تلقي الضوء على الحقائق المذكورة في الرسائل.




في نهاية حياتها، تخبر أنيتا فورير، المترجمة ماغدا كيريني، كتابيًا وأثناء نقاشاتهما وجهًا لوجه، عن اجتماعها مع راينر ماريا ريلكه. إلا أن القصة الكاملة لهذه العلاقة بالكامل موجودة عبر الرسائل.

(4)
"لقد كنت النقطة المضيئة والمرشدة الوحيدة في حياتي. لقد كنت مثل الرحمن الطيب بالنسبة إليّ"، هذا ما أعلنته أنيتا فورير، التي كانت في الخامسة والعشرين من عمرها آنذاك، لراينر ماريا ريلكه خلال لقائهما الثاني والأخير في آب/ أغسطس من عام 1926. وأجاب الشاعر: "يا له من سوء فهم فظيع". في رسالتها الأولى إلى ريلكه بتاريخ 2 كانون الثاني/ يناير 1920، كتبت الشابة السويسرية: "أنا أؤمن بك". كان آخر لقاء لها مع مثلها الأعلى سيئًا مثل الأول الذي جرى في 4 تشرين الأول/ أكتوبر 1923، وبعد ذلك توقف ريلكه عن الرد على رسائلها. في مواجهة إلهها، ظلت أنيتا صامتة، متحجرة من الإعجاب، بيد أن هذا اللقاء لم يسمح لها إلا بإقناع نفسها بحقيقة أن "الشعراء يأكلون ويشربون مثلنا نحن البشر".
الطبعة الألمانية من هذه المراسلات، الصادرة عام 1982، لم تحمل عنوان "رسائل إلى شاعرة شابة"، بل أضيفت في الطبعة الفرنسية لتكون صدى لرسائل ريلكه الشهيرة إلى شاعر شاب. تمَ نشر هذه الأخيرة في عام 1929، بعد ثلاث سنوات من وفاة ريلكه، ثم أعيد نشرها وترجمت عدة مرات من دون رسائل مراسل ريلكه، فرانز زافير كابوس، (كما أسلفنا) إذ كان هذا الأخير يشعر بالتواضع لكي يضع اسمه إلى جانب رسائل الشاعر اللامع. لذا انتظر الجميع حتى عام 2019 لصدور الطبعة الألمانية الكاملة التي تتضمن رسائل كابوس و2020 لصدور الترجمة الفرنسية لهذه المراسلات بالكامل (عن منشورات "لو سوي")، التي أعتمد عليها في مقالتي هذه.
لا تخفي مراسلات ريلكه وأنيتا فورير شيئًا من الرسائل التي أرسلتها الشابة إلى الشاعر الذي عشقته. وبفضل التوثيق الإضافي الذي أضافته المترجمة، أصبح حضور أنيتا فورير أكبر في النسخة الفرنسية. ومع ذلك، فإن الخلل واضح بين خطابات أحدهم، المؤثرة، ولكن اللطيفة والخرقاء في بعض الأحيان، ونثر ريلكه الملتهب.
في وقت لاحق فقط، كشفت أنيتا فورير عن شخصيتها، بخاصة في نهاية الثلاثينيات، عندما عاشت مع الكاتبة والمصورة والمغامرة آن ماري شوارزنباخ، التي كانت منفذة وصيتها. في هذه الرسائل، تظهر كواحدة من هؤلاء الشابات المعجبات بريلكه اللاتي تحدثت عنهن كلير غول بسخرية متسامحة: "لقد كشفت لنا الصدفة عن أحد المقربين الذين فهموا حاجتنا إلى السجود [...] وبالتالي أصبح الوسيط بين السماء والأرض، لامسا، كنسبة مئوية، دموعنا الأولى. […] من الآن فصاعدا، قلوبنا تنبض فقط على إيقاع أبيات ريلكه" (كلير جول، "ريلكه والنساء"، منشورات فاليز، 1955).

(5)
يُعدّ ميل مؤلف "مراثي دوينو" و"سوناتات إلى أورفيوس" إلى كتابة الرسائل إحدى أكثر سماته الفريدة. فلغاية اليوم نشرت حوالي سبعة آلاف رسالة من رسائل ريلكه. وتشير التقديرات إلى أن هناك خمسة آلاف من رسائله التي لم تُنشر بعد. لم تتعثر إنتاجية ريلكه في كتابة الرسائل خلال الفترات التي كان يكتب فيها روائعه: ففي عام 1922، عندما أكمل "مراثي دوينو" وقام بتأليف "سوناتات إلى أورفيوس"، ألمح إلى "إكمال أعماله" التي "تسببت في الكثير من الإلهاء والانقطاع عن مراسلاته"، ويضيف: "لقد تم تأجيل الشيء الرئيسي إلى فترة قادمة". من الواضح أنه هو نفسه كان يتبع القول المأثور الذي ذكره في كانون الثاني/ يناير 1920 في إحدى رسائله الأولى إلى أنيتا فورير: "استسلمي دائمًا بحماسة للدافع لوضع شيء ما على الورق [...] مع الرغبة فقط في أن يكون أصليًا".
من دون شك كان ريلكه يستمتع أيضًا بقبضته على روح هذه المعجبة المذهولة التي بالكاد كان يعرفها والذي سارع إلى وضعها تحت جناحه الواقي بينما كان يحدق بها بحكمه الصارم بشأن موضوع أشعارها التي تقول إن المرأة التعيسة كانت غير حكيمة بما فيه الكفاية لإرسالها. كتب لها في كانون الثاني/ يناير 1920: "أما بالنسبة لـ "محاولاتك" الصغيرة، فسوف تخافين إذا تمكنت من أن أوضح لك مدى غموض هذه الأبيات الصغيرة وعدم أهميتها". قبلت أنيتا فورير الجملة، حتى أنها شكرت ريلكه لأنه تحدث معها "كما يفعل الأخ الأكبر" وصرخت: "كم هو جميل أن أعيش الحياة معك بصفتك سيدي". يمسك ريلكه بالكرة ويجيبها: "لقد اضطلعت بدوري كسيد، حتى قبل أن يعهد به إليّ، من جانبه الأكثر قسوة، لأن الأبيات الصغيرة كانت في الحقيقة غير مرضية للغاية بنظري [...] ولذلك كنت قاسيًا ووعدت بأن أكون كذلك دائمًا، منتظرًا بسعادة تلك اللحظات التي لن يُسمح لي فيها إلا بالرأفة والموافقة والاعتراف الكامل".
كان لهذه المراسلات مع الشاعر الكبير أهمية حاسمة في وجود أنيتا فورير، كما أفصحت عنه بعد ذلك بكثير. ولكن في البداية، نشعر بأن اقترابا يتعذر الوصول إليه من هذا المراسل اللامع الذي يغدق بسخاء خطاباته الرائعة في حين يزرع هذا "الشغف بالمسافة" الذي يعزوه نيتشه إلى زرادشت، كان سببًا في إغراق المرأة الشابة في أزمة حقيقية. كتبت إلى ريلكه في أيار/ مايو 1922: "لم يسبق لي أن ظهرت لي عدم أهميتي بهذا الوضوح".
واجهت أنيتا فورير صعوبة كبيرة في العثور على "خيط أريان الخاص" بها في هندسة المتاهة التي تحدث معها ريلكه عنها في 22 كانون الأول/ ديسمبر 1920: "يبدو لي أنه لا يزال بإمكاني الاحتفاظ بكلماتك وطرحها كبناء مساعد في هندسة العالم". القلب الذي يحتاج إلى نقطة خارجية ليتمكن، قدر الإمكان، من السيطرة على المسافات والعلاقات التي تحكم مساحة الشعور التي لا يمكن فهمها. […] هذا ما يعرفه السيد، وفي هذا الموضوع، يجب عليه بالتأكيد أن يؤكد حكمته وتفوقه. ربما كان ريلكه قد تخيل علاقته التراسلية مع أنيتا فورير على نموذج مراسلات غوته مع بيتينا فون أرنيم، التي نشرتها الأخيرة عام 1843 تحت عنوان "مراسلات غوته مع طفلة": "هل تحدثنا من قبل عن بيتينا فون أرنيم؟ هل قرأت مراسلاتها الرائعة مع غوته"؟، هذا ما يكتبه ريلكه إلى أنيتا فورير في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1920. في "رسائل إلى شاعر شاب"، يتذكر أيضا "بيتينا الغريبة هذه [التي] خلقت، من خلال جميع رسائلها، مساحة ومثل عالم ذي أبعاد موسعة". لكن في الواقع أنيتا لم تكن بيتينا.
لكن ذلك لم يمنع ريلكه من اعتبار أنيتا فورير تستحق الحصول على أسراره.

الشاعرة السويسرية الشابة أنيتا فورير (Anita Forrer)

تؤكد رسالته المؤرخة في 13 كانون الثاني/ يناير 1920 على الصعوبة التي واجهها في التغلب على تمزق سنوات الحرب: "لقد أحدثت السنوات الخمس الماضية الصادمة انقطاعات بالغة السوء بداخلي؛ سيكون التفكير والتركيز المضني ضروريين للتغلب عليها ومواصلة هذه الأعمال الداخلية التي بدأت بالقيام بها – آه، وبأي آمال! – في عام 14 [1914]. ما زلت أشعر في كلّ كياني باليأس من الحرب" [...]. وفي شباط/ فبراير 1920، يروي في رسالة هذه الحكاية: "في أحد الأيام، في باريس، توقفت عند أحد الجسور ورأيت، من بعيد، في شارع صغير مرصوف بالحصى يتجه نحو نهر السين، جثة رجل منتحر ملفوفة بقطعة قماش زيتية – لقد تم إخراجه للتو من الماء. فجأة، سمعت صدى صوت بالقرب مني: كان سائق عربة شابًا يرتدي ملابس العمل، صغيرًا جدًا […] قال لي وهو يغمز: "... هذا الشخص، إذا كان لا يزال بإمكانه فعل ذلك، لكان بإمكانه فعل شيء آخر". […] منذ ذلك اليوم، أدركت أنه حتى الأسوأ، اليأس، ليس سوى امتلاء، وفيض من الوجود يمكن العودة إلى نقيضه بقرار واحد من القلب". من دون شك، يعيد هذا المقطع إلى الأذهان استحضار قناع الموت للمرأة المجهولة من نهر السين، في دفاتر مالت لوريدس بريج، "الذي نسخه شخص ما في المشرحة لأنه كان جميلا، لأنه كان يبتسم دائما، لأن ابتسامته كانت خادعة للغاية".
بفضل هذه المقاطع العديدة المشابهة التي تتضمنها المراسلات، حيث يتوقف ريلكه فيها عن لعب دور مدير الوعي أمام أنيتا فورير، يستحق هذا المجلد أن يأخذ مكانه في الصف الأول من مكتبة ريلكه (رأي شخصي بالتأكيد).

مختارات من الرسائل

1- من أنيتا إلى ريلكه
دوفورستراس 79
سان – غال
2 يناير/ كانون الثاني 1920
راينر ماريا ريلكه
لديك لغة يتردد صداها وتعيش في أعماقنا. وما تقوله يستمر في العمل فينا.
عندما نقرأ "قصص الرب الصالح"، نرغب حقًا في مقابلة إيوالد المُقعد؛ والفتاة ذات العينين الكبيرتين التي تبحث عن الصمت – نود أن نحبها. يجب أن يكون فهمك للكائنات عظيمًا!
كم هو جميل أن ألتقي بك. ولأن ذلك مستحيل أستطيع أن أكتب لك. لكني أؤمن بك. –
لقد أثر فيّ مؤتمرك في سان -غال تأثيرًا عميقًا، ولكنني لا أستطيع أن أقول ما إذا كان ذلك بسبب يديك، أو جبهتك، أو لسانك، أو صوتك.




بيد أنّ هذه الرسالة لا تريد شيئًا سوى إظهار المشاعر العميقة لفتاة صغيرة تحب أعمالك!

أنيتا فورير

2 – من ريلكه إلى أنيتا
لوكارنو (تيسان)
بنسيون فيلا مورالتو
13 يناير/ كانون الثاني 1920
الآنسة أنيتا فورير
الحقيقة أنني لا أقرأ مطلقًا ما تقوله الصحف والمجلات، بطريقتها في الانغماس في أنصاف الحقائق والتصنيفات، عن أعمالي، ما يسمح لي بالحفاظ على أنقى حساسية تجاه صوت يشهد على ميل شخصي للغاية: لا بدّ أن تكوني قد خمنت هذا بطريقة أو بأخرى، لأنك عبرت عن مشاعرك لي بمثل هذه الكلمات الطيبة.
كيف لي أن أشكرك؟ أشعر بالفقر الشديد أمام فتاة شابة – هل سيكون من دواعي سروري قليلًا أن أحتفظ بعنوانك، لتحذيرك، في بعض الأحيان، إذا اضطررت إلى نشر شيء ما؛ أو لكي أرسل لك العمل المعني على الفور؟ أفكر في ذلك، ولكن لا شيء آخر يتبادر إلى ذهني. وأنا الآن أشعر بالأسف لأنني لم أتمكن من مصافحتكم في سان -غال.
أما بالنسبة إلى الأعمال الجديدة، فيجب أن أبدأ بإخبارك أنه لن يكون هناك ما يمكن توقعه مني لفترة طويلة. لقد أحدثت السنوات الخمس الماضية الصادمة انقطاعات بالغة السوء بداخلي؛ سيكون التفكير والتركيز المضني ضروريين للتغلب عليها ومواصلة هذه الأعمال الداخلية التي بدأت بالقيام بها – آه، وبأي آمال! – في عام 14 [1914]. ما زلت أشعر في كلّ كياني باليأس من الحرب: يجب أن تأتي لمساعدتي حماية فريدة وهدوء خاص حتى أتمكن من إعادة اكتشاف هذه النزعة البهيجة، المنجذبة نحو العالم المفتوح، التي تولد من داخلي الأفضل والصالح دائمًا.
لتصوغي هذه الأمنيات لي في قلبك!

راينر ماريا ريلكه

3 – من أنيتا إلى ريلكه
دوفورستراس 79
سان – غال
18 يناير/ كانون الثاني 1920
راينر ماريا ريلكه
سوف تتفاجأ جدًا عندما تصلك أخباري بطريقة كتابة مختلفة جدا. من الصعب أن أشرح لك ذلك. فمنذ بعض الوقت لم أتمكن من الاختيار بين قلم وآخر. لقد حررتني رسالتك، ويبدو لي الآن أنني مختلفة تمامًا، مثل شخص يجد نفسه في حالة معينة بعد المرض. – وكل هذا مثل مرض طفولي، أليس كذلك؟
كم تكتب بشكل جيد! فأنت حذر جدا حتى لا تؤذي أحدا، مثلما يفعل ذلك أخ أكبر. - أشكرك! لكنك تملك الآن انطباعا غريبا عني لدرجة أنه يؤلمني. لذا يلزمنا فعلا شخص مثل راينر ماريا ريلكه لكي يفهمه. بالمناسبة، سأبلغ التاسعة عشرة من عمري في الربيع. ربما كنت تعتقد أنني لا أزال طفلة. انظر إلى الصورة الصغيرة للحظة، وفكر: هذا هو شكل هذه الفتاة الغريبة والممتازة، ثم قم بتمزيقها!
لأكون صادقة حقا، أنا لا أكتب دائمًا رسائل مثل تلك التي أرسلها لك. لكن لدي ثقة كبيرة فيك لدرجة أنني فوجئت بنفسي. – كم هو جميل أن أعيش الحياة معك بصفتك سيدي. ثمة شيء قمعي في "دفاتر مالت"، هذا صحيح. لكن هذا الجمال العظيم حاضر في كل مكان، كما في كل ما قرأته لك. –
عندما كتبت رسالتي الأولى، لم أتخيل أبدًا أنك، راينر ماريا ريلكه، ستصبح يومًا ما بهذه الأهمية بالنسبة إليّ.
أحمل إليك خالص امتناني، ذكراي المرتبطة بأعمق التمنيات.

أنيتا فورير

4 – إلى أنيتا فورير، في سان – غال
لوكارنو (تيسان)
بنسيون فيلا مورالتو
19 يناير/ كانون الثاني 1920
أنيتا فورير، هل لي أن أهمل بدوري مكونات الخطاب وتعقيداته، وأن أكتب هكذا وأحيانًا ببساطة: أنيتا، حيث أن "السيد" الذي تخاطبينه بهذه الطريقة، يجب أن يؤذن له، خاصة عندما يكون لديه فتاة لا يختلف عمرها عن عمرك إلا بنصف عام تقريبًا؟ لقد اضطلعت بدوري كسيد، حتى قبل أن يعهد به إليّ، من جانبه الأكثر قسوة، لأن الأبيات الصغيرة كانت في الحقيقة غير مرضية للغاية بنظري، وكانت ستصلني وحدها، لولا رسالتيك الرائعتين، ولكنّا وجدنا أنفسنا، أنت وأنا، في وضع سيء للغاية. لذلك كنت قاسيًا ووعدت بأن أكون كذلك دائمًا، منتظرا بسعادة لتلك اللحظات التي لن يُسمح لي فيها إلا بالرأفة والموافقة والاعتراف الكامل. ينبغي فعلا العثور على الشروط المطلوبة بكميات جيدة، إذا كنت أفكر في كل ما سمحت لي ميولك حقا بإلقاء نظرة عليه، والآن ها أنا أحمل صورتك الصغيرة العزيزة (والتي لن يتم إتلافها بأي حال من الأحوال، بل ستبقى خبيئة داخل الرسالة نفسها التي عهدت بها إليها). لكن ما يقنعني الآن تمامًا هو أن "قسوتي" لم تخيفك ولم تشعرك بالخجل، بل يمكن أنها أصبحت فرصة لتحرر وتحول معين. وسواء كان ذلك يعبر عن نفسه في اختيار قلم جديد أو حتى في التفاصيل – فأنا آخذ الأمر على محمل الجد وأحتفل به قليلًا. في الحياة، لا نقوم أبدًا بإيقاظ شعور البداية داخل أنفسنا، وما من حاجة لتغيير خارجي كبير، لأننا نقوم بتعديل العالم انطلاقا من قلوبنا، وإذا أراد الأمر أن يكون جديدًا وغير قابل للقياس، فهذا التغيير يقدم نفسه إذًا كما في يوم خلقه: لانهائي.
إذا التقينا يومًا ما (ولمَ لا يحدث ذلك، مع الأخذ في الاعتبار القرب النسبي للمدن السويسرية؟)، أنت تطلبين مني أن أحكي لك قصة البداية الجديدة التي حدثت خلال فترة صعبة للغاية ويائسة إلى حدّ ما من طفولتي. لمراسلاتي جوانب عديدة لا أستطيع أن أشرحها لك في صفحات رسائلي، ولكن لتظل وعدًا بيننا.
علاوة على ذلك، أنيتا فورير، أتمنى أن يبقى هذا بيننا: الثقة. إذا كنت بحاجة إليّ، تحدثي معي ببساطة وصراحة، وكأن لا شيء، اسمعي جيدا، لا شيء، قد قيل لي: مهما كان عليه هذا الأمر، فإنني أحترمه وسأحتفظ به بسرية وعناية – وربما قد تلقي إجابتي (حتى لو لم تكن مفصلة للغاية) بصيصًا صغيرًا من الضوء في ظلامك، حتى تتمكني من تمييز كيف وأين تستمرين.
استسلمي دائمًا بحماسة لدافع كتابة شيء ما على الورق، ولكن افعلي ذلك نثرًا، مع الرغبة الوحيدة في أن تكون أصيلة. ولتقرأي الكتب الجيدة، بعيدا عن مالت. ولكن إذا حدث وتذكرت ذلك من وقت لآخر، فأعطني مثالًا على "ردود الفعل المشابهة" هذه التي اعتقدت أنك شاركتها معه.
لدي الكثير من الأمنيات الطيبة لك!

راينر ماريا ريلكه

5 – إلى ريلكه، في لوكارنو
دوفورستراس 79
سان – غال
الأحد الماضي
في يناير [25 يناير/ كانون الثاني] 1920
راينر ماريا ريلكه
لم تكن رسالتي الأخيرة كما ينبغي أن تكون عليه، وهذا هو السبب. لقد كتبت في الأصل واحدة أخرى، لكن عندما أعدت قراءتها في صباح اليوم التالي، مزقتها.
هذا المساء، وحيدة في المنزل، جالسة في غرفتي المريحة وأفكر في كل أنواع الأشياء، فكرت كثيرًا فيك. لذلك أخذت كتاب الساعات، كتابك، وحاولت قراءته. لكنه صعب للغاية، وقد أصابني شعور عدم فهمه بالإحباط، لأنني شعرت فيه بشيء عظيم وغير معروف. –
كما ترى، راينر، منذ أن تلقيت رسائلك العزيزة، هناك شيء ما يحدث بداخلي، ومن الصعب جدًا أن أشرحه لك بدقة. إنه مثل شعور يحاسبني على أفعالي وأفكاري، أو شيء يطمح إلى الخير. لقد سبق لي أن مررت بنفس هذه المرحلة مرة واحدة – كان ذلك عندما وجدت صديقتي المفضلة، إنها كائن لا يوجد أفضل منها إلا القليل. - كنت حينها في الخامسة عشرة من عمري وكنت أعيش حياتين: حياتي الداخلية التي لم يكن أحد يدركها، وحياة مسلية للغاية، طائشة كما بدت للجميع. لقد أثرت صديقتي فيّ كثيرًا، وبدأت أخرج من أحلام اليقظة شيئًا فشيئًا، وكأن حجابًا قد سقط عن عيني. لقد علمتني أيضًا الصراع الداخلي. ولكن مع مرور الوقت وبسبب ابتعادها لعدة أشهر، تضاءل تأثيرها. – وحاليا، ها أنت من يأتي إليّ، في الواقع كتبك أولًا، لتوقظ في داخلي ثقة لا أعرفها حتى في ما يخصني، على ما يبدو لي. لكني أخشى أن أكون صغيرة جدا بالنسبة إليك، لأن شخصيتي ليست قوية. لا أستطيع إلا أن أعدك بشيء واحد، إذا أخذت دورك كمعلم على محمل الجد – أن تتمتع بحسن النية وتحارب أخطائي. – أعلم جيدًا أن مراسلاتك كثيرة، وربما يكون من الوقاحة أن أسبب لك الكثير من المتاعب، فأنا مجرد طفل لا تعرفه إن كان من حواء أو من آدم. - هل تفهمني؟
المخلصة لك جدًا
أنيتا

6 ــ إلى أنيتا، في سان – غال
لوكارنو (تيسان)
بنسيون فيلا مورالتو
28 يناير/ كانون الثاني 1920
أنيتا، لقد ملأتني هذه الأيام القليلة الماضية بالكثير من العمل لدرجة أن رسالتين من رسائلك الطيبة لم يتم الرد عليهما؛ إنهما موجودتان أمامي. لأقول لك الحقيقة، أنا أفتقد الثالثة، تلك التي تمزقت والتي كان ينبغي أن تكون الأولى. ألم تكن هي الصحيحة؟ لكن الاثنتين الآخرتين صائبتان وعزيزتان على قلبي، فقد رأيت فيهما الثقة الجميلة جدًا التي منحتني إياها، إرادتك الشابة والثمينة، ومثل يوم صيفي يشرق أحيانًا في نهاية درب حديقة طويل، مثل طبيعة لا تزال حرة -، وهكذا يبدو أنني أدرك في نهاية رسائلك القلب المفتوح الواضح الذي ترغبين في توجيهه نحو الحياة. لا يزال هناك الكثير من الحياة الجديدة بداخلك يا أنيتا. لديك غرفتك "المريحة" الخاصة بك وأشعر كم كانت لطيفة وهادئة هناك في ذلك اليوم، مساء الأحد هذا: بأن كتابي، "كتاب الساعات"، قد أزعجك لأمر يحزنني. كنت أتمنى لك كتابًا يزيد من خير وصداقة بيئتك، دعينا نقول: مجلد من تأليف جاكوبسن – قصصه الست على سبيل المثال. – أو أسطورة جوستا بيرلينغ للاغرلوف، أو شيء أكثر شهرة وأكثر تفضيلًا. لقد أحسست بشيء عظيم، في صفحات كتاب الأشعار والصلوات هذا، كنت منفصلة عنه وفي الوقت عينه، وربما في ساعة أخرى كان سيحلق بك، ولكن في هذه اللحظة التي كانت بطبيعتها ممتعة وذات طابع حساس لطيف، قد أنجب القلق. لا تمسكي بكتاب الصلوات إلا عندما يفرض نفسه عليك بشكل مباشر، وإلا اكبحي رغبتك في الاستيلاء عليه، فاختاري بدلًا من ذلك الكتاب المقدس، أو مزمورًا، أو حكاية صينية – ليس من الضروري دائمًا أن أكون أنا، أنيتا، - أرى من الواضح أنني سأضطر إلى صرفك عن نفسي لأقودك نحو كتب أخرى. على الرغم من أن هذا يبدو واضحًا بالنسبة لي، إلا أنني أبدأ اليوم بشيء من التناقض، وأرسل لك المراجعة المرفقة لأعلمك بأحد أعمالي الصغيرة، لأنني كنت قد وعدتك، في البداية، بمثل هذه العلامات، ولأنه لن يكون هناك أي شيء قريبًا، لأنني نادرًا ما أنشر. كما ترين، إنها ذكرى الطفولة التي غمرتني بعمق وتحولت، لاحقًا في حياتي، إلى واجب منزلي ممتع. سمعت أن أحد الفنيين أراد أن يأخذ الاقتراح على محمل الجد وينفذ فكرتي في تجربة، ولكن من المتوقع أن يتبين أن جزءًا من فرضيتي عديم الفائدة؛ ومن الممكن أيضًا أن يصبح ذلك ممكنًا لاحقًا، في تكوين مختلف تمامًا، فهذه التجربة التي لم أكن لأقترحها لو لم يكن الثبات الفريد لفكرتي قد أزعجني حقًا. من الغريب أن تنتقل لحظات معينة من الطفولة إلى سن الرشد! يجب عليك أيضًا أن تتذكري بالتأكيد كيف بقيت أكثر من لحظة لا تُنسى، واضحة ودقيقة حتى أصغر التفاصيل: في حالتي، من المفهوم تمامًا أن هذه التجربة مع الفونوغراف بدت مفاجئة لنا -، ولكن كم مرة لم يحدث هذا في الأماكن العادية – عبور زقاق معين، غرفة، نافذة نحملها في داخلنا ونحتفظ بها في أعماق كياننا، وكأنها ملك لهم، الله أعلم؟
كم هو جيد أنك وجدت بالفعل صديقة في وقت مبكر جدًا لاحظت وعززت الجدية التي لديك بداخلك. وهذا، دائمًا تقريبًا، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التأثير الحي؛ الكتب تستحوذ علينا ولكننا نتركها، للكائن حضور أكبر وتأثير أعظم، وهو لا يتصرف فقط بالكلمات، بل بكل غموض طبيعته التي لا يعرفها بنفسه والتي ربما تكون الأكثر كلاما عندما يكون صامتا.
لتروِ لي بعد وبشكل خاص ما الذي يزعجك في هذه اللحظة؛ حتى لو تركت الأيام تمر من دون تأكيد، أيًا كان ما تحضره لي، فسوف أرحب به دائمًا باهتمام ومن كل قلبي، أنيتا.

راينر

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.