}

المرض كسلاح: الصحة كشأن للجميع

هنا/الآن المرض كسلاح: الصحة كشأن للجميع
مستشفى "بيتانيان/ Bethanien" في حي كرويزبرغ في برلين (Getty)

في عام 1972، وكردّ فعلٍ على الهياكل التمييزية والبنى الإقصائية في النظام الصحيّ الألمانيّ، أرادت جمعيّة سمَّت نفسها بـ"جمعية المرضى الاشتراكيين" SPK تحويل المرض إلى سلاح. الجمعيَّة طرحَت فكرة أنّ المرض ليس فقط مصيبة فرديّةً يمكن للمرء أن يقوم بإدارتها بمفرده، بل إظهار دور الظلم الاجتماعيّ وعدم المساواة الهيكليّة في تفاقم الأمراض لدى المهمشين والأقلّ حظًا.
روجت الجمعية لفكرة أن المرض يمكن اعتباره شكلًا من أشكال المقاومة ضد النظام الرأسمالي، وأن علاج المرضى ينبغي أن يشمل أيضًا تغييرات اجتماعية وسياسية جذرية. نظر المجتمع الألماني والجهاز الأمني إلى الجمعية بنظرة شك وخوف نظرًا لنهجها الراديكالي، وتورّط بعض أعضائها مع تنظيمات مصنفة إرهابية في ألمانيا، مثل مجموعة بادر ماينهوف. وكانت الجمعية ناقدة بشدة للنظام الصحي التقليدي، بما في ذلك الطب النفسي التقليدي، ورأت أن تلك الأنظمة تعمل على قمع الأفراد بدلًا من مساعدتهم.
في هذا السياق بالضبط، يأتي معرض "تحويل المرض إلى سلاح" في العاصمة الألمانية برلين، في غاليري KunstraumKreuzberg، والذي يستمر من 1 يوليو/ تموز الجاري إلى 18 أغسطس/ آب المقبل. المعرض تحديدًا يدور حول كيف أنّ العيوب الهيكليّة في النظام الرأسمالي الصحي تؤثر بشكل كارثي على ذوي الإعاقة، أو المصابين بأمراض مزمنة، أو المتباينين عصبيًا. والمتباينون عصبيًا هم من يقعون على نقطة الأخرى في الطيف العصبي ــ الدماغي، كالتوحد، وهي حالة وجوديّة، وليست اضطرابًا شاذًا.




كيف يمكن، إذًا، تحويل المرض إلى سلاح، أي أنّ المرض كقضيّة سياسية يجب إخراجها من العزلة إلى الفضاء العام.
المعرض بدرجةٍ أساسيّة يركّز على النضالات السياسيّة الصحيّة التي تمّت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في مستشفى "بيتانيان/ Bethanien" في حي كرويزبرغ في برلين. القصة بدأت لما كان المستشفى مجرد مكان ضخم فارغ في سبعينيات القرن العشرين. تم التخطيط لإنشاء مقرّ للفنانين في المبنى الكبير، وإثر ذلك، طالب ناشطون يساريون باستخدام المساحة أيضًا كعيادة للأطفال.
يشارك في المعرض 17 فنانًا وفنانة يعرضون موقفهم الفني من ظاهرة مشفى "بيتانيان" والمعركة التي اندلعت حول المشروع لاحقًا. وفي الوقت نفسه، تنتقد المجموعة الأوضاع الراهنة في مجال الفنّ والسياسة الصحية، وتعرض البدائل.
في المعرض أمورٌ مختلفة: صورٌ من نقاشات ونضالات حركات المقاومة السابقة للناشطين المعاقين في ألمانيا، وخصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. ثمّة تناول أيضًا لظاهرة الوصمة الاجتماعية ــ الأخلاقية ضد مرضى عوز المناعة المكتسب "الإيدز"، وصعوبة الحصول على الدواء المضاد لتطور "الإيدز" في ظل السياسات الصحية الحالية. "الإيدز" فيروس داخل الجسد ووَصمة أخلاقية خارج الجسد. عُرِضَت وثائق عن السياسات الصحية للاشتراكيين الوطنيين، إذْ اشتهرت النازية ببعدها العلمي ومُثُلُها الجسديّة العنيفة. وُضِعَت على جدران المعرض صور المشافي التي بناها المستعمرون في الخارج، وكيف كانت السياسات الصحيّة الاستعماريّة مختلفة عن تلك التي كانت في داخل البلدان الاستعماريّة نفسها. فنانة أميركيّة عرضت فيلمًا فيه قصص لنساء سود لم يكنَّ قادراتٍ على الاستفادة من النظام الصحي في حالات العنف المنزلي.
المعرض دعوة إلى نضال صحي على أسس سياسية اشتراكية مع رؤية شديدة مناهضة للنظام الصحي الرأسمالي، والذي يقصي كلّ من يشكّل عبئًا على نزعته الربحية.

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.